اتفاق سري بين بايدن ورجل خامنئي

اتفاق سري بين بايدن ورجل خامنئي

اتفاق سري بين بايدن ورجل خامنئي


25/09/2023

كاميليا انتخابي فرد

زار إبراهيم رئيسي الولايات المتحدة للعام الثاني على التوالي ليبعث من خلال مشاركته في أعمال الجمعية العامة الـ78 في الأمم المتحدة أن إيران تمر بوضع عادي وأن حكومتها والشعب يعيشان أوضاعاً هادئة.

وكان الرئيس الأميركي جو بايدن قد أقدم على صفقة تبادل المختطفين تزامناً مع أسوأ يوم في التاريخ السياسي المعاصر لأميركا - أي الـ11 من سبتمبر (أيلول) - الذي يذكر بالإرهاب والعنف والرعب، كما أن حكومة بايدن أذعنت إلى "سيناريو رئيسي" الذي أصر على تحرير الرهائن ومغادرتهم إيران تزامناً مع وصوله إلى مطار جون أف كندي في نيويورك لكي يكتمل مشروع الحكومة الإيرانية في الـ18 من سبتمبر الجاري.

الإدارة الأميركية سبق وروجت لتحرير الرهائن الخمس، وتباهت بأن مبلغ الستة مليارات المحررة لم يكن تنازلاً أمام طهران، بل هي أموال النفط الإيرانية، ومن المقرر إنفاقها على أهداف إنسانية.

نعرف أن إيران بلد غني ونظامها يتفنن في اللعب على العقوبات الدولية وأدت هذه العقوبات، وكذلك أزمة شرعية النظام إلى تشكيل أكبر مركز للفساد المالي والإداري في البلاد.

لم نكن في حاجة إلى تأييد المسؤولين في إدارة بايدن لكي نطمئن بأن الأموال المحررة تنفق لحاجات الشعب الإيراني. الحكومة الإيرانية ستعمل لإنفاق هذه الأموال فعلاً من أجل شراء ما يحتاج إليه الشعب، لكنها في المقابل تنفق من صندوق العملة الصعبة الذي تدخر فيه أموالاً من خلال الالتفاف على طرق بيع النفط لباقي أهداف النظام.

وقد نشرت وكالة "بلومبيرغ" في مطلع الشهر الجاري تقارير عن ارتفاع نسبة بيع النفط الإيراني، وذكرت أن هذا التطور بخاصة منذ بداية الصيف، كشف عن نتائج إدارة بايدن في التعامل مع إيران وغض الطرف عن المقاطعات النفطية المفروضة على النظام الإيراني.

وقد نبه التقرير إلى أنه "بعد أشهر من الدبلوماسية السرية بين المسؤولين الإيرانيين وممثلي إدارة بايدن، وصل الطرفان إلى صفقة تبادل السجناء وتحرير الأموال المجمدة، ومن المحتمل إيجاد تغيير في برنامج تخصيب اليورانيوم، لكن يبدو أن البيت الأبيض ومن خلال غض الطرف عن المقاطعات سمح للنظام في طهران بالوصول إلى العملة الصعبة من خلال بيع النفط".

وأضافت "بلومبيرغ" أن المسؤولين الأميركيين أكدوا في اجتماعات خاصة أن إدارة بايدن عملت على تقليل المقاطعات النفطية المفروضة ضد إيران، لذلك يبدو أن الصفقة لم تقتصر على تحرير الرهائن من إيران ورفع الحظر عن الأموال الإيرانية المجمدة فحسب، بل هناك اتفاق سري لغض الطرف عن الحظر النفطي المفروض على إيران، وعلى هذا الأساس وصلت الصادرات النفطية الإيرانية ذروتها مقارنة بخمسة أعوام ماضية.

الوكالة أوضحت أنه بناءً على المعلومات الواردة من الشركات المعنية بتتبع حركة الملاحة البحرية فإن النظام الإيراني أقدم على بيع ما يصل إلى مليونين و200 برميل نفط يومياً خلال شهر سبتمبر (أيلول) الجاري، فيما تعد الصين على رأس قائمة زبائن طهران.

هذا التغيير الملموس في استراتيجية حكومة بايدن أدى إلى خضوع إيران إلى سيناريو تحرير الرهائن الأميركيين.

ويرى المراقبون أنه نظراً إلى أن الانتخابات الرئاسية الأميركية ستعقد في الخامس من نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، فإن ذلك لن يترك تأثيراً في الحملة الانتخابية وحظوظ الحزب الديمقراطي، لذلك أقدم بايدن على هذه الخطوة في فترة بعيدة من موعد الانتخابات، لكن بايدن لا يهدف إلى استغلال موضوع تحرير الرهائن نفسه، بل يرغب بمنع ارتفاع أسعار النفط واحتوائها، إذ تؤثر بشكل كبير في الناخب الأميركي.

الجزء الدعائي للصفقة تركه بايدن للنظام الإيراني الذي لم يدخر أي جهد للترويج بأنه انتصر على الشيطان الأكبر، وقد استمرت الحملة الدعائية الإيرانية أكثر من أسبوع ولم تتطرق أبواق النظام إلى التنازلات التي منحها المسؤولون إلى الولايات المتحدة.

الظروف التي خلقتها الإدارة الأميركية من خلال غض الطرف عن الصادرات الإيرانية ستجعل النظام الإيراني يرفع نسبة بيع النفط إلى ثلاثة ملايين و600 ألف برميل يومياً حتى نهاية العام الميلادي الحالي، وبذلك سيتمكن النظام من متابعة أهدافه الإقليمية، وكذلك توفير فرص قمع الشعب في الداخل من خلال هذه التسهيلات، إضافة إلى حصوله على ستة مليارات دولار، وكذلك ما يرد من حديث حول قرب تسلم طهران قيمة ديون منحها للعراق في فترات سابقة.

من المقرر استخدام هذه الأموال لسد حاجات مثل شراء الدواء (على رغم الشكوك التي تحوم على هذه النية)، وسيستغل النظام ما تبقى من موارد النفط على استمرار الحكم المستبد وأهدافه الإقليمية والعنف ضد المواطنين وبث الرعب والاعتقالات غير القانونية.

الاتفاق السري بين حكومة بايدن وإبراهيم رئيسي يبدو أنه يتعلق ببدء التنافس الانتخابي في الولايات المتحدة، العام المقبل، من خلال العمل على تثبيت أسعار النفط وعدم تأثيرها داخلياً على الأسواق الأميركية وأن غض الطرف عن المقاطعات أو تقليل حدتها استراتيجية جديدة تتبعها إدارة البيت الأبيض بقيادة بايدن.

يبدو أن إدارة بايدن ستتبع خطة التعامل مع النظام الإيراني حتى الانتخابات القادمة، وستلتزم الوعود التي قطعتها لطهران في مايو (أيار) الماضي، لكن المؤشرات في الساحة الأميركية تشي بهزيمة الرئيس الديمقراطي في انتخابات عام 2024 وستتراجع آمال النظام الإيراني على هذا الأساس.

عن "اندبندنت عربية"




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية