احتفاء بمسلسل "تحت الوصاية" وتحركات لتغيير القانون بمصر.. فهل ينجح؟

احتفاء بمسلسل "تحت الوصاية" وتحركات لتغيير القانون بمصر.. فهل ينجح؟

احتفاء بمسلسل "تحت الوصاية" وتحركات لتغيير القانون بمصر.. فهل ينجح؟


20/04/2023

بالرغم من حالة الهجوم المكثف عليه، قبل عرضه خلال الموسم الرمضاني الجاري، نجح مسلسل "تحت الوصاية" للفنانة المصرية منى زكي في سحب بساط التميز بمقدمة الأعمال الدرامية خلال هذا الموسم، ليس فقط من حيث الفكرة الجديدة، والأداء التمثيلي الذي يصفه النقاد بأنّه "رائع"، وإنّما القضية التي يطرحها العمل كانت قد أثارت أيضاً حالة من الجدل، وأحدثت صدى لدى الأوساط القانونية التي شهدت تحركات خلال الأيام الماضية لتغيير القانون لصالح الأمهات "الأرامل"، بما يكفل لهنّ حق الوصاية كاملاً على الأبناء.

وتدور قصة المسلسل، الذي يُعرض على مدار (15) حلقة خلال النصف الثاني من شهر رمضان الجاري، حول العقبات التي تواجه الأم المعيلة بعد موت الزوج؛ بسبب أنّ القانون المصري لا يمنحها الحق في الوصاية المالية على الأبناء القُصّر، إذا كان الجد على قيد الحياة، ويمنحه منفرداً الحق في الوصاية المالية والقانونية على كافة ما يخص الأبناء، وخلال المسلسل يظهر العديد من القصص المأساوية التي تواجهها الأم (منى زكي)، في سبيل توفير حياة كريمة لأبنائها بعيداً عن تحكمات الجد والعم. 

جدل قبل العرض

بالعودة قليلاً إلى ما قبل بداية شهر رمضان، وتزامناً مع الإعلان عن الملصق الرسمي للمسلسل، دشن عدد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي حملة هجوم شرسة على بطلة العمل وجميع صنّاعه، واتهموهم بمحاولة تشويه صورة الحجاب والمرأة المحجبة، بسبب ظهور منى زكي على الملصق الدعائي بملامح مجهدة وحجاب اعتبروه غير منسق.

في المقابل، دافع الكثيرون عن العمل بشكل مسبق، خاصة بعد أن تحدث صنّاعه عن تفاصيل القصة وطبيعة الشخصية التي تلعبها البطلة، وهي لامرأة تعاني ظروفاً اجتماعية صعبة للغاية، وتضطر للعمل بمهنة صعبة "الصيد" بعد وفاة زوجها، وتواجه ضغوطاً وتحديات اجتماعية كبيرة من أجل توفير حياة مستقرة لأسرتها، لذلك من الطبيعي أن تبدو ملامحها مجهدة وغير منمقة.

احتفاء شديد منذ عرض الحلقات الأولى

سرعان ما تلاشت حالة الجدل وتحولت إلى احتفاء كبير من جانب النقاد والكتّاب مع بداية عرض الحلقات الأولى من المسلسل في النصف الثاني من رمضان، خاصة أنّ القصة جاءت متماسكة وجاذبة للجمهور منذ الحلقة الأولى، على حدّ وصفهم.

وقد أشاد وزير الإعلام المصري السابق أنس الفقي بالعمل، ودعا إلى ضرورة تكثيف الأعمال التي تناقش القضايا الاجتماعية، وتطرح المشكلات المجتمعية، وتسهم بشكل كبير في رفع وعي المجتمع، كما تمثل تنبيهاً لمنظومة القانون من أجل التعديل بما يتناسب مع تحقيق العدالة.

أنس الفقي: "تحت الوصاية" نجح في تناول قضية عدم أحقية الأم في الوصاية على أولادها بعد وفاة زوجها، واستخدم طاقة التأثير الهائلة والمتناهية التي تمتلكها منى زكي، فاكتسب تعاطف المشاهد معها منذ أول وهلة

 

وكتب الفقي عبر صفحته الرسمية على "فيسبوك": "لا أميل إلى المقارنة بين الأعمال، ولكن كلا العملين، "حضرة العمدة "و "تحت الوصاية"، فرضا علينا المقارنة، فكلاهما دراما ذات توجه ورسالة اجتماعية، حضرة العمدة يسلط الضوء على قضية تمكين المرأة وسلسلة من الآفات الاجتماعية في ريفنا مثل ختان الإناث وزواج القاصرات والهجرة غير الشرعية وغيرها، ولكنّه تعامل مع الأمر بنهج صريح وواضح ومباشر أخذ المسلسل في معظم الأحيان إلى منحى التلقين والتوجيه والإرشاد".

وتابع: "أمّا تحت الوصاية، فقد نجح في تناول قضية عدم أحقية الأم في الوصاية على أولادها بعد وفاة زوجها، واستخدم طاقة التأثير الهائلة والمتناهية التي تمتلكها منى زكي، فاكتسب تعاطف المشاهد معها منذ أول وهلة، وجاءت الرسالة ضمناً بين السطور، ولكنّها تسللت إلى عقل وقلب المشاهد من خلال معاناة الأم التي جسدتها بمهارة فائقة واقتدار الرائعة منى زكي".

وأضاف: "دراما قادرة على تغيير مفاهيم وتعديل قوانين... رأينا ذلك قديماً في "أريد حلّاً"، والعام الماضي في "فاتن أمل حربي"، والآن في "حضرة العمدة"، و"تحت الوصاية"... نريد مزيداً من دراما تغيير العقل الجمعي".

 جدلية الفن والتدين

ميزة أخرى للمسلسل أشار إليها الدكتور خالد عاشور، كاتب مصري، حول المسلسل تتعلق بالتطرق إلى جدلية المعالجة الفنية للتدين السطحي.

 ويقول عاشور عبر صفحته على "فيسبوك": إنّ مسلسل تحت الوصاية يلعب على ثيمة هي الأصعب من حيث التناول الدرامي، وهي جدلية الفن في مقاومة التدين السطحي لدى العامة، ومحاولة تصحيح مفاهيمه التي ما زالت مقتصرة على نظرة بعيدة تأتي من الماضي، منوّهاً إلى أنّ "الفن يحتاج إلى العقل لكي يقتحم حقل ألغام التدين التي يخشاها المجتمع والدولة ومؤسساتها".

🎞

 ويضيف: "في كل حلقة يصنع مخرج العمل محمد شاكر خضير لوحات فنية تستحق الدراسة، لأنّها لا تقتصر على تقديم عمل فني بقدر ما هي تلقي حجراً في بركة من الأعراف والمفاهيم المغلوطة".

 تحركات برلمانية لتعديل قانون الوصاية

لم تقتصر أصداء العمل الدرامي على النقاد والمفكرين، ولا النجاح الجماهيري فقط، لكنّها امتدت إلى الدوائر القانونية والتشريعية في مصر، فقد بدأت تحركات سريعة من جانب أكثر من جهة للمطالبة رسمياً بتعديل قانون الوصاية.

 وطالبت النائبة ريهام عفيفي عضو مجلس الشيوخ المصري بضرورة إجراء تعديلات على قانون الولاية على المال والصادر منذ خمسينيات القرن الماضي، وأكدت أنّ قانون الولاية على المال والجاري العمل به يواجه العديد من القصور التشريعي.

 وأشارت، بحسب صحف محلية، إلى أنّها تعكف حالياً على إعداد طلب مناقشة موجّه إلى المستشار عمر مروان وزير العدل بمصر، وسيتم تقديمه عقب إجازات الأعياد، ويتضمن ضرورة تعديل قانون الولاية على المال والصادر في عام 1952، خاصة أنّه لم يعد يتناسب مع هذا العصر.

خالد عاشور: المسلسل يلعب على ثيمة هي الأصعب من حيث التناول الدرامي، وهي جدلية الفن في مقاومة التديّن السطحي لدى العامة، ومحاولة تصحيح مفاهيمه التي ما زالت مقتصرة على نظرة بعيدة تأتي من الماضي

 ومن جهته، قال المحامي المصري أيمن محفوظ: إنّ مسلسل "تحت الوصاية" يناقش قضية مهمّة هذا العام، وهي طبيعة الوصاية على الأطفال بعد وفاة الأب، فالأم ليست هي المرشحة الأولى لتولي تلك المهمة، والجد للأب هو المرشح الأول، ولكن في أغلب الأحوال يتنازل الجد عن الوصاية للأم.

 وأكد أنّه في النهاية التنظيم القانوني للوصاية في مصر يحتاج إلى تعديل طفيف، وهو أن تكون الأولوية في الوصاية للأم دون والد الزوج؛ لأسباب تتعلق بمصلحة الطفل وأمواله، بحسب شبكة "سكاي نيوز".

 وأضاف: "دون ذلك، فإنّه قد يكون الأمثل في القوانين التي تتعلق بالنزاعات الأسرية عموماً، كما أنّ الرقابة القضائية على أموال القاصر تُعدّ ملائمة تماماً للحفاظ على حقوق الطفل وإدارة أمواله من خلال نظام في منتهى الدقة والتنظيم".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية