إخوان تونس في 2023... عام من الخيبات والإخفاقات

إخوان تونس في 2023... عام من الخيبات والإخفاقات

إخوان تونس في 2023... عام من الخيبات والإخفاقات


21/12/2023

لم يسر عام 2023 على النحو الذي دأبت عليه حركة النهضة الإخوانية بتونس منذ عودة قياداتها من منفاهم في 2011، بل كان عاماً حمل نتائج كل الأعوام الماضية، إذ أطلقت الملاحقات القضائية ضّد قيادات النهضة.  

عاشت تونس خلال هذا العام نجاحات أمنية وقضائية أدخلت حركة النهضة في أزمة كبيرة، خصوصاً بعد توقيف قيادات صفّها الأول، وفي مقدمتهم زعيم الحركة راشد الغنوشي رئيس البرلمان السابق، من أجل شبهات تتعلق بالإرهاب، إضافة إلى تعليق أنشطتها وإغلاق جميع مقّراتها.

نجاحات قضائية

ففي شباط (فبراير) 2023 أطلقت السلطات حملة توقيف واسعة شملت عدداً من السياسيين ورجال الأعمال والأمنيين من أجل تهم متعلقة بالتآمر على أمن البلاد.

وشملت التحقيقات أبرز قيادات الإخوان؛ مثل علي العريض، ولطفي زيتون، ونادية عكاشة مديرة الديوان الرئاسي السابقة الفارة بالخارج، ومحرز الزواري المدير السابق بوزارة الداخلية، وعبد الكريم العبيدي، ومصطفى خذر، وهم المتورطون في قضية اغتيال القياديين اليساريين شكري بلعيد ومحمد البراهمي عام 2013.

وفي 17 نيسان (أبريل) الماضي اعتقلت قوات الأمن التونسي الغنوشي بعد مداهمة منزله وتفتيشه، على خلفية "التحريض والدعوة للفوضى والفتنة"، في خطة انتظرها التونسيون عدّة أعوام، واعتبروها شبه مستحيلة، بالنظر إلى سيطرة الغنوشي خلال "العشرية السوداء" على كل مفاصل الدولة.

وقبل اعتقاله بيومين، قال الغنوشي، في خطاب أمام أنصاره: إنّ "استبعاد حزب النهضة من السلطة هو تمهيد للحرب الأهلية في تونس وبداية لانطلاقة الفوضى في البلاد"، وأضاف أنّ "تونس بدون النهضة والإسلام السياسي مشروع حرب أهلية".

شملت التحقيقات أبرز قيادات الإخوان؛ مثل علي العريض

وأغلقت قوات الأمن مقار النهضة الإخوانية بعد تفتيشها، وتقرر حظر الاجتماعات بجميع مقرات الحركة في كامل مناطق البلاد، وحظر الاجتماعات بمقرات (جبهة الخلاص) الموالية للإخوان.

ولاحقاً تم إيقاف رئيس مجلس شورى حركة النهضة الإخوانية عبد الكريم الهاروني بعد وقت قليل، من أجل شبهات تتعلق بـ "الفساد المالي والإداري وتبييض الأموال".

وقد منح الهاروني عندما كان وزيراً للنقل شركة الطيران الخاصة (سيفاكس أيرلاينز)، التي يملكها البرلماني السابق الإخواني محمد فريخة، محروقات الكيروزان بقيمة (20) مليون دينار من المال العام، خلال فترة حكم الإخوان.

 

عاشت تونس خلال هذا العام نجاحات أمنية وقضائية أدخلت حركة النهضة في أزمة كبيرة، خصوصاً بعد توقيف قيادات صفّها الأول وفي مقدمتهم زعيمها راشد الغنوشي

 

ويُلاحق وزير العدل السابق الإخواني نور الدين البحيري، الذي يُلقب بمهندس الصفقات المشبوهة للإخوان، في قضايا عديدة تمس الأمن التونسي.

تأتي محاكمة المتورطين في قضايا الإرهاب والاغتيالات السياسية والفساد المالي والإداري بعد أعوام من اختراق القضاء، والسيطرة على السلك القضائي عبر زرع أذرعه في كل مفاصله، وتُتهم أيضاً بتكوين جهاز أمن سرّي يتولى مهام قضائية، كالتلاعب بملفات الاغتيالات.

تطهير المؤسسات التونسية من عناصر الإخوان

كما شهدت تونس جهوداً مكثفة لتنفيذ العديد من الإصلاحات الداخلية بالهيكل الحكومي الرسمي بهدف معالجة التحديات التي تواجه البلاد خلال المرحلة الراهنة، وفي هذا الإطار تأتي المساعي الرئاسية والحكومية الرامية إلى تطهير مؤسسات ووزارات الدولة من الفاسدين وعناصر الإخوان الذين يعرقلون البرامج والخطط الإصلاحية.

وقد أصدر سعيّد أمراً رئاسياً ينص على ضرورة البدء بمراجعة كل الانتدابات التي تمّت خلال العشرية السابقة، ضمن جهوده لتطهير مؤسسات الدولة من "الانتدابات العشوائية"، منذ 21 أيلول (سبتمبر) الماضي.

 الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي

ويهدف قانون مراجعة التعيينات في المؤسسات الحكومية إلى مراجعة التعيينات التي تمّت بناء على "الولاءات والشهادات المزيفة".

يُذكر أنّ مؤسسات الدولة التونسية تعرضت لاختراق إخواني خلال الفترة التي سيطرت فيها حركة (النهضة) على الحكومة والبرلمان، وهو ما أحدث ضغطاً كبيراً على الوظائف العمومية والقطاع العام، وتطبيقاً لنظرية "التمكين الإخواني" فقد تم إلحاق غير أكفاء وغير مؤهلين بمؤسسات الدولة، فضلاً عن تدليس وتزوير شهادات دراسية وعلمية لأتباعهم.

 

أغلقت قوات الأمن مقار النهضة الإخوانية بعد تفتيشها، وتقرر حظر الاجتماعات بجميع مقرات الحركة في كامل مناطق البلاد.

 

وعقب أحداث 2011 التي أطاحت بنظام الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي، صدر ما يُعرف بمرسوم "العفو التشريعي العام"، وبمقتضاه تم انتداب نحو (7) آلاف موظف، أغلبهم من عناصر الإخوان، بالمؤسسات الحكومية، وتعمدت حركة النهضة تعيين أتباعها في مفاصل الدولة حسب الولاءات وليس على أساس الكفاءة والخبرة.

وقد دعا الرئيس التونسي قيس سعيّد في بيان رئاسي في آب (أغسطس) الماضي إلى تسريع إجراءات تطهير المؤسسات من المنتفعين والفاسدين، وشدد على ضرورة إعداد مشروع قانون لتطهير الإدارة من الذين تسللوا إليها بغير وجه حق منذ أكثر من عقد من الزمان، وتحولوا إلى عقبات تعيق سير عمل البلاد.

نجاحات أمنية

وخلال العام الحالي حققت الوحدات الأمنية عدّة نجاحات واستباقات أمنية، آخرها اعتقال (4) إرهابيين مطلوبين في قضايا إرهابية، بينهم امرأتان، في إطار حملة وطنية لتعقب الإرهابيين.

وبحسب بيان صادر عن الوزارة الجمعة، أذنت النيابة العامة بالمحكمة الابتدائية بالكاف (شمال غرب) لمركز أمني بالعاصمة تونس بالاحتفاظ بامرأة مفتش عنها من أجل قضايا إرهابية، وهي زوجة إرهابي خطير يقبع بالسجن منذ 2016.

وكشف العقيد حسام الدين الجبابلي الناطق باسم مؤسسة الحرس الوطني التونسي، التي تضم أبرز قوات النخب الأمنية في البلاد، أنّ قوات تابعة للحرس اكتشفت مؤخراً ملابس عسكريين بجبل السلوم في محافظة القصرين بالوسط الغربي للبلاد، غير بعيد عن الحدود الجزائرية - التونسية.

وحسب المعطيات الأولية، فإنّ الأمر يتعلق ببدلات (7) عسكريين أو أمنيين سرقتها سابقاً مجموعات إرهابية في المناطق الجبلية والغابية التي تربط بين تونس والجزائر، وقد أحيل الملف على القضاء.

وسبق لقوات الأمن والمصادر الأمنية والقضائية التونسية أن كشفت مراراً عن تسجيل عمليات سرقة بدلات عسكريين وأمنيين يشتبه أنّ المجموعات الإرهابية في جبال منطقة القصرين، وفي بقية المحافظات الحدودية، تورطت فيها.

هذا، وكثفت السلطات التونسية مؤخراً عمليات التفتيش وتعقب العناصر الإرهابية بهدف السيطرة على الوضع الأمني، خاصة مع اقتراب موعد انتخابات مجلس الجهات والأقاليم المقررة في 24 كانون الأول (ديسمبر) الجاري.

وفي حزيران (يونيو) الماضي أعلنت السلطات التونسية الإطاحة بمخطط إخواني للانقلاب على حكم الرئيس قيس سعيّد، عن طريق اختراق القصر الرئاسي بمساعدة نادية عكاشة مديرة الديوان الرئاسي التي شغلت هذا المنصب مع وصول سعيّد إلى قصر قرطاج.

الإخوان يغادرون البلديات كما غادروا البرلمان

وبإجراء انتخابات المجالس المحلية المرتقبة في 24 كانون الأول (ديسمبر) الحالي، سيُغلق الباب بعدها أمام محاولات جماعة الإخوان العودة إلى المشهد السياسي الذي غادروه منذ 25 تموز (يوليو) 2021، وتعزز ذلك بخروجهم من المشهد البرلماني، بقرارهم عدم المشاركة في الانتخابات الماضية، وبالتالي تشكّل برلمان جديد يخلو تماماً من الإخوان.

وقد دعت (جبهة الخلاص) الإخوانية إلى مقاطعة انتخابات مجلس الجهات والأقاليم، زاعمة أنّ ذلك الاستحقاق الدستوري يأتي "في وقت تحاصر فيه حرية التعبير في البلاد، وتفقد فيه الهيئة العليا المستقلة للانتخابات صفتها المستقلة".

مواضيع ذات صلة:

حركة النهضة الإخوانية تجدد الثقة في الغنوشي وتزيح التيار المعارض.. ما التفاصيل؟

الجهاز السري لحركة النهضة التونسية.. هل تكشف التحقيقات ما أخفاه الإخوان لسنوات؟

عقد من الخطايا... حركة النهضة فشلت في أخونة المجتمع وأخفقت في حكم البلاد




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية