الإخوان المسلمون: فوضى في تونس وعلامات استفهام في أوروبا

الإخوان المسلمون: فوضى في تونس وعلامات استفهام في أوروبا


21/02/2022

في تونس، حاولت حركة النهضة الإخوانية دفع أنصارها نحو التظاهر أكثر من مرة، من أجل مواجهة قرارات الرئيس قيس سعيّد، وآخرها حل المجلس الأعلى للقضاء، لكنّها واجهت غضباً شعبياً هائلاً، وسط مطالبات بالإسراع في وتيرة التحقيقات الجارية، حول تورط الحركة الإخوانية في عمليات اغتيال.

وفي الجزائر، ضرب عبد الرزاق مقري، رئيس حركة مجتمع السلم (حمس) الإخوانيّة، عرض الحائط بمصالح بلاده، وتجاوز الخطوط الحمراء عندما هاجم علاقات بلاده المتزايدة مع تونس. وفي أوروبا، تواصل مراكز الدراسات، والدوريات ذات الصلة في أوروبا، إطلاق صيحات التحذير، وعلامات الاستفهام، حول أنشطة التنظيم الدولي للإخوان في القارة العجوز

إخوان تونس ومحاولات الخروج من النفق الضيق

تواصل حركة النهضة الإخوانية، محاولات الخروج من النفق السياسي الضيق، الذي أصبحت فيه بسبب سياساتها العشوائيّة، وأخطائها الكارثيّة، طيلة العشرية الماضية لها في السلطة، لكنها باتت تصطدم مرة تلو الأخرى بالغضب الشعبي، وكذلك بالإجراءات التي يقوم بها الرئيس قيس سعيّد، وكان آخرها حل المجلس الأعلى للقضاء، ما يعني شل الحركة عبر قطع أذرعها النافذة في السلطة.

من جهتها، حاولت الحركة دفع أنصارها للتظاهر أكثر من مرة، وكان آخرها دعوة "كل القوى الوطنية، للمشاركة بقوة في وقفة احتجاجية، بشارع محمد الخامس، أمام مدينة الثقافة". وذلك بالتحالف مع أدواتها الخفية المتمثلة في حركة "مواطنون ضد الانقلاب"، وتنسيقية المبادرة الديمقراطية.

 

اقرأ أيضاً: "النهضة" في مرمى نيران هيئة الدفاع عن بلعيد... العويني: الإخوان يتجسسون على التونسيين

وفي المقابل، خرجت تظاهرات شعبية حاشدة، الأسبوع الماضي، في ساحة الشهيد محمد الإبراهيمي، في حي الغزال بالعاصمة، للمطالبة بالقصاص من قتلة بلعيد والإبراهيمي، حيث وجه المتظاهرون الاتهام إلى حركة النهضة، قبل أن يحدث تطور نوعي في التحركات الاحتجاجيّة، باستهداف مقر إقامة راشد الغنوشي، حيث هتف المتظاهرون من أمام منزله: "قتلوا أطفالنا .. نهبوا بلادنا".

خرجت تظاهرات حاشدة في حي الغزال بالعاصمة التونسية للمطالبة بالقصاص من قتلة بلعيد والإبراهيمي

النائب المستقل بمجلس نواب الشعب المجمّد، عدنان الحاجي، برر ذلك مؤكداً على ضرورة  "محاسبة القتلة، بعد الكشف عن بعض الوثائق في قضية بلعيد والإبراهيمي، ولأنّ الغنوشي كان الجاني الأول في القضية المذكورة، فقد نظمت مظاهرة أمام منزله".

وأكدت مباركة البراهمي، زوجة الشهيد محمد البراهمي، في تصريحات صحفية، أثناء مشاركتها في إحياء ذكرى بلعيد، على ثبوت جريمة القتل على حركة النهضة، وطالبت جهات التحقيق بالكشف عن القيادات الأمنية والقضائية، التي عملت على إخفاء أدلة الإدانة.

من جهته، انتقد زياد الأخضر، الأمين العام لحزب الوطنيين الديمقراطيين، بطء عملية التحقيق، قائلاً: "بالرغم من المستجدات السياسية في البلاد، فإنّه لم يتم تسجيل تغيير جدي كبير، على مستوى التعاطي مع القضية، وملف الاغتيالات". وأضاف: "بالرغم من إحالة العديد من الأسماء المتورطة في هذا الملف إلى التحقيق، فإنّ القضاة المتواطئين، مازالوا يبحثون عن الحيل القانونية؛ حتى لا تتم إحالة الأسماء المتورطة في هذه القضية إلى التحقيق".

عاود رئيس حركة مجتمع السلم (حمس) بالجزائر التدخل في الشأن التونسي بمهاجمة الرئيس قيس سعيّد

عماد الخميري، المتحدث باسم حركة النهضة، حمّل الجهات الأمنيّة ورئيس الجمهورية المسؤولية كاملة عن سلامة الغنوشي، زاعماً أنّ تنظيم مظاهرة أمام منازل السياسيين، "وضع خطير ينتهك حصانة هذا الشخص"، متناسياً عن عمد أنّ الغنوشي أصبح بلا حصانة، منذ تجميد عمل مجلس نواب الشعب.

 

اقرأ أيضاً: تونس.. زلزال يضرب الإخوان بعد ثبوت تجسس الغنوشي على الأمن

وفي إطار تحديها قرارات الرئيس، وصفت حركة النهضة في بيان رسمي، حلّ المجلس الأعلى للقضاء، بأنّه "خطوة تهدف إلى تصفية الخصوم السياسيين"، وتذرعت بأنّ "القضاء سلطة مستقلة، ويسهر المجلس الأعلى للقضاء على توفير ضمانات حيادها، وتمثل بذلك أحد أهم أعمدة البناء الديمقراطي، وأنّ القانون الأساسي لهذه المؤسسة الدستورية، حظي بتوافق عريض، حتى من بعض الأحزاب التي كانت ممثلة بالبرلمان السابق، والتي تقف اليوم مساندة لقرار حلّه وإلغائه، في سلوك انتهازي؛ داعم لمسار تركيز الدكتاتورية الناشئة، وخيانة العقد الدستوري، ومخالفة صريحة للمواثيق والأعراف الدولية".

البيان الصادر عن تنفيذي النهضة، أكّد على عزم الحركة مقاومة خطوات الرئيس، وأنّها ستخوض كافة أشكال المقاومة؛ من أجل إسقاط قرارات قيس سعيّد، كما ادعت الحركة أنّ رئيس المجلس الأعلى للقضاء (المنحل) تلقى تهديدات بالتصفية الجسديّة.

التدخل في الشأن التونسي

في الجزائر، عاود عبد الرزاق مقري، رئيس حركة مجتمع السلم (حمس)، الذراع السياسي للإخوان، التدخل في الشأن التونسي، فبعد أن هاجم غير مرة، الرئيس قيس سعيّد، عاد منذ أيام ليصف الرئيس التونسي بـ"الدكتاتور"، وإجراءات ثورة التصحيح في 25 تموز (يوليو)، بـ"الانقلاب على الشرعية".

 

اقرأ أيضاً: تونس: بودربالة يدعو القضاء النزيه إلى التقاط مجهودات هيئة الدفاع عن بلعيد والبراهمي

مقري نشر تدوينة مثيرة للجدل، على صفحته الرسميّة، على موقع التواصل الاجتماعي، فيسبوك، هاجم فيها العلاقات بين الجزائر وتونس قائلاً: "من أسباب المطبات التي وقعت فيها السياسة الخارجية في بلادنا، سوء تقدير التطورات في عدد من الملفات الإقليمية الدولية، منها الملف التونسي" وأضاف في تجاوز سياسي فج: "قيس سعيّد يشيّد نظاماً دكتاتورياً؛ بقرارات لا شرعية، ولا عقلانية، توّجَها بحل المجلس الأعلى للقضاء".

رئيس حركة مجتمع السلم، زعم أنّ مختلف القوى الوطنية في تونس، انتفضت ضدّ قرارات قيس سعيّد، زاعماً أنّ الأمم المتحدة، ومختلف المنظمات الحقوقية الدولية ترفض ما جرى في تونس، وأنّ بلاده "لا تراعي هذا كله، فتتورط في دعمه، والإنفاق عليه، بلا احترام لقطاعات واسعة من الشعب التونسي، وبلا خوف على سمعة الجزائر في المحافل الدولية، والرأي العام العالمي".

علامات الاستفهام تتواصل حول إخوان أوروبا

تواصل مراكز الدراسات، والدوريات ذات الصلة في أوروبا، إطلاق صيحات التحذير، وعلامات الاستفهام، حول أنشطة التنظيم الدولي للإخوان في القارة العجوز.

ففي النمسا، لفت مركز مينا ووتش، إلى أنّ جماعة الإخوان تمر حالياً بأزمة عاتية، لم يسبق لها مثيل في تاريخها، وأنّ الصراع بين جناحي التنظيم أصبح مركزاً على امتلاك موارد الجماعة المالية، في ظل كارثة اقتصادية تمر بها الجماعة.

من جهتها، تقدمت أنجليكا فينتسغ، النائبة النمساوية عن كتلة حزب الشعب الحاكم في النمسا، بطلب إحاطة إلى البرلمان الأوروبي، طالبة تفاصيل حول موارد وتمويل منظمة يوروب تراست الإخوانية، ومقرها بريطانيا، والتي قامت بتمويل عملية شراء لمبنى خدمي ضخم في العاصمة الألمانية برلين، وتجهيزه كمقر لعدد من الجمعيات التابعة لجماعة الإخوان.

تواصل مراكز الدراسات والدوريات ذات الصلة في أوروبا التحذير من أنشطة التنظيم الدولي للإخوان هناك

النائبة النمساوية كشفت أنّ يوروب تراست تقوم "بتوزيع الملايين على المنظمات الإسلاميّة الأوروبية، المصنفة من قبل أجهزة المخابرات، على أنها متطرفة ومعادية للديمقراطية". وتوجهت بعدة تساؤلات للبرلمان الأوروبي هي: هل المفوضية الأوروبيّة على علم بمنظمة يوروب تراست،  كمصدر تمويل للجماعات المتطرفة؟ وما هو نوع تبادل البيانات والمعلومات حول الجماعات الإسلامية، بين الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة؟ وهل تم تحديد التدفقات المالية إلى جمعيات مثل الجماعة الإسلامية الألمانية، والجمعيات البريطانية المتصلة بجماعة الإخوان المسلمين، على مستوى الاتحاد الأوروبي؟

وفي فرنسا، أعلنت الحكومة الفرنسيّة تدشين منتدى الإسلام في فرنسا، في محاولة لإشراك المسلمين هناك في عملية تطوير الخطاب الديني، من أجل مواجهة التطرف، وتفكيك بنية الانعزالية التي كرسها الإخوان عبر عقود طويلة، مع العمل على دمج الشباب المسلم في المجتمع.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية