إسرائيل تشتعل.. هل يصبح نتنياهو نيرون العصر الحديث؟

إسرائيل تشتعل.. هل يصبح نتنياهو نيرون العصر الحديث؟

إسرائيل تشتعل.. هل يصبح نتنياهو نيرون العصر الحديث؟


25/07/2023

في تحد جديد للمعارضة وللشارع الغاضب، رفض حزب الليكود، الذي يتزعيم الائتلاف المتطرف الحاكم، التسوية السياسية التي اقترحتها المعارضة، ووصفها بـأنّها مجرد "تبني أحادي الجانب لموقف المعارضة". وأصرّ الحزب على تمرير قانون إصلاح السلطة القضائية، والذي يحد من سلطات المحكمة العليا، وينهي قدرتها على إلغاء قرارات الحكومة.

وعليه، وافق المشرعون الإسرائيليون يوم أمس الإثنين، على خطة نتنياهو المثيرة للجدل لتقييد نفوذ المحكمة العليا، متحدياً حركات المعارضة، التي هدّدت بإغلاق أجزاء كبيرة من البلاد، في أخطر أزمة داخلية تمر بها إسرائيل، منذ تأسيسها قبل 75 عاماً.

هذا واندلعت احتجاجات صاخبة مراراً وتكراراً؛ منذ اقترح نتنياهو خطة حكومته بشأن القضاء، في كانون الثاني (يناير) الماضي، ما دفع الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ، إلى التحذير من عواقب الانقسام الذي قد يؤدي إلى حرب أهلية.

انفجار الشارع

قادت التكتلات القوية في الداخل، مثل: جنود الاحتياط العسكريين، والأكاديميين، وكبار الأطباء والقادة النقابيين، عملية احتجاج واسعة النطاق؛ من أجل الضغط على الحكومة؛ ما دفع نتنياهو إلى تعليق الإصلاح الشامل قبل بضعة أشهر.

ويبدو أنّ نتنياهو الحائر بين تحقيق الاستقرار في ائتلافه المتطرف، وتهدئة غضب الإسرائيليين، قرر أخيراً المضي قدماً في خططه، ومحاولة احتواء غضب الشارع؛ من خلال اقتراح تأجيل الإصلاح الشامل حتى وقت لاحق من هذا العام.

وسرعان ما نزل آلاف الإسرائيليين إلى الشوارع، أمس الإثنين، للاحتجاج على إقرار القانون، وقطع المتظاهرون الطرق المؤدية إلى البرلمان، والطرق الرئيسية في القدس وتل أبيب، وعدة مدن أخرى. وأحرق البعض الإطارات، فيما اشتبك آخرون مع قوات الأمن التي أطلقت خراطيم المياه على الحشود. وأدّت الاضطرابات إلى عدة حوادث، حيث صدمت شاحنة مندفعة، عدداً من المتظاهرين على طريق سريع في وسط إسرائيل، ما أدى إلى إصابة ثلاثة أشخاص.

اندلعت احتجاجات صاخبة مراراً وتكراراً؛ منذ اقترح نتنياهو خطة حكومته بشأن القضاء

ومع انفجار الشارع مرة أخرى، قد تواجه الدولة الصهيونية أزمة اقتصادية حادة، في ظل الاحتجاجات العمالية، والتوترات النقابية المرتقبة، خاصّة مع إعلان أكبر نقابة عمالية (الهستدروت) أنّها تدرس الدخول في إضراب شامل. كما هدّد نحو 10000 من جنود الاحتياط بترك الخدمة العسكرية.

عوامل الاختلاف واحتمالات المواجهة

بحسب صحيفة الـ "نيويورك تايمز"، فإنّ الصراع الحالي هو جزء من مواجهة أيديولوجية وثقافية أوسع بين حكومة نتنياهو وأنصارها، الذين يريدون جعل إسرائيل دولة أكثر تديناً وقومية، وبين خصومهم، الذين يحملون رؤية أكثر علمانية وتعدّدية للبلاد.

تخشى المعارضة من تداعيات تقليص سلطة المحكمة العليا، وما يترتب على ذلك من إفلات نتنياهو، الذي يحاكم بتهم فساد، من العقاب

 

يقول الائتلاف اليميني الحاكم إنّ المحكمة العليا لديها مساحة كبيرة للتدخل في القرارات السياسية، وأنّها تقوّض الديمقراطية الإسرائيلية، من خلال منح قضاة غير منتخبين سلطة كبيرة على المشرعين المنتخبين، وأنّها تصرفت في كثير من الأحيان ضد مصالح اليمين، على سبيل المثال من خلال منع بناء بعض المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة، أو إلغاء بعض الامتيازات الممنوحة لليهود المتدينين، مثل: الإعفاء من الخدمة العسكرية.

وتقول الحكومة وداعموها إنّ مفهوم "المعقولية" الذي تستخدمه المحكمة العليا، هو مفهوم غامض للغاية، ولم يتم تقنينه في القانون الإسرائيلي. وأثارت المحكمة العليا غضب الحكومة هذا العام، عندما استخدم بعض قضاتها "مفهوم المعقولية"؛ لمنع أرييه درعي، وهو سياسي متشدد، من الخدمة في حكومة نتنياهو، حيث قال القضاة إنّه من غير المعقول تعيين السيد درعي؛ لأنّه أدين مؤخراً بتهمة الاحتيال الضريبي.

وصف روبرت ب. ساتلوف، المدير التنفيذي لمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، إنّ الصراع حول الخطة القضائية، بأنّه "صدام القرن" داخل إسرائيل

 

وتخشى المعارضة من تداعيات تقليص سلطة المحكمة العليا، وما يترتب على ذلك من إفلات نتنياهو، الذي يحاكم بتهم فساد، من العقاب، وحذر البعض من أنّ الحكومة سوف تتمتع بمزيد من السلطات؛ لتحل محل المدعي العام، غالي باهراف ميارا، الذي يشرف على مقاضاة نتنياهو في قضية فساد جارية، بينما نفى نتنياهو وجود أيّ خطط لتعطيل محاكمته.

كما تخشى المعارضة من أنّ التغييرات قد تسمح للحكومة الأكثر يمينية ومحافظة في تاريخ إسرائيل، بتقييد الحريات المدنية، أو تقويض الجوانب العلمانية في المجتمع الإسرائيلي.

محاولات الاحتواء

في خطاب ألقاه ليلة أمس الإثنين، اقترح بنيامين نتنياهو أن تواصل حكومته المزيد من خططها للإصلاح القضائي في أواخر تشرين الثاني (نوفمبر) القادم؛ لإتاحة الوقت لإجراء محادثات حول ذلك مع المعارضة.

هذا وحاولت الحكومة الإسرائيلية بالفعل، اتخاذ إجراءات بشأن بعض مواد القانون؛ من أجل احتواء غضب الشارع، حيث تمّ تعليق المادة التي تسمح للبرلمان بنقض قرارات المحكمة العليا، والأخرى التي تعطي الحكومة مزيداً من التأثير على من سيصبح قاضياً في المحكمة العليا.

 تخشى المعارضة من أنّ التغييرات قد تسمح للحكومة الأكثر يمينية ومحافظة في تاريخ إسرائيل، بتقييد الحريات المدنية

وتواجه المحكمة العليا في إسرائيل الآن معضلة غريبة، تضع ذراعين من أذرع الحكومة ضدّ بعضهما البعض؛ حيث يتعين على قضاة المحكمة العليا، أن يقرروا كيفية التعامل مع خطة من شأنها أن تحد من سلطتهم.

من جهته، وصف روبرت ب. ساتلوف، المدير التنفيذي لمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، إنّ الصراع حول الخطة القضائية، بأنّه "صدام القرن" داخل إسرائيل. ومن المتوقع أن تتواصل الاضطرابات بشكل قد يتجاوز التصعيد الكبير الذي حدث في آذار (مارس) الفائت، في ظل إصرار المعارضة على مواجهة خطط نتنياهو، وكذا غضب الإدارة الأمريكية من توجهات الحكومة اليمينية بشأن التدخل في أعمال القضاء، وهو ما عبرت عنه نائبة الرئيس الأمريكي، كامالا هاريس، في كلمتها في الاحتفال بالذكرى السنوية الخامسة والسبعين لقيام الدولة الصهيونية، في سفارة إسرائيل بواشنطن، حيث أكدت على أهمية "القضاء المستقل"، ما دفع وزير الخارجية الإسرائيلي، إيلي كوهين، إلى القول بأنّها لم تقرأ الخطة.

من جهته، حذّر يائير لابيد، زعيم المعارضة، من تداعيات خطط نيتنياهو على مستقبل العلاقات مع واشنطن، حيث أعرب مؤخراً عن أسفه؛ لأنّه بسبب نتنياهو "لم تعد الولايات المتحدة أقرب حليف لإسرائيل".

مواضيع ذات صلة:

هل يتحالف نتنياهو مع غانتس للخروج من أزمة الإصلاحات القضائية؟

نتنياهو قاتل يبحث عن ضحية جديدة لاحتواء الغضب الداخلي

هل ينجح نتنياهو في نزع فتيل الحرب الأهلية؟



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية