إيران تجس نبض المغرب... ما شروط الرباط لتطبيع العلاقات مع طهران؟

إيران تجس نبض المغرب... ما شروط الرباط لتطبيع العلاقات مع طهران؟

إيران تجس نبض المغرب... ما شروط الرباط لتطبيع العلاقات مع طهران؟


05/07/2023

"خطوة مفاجئة" تلك التي أعلن عنها وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، بعدما عبّر عن رغبة بلاده في "تطبيع العلاقات مع المملكة المغربية"، التي تم قطعها عام 2018 بسبب ما تُسمّى جبهة البوليساريو.

نجاح الوساطة الصينية في التقريب بين طهران والرياض، وتعزيز علاقاتها الدبلوماسية مع الإمارات، فتح شهية الإيرانيين للسعي وراء تصفير مشاكلهم مع العالم العربي، مصوبين أنظارهم نحو المملكة المغربية.

الـ (20) عاماً الماضية كانت مليئة بالعواصف والأعاصير بين البلدين، وقد قامت الرباط مرات متعددة باستدعاء سفيرها في طهران للتشاور، أو طلبت من السفير الإيراني المعتمد لديها أن يقدّم لها توضيحات حول تصريحات، أو مواقف منسوبة إلى القيادة الإيرانية، رأتها عدائية نحوها، أو اعتبرتها غير مناسبة أو مقبولة.

من جانبهم، عبّر الإيرانيون مرات عدة عن الأسف لما وصلت إليه تلك العلاقات من تدهور وانحدار، خصوصاً بعد إقدام الرباط وفي مناسبتين في 2009 ثم في 2018 على قطعها.

تصريحات وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، خلال لقاء جمعه بسفراء الدول الإسلامية لدى طهران، نقلتها وكالة (إرنا) الرسمية قبل أيام، حول تأييد طهران لفكرة تطبيع وتطوير العلاقات الثنائية مع الرباط، هذه التصريحات مؤشر واضح للمرحلة المقبلة وللمساعي الإيرانية التي لم تقابل بأيّ ردود رسمية من الجانب المغربي.

تصريحات وزير الخارجية الإيراني حول تأييد طهران لفكرة تطبيع العلاقات الثنائية مع الرباط، مؤشر واضح للمرحلة المقبلة وللمساعي الإيرانية

وقد تمسك وزير الخارجية الإيراني بأنّ "تحسين العلاقات مع الدول المجاورة والمسلمة يُعدّ من الأولويات الدبلوماسية لحكومة بلاده الحالية".

وبعد أن أبدى عبد اللهيان سعادته "بإعادة العلاقات بين السعودية وإيران إلى مجراها الطبيعي عبر المفاوضات والقنوات الدبلوماسية"، أعرب عن أمله أيضاً في تطوير وتطبيع العلاقات مع الدول الأخرى في المنطقة والعالم الإسلامي، بما في ذلك المغرب.

ويرى مراقبون نقلت عنهم شبكة (الإندبندنت) أنّ "هذه التصريحات رسالة موجهة إلى الرباط لاستشعار مدى تفاعلها مع إبراز حسن النية الإيرانية هذه، غير أنّها تتطلب أفعالاً على أرض الواقع".

ووفق مصدر دبلوماسي مقرّب من ملف العلاقات المغربية الإيرانية، طلب عدم الكشف عن هويته لعدم تخويله الحديث إلى الإعلام، علّق على هذا الأمر بالقول: إنّ "النوايا والتصريحات شيء، والتطبيق العملي شيء آخر".

نجاح الوساطة الصينية في التقريب بين طهران والرياض، وتعزيز علاقاتها الدبلوماسية مع الإمارات، فتح شهية الإيرانيين للسعي وراء تصفير مشاكلهم مع العالم العربي

 

وقال المصدر ذاته: إنّ قطع المغرب علاقاته مع إيران عام 2018 كان له مسوغات سياسية منطقية وقوية لا يمكن تغافلها؛ أبرزها دعم ميليشيات "حزب الله" اللبناني المدعوم من طهران لجبهة البوليساريو المعادية للوحدة الترابية للمغرب.

وتبعاً للمتحدث نفسه، فإنّه "ما دام هذا المعطى قائماً، ولم تتراجع طهران عن التدخل في الشؤون الداخلية للمغرب، وعن دعم وتسليح جبهة البوليساريو بطريقة أو بأخرى، فإنّه لا يمكن منطقياً الحديث عن مصالحة دبلوماسية محتملة".

في المقابل، سبق للخارجية الإيرانية أن نفت رسمياً في أيار (مايو) 2018 اتهامات المغرب لها بتسهيل عمليات إرسال أسلحة إلى جبهة البوليساريو، عقب قرار قطع الرباط علاقاتها الدبلوماسية مع طهران، موردة أنّه "من أهم مبادئ السياسة الخارجية لإيران احترام سيادة الدول وأمنها، وعدم التدخل في شؤونها الداخلية".

إذا لم تتراجع طهران عن التدخل في الشؤون الداخلية للمغرب، وعن دعم وتسليح جبهة البوليساريو، فإنّه لا يمكن الحديث عن مصالحة دبلوماسية محتملة

 

وفي غياب ردٍّ رسمي من المغرب في الوقت الحالي، يرى عدد من المتابعين للعلاقات المغربية الإيرانية أنّ تصريحات وزير الخارجية الإيراني جاءت لجسّ نبض الرباط، وفق ما أورده موقع (أخبار 21)، لافتين إلى أنّ العلاقات مرتبطة بجبهة البوليساريو، وبتغيير إيران موقفها منها، والتوقف عن دعمها عبر ذراعها حزب الله اللبناني.

وفي السياق، رأى رئيس المرصد المغاربي للدراسات السياسية الدولية حسين كنون أنّ "ما عبّر عنه عبد اللهيان هو موقف طهران التي تريد بقوة تعزيز العلاقات في الوقت الحالي مع دول العالم، خاصة الإسلامية". 

وأضاف كنون في تصريح صحفي لـ (هسبريس) أنّ "العقيدة الدبلوماسية للمغرب ترغب دائماً في مدّ يد التعاون لجميع الشركاء الدوليين، غير أنّ ذلك يجب أن يأتي مع احترام الوحدة الترابية للمملكة، وهو الأمر الذي وضّحه العاهل المغربي في خطابه".

وأورد رئيس المرصد المغاربي للدراسات السياسية الدولية أنّ "النية المغربية الحسنة تجاه طهران قبل 2018 كانت تأتي في ظل دعم إيراني للبوليساريو عبر حزب الله"، مشدداً على أنّ “المملكة لن تتساهل حيال هذا الأمر الذي يهدد أمنها القومي".

حسين كنون: السعودية هي الدولة التي من الممكن أن تلعب دور الوساطة بين الرباط وطهران، لأنّها الأكثر أهلية لذلك

وحول الدول التي من الممكن أن تلعب دور الوساطة بين الرباط وطهران، بيّن المتحدث نفسه أنّ "السعودية هي الدولة الأكثر أهلية لذلك، نظراً لمصداقية دبلوماسيتها، وحرصها الدائم على تطبيق وعودها تجاه المغرب".

وفي سياق متصل، كشفت مصادر دبلوماسية لـ (عربي بوست) أنّ المغرب ينهج سياسة اليد الممدودة للجميع، شرط أنّ كلّ طرف أجنبي عليه احترام سيادة المغرب، وعدم السعي في طريق تقسيم المملكة.

وقال المصدر نفسه الذي فضّل عدم ذكر اسمه: "استمعنا لتصريح وزير الخارجية الإيراني نهاية الأسبوع الماضي، والمملكة لديها بالتأكيد شروط لاستئناف العلاقات مع طهران، أهمها عدم دعم ميليشيات البوليساريو".

وأضاف المصدر الدبلوماسي في حديثه: يجب على إيران أن تفهم أنّ المغرب لا يُساوم في قضية الصحراء، التي يراها مغربية، ويقترح حلّاً أممياً، وهو الحكم الذاتي تحت سيادة المغرب.

مراقبون: هذه التصريحات رسالة موجهة إلى الرباط لاستشعار مدى تفاعلها مع إبراز حسن النية الإيرانية، إلّا أنّها تتطلب أفعالاً على أرض الواقع

 

وكانت العلاقات بين المغرب وإيران قد عرفت توافقاً سياسياً منذ عهد الملك المغربي السابق الحسن الثاني، وشاه إيران الراحل محمد رضا بهلوي، قبل أن تنقطع هذه العلاقات مباشرة بعد الثورة الإسلامية التي شهدتها إيران نهاية السبعينيات.

وقطعت العلاقات رسمياً بين الرباط وطهران عام 1981، بعد إعلان إيران دعمها لجبهة البوليساريو التي تتنازع مع المغرب على إقليم الصحراء، مقابل ذلك منحت الرباط حق اللجوء السياسي لشاه إيران المخلوع محمد رضا بهلوي.

بعدها بـ (10) أعوام، عادت المياه إلى مجاريها بين المغرب وإيران، وتم افتتاح السفارة الإيرانية بالرباط بشكل رسمي، وذلك بعد تراجع طهران عن الاعتراف بـ "الجمهورية الصحراوية"، التي تُريد البوليساريو قيامها.

واستمر تطبيع العلاقات بين المغرب وإيران (18) عاماً، ثم عاد التوتر مجدداً، وفي عام 2009 قرر المغرب قطع العلاقات، ثم أعادها عام 2015، ليعيد قطعها عام 2018؛ والسبب دائماً: دعم طهران لجبهة البوليساريو عبر إرسال الأسلحة.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية