إسرائيل تخشى ذهاب عائدات حقل الغاز إلى حماس

إسرائيل تخشى ذهاب عائدات حقل الغاز إلى حماس

إسرائيل تخشى ذهاب عائدات حقل الغاز إلى حماس


كاتب ومترجم فلسطيني‎
16/07/2023

ترجمة: إسماعيل حسن

تبحث أوساط سّياسية وعسكرية إسرائيلية مخرجات قرار رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو تطوير حقل غاز مارين القريب من شاطئ غزة، بشكل يؤكد أنّ القرار سيناقش للحفاظ على المصالح الأمنيّة والسّياسية لإسرائيل، والذي سيتدخل في أي خطوة تتعلق بالمجال البحريّ، وأيضاً يعكس ما إذا كان هناك نوايا حقيقية في تغيير السّياسة الإسرائيلية تجاه غزة.

إصرار نتنياهو على المضي قدماً نحو تطوير الحقل القريب من سواحل غزة، زاد من اهتمام المستوى السّياسي لمعرفة أسباب هذا التوجه بهذا التوقيت، فالحقل صغير نسبياً مقارنة بالحقول الأخرى التي تسيطر عليها إسرائيل في شرق المتوسط، كما لا يوجد أيّ مبرر اقتصادي لتطوير الحقل بعد الاتفاق على تصدير الغاز لأسواق غزة والسلطة الفلسطينية، في المقابل حاول رؤساء وزراء سابقاً تعزيز الحقل وتطويره وتنظيم الطريقة التي يتم من خلالها استخدام الأرباح، بشرط ألا يتم استخدامها لصالح للفصائل المسلحة، لكن كل هذه المحاولات تحطمت في مواجهة الواقع الأمني والعلاقات غير المستقرة مع الفلسطينيين. 

قلق من استفادة حماس

تعتبر إسرائيل قوة إقليميّة بحرية فعالة بفضل الاكتشافات المتكررة لخزانات الغاز الخاصة بها في المتوسط، فمن الناحية العملية تسيطر إسرائيل على المجال البحريّ للقطاع، حيث يوجد الحقل على مسافة 36 كم من ساحل غزة، ورغم الإعلان الدراماتيكي الذي نشره مكتب نتنياهو الذي بموجبه يبدأ تنفيذ مشروع تطوير حقل الغاز أمام قطاع غزة، إلا أنّ أوساطاً إسرائيلية زعمت أنّه ليس هناك ما يضمن أنّ الأموال العائدة من هذا المشروع لن تتدفق إلى حماس، مع العلم أنّ إسرائيل امتنعت لسنوات عن الترويج لهذا المشروع بانتظار تحقيق انفراجة في قضية الأسرى لدى حماس في غزة.

أوساط إسرائيلية زعمت أنّه ليس هناك ما يضمن أنّ الأموال العائدة من مشروع تطوير حقل الغاز أمام قطاع غزة لن تتدفق إلى حماس

 كما أنّ سيطرة حماس على غزة وجولات القتال المتكررة مع إسرائيل جعلت تطوير الحقل أكثر تعقيداً، وهناك فرضيّات مختلفة حول سبب الوصول إلى اختراق في هذا الوقت بالذات، وتتراوح التقديرات بين محاولة تهدئة الغضب الأمريكي المتوقع بسبب قرار الحكومة الإسرائيلية تشجيع البناء في المستوطنات، وتقديم المساعدة لمصر في صياغة خطة الهدنة بين مختلف الفصائل الفلسطينية، ودفع المفاوضات حول الأسرى الإسرائيليين في غزة، أو افتراض آخر أنّ مصر ستكون المستفيدة من الغاز الطبيعي، والتي بدورها ستقوم ببيعه للسلطة وتحقيق أرباح من ذلك.

 حقل غاز

اعتراض إسرائيلي

بالرغم من الحديث المتداول عن التوصل إلى اتفاق حول البدء في تطوير حقل مارين، يزعم مسؤولون كبار في ديوان رئاسة الوزراء أنّ قضية الأسرى المفقودين كانت ولا تزال شرطاً لتطوير الحقل، كما أنّ عائلة الضابط هدار غولدين المختطف لدى حماس، هاجمت قرار المشروع باعتبار أنّ حماس ستتلقى العوائد المالية، وإذا كانت مصر منخرطة في المشروع، فيجب استغلال ذلك لإجبار مصر للضغط على حماس لإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين، لكن ليس من السهل التكهن إلى مدى تنوي إسرائيل إحراز تقدم في ما يتعلق بتطوير حقل غزة البحريّ، وإلى أيّ مدى ستسمح التوترات في الداخل الاسرائيلي بالمرونة في مواجهة مطالب حماس، رغم أنّ مسؤولين إسرائيليين يزعمون بأنّ مسألة تطوير حقل الغاز عملية ضرورية، لأنّ وقفها سيلحق الضرر بمصالح جميع الأطراف في المنطقة، وهذا التحدي الكبير الذي تواجهه الحكومة الإسرائيلية، يتطلب منها أن توضح للجمهور الحاجة لاتفاق يشبه اتفاقاً أبرمته سابقاً مع لبنان، لكنّ الوقت وحده كفيل بمعرفة ما إذا كانت الأطراف المختلفة ستكرر ما حدث مع لبنان، ففي الحالة اللبنانية ورغم الصراعات السّياسية الداخليّة، فقد تم إنجاز الاتفاق البحريّ، أما من الناحية الفلسطينية فيرى كثيرون أنّ هذا المشروع هو اعتراف اسرائيلي بالسلطة الفلسطينية ككيان دولة، لأنّه سيتم اعتبار شواطئ غزة مياهاً إقليمية للسلطة. 

منع مهاجمة المنشآت

تحاول إسرائيل مؤخراً تجنب تقليد المنظمات الفلسطينية سيناريو حزب الله، من خلال تهديد إسرائيل بهدف جني المكاسب منها، وصولاً إلى محاكاة ما قام به الحزب مؤخراً من إرسال طائرات بدون طيار نحو حقل كاريش المتنازع عليه سابقاً، والتهديد بتنفيذ هجمات صاروخية دقيقة على جميع منشآت الغاز الطبيعي في البحر المتوسط.

يقدر مراقبون أنّ القلق من تهديدات الفصائل المسلحة في غزة، هو ما يدفع إسرائيل لإيجاد تحسن للوضع الاقتصادي الفلسطيني، من أجل التوصل إلى هدوء طويل الأمد

 بعثت إسرائيل إلى مصر برسائل للضغط  على حماس وتهديدها لتجنب مهاجمة منشآت الغاز الطبيعي قبالة سواحل قطاع غزة، بعد الزعم بأنّ لديها معلومات بتوفّر خطط للكوماندوز البحري للذراع العسّكري لحماس، لمهاجمة هذه المواقع باستخدام زوارق متفجرة عالية السرعة أو صواريخ، ولديها القدرة على تنفيذ هجمات انتحارية دقيقة على أهداف في وسط البحر، خاصة وأنّه من السهل إطلاق مثل هذه القوارب باتجاه منشآت الغاز الطبيعي الإسرائيلية التي تبعد مسافة 20 كم فقط عن ساحل قطاع غزة، وأي أضرار ستلحق بهذه المنشآت ستصل إلى تعثر إمدادات الغاز الإسرائيلية إلى مصر وأوروبا ودول عربية أخرى، ورغم ذلك فإسرائيل قلقة من إقدام حماس على مهاجمة تلك المنشآت في جولات قتال قادمة. 

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو

تحقيق الهدوء

يقدر مراقبون أنّ القلق من تهديدات الفصائل المسلحة في غزة، هو ما يدفع الحكومة الإسرائيلية إلى إيجاد تحسن للوضع الاقتصادي الفلسطيني، من أجل التوصل إلى هدوء طويل الأمد، فمشروع الغاز يسعى لتنمية الاقتصاد الفلسطيني والحفاظ على الاستقرار الأمنيّ في المنطقة، ولذلك تقرر دفع تطوير حقل غاز مارين قبالة غزة وذلك بالتنسيق بين السلطة الفلسطينية والحوار المباشر مع مصر، من أجل الحفاظ أولاً على المصالح الإسرائيلية، ثانياً السكان الفلسطينيون يحتاجون لمصادر دخل كبيرة لتحسين مستوى معيشتهم، وتعتقد إسرائيل أنّ هذا سيساعد في تحقيق الهدوء الأمنيّ، ومنع المنظمات سواء في الحالة اللبنانية أو الفلسطينية من إدارة هذه الحقول، فرغم احتدام التوتر بين حزب الله وإسرائيل، إلا أنّه تم التوصل إلى اتفاق في لبنان يسمح بمحاولة حقيقية لتطوير المجال البحري اللبناني، والإشارة إلى شركات الطاقة الأجنبية للبحث عن احتياطيات إضافيّة، وعلى إثر نجاح التجربة اللبنانية فإنّ دول المنطقة خاصة مصر والولايات المتحدة، تسعى الآن لدفع الاتفاقيّة في غزة إلى الأمام، ويبدو أنّ لإسرائيل الحق في إجراء حوار حتى لو كان بشكل غير مباشر وليس علناً مع حماس، وسواء كان القرار الحالي سيؤدي لتطوير المجال البحري قبالة غزة أم لا، فلا شك أنّ الفضاء البحريّ والموارد الكامنة فيه تخلق الكثير من الفرص الدبلوماسية الجديدة لإسرائيل.

مصدر الترجمة عن العبرية:

https://www.ynet.co.il/news/article/hytp0hndh

 



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية