الإمارات واتزان المواقف السياسية

الإمارات واتزان المواقف السياسية

الإمارات واتزان المواقف السياسية


16/10/2022

محمد خليفة

اتسمت السياسة الخارجية لدولة الإمارات العربية المتحدة، دائماً منذ نشأتها، باتزان الموقف ووضوح الهدف، حيث تحرص، خاصة في المجال الدولي، على إقامة علاقات متكافئة مع القوى الكبرى التي ارتبطت معها بشبكة من المصالح التي يمكن وصفها بأنها جاءت كانعكاس لدورها المحوري والمتنامي في العالمين العربي والإسلامي.

وانطلاقاً من إيمانها العميق بأن السلام العالمي هدف استراتيجي من أهداف سياستها الخارجية، فهي تدعو باستمرار إلى أسس أكثر شفافية للعدالة في التعامل بين الدول في مختلف المجالات؛ السياسية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها، باعتبارها السبيل الوحيد إلى الازدهار والرخاء والاستقرار في العالم؛ ومن ثم لا تؤمن باستخدام القوة كأداة لأنها، أي القوة، تسلب السياسة الخارجية قوتها وفاعليتها، وتخصم من رصيدها كأداة لحل المشكلات.

تحرص دولة الإمارات على التزام قواعد القانون الدولي والمعاهدات والمواثيق الدولية والثنائية، والعمل من أجل السلام والعدل الدوليين. ومن هذا المنطلق، فالعلاقة المتميزة والنوعية التي تربط دولة الإمارات بدولة روسيا قد نجحت على مدى عقود في تأسيس مبادئ الثقة، والاحترام المتبادل، والتنسيق حيال المستجدات، فالدولتان رغم بعدهما الجغرافي، إلا أن المصالح المشتركة قد وطدت العلاقة بينهما لإقامة شراكة استراتيجية بين الدولتين. هذه الشراكة المبنية على أسس المصلحة كإطار عام، تجمع بين طيّاتها العديد من المفاهيم السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والتي تدفع نحو تلاقي الشعوب واندماجها، وبما يقطع كل السبل التي تؤدي إلى غياب الرؤية الواضحة والمصداقية.

وقد توطدت روابط العلاقة بين البلدين على مدار خمسة عقود، وازدهرت حتى أتت ثمارها، وقد كان للزيارات المتبادلة للقادة والمسؤولين في البلدين، أثر بالغ في تنمية تلك العلاقات وتطورها حتى وصلت إلى مرحلة الشراكة الاستراتيجية الشاملة خاصة في الآونة الأخيرة. وتشكّل زيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، حفظه الله، إلى موسكو، يوم الثلاثاء الماضي، منعطفاً مهمّاً في علاقات الدولتين، لأنها جاءت وسط عالم يميل نحو الاضطراب، من جراء تعقد السياسة الدولية، وعجز القوى العالمية الرئيسية عن الوصول إلى تفاهمات تعزز السلام العالمي في القادم من الأيام والسنين.

تشهد العلاقات الاقتصادية بين البلدين تقدماً سريعاً في مختلف المجالات، ولا سيما مجالات الاقتصاد الجديد مثل: الثورة الصناعية الرابعة والذكاء الاصطناعي والابتكار والاقتصاد الدائري ومختلف القطاعات الاقتصادية الجديدة، إلى جانب مختلف القطاعات الحيوية. وتعد الإمارات أكبر الشركاء التجاريين لروسيا في منطقة الخليج، ووفقاً للبيانات فقد نمت التجارة بين البلدين. ويتعاون الصندوق الروسي للاستثمارات المباشرة مع أبرز المستثمرين في العالم العربي ومنهم شركة الاستثمار الإماراتية «مبادلة» والصندوق الروسي على إنشاء صندوق مشترك بقيمة ملياري دولار. ويوجد أكثر من ثلاثة آلاف شركة روسية مسجلة وعاملة في الإمارات، وتستفيد جميعها مما توفره الإمارات من فرص استثمارية متنوعة. إلى جانب سلاسة قوانينها والمناطق الحرة ومطاراتها ومرافقها الحديثة، التي أسهمت في تعزيز ثقة الشركات الروسية في إطلاق مشروعاتها داخل الدولة.

عن "الخليج" الإماراتية



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية