الانبعاث الإخواني الجديد

الانبعاث الإخواني الجديد

الانبعاث الإخواني الجديد


06/11/2023

ماهر فرغلي

بالنظر إلى التناول الإعلامى الإخوانى، وبيانات الجماعة الرسمية، التى اتسمت بالتخوين الدائم لكل ما هو مصرى وعربى، سنلاحظ أن الجماعة تحاول تجييش العواطف، والاستفادة بالأحداث الدموية فى قطاع غزة، وقد أظهرت مؤشرات عدة، منذ انطلاق ما يسمى «طوفان الأقصى» يوم 7 أكتوبر الماضى، انبعاث جماعات الإسلام السياسى من جديد بشقيها السنى والشيعى، وأن تلعب الإخوان كأداة مركزية فى هذا الانبعاث ووراءها كل التيارات الجهادية، بالتحالف مع ما يسمى «ولاية الفقيه» والجماعات والميليشيات الموالية له.

ورغم كل المتناقضات الإقليمية فإنه لا مشكلة لدى الجماعة فى أن تبيع نفسها، أو تغير جلدها، فلا يمكن أن نمر فوق ساحة من ساحات الصراع الإقليمى دون أن نصطدم بها هنا أو هناك، مع أو ضد، وربما نجدها مع أو ضد فى الموقف الواحد دون أدنى خجل، بيد أن الناظم فى كل هذه الألعاب أين تقف الولايات المتحدة الأمريكية من اللعبة؟ وأين مكمن رضاها أو غضبها؟

على سبيل المثال، رغم التباعد الأيديولوجى الكبير بين الإخوان كجماعة سنية وإيران كدولة (شيعية اثنى عشرية) سنجد أنه لم يكن ثمة مشكلة فى التعاون بينهما، سواء مع حركة حماس، أو الإخوان كتنظيم دولى، الذى التقى قادته بالإيرانيين أكثر من مرة فى لندن وجورجيا وغيرهما.

إن التعاون مع إيران يُكسب «الإخوان» وحلفاءها قوة فى المناورة، ويوفر لها الدعم، وهذا ما يتضح فى الدعم لحركة حماس والجهاد الإسلامى، كما يؤدى لتخفيف الضغط السياسى والتمويلى حال فقد الشريك العربى، ويمكّنها من اكتساب تأييد متعدد الأشكال والأنماط، كما يمكّنها من تحقيق مكسب فى اليمن وسوريا.

لذا فمن المتوقع، عقب انتهاء أحداث غزة الدموية، أن يتطور التعاون الإخوانى مع الإيرانيين، لكن المشكلة أن هذا التمازج والتنسيق سينتج عنه التالى:

أولاً: إحياء تنظيمات الإسلام السياسى بكل توجهاتها، وفى طليعتها التنظيم العالمى للإخوان.

ثانياً: زيادة الضغوط على الأنظمة العربية والإسلامية المطبعة مع إسرائيل من أجل إلغاء هذه الاتفاقيات أو العمل على الإطاحة بها (فالتطبيع إما يتم التراجع عنه والاصطفاف مع الشعوب أو سينقلب هذا التطبيع ضد الحكام)، وكذلك تلميع مشايخ الرفض الموالين للجماعة ضد مؤسسات الإسلام الرسمى.

ثالثاً: انطلاق ما يسمى «وحدة الساحات» كمحور مفاهيمى تقوم عليه قوى وجماعات الإسلام السياسى كناظم لعملها من خلال صياغة وجهة استراتيجية- سياسية بحيث تندرج كافة أعمالها تحت مِظلّة المفهوم الواسعة، الذى يعمل على ربط متخيلٍ- أيديولوجى، ولكنّه ربطٌ يمتلك عنصر الإجماع على هدف مشترك بين الجغرافيات والتنظيمات والقوى العاملة تحت المظلّة نفسها.

رابعاً: تجييش وتحريك تعاطف الشارع الإسلامى مع الفلسطينيين، كخطوة أولى، وبعد انتهاء معركة غزة، وأياً تكن نتائجها، تحويل الأمر إلى مناسبة غضب شامل، والتحريض ضد الأنظمة والحكام العرب ووصمهم بالعمالة والعداء للدين والعروبة، وإطلاق حملة كبيرة واسعة متنوعة تتجاوز الحدود الجغرافية لضرب استقرار الدول والأنظمة المعنية، والتحريض الشعبى ضدها.

سادساً: السعى بقوة لتخوين العديد من الأنظمة، وعلى رأسها مصر، ثم (الإمارات- السعودية- البحرين- المغرب) والضغط عليها وتشويهها لدى شعوبها.

ومن المتوقع عقب انتهاء عمليات غزة أن يكون التحرك والانبعاث الإخوانى عن طريق: السيطرة على ما يسمى المؤسسات والمراكز المعنية بمقاصد الشريعة، والعمل من خلال منتديات الوحدة الإسلامية الإيرانية، ومنتديات الوسطية العالمية، ودعم السلفية المستقلة والحركية، والعمل عن طريق الصيغة اللامركزية لكل المؤسسات الإخوانية والشيعية وبواجهات لا تحمل اسم الجماعة.

وأخيراً، التنسيق الدائم بين الشبكة الجديدة وخلق فضاءات أخرى، مثل منتديات الوسطية العالمية، والأممية الإسلامية، كبديل عن التنظيمات الصارمة المكروهة من كثير من الشعوب والمواطنين، ثم على الناحية السرية التحرك فى دوائر: الميليشيات والفصائل المسلحة، والعمل السرى فى بعض البلدان، وتحويل الحركات إلى تجمعات فكرية فى بلدان أخرى، وعمل مؤسسات فكرية نهضوية داخلياً، ومؤسسات أخرى عالمية.

واستمرار اختراق المنظمات الحقوقية والجمعيات المناهضة للعنصرية والكراهية فى الدول الغربية من طرف المنظمات الإخوانية، وتوحيد ساحات الصراع فى الوطن العربى، والتوافق بين أذرع إيران بالمنطقة (حزب الله- الحوثيين- الحشد الشعبى) وتنظيمات الإخوان المسلمين تحت رعاية الحرس الثورى.

عن "الوطن"




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية