الإخوان يسيطرون على الحقل الديني في إثيوبيا

الإخوان يسيطرون على الحقل الديني في إثيوبيا

الإخوان يسيطرون على الحقل الديني في إثيوبيا


12/12/2023

نشأ الفكر الإخواني في الجامعات منتصف الثمانينيات، ثم ترعرع في بداية التسعينيات مع تأسيس منظمة شباب مسلمي إثيوبيا، وكان أبرز قيادييها من الشباب البارز (إدريس محمد، وحسن تاجي، وأبو بكر أحمد محمد، وسراج الدين)، وكانت تصدر مجلتي (الدعوة وبلال)، ومجلة (المنار) الصادرة عن المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية في إثيوبيا.

وتنشط جماعة الإخوان الآن في إثيوبيا عبر ما يُسمّى (الحركة الفكرية) التي نشأت بشكل غير رسمي في عام 1990 على يد مجموعة من الطلاب الجامعيين والأكاديميين في جامعة أديس أبابا، ويمكن توصيف نشأتها على أنّها تجَمُّع لبعض الطلاب والأكاديميين المتشابهين فكرياً مع الجماعة، وكان يُشار إلى هذا التجمع باسم (الجماعة) JAMAA، وما لبثت أن اتخذت مسمّى آخر وهو (الحركة الفكرية).

وقد كان للإخوان مجموعة من الروافد أهمها (حركة الإصلاح) بإريتريا، وذلك قبل الانفصال بين الدولتين، وكانت هي الممثل الرئيسي للإخوان، وبعد الانفصال أصبحت (جمعية الشبان المسلمين الإثيوبية) التي تأسست عام 1992 هي الرافد الأساسي للتغلغل الإخواني في إثيوبيا، وعلى الرغم من سلفية الجمعية وارتباطها بـ (الندوة العالمية للشباب الإسلامي) في الرياض، فإنّها كانت مدخل الإخوان في إثيوبيا، فعن طريقها تم تمرير كتابات وأدبيات الإخوان إلى الداخل الإثيوبي.

كيف تعمل الجماعة في إثيوبيا؟

تعمل جماعة الإخوان بطابع لا مركزي عبر الحركة الفكرية أو حركة المثقفين أو حركة التضامن الإسلامية في إثيوبيا، ولا تعلن عن وجودها بشكل ظاهر، وهذا ما مكَّنَ الحركة من التغلغل بين كل أبناء الجماعات الإثنية الإثيوبية.

وتعمل الجماعة من خلال: جمعية الشباب المسلم - الجمعية الخيرية بمدينة أديس أبابا - جمعية البركة الخيرية - جمعية النهضة بمدينة هرر.

تنشط جماعة الإخوان الآن في إثيوبيا عبر ما يُسمّى (الحركة الفكرية)

ومن خلال شبكة من المساجد تتغلغل في أوساط الشباب والمواطنين، ومنها: "مركز أولياء" الذي هو أكبر مركز إسلامي سعودي، تم تسليمه لجماعة الأحباش الصوفية، التي تنازعها جماعة الإخوان السيطرة عليه.

وكذلك مسجد مويال، ومسجد الأنوار الكبير في قلب العاصمة أديس أبابا، الذي تعمل فيه الجماعة من خلال حلقات لتلاوة وحفظ الأحاديث، ومسجد أنور، ومركز ابن مسعود الإسلامي، الذي يتنازع فيه الإخوان مع السلفيين، ومسجد النجاشي.

توغل الإخوان في المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، ووظفوه لخدمة أهدافهم، وتم تشكيل لجنة تساعية من قيادات إسلامية

وقد نجحت الجماعة التي ينحصر نشاطها في المناطق الحضرية والجامعات، في إنشاء مركز الثقافة والبحوث الإسلامية عام 2003 ولكن تم إغلاقه عام 2011 من قبل الحكومة، إلا أنّ النشاط الأبرز اللامركزي هو نشاط منظمات تابعة للتنظيم الدولي، مثل هيئة الإغاثة الإسلامية، والتي يوجد مركزها الرئيسي في المملكة المتحدة ولها نشاط كبير في أوروبا، إلى جانب جمهورية أفريقيا الوسطى، وتشاد، وكينيا، ومالاوي، ومالي والنيجر، والصومال وجنوب السودان والسودان وتونس وجنوب أفريقيا.

وبدأت الهيئة نشاطها في إثيوبيا في العام 2000، وركزت على مواجهة تداعيات الجفاف خاصة في (الإقليم الصومالي) قرب الحدود مع الصومال. وبعدها بـ (4) أعوام افتتحت الهيئة مكتباً في أديس أبابا لتمثيلها، وهي تركز نشاطها في إقليم العفر على الحدود الإثيوبية مع جيبوتي وإريتريا، وبرز نشاطها أثناء حرب التيغراي الأخيرة.

ويلاحظ أنّ نشاط الهيئة في هذه المناطق الحدودية يتطابق مع الانتشار لحركة (تضامن) المتأثرة بإيديولوجيات الإخوان المسلمين، لا سيّما بين العفر والصومال.

مسجد مويال

يشار إلى أنّ أحمد الراوي ترأس الهيئة، ثم عصام البشير، وعبد الوهاب نور والي، وإبراهيم الزيات، المدير الحالي لهيئة الإغاثة الإسلامية في أستراليا، والممثل الأوروبي بـ (الجمعية العالمية للشبان المسلمين)، وعدنان عبد الرحمن سيف.

ويمكن تتبع صلة الإخوان بأنشطة الهيئة في إثيوبيا منذ العام 2016 بشكل واضح عندما حل الجنوب أفريقي طاهر سالي محل الزيات رئيساً لهيئة الإغاثة، وهو معروف في الدوائر الأمنية بصلاته مع الإخوان المسلمين العالمية وحماس، وجمعية رجال الأعمال والصناعيين المستقلين (الموصياد)، وهي جمعية أعمال تركية إسلامية.

الدور التركي والقطري في دعم الجماعة

وهناك دور كبير لجمعية قطر الخيرية في أثيوبيا، وكذلك الجمعيات والمدارس الإيرانية، التي تستغلها الجماعة مثل: مدرسة أهل البيت، وجمعية الإمام الحسين الخيرية، ونادي الكتاب والعترة.

وتوغل الإخوان في المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية ووظفوه لخدمة أهدافهم، وتم تشكيل لجنة تساعية من قيادات إسلامية، بعدما قام آبي أحمد بالإفراج عن كل رموز الحركة الإسلامية عام 2018، وذلك من خلال مزج مجلس الشورى العام بعضويته التي وصلت إلى (300) شخصية بالمناصفة بين السلفية والصوفية.

الإخوان يتواجدون وينتشرون، وهم مؤثرون بالفعل في إثيوبيا، وأمّا السلفيون، فهم الأكثر حضوراً في المشهد

 

ومن الشخصيات الحركية المؤثرة في المجلس الأعلى الإسلامي الإثيوبي، الإخواني أبو بكر أحمد محمد، عضو في الحركة الفكرية الإخوانية في إثيوبيا، وأحمدين جمال محمد، الذي كان أمير الجماعة في جامعة أديس أبابا، وكامل شمسو سراج، عضو في الحركة الفكرية الإخوانية، والبروفيسور محمد حبيب محمد، مفكر إسلامي، عضو في الحركة الفكرية، والإخواني  إدريس محمد يوسف، الذي يعتبر أهم شخصية قيادية في الحركة الفكرية.

هناك دور كبير لجمعية قطر الخيرية في أثيوبيا

من جانب آخر، تدعم تركيا بشكل خاص الإخوان في إثيوبيا، وقد نفَّذت وكالة التنسيق والتعاون التركية (تيكا) على سبيل المثال مشاريع في 2012 بقيمة (772) مليون دولار في شرق أفريقيا، وقدمت منحاً لـ (3) آلاف طالب أفريقي، وحصل (2000) طالب على منح خاصة. وتحت مسمّى "تحريضات منظمة كولن الإرهابية"، وضع أردوغان يده على مدارس فتح الله كولن في كل من موريتانيا وتشاد وغامبيا وغينيا ونيجيريا والسنغال والصومال وأثيوبيا، فأصبحت تحت إشراف مؤسسة معارف التركية.

الإخوان، وفق ما سبق، يتواجدون وينتشرون، وهم مؤثرون بالفعل في إثيوبيا، وأمّا السلفيون، فهم الأكثر حضوراً في المشهد.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية