الانتخابات اللبنانية: كيف يستفيد حزب الله من غياب تيار المستقبل؟

الانتخابات اللبنانية: كيف يستفيد حزب الله من غياب تيار المستقبل؟


14/04/2022

كشف الإعلان عن اللوائح الانتخابية للقوى السياسية اللبنانية، ضمن الاستعدادات للانتخابات النيابية في الشهر المقبل عن تأثر الساحة السنّية بشكلٍ كبير بغياب تيار المستقبل، برئاسة سعد الحريري، بعد أن أعلن تعليق مشاركة التيار في الانتخابات.

وكان لافتاً أنّ المناطق ذات الأكثرية السنّية شهدت العدد الأكبر من المرشحين، بالتالي، العدد الأكبر من اللوائح الانتخابية المتنافسة، وهو ما يعني توزيع الأصوات السنّية الصحيحة على عددٍ كبير من اللوائح، ما قد يمكن اللوائح المدعومة بكتلة تصويتية ثابتة من حصد مقاعد، مثل الكتلة التي تصوّت لحزب الله، ومن بعده حزب القوات اللبنانية.

وتبلغ حصة السنة من مقاعد مجلس النواب 27 مقعداً، نال تيار المستقبل 17 مقعداً منهم في انتخابات عام 2018، وتوزّعت المقاعد العشرة الباقية على تيار العزم والمستقلين وقوى سياسية صغيرة، وكان لحزب الله وحركة أمل مقعدَان منهم، ومن المتوقع أن يزداد نصيب حلفائهم السنّة هذه المرة.

تشرذم سنّي

وتضمّ دائرتان انتخابيتان النصيب الأكبر من المقاعد السنّية، وهما؛ دائرة الشمال الثانية، بعدد 8 مقاعد في مناطق طرابلس والضنية والمنية، ودائرة بيروت الثانية بعدد 6 مقاعد، وبعدهما دائرة الشمال الأولى (عكار) بثلاثة مقاعد، وتتوزع البقية كالآتي؛ مقعدان في دوائر الجنوب الأولى، والبقاع الثانية، والبقاع الثالثة، وجبل لبنان الرابعة (الشوف)، ومقعد واحد لكلٍ من؛ الجنوب الثالثة، والبقاع الأولى.

علاء أرناؤوط: لا أرصد حركة سياسية كبيرة في الساحة السنّية

ويقول الناشط السياسي علاء أرناؤوط: "يتطلّب القانون النسبي والصوت التفضيلي أن يكون على رأس كلّ لائحة شخصان قويان انتخابياً، وبقية أعضاء أقلّ في الحظوظ الانتخابية، ولهذا يكون على رأس اللوائح القوية أبناء البيوت السياسية وكبار الحزبيين".  ولفت إلى أنّ "هذا القانون غير منصفٍ، وبالطبع يرضى عنه المستفيدون منه، وهم الأحزاب المسيحية، ولهذا فهو قانون طائفي بامتياز، وتسبّب في نتيجة عكس المرجو منه؛ فقد كان الهدف من إقراره عام 2017 تقليل الطائفية، لكن ما حدث أن تسبّب في تأجيجها".

المناطق ذات الأكثرية السنّية شهدت العدد الأكبر من المرشحين، بالتالي، العدد الأكبر من اللوائح الانتخابية المتنافسة، وهو ما يعني توزيع الأصوات السنّية على عددٍ كبير من اللوائح

وعن المشهد السنّي، قال أرناؤوط لـ "حفريات": "خروج تيار المستقبل من اللعبة الانتخابية أتاح الفرصة للكثيرين، وهذا واضحٌ من نسبة اللوائح. مثلاً في دائرة الشمال الثانية توجد 11 لائحةً، والسبب عدم وجود التيار الممثل الفعلي لهذه الشريحة الاجتماعية؛ وهو تيار المستقبل، وشخص رئيسه سعد الحريري".

وفي دائرة بيروت الثانية، التي تضمّ 11 مقعداً، منهم 6 للسنّة واثنان للشيعة، يوجد 10 لوائح، وفي دائرة الشمال الأولى (عكار) التي تضمّ سبعة مقاعد، منهم ثلاثة للسنّة، يوجد ثماني لوائح انتخابية.

د. مصطفى علوش: مواجهة تغلغل حزب الله في المناطق ذات الأكثرية السنية

ومن جانبه، يقول نائب رئيس تيار المستقبل السابق، والمرشح البرلماني على رأس لائحة "لبنان لنا" عن دائرة الشمال الثانية، مصطفى علوش: "لا يمكن وصف ما يحصل الآن بالتنسيق السنّي، لا على مستوى طرابلس ولا على مستوى لبنان، وما يحدث هو محاولات متفرقة تصبّ في هدف مواجهة تغلغل حزب الله في المناطق ذات الأكثرية السنّية، ومنعه من وضع تمثيل السنّة في لبنان في جيب إيران".

وأفاد البرلماني السابق، لـ "حفريات"، بأنّ "هناك لائحتَين في دائرتنا على الأقل تواجه حزب الله بالفعل، وهناك لوائح متفرقة أخرى، في حين أنّ لائحة حزب الله معروفة. ولا توجد تحالفات بين اللوائح المتنافسة، وكلّ لائحة تحاول الحصول على أكبر عددٍ من الأصوات".

تأثير غياب تيار المستقبل

ويرى أرناؤوط أنّ أكبر المستفيدين من غياب تيار المستقبل هما "حزب الله والقوات اللبنانية"، وقال: "بغياب التيار فاللوائح كالآتي: لوائح تضمّ المستقيلين من تيار المستقبل، الذين رفضوا قرار الحريري باعتباره يمنح الساحة لحزب الله وحلفائه، وهناك آخرون مقربون من التيار، وليسوا منه، مثل الرئيس نجيب ميقاتي، وهؤلاء كانوا متحالفين مع التيار واليوم لهم لوائح مستقلة". وأضاف: "هناك لوائح لحلفاء القوات اللبنانية، وأخرى لحلفاء حزب الله، من الذين يرون أنّ خروج التيار زاد من فرص تنافسهم".

وبحسب الناشط السياسي، فتأثير خروج تيار المستقبل لا يقتصر على ذلك، بل يؤثر على حظوظ اللوائح السنّية كلها، ويقول: "نسبة التصويت ستنخفض بشكلٍ كبير في الساحة السنّية، ولبنان ككل، لأمرين؛ غياب ممثل كبير سياسي وهو الحريري وتيار المستقبل، والثاني والأساسي هو الوضع الاقتصادي المزري، الذي أوصل الناس للكفر بالطبقة السياسية، ومن يدعي أنّه يستطيع التغيير وحتى بالثورة".

ومهما تكن نسبة المشاركة في الاقتراع، فسيكون هناك فائزون، وهم من لديهم قاعدة انتخابية ثابتة، سواء بسبب العلاقات العائلية أو الأيديولوجية، ويقول علاء أرناؤوط: "حزب الله يمتلك قاعدة ثابتة في البيئة السنّية، ولهذا سيستفيد من ضعف التصويت".

فضلاً عن ذلك، ففي ظلّ الإقبال الضعيف على التصويت، يبرز دور المال السياسي، وهو الأمر الذي أشارت عدّة تقارير صحفية عنه. وعن حظوظ اللوائح التي شكّلتها قيادات مستقيلة من تيار المستقبل، يرى أرناؤوط: "لا أرصد حركة سياسية كبيرة في الساحة السنّية".

نسبة التصويت ستنخفض بشكلٍ كبير في الساحة السنّية ولبنان ككل

ومن زاوية أخرى، يرى النائب السابق والمرشح البرلماني، مصطفى علوش، أنّ "التنافس على المستوى السنّي لا يخرج عن الطابع الكلاسيكي، وما اختلف هو غياب القيادات من الصفّ الأوّل السنّي". وأشار إلى أنّه "سيحدث اختراق من حزب الله للمقاعد السنّية، وهدفنا وقف هذا الزحف والحدّ من الخسائر".

حظوظ حزب الله وحلفائه

وفي الدوائر الشيعية كان العدد الأقل من اللوائح، وهو ما يعني إخفاق التيارات المدنية في اختراق البيئة التصويتية التقليدية لحزب الله وحركة أمل. وعلى مستوى لبنان شارك التيار المدني بكثافة، لكنّه وقع في آفة التشرذم.

 وكتب إسكندر خشاشو في موقع "النهار": "أمّا الأمر الذي يستوجب التوقّف عنده بالنسبة إلى عدد اللوائح فهو عدد اللوائح "المدنية" التي تحمل شعارات الانتفاضة والحراك والثورة و17 تشرين؛ حيث بلغت 58 لائحةً، 12 منها ألّفها الوزير شربل نحّاس منفرداً تحت شعار "قادرين"".

المرشح البرلماني مصطفى علوش، لـ "حفريات": سيحدث اختراق من حزب الله للمقاعد السنية، وهدفنا الحدّ من الخسائر ومنعه من وضع تمثيل السنّة في لبنان في جيب إيران

وعلل خشاشو ذلك بقوله:  "هذا الأمر إذا دلّ على شيء فعلى التشرذم الذي حلّ في مجموعات المجتمع المدني، إضافة إلى قلّة التنظيم، ووقوع جزء منها في فخّ المراكز والمواقع، ما أضاع على هذه المجموعات فرصة الدخول إلى مجلس النواب بعدد وازن وحصر معركتهم على عدد قليل جداً من المقاعد".

ومقابل ذلك، تحدثت تقارير عن سعي قوى عشائرية لمواجهة مرشحي حزب الله في مناطق شيعية، في شرق البلاد. ومن المتوقع أن تزداد حصة حزب القوات اللبنانية من المقاعد، سواء على حساب التيار الوطني الحرّ، وعلى حساب غياب تيار المستقبل، فالأخير لا ينحصر في المناطق السنّية فقط.

عاصم عبد الرحمن: حزب الله وحلفاؤه سيعودون بأكثرية ٧٥ نائباً تقريباً

وعن توقعات نتائج الانتخابات، قال الكاتب والباحث السياسي، عاصم عبد الرحمن: "حزب الله وحلفاؤه من جميع الطوائف سيعودون بأكثرية ٧٥ نائباً تقريباً، وأقصى طموح للمناوئين له الحصول على ثلث عدد المقاعد". وأضاف لـ "حفريات": "المشكلة أنّ المعسكر المناوئ للحزب بينهم خلافاتٍ كبيرة، وسيستفيد الحزب من الانتخابات في تجديد شرعيته الشعبية والدستورية، وسيكون الغرب مضطراً للتعامل معه كأمر واقع". وحول حظوظ الجماعة الإسلامية التي تمثّل الإخوان، قال عبد الرحمن: "يسعون للحصول على مقعدين، واحد في بيروت والثاني في الجبل".

ويتكوّن مجلس النواب اللبناني من 128 مقعداً، وسيقترع المغتربون للمرة الأولى ضمن الدوائر الانتخابية الـ 15، بعد رفض حزب الله وحركة أمل مقترح التيار الوطني الحرّ بتخصيص الدائرة الـ 16 للمغتربين، بعدد ستة مقاعد.

وتُقسم مقاعد النواب مناصفةً بين المسلمين والمسيحيين، ثم توزع مرةً ثانيةً على المذاهب الدينية داخل الفريقين، وتتكون حصة السنّة من 27 مقعداً.

مواضيع ذات صلة:

هل أخطأ الحريري في قرار مقاطعة الانتخابات اللبنانية؟

الانتخابات اللبنانية المقبلة وعواقب انقسام الشارع السُّني

الأزمة السياسية في لبنان وارتباطها بالصراع الدائر في أوكرانيا



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية