إعادة تموضع الميليشيات الإيرانية بسوريا: خوفاً من إسرائيل أم لقمع المحتجين؟ بإيران

إعادة تموضع الميليشيات الإيرانية بسوريا: خوفاً من إسرائيل أم لقمع المحتجين؟ بإيران

إعادة تموضع الميليشيات الإيرانية بسوريا: خوفاً من إسرائيل أم لقمع المحتجين؟ بإيران


12/02/2023

قبل وبعد الزلزال الذي ضرب مناطق في تركيا وسوريا تستمر تحركات الميليشيات الإيرانية في سوريا، لتفادي استهدافها بواسطة الاعتداءات الإسرائيلية، المتكررة والتقليدية، غير أنّ تنامي الصراع بين طهران وتل أبيب على خلفية انخراط الأولى في الحرب الروسية الأوكرانية يبعث بتخوفات عديدة بشأن استهدافات جديدة. إعادة تموضع الميليشيات الإيرانية في المناطق التي تسيطر عليها في دير الزور والبادية السورية، وكذا على الحدود السورية اللبنانية، يؤشر إلى وجود استنفار أمني خاصة بعدما تكبدت طهران ضربة جوية مؤثرة في مدينة البوكمال، مطلع الشهر.

طهران تموّه تحركاتها بدمشق.. ما القصة؟

ووفق مجلة "نيوزويك" الأمريكية، فإنّ الضربات الإسرائيلية على مواقع نفوذ الميليشيات الإيرانية بسوريا، إنّما تهدف إلى منع استمرار عمليات تهريب السلاح إلى حزب الله (اللبناني)، فضلاً عن تدمير المشروع الإيراني المرتبط بتدشين شبكة دفاع جوي شاملة بسوريا. وتكشف المجلة الأمريكية عن استهداف العقيد بالحرس الثوري الإيراني في قوة الفضاء الجوي، داود جعفري، والذي اعترفت إيران بمقتله نتيجة قصف إسرائيلي.

وفي ما يبدو أنّ الساحة السورية تواجه تعبئة على أكثر من مستوى، الأمر الذي يكشف عن تعقيدات ميدانية. وصحيح أنّ التحركات الإيرانية، التي لا تبدو جديدة أو مباغتة، هي ضمن تكتيك (إيراني) لتفادي استهداف مواقع تمركز الميليشيات من قبل إسرائيل، فإنّ هناك معلومات صحفية مختلفة، كذلك، تشير إلى نقل عدة عناصر ميليشياوية إلى داخل إيران للمشاركة في قمع الاحتجاجات؛ إذ إنّ كل الميليشيات التابعة لإيران في الأراضي السورية وغيرها تعمل وفق "أجندة وأهداف إيرانية، بينما لا تتحرك إلا بأوامر النظام الإيراني"، حسبما يوضح أمين عام الجبهة الديمقراطية الشعبية الأحوازية، صلاح أبو شريف.

من الضربات الإسرائيلية على مواقع نفوذ الميليشيات الإيرانية بسوريا

وفي سوريا بالتحديد، فإنّ هدف إيران ليس إسرائيل بقدر ما هو نشر "التشيع الولائي الإيراني" بغية خلق حاضنة استعمارية للوجود الإيراني في سوريا، ثم الحفاظ على مصالحها الاستراتيجية، وذلك عبر هذه الحاضنة التي عملت على تأسيسها منذ سنوات بواسطة تغيير ديمغرافية المناطق التي تستقر فيها هذه الميليشيات. يقول أبو شريف لـ"حفريات".

الصراع بين طهران وتل أبيب هو صراع مصالح ونفوذ؛ فإسرائيل تبحث عن الاعتراف العربي والسلام مع الدول العربية، وإيران تستغل القضية الفلسطينية لأغراضها البراغماتية وسياساتها التوسعية

ويردف: "الصراع بين طهران وتل أبيب هو صراع مصالح ونفوذ؛ فإسرائيل تبحث عن الاعتراف العربي والسلام مع الدول العربية، لإضعاف التأثير العربي على قضية الشعب الفلسطيني. وإيران تستغل القضية الفلسطينية لأغراضها البراغماتية وسياساتها التوسعية، ولذلك تعمد إلى اختراق البلدان العربية بدعوى شعارات المقاومة، مع الأخذ في الاعتبار أنّ كل الصراعات بين الطرفين هي في مناطق نفوذ مشتركة، ولا يوجد صدام مباشر. هناك، فقط، عمليات إسرائيلية نوعية في العمق الإيراني".

وفي ما يخص المسيّرات الإيرانية التي تستخدمها روسيا في الحرب بأوكرانيا، يقول أمين عام الجبهة الديمقراطية الشعبية الأحوازية، إنّها تمثل "لحظة حرجة وخطيرة بالنسبة للطرف الإيراني الذي يخوض حرباً غير معلنة وسرية، بينما لا يتحمل نتائجها وستكون مدمرة".

التنكيل بالمحتجين على الطريقة السورية

ولا تعدو عمليات نقل الميليشيات الإيرانية من مناطق نفوذها بسوريا، للمشاركة في قمع المتظاهرين أو تفادي ضربات إسرائيلية، كونها أمراً جديداً، بل ثمّة سوابق عديدة، وقد اتبعت طهران التكيك ذاته في وقائع احتجاج مماثلة. ووفق أمين عام الجبهة الديمقراطية الشعبية الأحوازية، فمع المظاهرات الأخيرة بعد مقتل الفتاة الكردية الإيرانية، مهسا أميني، استعادت إيران عناصرها الميليشياوية من سوريا والعراق، وتحديداً لواء "فاطميون" ولواء "زينبيون". وقد ظهر كل منهما في العاصمة الإيرانية طهران، فضلاً عن مشهد كرج وسنندج.

في النصف الثاني من الشهر الماضي كانون الثاني (يناير)، انتقلت عناصر من "حزب الله" (اللبناني) والميليشيات الإيرانية، من العاصمة السورية دمشق إلى شمال شرقي سوريا عبر طائرة شحن ضمت 125 شخصاً من الخبراء والمدربين، حسبما ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان، مقره لندن، الأمر الذي تزامن مع تحركات لمجموعات أخرى ميلشياوية في ريف حلب وحمص لمدينة البوكمال بريف دير الزور الشرقي.

كما كشف المرصد الحقوقي، مؤخراً، عن فتح باب العضوية لتشكيل تنظيم ميليشياوي جديد، في مدينة دير الزور، يتزعمه فادي العفيس، وهو أحد قياديي ما يعرف بـ"لواء الباقر". وبحسب المرصد فقد "زار العفيس بعض القرى الواقعة شرق الفرات كالحسينية والصالحية وحطلة، ودعا وجهاء المنطقة إلى إرسال أبنائهم للانتساب لهذا الفصيل مقابل راتب شهري يصل إلى 500 ألف ليرة سورية (ما يقرب من 73 دولاراً أمريكياً)، فضلاً عن مغريات أخرى".

وأفاد المرصد في تقرير له، أنّ الميليشيات الإيرانية حظرت على أي شخص الاقتراب من المقرات العسكرية الرئيسية، بينما قامت بإخلاء بعض المباني السكنية التي يقطنها عناصر وقيادات الميليشيات، موضحاً أنّ هناك "تعزيزات أمنية قد تم إرسالها لمقرات الميليشيات الإيرانية وحزب الله اللبناني، وأن هذه الميليشيات قامت بتجميع السيارات الخاصة بقيادييها ضمن أماكن محددة".

صلاح أبو شريف: نشر التشيع الولائي الإيراني

وفي ظل الخرق الأمني الذي تتعرض له الميليشيات الإيرانية، مؤخراً، بينما تسبب في خسائر عسكرية ولوجيستية هائلة، منها صهاريج الأسلحة التي جرى استهدافها، بشكل مباشر، بمجرد دخولها الأراضي السورية من معبر البوكمال، فإنّ "قيادات الصف الأول وعناصر تحقيق، على رأسهم المسؤول الأمني عن الميليشيات الإيرانية في سوريا، توجهوا إلى دير الزور وسط معلومات تفيد بنية قيادات الميليشيات الإيرانية إجراء تغييرات في المسؤولين عن المعبر بسبب تخوفها من وجود مخبرين بينهم لصالح إسرائيل أو التحالف الدولي".

أمين عام الجبهة الديمقراطية الشعبية، صلاح أبو شريف لـ"حفريات": مع المظاهرات الأخيرة بعد مقتل الفتاة الكردية الإيرانية، مهسا أميني، استعادت إيران عناصرها الميليشياوية من سوريا والعراق

وعليه، تسبب الهجوم الإسرائيلي على موقع سري لتصنيع الطائرات المسيّرة في أصفهان "بصدمة هائلة للإيرانيين"، حسبما يوضح المحلل السياسي مجيد البلوشي، موضحاً لـ"ـحفريات" أنّ "هذا الموقع المهم والسري والذي كان يتم استخدامه في الأغراض العسكرية بروسيا ولدى الحوثي باليمن، يكشف عن اختراق إسرائيلي للأجهزة الأمنية في إيران"، الأمر الذي تكرر مع الحوادث النوعية التي تنفذها تل أبيب داخل طهران.

ويشير البلوشي إلى أنّ العمليات أيضاً تبرز "مستويات عالية جداً، ومن ثم، لا يبدو مستغرباً اعتقال قيادات أمنية بارز بتهمة التعاون مع الموساد في المستقبل القريب. الآن الكل في إيران تحت عين الشك والريبة بعد الضربة الأخيرة، خاصة أنّ النخبة الحاكمة في إيران باتت تعلم أن إسرائيل ستقوم، مجدداً، بضرب عدة أهداف عسكرية، أو اغتيالات لشخصيات مهمة، كما جرى مع محسن فخري زادة الرئيس السابق لبرنامج إيران النووي".

ويؤكد المحلل السياسي أنّ "كل الاحتمالات قائمة على مستوى إيران أو إسرائيل. وفي ما يتصل بتحريك طهران مليشياتها في سوريا، فالجانب الأكبر من هذا الأمر هو التخوف من الاستهداف الإسرائيلي، ثم بدرجة أقل توظيف هذه العناصر في عمليات قمع داخل إيران، وقد أرسلت إيران تعزيزات عسكرية كبيرة لثلاث مناطق، هي طهران وكردستان وبلوشستان، لقمع الاحتجاجات، ومنع حدوث أي تحركات مسلحة في منطقتي كردستان وبلوشستان؛ لأنّ هناك قبائل مسلحة ضمن الشعب البلوشي والكردي".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية