الإخوان في مواجهة سهام الحكومة البريطانية

الإخوان في مواجهة سهام الحكومة البريطانية

الإخوان في مواجهة سهام الحكومة البريطانية


30/03/2024

تعتزم الحكومة البريطانية على لسان وزير الجاليات البريطاني تسمية (3) منظمات ومحاسبتها؛ بسبب فشلها في التنصل من سلوكيات التطرف، أو ارتباطها بمنظمات لها وجهات متطرفة، وهي الرابطة الإسلامية في بريطانيا (MAB)، ومؤسسة (كيج إنترناشيونال)، و(ميند).

وكان وزير الجاليات البريطاني قد قال: "إنّ منظمات مثل (رابطة مسلمي بريطانيا)، الفرع البريطاني لجماعة الإخوان المسلمين، وجماعات أخرى مثل (كيج وميند)، تثير القلق بشأن التوجه ووجهات النظر الإسلامية، ويجب محاسبة المنظمات لتقييم إذا كانت تلبي تعريفنا للتطرف، وسنتخذ الإجراء المناسب".

لماذا يراجعون ملف الإخوان؟

يتضح من تعريف وزير الجاليات البريطاني في تسميته للمنظمات الإخوانية الـ (3) أنّ هناك تعريفاً جديداً للتطرف، وأنّ هناك منطلقات جديدة يتم من خلالها تعريف التطرف الجديد، ومن ثم اتخاذ الإجراءات المناسبة بناء على ذلك، ومن أجل ذلك تم إنشاء مركز التميز لمكافحة التطرف لجمع المعلومات الاستخبارية وتحديد الجماعات المتطرفة، وفق منصة (العرب في بريطانيا).

وتوقع خبراء في الإسلام السياسي في تصريحات إعلامية، ومنهم هشام النجار، أنّ بريطانيا ستعتزم اتهام (رابطة مسلمي بريطانيا)، وهي المنظمة التي يسيطر عليها تنظيم الإخوان، كمجموعة متطرفة؛ بسبب اعتقاد الحكومة البريطانية أنّ التظيم فشل في "التنصل من سلوكيات التطرف، واحتفاظه بارتباطات مع أصحاب وجهات النظر "المتطرفة".

النجار: بريطانيا ستعتزم اتهام (رابطة مسلمي بريطانيا)، وهي المنظمة التي يسيطر عليها تنظيم الإخوان، كمجموعة متطرفة

وأفادت منصة (العرب في بريطانيا) أنّ السبب الرئيسي في قرار الحكومة البريطانية هو أنّ رابطة مسلمي بريطانيا (MAB) شجعت المسلمين على المشاركة في مظاهرات ضخمة في المملكة المتحدة، وتتعاون مع حركة (حماس)، ويساهم بعض قياداتها في دعم الإرهابيين، ومنهم أنس التكريتي، الرئيس السابق لها، وداود عبد الله، نائب الأمين العام السابق للمجلس الإسلامي البحريني.

أمّا منظمة كيج إنترناشيونال (Cage International)، فهي التي كانت تُعرف سابقاً باسم (Cageprisoners)، وتأسست في عام 2003، وركزت منذ نشأتها بصفة خاصة على قضية المواطن البريطاني معظم بيك الذي كان محتجزاً في غوانتانامو، لكن مع توسع نطاق عملها، بدأت بالتعامل مع قضايا أكبر، تتعلق بدعم الإخوان تحت ستار الحريات المدنية، ولذا شاركت في قضايا مهمة، مثل الدفاع عن الأفراد المتهمين بموجب قوانين مكافحة الإرهاب في المملكة المتحدة، ولذلك اتُهمت من قبل بالتعاطف مع الإيديولوجيات المتطرفة.

 

سيطرت الجماعة على مساحة كبيرة بسبب إيديولوجيتها الإسلامية، وتأثيرها التكويني على طريقة تفكير المسلمين الذين يعيشون كجاليات.

 

وتُعدّ منظمة (Mend)، المعروفة باسم "المشاركة والتنمية الإسلامية"، واحدة من المنظمات القريبة من جماعة الإخوان، وقد تم تأسيسها في عام 2008، وهي تركز نشاطها تحت ستار مكافحة الإسلاموفوبيا والتمييز والظلم الاجتماعي داخل المجتمعات الإسلامية، وتشمل أنشطتها: برامج التوعية المجتمعية وورش العمل التعليمية وحملات مكافحة الإسلاموفوبيا والتحيز.

ووفق قناة (سكاي نيوز عربية)، فإنّ إدراج هذه المنظمات سيجعلها تُمنع من التعامل مع السلطات العامة والمسؤولين المنتخبين والتمويل الحكومي، لكنّه لا يعني التجريم أو منع المنظمة من العمل بشكل تام في الأراضي البريطانية، ولكن في الوقت نفسه يعني تقييد الظهور العام للتنظيمات التي تندرج تحته، ويسحب منها ميزة التعامل مباشرة مع الحكومة، وبالتالي يحدّ من نفوذها وتأثيرها في المجتمع بشكل كبير، كما أنّ مثل هذا التصنيف -إذا حدث- سيحرم تلك المنظمات من ادعائها أنّها تمثّل المجتمعات المسلمة.

المنظمات الإخوانية والنشاط المتشعّب

بالنظر إلى قرارات الحكومة البريطانية، فإنّها وضعت على رأس هذا القرار رابطة مسلمي بريطانيا (Muslim Association of Britain) التي يخضع تحت إشرافها العديد من المؤسسات الأخرى، لكنّها في الوقت نفسه ما زالت تسمح بحرية الحركة ولا تستهدف قيادات القاعدة السابقين مثل هاني السباعي، وأكثر من (39) جمعية، أهمها ما يُسمّى (المؤسسة الإسلامية فيرست)، في منطقة ماركفيلد، ومنطقة (كريكل وود) شمال لندن، وهي المقر الرئيسي لموقع (إخوان أون لاين) باللغة الإنجليزية منذ تأسيسه عام 2005.

رابطة مسلمي بريطانيا (MAB) شجعت المسلمين على المشاركة في مظاهرات ضخمة في المملكة المتحدة

ويتشعب نشاط الإخوان في بريطانيا، خاصة العاصمة لندن، التي يوجد بها (مركز المعلومات العالمية)، كما يوجد منتدى الشباب المسلم في أوروبا، وهو شبكة تتألف من (42) منظمة.

ويتحكم الإخوان في (13) مؤسسة خيرية ومالية كبرى في بريطانيا، ويستثمرون فيها أيضاً الأموال في قطاعات مختلفة، مثل تجارة التجزئة والقطاع المالي والملابس، كما يوجد بها (المنظمة الإسلامية للإغاثة) ISLAMIC RELIEF WORLDWIDE.

وتأتي مؤسسة (قرطبة للحوار العربي الأوروبي)، ومقرها لندن، والتي يديرها أنس أسامة التكريتي، وهو بريطاني من أصل عراقي، وعضو بمجلس شورى الرابطة الإسلامية في بريطانيا، كواحدة من أهم المؤسسات الإخوانية في بريطانيا، وكذا المنتدى الإسلامي الذي يترأسه خالد بن عبد الله الفواز، منذ عام 2005م وأنشئ بلندن عام 1986م، بترخيص رقم (293355)، بوصفه مؤسسة خيرية تُقدّم خدمات خيرية واجتماعية للمجتمع البريطاني، لكنّه ركّز نشاطه في البيئة البريطانية من أجل توغل الجماعة، فأنشأ عدة مدارس، وخدمات اجتماعية، مثل إجراء عقود النكاح.

تُعدّ منظمة (Mend)، المعروفة باسم "المشاركة والتنمية الإسلامية"، واحدة من المنظمات القريبة من جماعة الإخوان، وقد تم تأسيسها في عام 2008

وينشط الإخوان من خلال كليّة لندن المفتوحة للدراسات الإسلامية التي تأسست عام 2000م، ومنظمة (المصريين في الخارج من أجل الديمقراطية)، ومؤسسة (سواسية لحقوق الإنسان ومناهضة التعذيب)، إضافة إلى بعض المنصات الإعلامية مثل قناة (الحوار)، وموقع (ميدل إيست مونيتور) الذي يديره داود عبد الله، وكذا شركة الخدمات الإعلامية العالمية المحدودة، وموقع (إخوان سايت).

وفي دراسة لمركز (المسبار للبحوث) حول التنظيم الدولي للإخوان وتحولات العمل الحركي للجماعة، فإنّ منظمات الجماعة في أوروبا هي: "الأولى: مؤسسات أو جمعيات عامة تتولى الأنشطة الدينية والاجتماعية والتعليمية، وتربطها علاقات تختلف في قوتها بجماعة الإخوان، فهي إمّا جمعيات متعاطفة، أو جمعيات منتمية بشكل رسمي للجماعة. والثانية: كيانات أخرى أكثر تخصصاً مكملة لشبكة الدعوية الإخوانية"، مثل جمعيات الشباب والطلاب، وجمعيات المرأة، والجمعيات الإنسانية، وجمعيات دعم القضية الفلسطينية، والجمعيات الطبية".

ينشط الإخوان من خلال كليّة لندن المفتوحة للدراسات الإسلامية التي تأسست عام 2000

وترى الدراسة أنّه من الصعوبة كبح جماح كل مؤسسات الجماعة، التي يعمل أغلبها بشكل شرعي وقانوني، كما أنّه في إطار استغلال الإخوان للجمعيات والمؤسسات سيطرت بالفعل على مساحة كبيرة بسبب إيديولوجيتها الإسلامية، وتأثيرها التكويني على طريقة تفكير المسلمين الذين يعيشون كجاليات، ولم يجدوا سوى الجماعة التي تقوم بتحديد وصياغة الأجندة الإسلامية، وتتواجد في الحوارات مع النخب المسلمة وغير المسلمة في وسائل الإعلام والحكومة والأكاديميات، فضلاً عن أنّها تقوم بتوفير الخدمات الاجتماعية للعائلات التي تكافح سواء من المسلمين أو غير المسلمين على حد سواء.

لكنّ المفارقة المبشرة بتحولات جديدة في هذا المشهد هي حالة من الوعي الجديد، أو الاهتمام بخطورة الفكر الإخواني، وأنّ هناك تقاطعاً كبيراً بينه وبين منظمات إرهابية مثل (القاعدة وداعش)، وكذا تلك الحالة التي دفعت الحكومة البريطانية بوضع تصورات جديدة لمفهوم التطرف، واحتمالية إدراج الجماعة تحت هذا التصور.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية