أمراء الكويت... من التأسيس إلى التنمية حتى الازدهار

أمراء الكويت... من التأسيس إلى التنمية حتى الازدهار


30/09/2020

بشرى الربيعة

وقفت الكويت أمام تحديات بدت عصيبة منذ تأسيس البلاد وترسيخ سيادتها الكاملة رسمياً في يونيو (حزيران) عام 1961، واعتمدت خططا تنموية من أجل النهضة والشموخ.

وقاد البلاد خمسة عشر أميراً، خمسة منهم بعد الاستقلال من بريطانيا، هم بالترتيب صباح بن جابر، وعبدالله الأول الصباح، وجابر الأول الصباح، وصباح الثاني بن جابر الصباح، وعبدالله الثاني بن صباح الصباح، ومحمد بن صباح الصباح، ومبارك الصباح، وجابر الثاني الصباح، وسالم المبارك الصباح، وأحمد الجابر الصباح، وعبدالله الثالث السالم الصباح، وصباح الثالث السالم الصباح، وجابر الثالث الأحمد الصباح، وسعد العبد الله السالم الصباح وصباح الرابع الأحمد الصباح.

بناء الدولة 

تولّى مبارك صباح الصباح الحكم في 1892 بعد وفاة أخيه الأكبر عبدالله، ليكون سابع أمير للبلاد، وعرف عهده بفترة بناء الدولة المعاصرة، إذ شيّد المدارس النظامية والمستشفيات الطبية. ولقّب مبارك بأسماء كثيرة، كان أبرزها "حامي البلاد"، و"مبارك الكبير"، و"أسد الجزيرة"، وسر الألقاب كونه قاد البلاد إلى بر الأمان الدولي، إضافة إلى مساهمته في تطوير التعليم والصحة والاقتصاد على حدّ سواء.

ووقّع الشيخ مبارك الصباح اتفاق حماية سري مع بريطانيا في يناير (كانون الثاني) 1899، ليجعل الكويت محميّة بريطانية بأسلوب غير معلن حتى قيام الحرب العالمية الأولى. وافتتح في عهده مدرسة المباركية في 1912 ومستشفى الإرسالية الأميركية العربية في 1914 والمكاتب التجارية الخارجية وأول نظام للجمارك وأول مكتب للبريد.

ازدهار التجارة

عرف الأمير الثامن للبلاد جابر المبارك الصباح الذي تولّى الحكم في 1915 بتقديم مصالح الشعب على أي مصالح أخرى، إذ أعفى المواطنين من ضريبة الثلث العقارية كأول عمل يقوم به.

وازدهرت الأعمال التجارية في عهده على إثر تسييره قوافل التجارة إلى نجد والحجاز والشام والعراق، وعقد مؤتمراً ضم بيرسي كوكس الحاكم العسكري البريطاني في العراق والملك عبد العزيز آل سعود والشيخ خزعل أمير عربستان والشيخ جابر بن مبارك بهدف توحيد كلمة العرب.

التواصل الخارجي

تولّى الأمير سالم المبارك الصباح مقاليد الحكم بعد وفاة أخيه في 1917، ليستكمل مسيرة تنمية التجارة عبر خفض الرسوم الجمركية وإسقاط الرسوم عن البضائع الخارجة من الكويت.

وحرص سالم الصباح على التواصل الخارجي مع الدول المجاورة، ليمدّ أسلاك البرق إلى البلاد للمرة الأولى، ويعرف عنه الحلم والشغف بمطالعة الكتب الأدبية.

توثيق الحدود

تقلّد الأمير أحمد الجابر الصباح حكم البلاد عام 1921، ليكون الأمير العاشر لها، في فترة عصيبة للكويت، واتجه الأمير إلى تأمين الحدود وتوثيقها للحفاظ عليها.

وشهد عهده منح امتياز التنقيب عن النفط في الأرض المحايدة بين الكويت والسعودية لشركة بريطانية، وأُرّخ كذلك لتصدير أول شحنة نفط خام تجارية عام 1946.

وثيقة الاستقلال

بدأت فترة عبدالله السالم الصباح أمير الكويت الأول بعد الاستقلال، وهو الحادي عشر من سلسلة الأمراء، إذ تولّى الحكم في 1950، ممثلاً حجر أساس البنية التحتية للدولة الرسمية، إذ أصدر قانون الجنسية في 1959، وأقرّ قانوناً للنقد الكويتي في أكتوبر (تشرين الأول) 1960، ليصبح الدينار الكويتي وحدة النقد للبلاد.

ووقّع الصباح وثيقة الاستقلال من بريطانيا، مؤكداً استمرار علاقة الصداقة بين البلدين، وأعلن الاستقلال قائلاً "شعبي العزيز. إخواني وأولادي في هذا اليوم الأغّر من أيام وطننا المحبوب في هذا اليوم الذي ننتقل فيه من مرحلة إلى مرحلة أخرى من مراحل التاريخ ونطوي مع انبلاج صبحه صفحة من الماضي بكل ما تحمله وما انطوت عليه، لنفتح صفحة جديدة تتمثّل في هذه الاتفاقية التي نالت بموجبها الكويت استقلالها التام وسيادتها الكاملة"، ليلقّب بـ"أمير الاستقلال والدستور".

وعلى الرغم من قصر عمر تاريخ الكويت المستقلة، فإنها حصلت على عضوية جامعة الدول العربية في يوليو (تموز) من ذات عام الاستقلال، لتقدم طلباً مباشراً للانضمام إلى منظمة الأمم المتحدة، وحصلت على عضويتها في مايو (أيار) 1963، لتمثّل الدولة العضو الحادية عشرة بعد المئة.

نشر العلم

تولّى الأمير صباح الثالث السالم الصباح حكم الكويت بعد وفاة أخيه في 1965، وكان أول وزير خارجية للبلاد، ليعرف عهده بإرساء دعائم الديمقراطية عبر تأسيس النقابات العمالية والجمعيات المهنية.

وافتتحت جامعة الكويت في 1966 لتكون جامعة بين النظامين الإنجليزي والمصري. وقال الصباح في كلمته الافتتاحية آنذاك، "إن جامعة الكويت التي نحتفل بافتتاحها اليوم، ليست سوى هدية تقدمها الحكومة لشعبها المخلص".

النهضة العمرانية

ودخلت الكويت عصراً جديداً للازدهار الثقافي واستثمار الموارد بعد تقلّد جابر الأحمد الصباح مقاليد الحكم في 1977، إذ دشّن الأمير مشروع الغاز في 1979، ليكون أول مجمّع لتصنيعه في البلاد، ليصل إنتاج الغاز الكويتي إلى 109 مليارات قدم مكعبة يومياً في 2019.

ولم ينحصر اهتمام جابر الصباح بالحاضر فقط، بل أنشأ "صندوق احتياطي الأجيال القادمة"، الذي ينطلق من محدودية عمر النفط وأحقية استفادة الأجيال القادمة منه، ليقتطع عشرة في المئة من إيرادات الدولة العامة للاستثمار في المشاريع الخدمية للشعب الكويتي.

واستمرّ جابر الصباح في إنشاء وافتتاح المشاريع الثقافية والعلمية، منها مؤسسة الكويت للتقدم العلمي، والمركز العلمي الكويتي، والمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، والمتحف الوطني الكويتي، ومتحف الفن الحديث والمكتبة الوطنية.

وأعلنت الكويت في عهده حالة الطوارئ إبان الغزو العراقي عام 1990، لتنتقل الحكومة الكويتية من قصر دسمان في منطقة رأس عجوزة إلى مدينة الطائف في السعودية.

أصيل الصيت

وانتقل الحكم إلى سعد العبد الله السالم الصباح في يناير (كانون الثاني) 2006  ولم تتخطَّ فترة حكمه الشهر، لينقل مجلس الأمة السلطات الأميرية إلى مجلس الوزراء على إثر تدهور أحوال الأمير الصحية، فمثّلت فترة حكمة أقصر مدة للإمارة في تاريخ البلاد.

وعلى الرغم من المدة القصيرة، فإن إنجازات سعد العبد الله امتدت إلى سنوات لاحقة، كان أبرزها إنشاء مؤسسة البترول الكويتية في 1980، رغبة منه في المحافظة على الثروة القومية.

ومرّ سعد الصباح بكثير من الحقائب الوزارية، التي عيّن فيها إبان فترة خدمته البلاد، إذ كان وزيراً للداخلية في أول حكومة للبلاد 1962، ووزيراً للدفاع والداخلية في الوقت ذاته في ثالث حكومة للدولة في 1964.

قائد العمل الإنساني

وأعلن الديوان الأميري في الكويت، اليوم 29 سبتمبر (أيلول)، وفاة أمير البلاد صباح الأحمد الجابر الصباح، في أميركا عن عمر ناهز 91 سنة.

وقفزت البلاد في عهده قفزة تنموية، كان أبرزها افتتاح مدينة صباح الأحمد البحرية، وهي أول مدينة تنفّذ من قبل القطاع الخاص، مما ساعد على تنشيط عجلة الاقتصاد في البلاد، إضافة إلى حزمة من المشاريع الاقتصادية والتنموية، منها مدينة الكويت لرياضة المحركات ومركز عبد الله السالم الثقافي ومدينة الجهراء الطبية ومستشفى جابر الأحمد.

وأولى الصباح اهتماماً خاصاً بالمبادرات الخيرية والإنسانية، فاستضافت البلاد المؤتمر الدولي للمانحين لدعم الوضع الإنساني في سوريا لثلاث نسخ متتابعة، أعلن خلالها التبرّع بمئات الملايين لإغاثة اللاجئين السوريين، لتكرّم الكويت باختيارها مركزاً للعمل الإنساني من قبل منظمة الأمم المتحدة في سبتمبر (أيلول) 2014، ومنح أميرها لقب "قائد العمل الإنساني".

ومنح الأمير الراحل كثيراً من الأوسمة التقديرية والتكريمية من دول مجلس التعاون الخليجي ودول الجوار، كان أبرزها قلادة الملك عبد العزيز آل سعود من السعودية، ووسام زايد من الإمارات، ووسام الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة من الدرجة الممتازة من البحرين، ووسام الاستحقاق من الدرجة الاستثنائية من لبنان والوسام المدني من الدرجة الأولى من عمان.

عن "اندبندنت عربية"

الصفحة الرئيسية