الإخوان وداعش خراسان...علاقات متجذرة وقواسم مشتركة

الإخوان وداعش خراسان...علاقات متجذرة وقواسم مشتركة

الإخوان وداعش خراسان...علاقات متجذرة وقواسم مشتركة


15/04/2024

بعد أن أعلن تنظيم (داعش خراسان) مسؤوليّته عن الهجوم الدامي المروع الذي وقع في موسكو الشهر الماضي، والتهديدات التي يوجها بشكل شبه يومي لاستهداف دول أوروبية، توجّهت الأنظار لهذه الجماعة الخطرة، وسلّط الكثير من وسائل الإعلام على القواسم المشتركة مع جماعة الإخوان المسلمين، والعلاقات المتبادلة بين الطرفين.

ووفق ما نقلت وكالة (سكاي نيوز)، فإنّ تنظيم (داعش خراسان) يستفيد من مخزون الفكر المتطرّف الذي تحمله جماعات إرهابية داخل طاجيكستان منذ أعوام، وعلى رأسها حزب (النهضة)، الممثل لجماعة الإخوان هناك، في تنفيذ عمليات على يد متطرّفين طاجيك، وفق خبراء.

وأوضح محللون سياسيون متخصّصون في شؤون آسيا الوسطى لمحات من تاريخ الحركات المتطرّفة في طاجيكستان، وعلاقاتها بتنظيمَي الإخوان وداعش، وكذلك بالمتطرفين في أفغانستان المجاورة.

وتأسّس حزب (النهضة) في طاجيكستان عام 1973 على يد عبد الله نوري، وبات ثاني أكبر حزب في البلاد من حيث عدد الأعضاء.

تأسّس حزب (النهضة) في طاجيكستان عام 1973 على يد عبد الله نوري

في 7 أيار (مايو) 1992 اندلعت حرب أهلية عندما شنّ الحزب حرباً مسلحة ضد الحكومة، استمرّت حتى حزيران (يونيو) 1997، مخلفةً ما بين (50-100) ألف قتيل، وانتهت بتوقيع اتفاقية للسلام والوفاق الوطني و"بروتوكول موسكو" بين الرئيس إمام علي رحمن، وزعيم الحزب الإخواني عبد الله نوري، في العام ذاته.

في عام 2015 صنفت المحكمة العليا الحزب منظمة إرهابية، ومنعت أنشطته، وبث التليفزيون الرسمي فيلماً وثائقياً عن تاريخ الدعم الإيراني للإرهاب في البلاد، بما في ذلك دعمه لجماعة الإخوان.

 

إحساني: علاقة حزب (النهضة) والجماعات الإرهابية علاقة راسخة، وشارك عدد من الطاجيك في الحرب السورية، في جماعة (جبهة النصرة) ثم في تنظيم (داعش) عام 2014.

 

في آب (أغسطس) 2015 اتهمت وزارة الداخلية حزب (النهضة) بأنّه يتصل بتنظيم (داعش) الذي كان قد ظهر قبل ذلك بعام في سوريا والعراق، وينظّم دعاية له، ويعتزم رفع راية التنظيم في البلاد.

وفقاً للوزارة، تم القبض في ذلك العام على نحو (20) شخصاً رفعوا راية (داعش) بالفعل في مدن شارتوز ونوريك، جنوب طاجيكستان.

يقول الباحث الأفغاني في الجماعات المسلحة حسين إحساني: إنّ علاقة حزب (النهضة) والجماعات الإرهابية، ومنها (داعش)، علاقة راسخة، وشارك عدد من الطاجيك في الحرب السورية التي اندلعت عام 2011، منضمين إلى صفوف جماعة (جبهة النصرة) "التابعة لتنظيم القاعدة"، التي تحوّلت لاحقاً إلى (هيئة تحرير الشام)، ثم إلى (داعش) بعد إعلان "دولته" عام 2014.

هذا التدريب على القتال في صفوف هذه التنظيمات بسوريا سهَّل لتنظيم (داعش) توسيع نفوذه في وسط آسيا بتشكّل "داعش خراسان" الذي يضمّ طاجيكاً يتخصصون في استهداف روسيا ودول بآسيا الوسطى، خاصة أنّهم يجيدون اللغتين الروسية والفارسية، وعبورهم إلى روسيا سهّله حملهم الجنسية الطاجيكية، وفق إحساني.

تنظيم (داعش خراسان) يستفيد من مخزون الفكر المتطرّف الذي تحمله جماعات إرهابية داخل طاجيكستان، وعلى رأسها حزب (النهضة)، الممثل لجماعة الإخوان.

تعطي الباحثة السياسية الأفغانية فاطمة حكمت صورة أوسع عن دور وجود الطاجيك في أفغانستان في تسهيل مدّ الجماعات الإرهابية بمسلحين مدرّبين في البلد المجاورة لطاجيكستان، وقالت في تصريح صحفي: المقاتلون الطاجيك المتطرّفون، الذين ينتمي أغلبهم لحزب (النهضة) الإخواني، يشكّلون تهديداً لدوشنبة ودول آسيا الوسطى، وتشكّل مقراً لهم في التدريب والتسليح.

هناك طاجيكك موالون لحركة طالبان (التي تحكم أفغانستان حالياً)، وهم المعروفون باسم تنظيم (أنصار الله)، وقبل أيام وقعت اشتباكات مسلحة بينه وبين ميليشيات مسلحة من قومية البشتون بولاية غور وسط أفغانستان، وهو ما يشير إلى قوة ونفوذ التنظيم الطاجيكي المتطرّف.

هناك مجموعة موالية لتنظيم (داعش خراسان) انشقّت عن (أنصار الله) لاختلافات مع قياداتها أو لإغراءات مالية قدّمها (داعش).

 

حكمت: المقاتلون الطاجيك المتطرّفون، الذين ينتمي أغلبهم لحزب (النهضة) الإخواني، يشكّلون تهديداً لدوشنبة ودول آسيا الوسطى، وتشكّل مقراً لهم في التدريب والتسليح.

 

وبحسب ما نقلت صحيفة (اليوم السابع)، فإنّ التنظيمات السرّية للإرهاب التي تهدد الأنظمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية ظاهرة عالمية تتجاوز الحدود والثقافات والأديان، وإنّ الإخوان المسلمين المصدر الجذري للإرهاب قديماً وحديثاً باستغلال الدين وتخدير الشعوب، كما أنّ إرث التنظيمات السرّية الإرهابية ما يزال حيّاً في العالم باستنساخه من الجماعة، لإعادة مفاهيم وحدة الناس ضدّ عدو مشترك.

وأكد مراقبون في تصريح لـ (حفريات) أنّ الإخوان وجدوا في دولة طاجكستان ضالتهم؛ بسبب تدين شعبها، والفقر والعوز الذي يسود في الدولة التي استقلت عن الاتحاد السوفييتي، وهذا سهل مهمة تجنيد المقاتلين الذين  توجهوا لاحقاً نحو التنظيمات الإرهابية كتنظيم (داعش خرسان).

وأوضح مراقبون أنّ الإخوان اعتبروا أنّ طاجكستان تصلح لأن تكون ملاذاً آمناً لهم، عبر الهيمنة عليها والسيطرة على الحكم، لولا تحرك السلطات المحلية، وعرقلة مخططاتهم منذ تسعينات القرن الماضي، لافتين إلى أنّ الكثير من الطاجيك ينتمون في الوقت الراهن للإخوان، ويعملون بالخفاء لكي لا يواجهوا مشاكل أمنية، وأيّ شخص يُكشف لدى أجهزة الاستخبارات المحلية يغادر البلاد إلى إحدى الجمهوريات المحيطة، وهناك يحصل بالمال على هوية جديدة، تجعل من ملاحقته أمنياً أمراً صعباً جداً.  

في مقالة للكاتب السياسي منير أديب، نشرها عبر موقع (البوابة نيوز)، فإنّ خطورة (ولاية خراسان) تأتي من نوعية المقاتلين الذين ينضوون تحت لواء هذا الفرع، جزء من هؤلاء المقاتلين شيشان وجزء آخر من جمهوريات آسيا الوسطى، ولكنّ أغلب التشكيل يعود إلى المقاتلين الطاجيك، وتعود مرجعية هؤلاء المقاتلين إلى حركة الإخوان المسلمين في طاجكستان.

وأضاف أديب أنّ جماعة "الإخوان" باتت الرافد الرئيسي والأهم في (ولاية خرسان) بعد التحول الذي أتى بعد الصلح مع حزب (النهضة) إثر توقيع اتفاقية سلام ووفاق وطني مع نهاية التسعينيات من القرن الماضي بهدف إنهاء الحرب الأهلية في طاجكستان.

 

الإخوان المسلمون المصدر الجذري للإرهاب قديماً وحديثاً، باستغلال الدين وتخدير الشعوب، كما أنّ إرث التنظيمات السرية الإرهابية ما يزال حيّاً باستنساخه من الجماعة.

 

وتابع أديب أنّ التحولات التي مرّ بها الإخوان المسلمون في طاجكستان ربما تأتي متسقة مع تحولات أخرى مرّ بها التنظيم في عدد من الأقطار، بما فيها قيادة التنظيم في القاهرة؛ هذه التحولات دفعت التنظيم إلى ممارسة العنف، وإنشاء ميليشيات مسلحة، كما يأتي متسقاً أيضاً مع أفكار التنظيم التي يدعو من خلالها إلى استخدام العنف، فهذه الأفكار تدفع التنظيم دائماً إلى ممارسة العنف وتغذية جماعات العنف بكل مستوياتها، وهنا تبدو خطورة "الإخوان"، الخطورة ليست في ممارسة العنف فقط، ولكن في توفير البيئة الذاتية للعنف أيضاً.  

يُذكر أنّ قراءة علاقة (الإخوان) بتنظيم (داعش) شغلت بال الباحثين، وقد كتبت فيها عشرات الدراسات والمقالات المعمقة التي قرأت هذه العلاقة الفكرية وشبة التنظيمية؛ لكن تبقى حقائق أنّ جماعة الإخوان هي من أسس تلك التنظيمات، وقد وضعت مبادئها، وفي النهاية تحتكم إلى مبدأ العنف في التعاطي مع الاختلافات. 




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية