إسرائيل في قلب التهديد الصاروخي الإيراني: كيف سيكون الردع؟

إسرائيل في قلب التهديد الصاروخي الإيراني: كيف سيكون الردع؟

إسرائيل في قلب التهديد الصاروخي الإيراني: كيف سيكون الردع؟


كاتب ومترجم فلسطيني‎
22/06/2023

ترجمة: إسماعيل حسن

يحتدم التوتر بين إسرائيل وإيران على خلفية كشف إيران مؤخراً لصواريخ متطورة من إنتاجها، وذلك بالتزامن مع تقدم إيران في برنامجها النووي، حيث صوت غالبيّة وزراء الكابينت في إسرائيل مع عمل ضد إيران إذا ما عارض نتنياهو وغالنت المقترح، فيما أطلق مسؤولون إسرائيليون تهديدات صريحة مطالبين القيادة العسكرية بأنّ لن تتردد في العمل ضد إيران إذا احتاج الأمر.

 هذا الإجماع الإسرائيلي من سائر الأوساط جاء بعد أن أعلنت إيران قبل أيام بأنّها نجحت للمرة الأولى في إنتاج صاروخ سرعته تفوق سرعة الصوت، وذلك خلال احتفال بحضور الرئيس إبراهيم رئيسي وشخصيات رفيعة في حرس الثورة، حيث تم عرض صاروخ الفتاح الذي أعلنت إيران عن تطويره في تشرين الثاني الماضي، وهذا الصاروخ الفرط صوتي قادر على التحليق في مسارات معقدة خارج الغلاف الجويّ وبسرعة تزيد على سرعة الصوت بخمسة أضعاف، وبذلك تكون هذه النوعيّة قادرة على التملص من منظومات الدفاع ومحاولات الاعتراض، في وقت تحدث خبراء عسكريون إيرانيّون عبر التلفزيون الرسمي الإيراني، أنّ الصاروخ  يعتبر قفزة إضافية تدفع قدماً بشكل كبير قدرة الدفاع الإيرانية ضد الصواريخ، وأنّ الصاروخ يمكنه تجاوز منظومات الدفاع المتقدمة جداً الخاصة بالولايات المتحدة وإسرائيل بما في ذلك القبة الحديدية الإسرائيلية.

تهديد حقيقي

الكشف الإيرانيّ قد سبقه قبل عدة أسابيع قليلة الكشف عن صاروخ بالستي جديد تحت مسمى خرمشهر، يمكنه حمل وزن 1500 كغم والوصول إلى مسافة تبلغ 2000 كم، هذا الصاروخ هو من الجيل الرابع في إطار صواريخ خرمشهر التي ترتكز على نوعية من الصواريخ تم تطويرها في كوريا الشمالية، النسخة الأولى من الصاروخ الذي أطلق على اسم المدينة الإيرانية خرمشهر عرض للمرة الأولى في عام 2017، حيث جاء الكشف عن الصاروخ بعد تحذير رئيس الأركان الإسرائيلي هرتسي هليفي من وجود تطورات سلبية في الأفق قد تؤدي إلى عملية ضد إيران، مشيراً إلى أنّ لدينا القدرة على ضرب إيران خاصة في الوقت الذي يصعب على إيران تجاهل الخط الذي نتبعه، كما تحدث وزير الدفاع السابق بيني غانتس بأنّ إسرائيل تشهد في هذه الأيام تطور تهديد حقيقي لإيران نوويّة، نحن في لحظات حاسمة وكزعيم في المعارضة أريد توجيه رسالة واضحة مفادها، دولة إسرائيل ستفعل كل ما يلزم لتمنع تهديداً على وجودها، وسنساند عملاً للحكومة ضد إيران رغم الخلافات بيننا، وإذا جاء الوقت الذي نضطر فيه للعمل ستجد الحكومة الحالية إسناداً كاملاً من المعارضة لكل عمل حازم جدير ومسؤول، بهدف منع إيران من الوصول إلى سلاح نووي.  

نتنياهو وجالانت

استعداد إسرائيلي

لقد بدأ الجيش الإسرائيلي مؤخراً بالاستعداد لاحتمال حقيقي لشن حرب مع الحرس الثوري، ويكمل قسم الاستخبارات مخطط الحرب الذي لم يتخيله أحد تحقيقاً لسيناريو الحرب الإسرائيلية الإيرانية الأولى، جنباً إلى جنب مع خطة محدثة لمهاجمة المنشآت النوويّة التي أعدتها القوات الجوية، التقديرات الحالية لدى الجيش تشير إلى أنّ الحرب مع إيران ليست مثل العمليات ضد حزب الله أو قطاع غزة، المنطقة تدخل في سباق تسلح نووي، رصاصة الانطلاق هي وصول إيران إلى كمية حرجة من اليورانيوم المخصب، وحسب منشورات مختلفة فإنّ إيران خصبت حتى الآن ما يكفي من اليورانيوم في مستويات تخصيب عالية، بحيث إنّها قريبة جداً من الوصول إلى الكمية الحرجة التي تسمح لها ببناء قنبلتين أو ثلاث، في نهاية السباق ستفقد إسرائيل الحصرية المنسوبة لها بالسلاح النووي في الشرق الأوسط، وهذا لن يحصل الأسبوع القادم ولا حتى في السنة القادمة، لكن يجدر الانتباه إلى أنّ الوضع الذي يكون فيه ثلاث أو أربع دول إسلامية وليست حقاً ديمقراطية في المنطقة، إحداها تسعى لتصفيتنا وتعمل على ذلك وتمتلك سلاحاً نووياً، فهذا أمر خطير جداً لدولة إسرائيل، على الحكومة فعل كل ما يستوجب لمنع النووي الإيرانيّ، بمعنى كل فعل سياسي هو أيضاً فعل عسكري.

الاتفاق النووي لن يوقف التهديد

جهاز الأمن في إسرائيل، بات يدرك بأنّ الأمور تتحرك بوتيرة أسرع من المتوقع على صعيد استئناف مفاوضات الاتفاق النوويّ بين الولايات المتحدة وإيران، وأن الطرفين قد يتوصلان إلى تفاهمات خلال عدة أسابيع، على الرغم من أنّه لم يجسّر نهائياً كل الفجوات بينهما، تقف على الأجنّدة تفاهمات قد تتضمن موافقة إيرانية لوقف عملية تخصيب اليورانيوم إلى مستويات عالية، في المقابل يتوقع النظام في طهران تسهيلات في العقوبات الدولية التي تقودها الولايات المتحدة ضد إيران، يدور الحديث في المرحلة الأولى حول الإفراج عن 20 مليار دولار من الممتلكات الإيرانية المجمدة في حسابات بنكيّة في الخارج في كوريا الجنوبية والعراق وفي صندوق النقد الدولي.

إسرائيل مقتنعة بأنه رغم حصول تقدم واسع جداً في البرنامج النوويّ الإيراني في العقد الأخير، فإنّ قدرات عمل الجيش الإسرائيلي وأذرع الاستخبارات تحسنت هي الأخرى

 إسرائيل مقتنعة أنه وعلى الرغم من حصول تقدم واسع جداً في البرنامج النوويّ الإيراني في العقد الأخير، فإنّ قدرات عمل الجيش الإسرائيلي وأذرع الاستخبارات تحسنت هي الأخرى بشكل دراماتيكي، ولإسرائيل اليوم وسائل لم تكن لديها في الماضي، على مدى الأسابيع الأخيرة أجرى الجيش والقيادة السياسية مناورة واسعة، تضمنت سيناريو العمل في إيران كجزء من معركة متعددة الجبهات، إيران اليوم أصبحت لاعباً مهماً في الحرب بين روسيا وأوكرانيا، فتعاون النظام الإيرانيّ مع الكرملين أصبح حيوياً لروسيا في الحرب لهزيمة أوكرانيا، وأصبح الحلف العسكري استراتيجياً أيضاً بعد أنّ وقع رئيسي وبوتين على اتفاق لبناء سكة حديد من الهند إلى روسيا والتي ستصبح طريقاً تجارياً.

بيني غانتس

نتنياهو يواصل التهديد

وفي جلسات الكابينت يتم مناورة سيناريو الهجوم على إيران، فلا يكاد يمر أسبوع إلا ويكرر فيه نتنياهو فكر التهديد العسكري على إيران، رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يقول إن إسرائيل تسير بثبات نحو الحل الفاعل الوحيد المتبقي على الطاولة وهو إعداد تهديد عسكري فاعل ضد إيران، فهي لن تنقل مسؤولية أمنّها إلى أيادي جهات خارجية،  كما ويقول إنّ الواقع في المنطقة يتغير بسرعة ولا يمكن أن نبقى على حالنا، نحن نلائم عقيدة الحرب لدينا وإمكانيّات عملنا وفقاً لهذه التغييرات لا تتغير.

احتمالية فشل الجهود الدبلوماسية لإعادة إيران إلى الاتفاق النووي ومشاركة طهران في الحرب في أوكرانيا، سيوفر فرصة للولايات المتحدة وللغرب للجم تطلعات الجمهورية الإيرانيّة النووية

 كما أرسل بنيامين نتنياهو إلى وزير الخارجية الأمريكي  بلينكن رسالة في ختام زيارته الأخيرة إلى السعودية قال فيها، إنّ العودة إلى الاتفاق لن توقف البرنامج النووي الإيراني، وإنّ أيّ تسوية لن تلزم إسرائيل التي ستعمل كل ما بوسعها للدفاع عن نفسها، رغم الرسالة القوية التي نشرها مكتب نتنياهو بعد المحادثة، تقدّر شخصيات رفيعة في إسرائيل بأنّ مجال العمل ضد اتصالات الولايات المتحدة مع إيران محدود جداً، في المقابل تواجه إسرائيل صعوبة في تجنيد الكونغرس ضد التفاهمات، على خلفية السيطرة الديمقراطيّة في مجلس الشيوخ، في حين إنّ المحاولات الإسرائيلية لجعل دول أوروبا تشدد مواقفها تجاه إيران قد حظيّت بنجاح حتى الآن، وما يدعم ذلك التدخل الإيراني المستمر في أوكرانيا، إضافة إلى أنّ احتمالية فشل الجهود الدبلوماسية لإعادة إيران إلى الاتفاق النووي ومشاركة طهران في الحرب في أوكرانيا، سيوفر فرصة للولايات المتحدة وللغرب لتبني نهج مختلف يلجم تطلعات الجمهورية الإيرانيّة النووية، ويمنع الانجراف من جانب دول الشرق الأوسط باتجاه روسيا والصين، ويوفر ذلك إنجازاً مهماً للغرب في الصراع على النظام العالمي.

مصدر الترجمة عن العبرية:

https://www.israelhayom.co.il/news/geopolitics/article/14246432




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية