إمارات الخير وإعمار درنة.. نهاية الآلام الليبية وبداية النهوض

إمارات الخير وإعمار درنة.. نهاية الآلام الليبية وبداية النهوض

إمارات الخير وإعمار درنة.. نهاية الآلام الليبية وبداية النهوض


01/02/2024

ماريا معلوف

منتصف سبتمبر/أيلول الماضي، تعاطف العالم كله مع أهالي ليبيا جراء الفيضانات التي اجتاحت شرق البلاد، وخلفت الكثير من الخسائر.

وكانت دولة الإمارات العربية المتحدة سباقة -كعادتها- في الوقوف إلى جانب أشقائها العرب، ولا ننسى عندما كتب الشعب الإماراتي على برج خليفة العبارة التي طافت العالم كله وهي "من أهل الإمارات إلى ليبيا وشعبها الشقيق.. قلوبنا وعقولنا معكم.. اللهم احفظ ليبيا وشعبها".

منذ تلك الساعة، تدفقت المساعدات الإنسانية والإغاثية من دولة الإمارات إلى شقيقتها ليبيا، تصحبها فرق البحث والإنقاذ؛ تنفيذاً لتوجيهات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، فانطلق الجسر الجوي يوم 12 سبتمبر/أيلول، بإرسال عشرات الطائرات التي حملت مئات الأطنان من المواد الغذائية والطرود الصحية ومستلزمات الإسعافات والإيواء، وكانت فرق البحث والإنقاذ الإماراتية والمزودة بالآليات ومعدات "المهام الصعبة" مثار إعجاب العالم، حيث قارب عددهم الـ100 فرد إلى جانب الهلال الأحمر الإماراتي.

إن منطلقات العمل الإنساني في دولة الإمارات تقوم على الاستجابة الفورية لمتطلبات الأشقاء حال وقوع أحداث مؤلمة، وقد كان من جميل الأقدار نجاح فريق البحث والإنقاذ الإماراتي -الذي كان موجوداً في ليبيا في تلك المهمة الإنسانية في درنة- في العثور على 274 مفقوداً في تلك المدينة المنكوبة، ولا ننسى وجوده طوال تلك الأيام في الشرق الليبي، وتحديداً في المناطق المنكوبة من أجل إيصال المساعدات للمتضررين، عبر تنسيقها مع بقية المؤسسات الإماراتية المشاركة في تلك الحملة؛ وهي مؤسسة زايد بن سلطان آل نهيان للأعمال الخيرية والإنسانية، ومؤسسة خليفة بن زايد آل نهيان للأعمال الإنسانية، ومؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للأعمال الخيرية والإنسانية، وهيئة الهلال الأحمر الإماراتي.

وهنا لا بد من الإشارة إلى أن عدد الجهات الرسمية والأهلية في دولة الإمارات، التي تنهض بالأعمال الخيرية، يزيد على الـ40 مؤسسة.

على المستوى السياسي، فقد دعمت دولة الإمارات الشعب الليبي من أجل نزع فتيل التوترات فيه، وعززت مسار العملية السياسية بما يحقق السلام والأمن والتنمية، وأكدت أن العملية السياسية هي الخيار الأول والوحيد لإرساء الأمن والاستقرار في ليبيا، مع أهمية الالتزام بالحوار واتخاذه سبيلاً لحل الخلافات بين الفرقاء، ودعم جهود اللجنة الليبية المشتركة (6+6) لصياغة القوانين الانتخابية تمهيداً لإنهاء المراحل الانتقالية في البلاد، في مطالب أكدت عليها دولة الإمارات بشكل مستمر إبان عضويتها في مجلس الأمن.

وبالعودة إلى الجانب الإنساني الذي يتمثل في احتياجات الشعوب؛ فدولة الإمارات تبني مشاريع تنموية لكل من يحتاج إليها وهي تجسد هذه (السياسة الإنسانية) في ثقافة التسامح والتعايش التي تنتهجها الدولة، ما عزز مكانتها على الساحة الدولية، ولنا في تأسيس اللجنة الإماراتية لتنسيق المساعدات الإنسانية الخارجية، بموجب قرار مجلس الوزراء الصادر في عام 2014 خير دليل على ذلك.

إن ما تقوم به دولة الإمارات اليوم مع شقيقتها ليبيا ما هو إلا تجسيد للرؤية الإنسانية التي تهدف لتخفيف حدة الوضع الصعب الذي يعيشه الشعب الليبي.

لقد حمل شهر يناير/كانون الثاني منذ ساعاته الأولى الكثير من المشروعات الإماراتية للشقيقة ليبيا؛ بالإعلان عن مراسم توقيع عقود لمشاريع بنية تحتية بين "صندوق إعمار ليبيا" وشركة "غلوبال كونتراكنتج" الإماراتية، بهدف إعادة إعمار المناطق المتضررة بعد السيول المدمرة التي خلفها الإعصار الذي أودى بحياة عشرات الآلاف.

اليوم، ستعيد الشركات الإماراتية تجديد البنية التحتية لمدينة درنة، وستنشئ محطات معالجة لمياه الصرف الصحي، وستشرف على إقامة سدود "تعويقية" في الوادي، بالإضافة إلى إقامة قناة متكاملة لمجرى الوادي، بعد أن تسببت بعض الشركات الليبية في عهود سابقة بإقامة مشاريع لم تكن مجدية، في المدينة الساحلية.

وستقوم الشركات الإماراتية بتنفيذ مشروع "حاجز الأمواج" الذي سيحافظ على الوجهة الساحلية لمدينة درنة. وكان سبب تكليف هذه الشركات الإماراتية كما أوضحت الحكومة الليبية في بيانها هو ذلك التصور المكتمل الذي قدمه الوفد الإماراتي في رؤية واضحة لإعادة الإعمار للمناطق المتضررة وفق ترتيب لأولويات إعادة الإعمار ومعالجة أسباب انهيار وادي المدينة وشبكات المياه والصرف الصحي ومحطات التحلية وفق مواصفات حديثة وعالمية، كما ورد في بيان الحكومة.

إن دولة الإمارات العربية المتحدة منذ أن قامت وهي تقدم الدعم غير المشروط لأشقائها في الإنسانية بهدف إنقاذ الأرواح وتخفيف معاناة الشعوب وحماية الإنسان خلال الأزمات والطوارئ وهي تشكل داعماً رئيسياً لجهود تعزيز الأمن والاستقرار في العالم.

إن برامجها التنموية ومبادراتها لكل دول العالم وما تهدف إليه من خير وسلام للبشرية، يجعلها تقود جهود العمل الإنساني الذي أكسبها التقدم في المحافل الدولية؛ فهي تعتبر صاحبة تجربة تعتمد على مبدأ عالمي يسمى "استمرارية التأثير"، فأعمال الإغاثة التي تقوم بها تكون متزامنة مع مشاريع تنموية تصب في مصلحة تلك الشعوب وتوفر لها الموارد التي تحسن ظروفها المعيشية.

وليس أدل على ذلك، مما أعلنته دولة الإمارات خلال شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي عن مشاركتها في تمويل الصندوق الائتماني للنمو والحد من الفقر بمبلغ يقدر بـ200 مليون دولار.

لقد كانت معاناة الشعب الليبي على مدى السنوات الماضية مرهقة لكاهله على مختلف الصعد، فالخدمات الأساسية دمرت، وخيوط الأزمة تبعثرت، وكانت الأوضاع الإنسانية مثيرة للشفقة، إلا أن دولة الإمارات تعيد اليوم البسمة إلى شفاه الأشقاء في ليبيا، وتدعم الحل السياسي الذي أثبتت الأيام أنه الأنسب والوحيد لانتهاء مآسي هذا الشعب العربي الأفريقي الذي أنهكته الحروب، إضافة إلى بدء دولة الإمارات إعمار مدينة درنة في رؤية متكاملة لا يملكها إلا القليل من القوى الاقتصادية في العالم.

عن "العين" الإخبارية



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية