أهمية انضمام الإمارات إلى مجموعة "بريكس"

أهمية انضمام الإمارات إلى مجموعة "بريكس"

أهمية انضمام الإمارات إلى مجموعة "بريكس"


02/09/2023

عبدالله جمعة الحاج

في الأول من يناير 2024 ستصبح دولة الإمارات العربية المتحدة عضواً عاملاً في مجموعة بريكس بعد أن وافقت دول المجموعة الخمس على ذلك ووجهت إليها دعوة رسمية للانضمام إلى عضوية المجموعة. الدول الخمس المؤسسة، هي: روسيا والصين والهند وجنوب أفريقيا والبرازيل. إلى جانب دولة الإمارات تم توجيه الدعوة إلى كل من المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية والأرجنتين، وأثيوبيا وإيران لكي يصبح مجموع أعضاء دول المجموعة إحدى عشر عضواً.

وفي هذا المقام لا يهمنا كثيراً الحديث عن الجوانب الإجرائية والشكلية لانضمام دولة الإمارات إلى مجموعة بريكس، لكن ما يهمنا وسنقوم بالتركيز عليه هو الانعكاسات والآثار الاقتصادية والسياسية لهذا الانضمام على دولة الإمارات والخوض بشيء من التعمق التحليلي في أهداف وتطلعات دولة الإمارات من الانضمام وتأثيراته الحاضرة والمستقبلية عليها. ما يدفعنا إلى ذلك أن ما قيل حول الجوانب المعتادة حتى الآن كثير، لكن التعمق في الجوانب التحليلية لأهميته بالنسبة لدولة الإمارات قليل ولم يتعرض لها الكثيرون حتى الآن.

عملية الانضمام إلى مجموعة بريكس تبدو اقتصادية بحتة في ظاهرها بالنسبة لدولة الإمارات، إلا أنه في واقعها وجوهرها هي عملية اقتصادية - سياسية لها علاقة وطيدة جداً بالاقتصاد السياسي والعلاقات الدولية والسياسة الخارجية للبلاد. وعليه، فإن التحليل الذي سنجريه لجوانب هذا الانضمام سيتم بناؤه على أساس من ذلك من حيث كونها عملية مركبة ذات جوانب متداخلة. ومن هذا المنطلق، فإن الأمر قد يبدو معقداً في بعض جوانب، لكن نظراً إلى كونه شأناً وطنياً هاماً، فإنه يستحق الاهتمام والتعمق لكي نوفيه حقه.

وحقيقة أنه بانضمام الدولة إلى بريكس تصبح دولة الإمارات حالياً في وسط مرحلة تطور مفصلي في سياستها الخارجية، وفي جوهر عملية هادفة إلى الإقدام على اتخاذ قرارات مهمة من عدم وضع البيض في سلة واحدة على صعيد الاقتصاد السياسي. ويعود السبب في ذلك إلى أنه من جوانب معينة، الانضمام إلى بريكس قرار مهم جداً.

إن منظومة دول مجلس التعاون الخليجي، وعضوية دولة الإمارات فيها، ومبادئ وقيم السياسة الخارجية للدولة وحجم المعونات الاقتصادية والمالية التي تقدمها لكافة دول العالم الفقيرة والمحتاجة، والارتباطات الأمنية والاستراتيجية بدول بعينها ومنظمات بعينها، والارتباط بنظم تحالف معقدة لمحاربة الإرهاب والجريمة المنظمة، وحماية البيئة والاتجار بالبشر ومكافحة المخدرات حول العالم هي قضايا يتم النظر إليها على أنها أدلة استدارة مهمة في تاريخ دولة الإمارات الحديث ومسارات سياستها الخارجية تعبر عن رغبتها الصادقة في الإسهام في الشؤون العالمية بكل جدية وإخلاص وعلى أنها بدأت في تبوء الدور الحقيقي الذي يليق بها في الشؤون العالمية، ويتناسب مع قدراتها وإمكانياتها لتحقيق مصالح العالم أجمع ومصالحها الوطنية العليا عبر استخدام قوتها الناعمة بشتى جوانبها العملية.

عبر انضمام دولة الإمارات إلى مجموعة بريكس، وعبر الأدوات والآليات التي تستخدمها في إدارة وتوجيه سياستها الخارجية، لا بد وأن يتم النظر إلى دولة الإمارات الآن بأنها تتحرك باتجاه سلسلة من الالتزامات الخارجية متعددة الجوانب التي تتضمن مسؤوليات على الصعيد العالمي.

ما يحدث الآن هو حرية حركة لدولة الإمارات على المسرح الدولي بطرق وجدت نفسها وفقاً لها بأنها قادرة على الفعل وراغبة في ذلك الفعل. ووفقاً لذلك تستطيع دولة الإمارات خلال الفترة القادمة من القرن الحادي والعشرين أن تصنع لنفسها منظومات جديدة من السياسات الخارجية التي من المؤكد أن يخرج نتيجة لها نطاق أوسع من حرية الحركة والتصرف التي تحقق بها مصالحها الوطنية وطموحاتها على الساحة الدولية.

ونظراً لكون دولة الإمارات في طور السير السريع نحو التنمية الشاملة المستدامة، فإنها تستطيع إيصال حركتها على المسرح الدولي إلى الحد الأقصى الممكن من الحرية في علاقاتها الدولية اقتصادياً وسياسياً عن طريق تجنب الخوض في عدد كبير من الاتفاقيات والمعاهدات الدولية.

عن "الاتحاد" الإماراتية




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية