اصطدام التّطبيع الإيراني مع الخليج العربي بالحدود البحريّة

اصطدام التّطبيع الإيراني مع الخليج العربي بالحدود البحريّة

اصطدام التّطبيع الإيراني مع الخليج العربي بالحدود البحريّة


20/07/2023

خالد العزي

 أيدت المملكة العربية السعودية رفض الكويت الاعتراف بالمطالبات الإيرانية بمخزونات الغاز المتنازع عليها في الخليج العربي. وقال دبلوماسيون سعوديون إن للرياض والكويت حقوقًا حصرية في حقل الدرة (الاسم الإيراني - أراش)، رغم أن طهران تطالب بنصيب فيه منذ فترة طويلة. وكانت إيران قد أعلنت أنها مستعدة لبدء الحفر من جانب واحد في المنطقة المتنازع عليها، ما يدعو إلى التشكيك في إمكان استمرار الاتفاق الإيراني السعودي بشأن اتفاق إعادة الاتصالات الموقع برعاية الصين.

وحددت وكالة الأنباء السعودية (واس) موقف الرياض، إذ طالب مصدر مسؤول في الخارجية السعودية طهران بالتفاوض على ترسيم الحدود البحرية في منطقة الدرة، مشيراً إلى أن الثروات الطبيعية في المنطقة البحرية التي تسبب تناقضات ثلاثية هي ملك مشترك للسعودية والكويت. 

وأيدت الرياض موقف شريكتها في مجلس التعاون لدول الخليج العربي. وقال وزير النفط ووزير الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمارات الكويتية سعد البراك، إن شهية طهران الإقليمية تتعارض مع المبادئ الأساسية للعلاقات الدولية. وأضاف: "إننا نرفض رفضًا قاطعًا وكاملًا الإجراءات الإيرانية المخطط لها حول منطقة حقل الغاز البحري".

هذا الحقل سيكون اختبارًا للصدقية السياسية الإيرانية وللاتفاقية التي وقعتها طهران والرياض في بكين، والتي أكدت في مضمونها عدم تدخل أي دولة بشؤون الدول الأخرى، والتفاوض عن طريق الدبلوماسية، فهل ستعمد إيران إلى استخدام القناة الدبلوماسية للوصول إلى حل مقبول للجميع، أم أنها لن تكون قادرة على استخدام هذه الطرق، لأنها ما تعودت يومًا، مع المحور العربي، على هذه الأدوات، بل استخدام الخلايا النائمة لزعزعة الاستقرار.

لقد شكلت هذه التصريحات تحولًا كبيرًا في موقف الكويت بالنظر إلى أن الإمارة حافظت تاريخيًا على سياسة الحياد في النزاعات حول الخليج العربي، وهذا ما جعلها وسيطًا جذابًا في حالات الصراع.

وتشير صحيفة "نيزافيسيمايا غازيتا" الروسية الصادرة بتاريخ 5 تموز (يوليو) إلى أنه ربما حفزت الاحتكاك كلمات محسن خوجاسته مهر، الرئيس التنفيذي لشركة النفط الوطنية الإيرانية. وكان قد أعلن أخيرًا أن عملاق النفط والغاز الذي يترأسه بدأ الاستعدادات الكاملة لبدء العمل في منطقة الدرة، مؤكدًا أنه تم تخصيص موارد كبيرة من أجل تنفيذ خطة التنمية لهذا المجال

ونقلت صحيفة "الجريدة" الكويتية عن مصدر في شركة النفط الوطنية الإيرانية، أن "طهران اتخذت مثل هذا القرار بسبب عدم قدرة الرياض والكويت على التفاوض".

يقع الحقل الذي اكتُشف في الستينات من القرن الماضي في منطقة محايدة في الخليج العربي. لكن اللاعبين الإقليميين حاولوا مرارًا وتكرارًا حل النزاع على ملكية موارده من جانب واحد. وإذا تم ترسيم الحدود بين المملكة العربية السعودية وإيران، فإن الكويت وإيران بدورهما لديهما مطالب بحرية متعارضة. وهذا ينطبق أيضًا على حصة الإمارة في المنطقة المحايدة. واتهمت الكويت طهران بمحاولة غزو المنطقة المتنازع عليها.

اختلفت السعودية والكويت مرارًا بشأن إدارة حقل الدرة حتى توصلتا إلى مذكرة تفاهم بشأن النفط والغاز في 2019، وتوصلتا العام الماضي إلى اتفاق لاستغلال الحقل المتنازع عليه، لكن قوبلت اتفاقيات الدولتين بالعداء من الإيرانيين، ووصف الممثل الرسمي لوزارة الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زاده الصفقة بأنها غير قانونية، وأوضح أن الكلمة الأخيرة ستكون لطهران في النزاع. ومن المتوقع أن يصل الإنتاج في منطقة الدرة إلى مستوى 28.3 مليون متر مكعب من الغاز الطبيعي، وكذلك 84 ألف برميل من مكثفات الغاز يوميًا. ولا يمكن لثلاث دول منخرطة في نزاع إقليمي أن تتجاهل احتياطيات الغاز هذه. لكن احتياجات الكويت تبدو ملموسة بشكل أكبر، وفقًا لتقرير صادر عن معهد الخليج العربي ومقره واشنطن في العام الماضي. وحددت إدارة مؤسسة البترول الكويتية خططًا لزيادة الإنتاج من 1.4 مليون متر مكعب إلى 2.8 مليون متر مكعب. 

وتلفت الصحيفة الروسية إلى أن الخلاف السابق بين الكويت والسعودية حول المنطقة المحايدة، والذي يمكن وصفه بأنه ضئيل نسبيًا، نظرًا إلى وقوعها بين الشريكين في مجلس التعاون الخليجي، تطلب جهودًا مدتها ست سنوات لحلها، ويعتقد الخبراء: من غير المرجح أن تتخلى الكويت عن اعتراضاتها، الأمر الذي سيخلق مواجهة بين إيران ودول مجلس التعاون الخليجي.

ويعتبر النزاع المتجدد ذا أهمية خاصة في ما يتعلق بالواقع السياسي المتغير في منطقة الخليج العربي. وأعادت الكويت العلاقات الثنائية مع إيران في عام 2022، بينما قررت المملكة العربية السعودية رفع تجميد الاتصالات مع الجمهورية الإيرانية في الثالث آذار (مارس) من هذا العام من خلال وساطة الصين. واعتبر المحللون الصفقة الأخيرة بمثابة خطوة كبيرة في تفادي الصراع الإقليمي. لكن التصريحات القاطعة حول الدرة توحي بأنه حتى صفقة سلام رفيعة المستوى لا تزيل كل القضايا الصعبة.

عن "النهار" العربي




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية