البرلمان العراقي يعجز عن إقرار قانون لحماية الأسرة... ما دور الإسلاميين؟

البرلمان العراقي يعجز عن إقرار قانون لحماية الأسرة... ما دور الإسلاميين؟

البرلمان العراقي يعجز عن إقرار قانون لحماية الأسرة... ما دور الإسلاميين؟


09/08/2023

يتصاعد الجدل في العراق مع كل حادثة اجتماعية يكون ضحيتها طفل أو امرأة تعرّضا للعنف الأسري، أدى بهما إلى الموت أو الإصابة. ويقف البرلمان عاجزاً حيال إقرار قانون العنف الذي يضرب الأسرة العراقية، بدعوى رفض مرجعيات دينية لمسودة القانون الذي يعارض الشريعة الإسلامية، ويقوم بتفكيك الاجتماع الأسري.

غياب الموقف النيابي الحاسم لتنظيم أمور الأسرة أدى إلى نشوب سجال بين الناشطين المعنيين بشؤون المرأة والطفل، والنواب المحسوبين على القوى الدينية، حيث يتهم المجتمع المدني السلطة التشريعية بالتواطؤ على حساب الضحايا، كما أنّ الثقافة الذكورية تمنع غالبية المشرّعين من إنصاف المرأة بوصفها الحلقة الأضعف في المجتمع.

ويشيع إعلام الإسلام السياسي في العراق أنّ مشاريع قوانين الأحوال الشخصية، التي تقف خلفها شخصيات علمانية ومنظمات المجتمع المدني، هدفها الإطاحة بالمبادئ الإسلامية وقوانين الشريعة التي تنظم حياة الأسرة وفقاً للمبادئ الدينية، في حين تواجه المرأة، فضلاً عن الطفل، عمليات عنف غير مسبوقة في المجتمع، نتيجة غياب القانون الرادع الذي يحميهما من التعنيف.

وقد أقرت الحكومة العراقية السابقة في عام 2020 مشروع قانون مناهضة العنف الأسري داخل مجلس الوزراء، وأرسلته إلى مجلس النواب الذي لم يتمكن من إقراره وسط تجاذبات ومخاوف وعراقيل من قبل الكتل السياسية المتنفذة التي تنطلق من إيديولوجيات دينية، بحجة أنّ القانون تقليد لقوانين غربية، ويمنح المرأة حق الحصول على رعاية حكومية، وهو ما تراه تلك الأحزاب يشجع النساء على التمرد.

ارتفاع نسبة العنف المرتكب ضد النساء في العراق

ورصدت بعثة الأمم المتحدة في العراق وجود أكثر من (1.32) مليون شخص يتعرضون لخطر العنف القائم على النوع الاجتماعي، من بينهم أكثر من 75% من النساء والفتيات، وحوالي 77% مخاطر مرتبطة بالعنف المنزلي، وأكدت أنّ العنف القائم على النوع الاجتماعي، بأيّ شكل من الأشكال، يُعدّ عائقاً أمام تحقيق المساواة والتنمية المستدامة والسلام الدائم. أمّا المنظمة الدولية للهجرة، فقد أشارت إلى أنّ 85% من الرجال العراقيين، يقولون إنّهم سيمنعون أيّ امرأة في عائلتهم من تقديم شكوى. 

وتتمثل حالات العنف الأسري بالعراق في العنف اللفظي والجسدي، وزواج القاصرات بالإكراه، وغير ذلك من الحالات التي تم تسجيل الكثير منها في المحاكم العراقية.

قوانين تلائم المجتمع

وفي ظل تصاعد الخطاب الإعلامي بين الناشطين المدنيين والقوى الإسلامية، يعتقد مراقبون أنّ القانون لن يمرّ دون توافق جميع الجهات الراعية للعملية السياسية، سواء كانت دينية أو سياسية أو اجتماعية. ويؤكد نواب عملوا في لجنة الأسرة النيابية أنّ المرجعيات الدينية طالبتهم بسنّ قوانين تلائم الحالية الاجتماعية في العراق.

وتقول رحاب العبودة، رئيسة سابقة للجنة الأسرة في البرلمان: إنّ "اللجنة استلمت منذ الدورة السابقة للبرلمان الاتحادي قانون العنف الأسري"، مبينة أنّ "القانون لم يشمل العنف ضد المرأة والطفل فقط، وإنّما الرجل أيضاً، الذي قد يتعرّض للعنف من قبل ابنه أو أخيه أو أحد أفراد الأسرة".

يشيع إعلام الإسلام السياسي في العراق أنّ مشاريع قوانين الأحوال الشخصية، التي تقف خلفها شخصيات علمانية ومنظمات المجتمع المدني، هدفها الإطاحة بالمبادئ الإسلامية وقوانين الشريعة التي تنظم حياة الأسرة

وتستدرك قائلة :"لكن حدثت ضجة إعلامية بشأن إقرار القانون، وقيل إنّ المرجعية الدينية تحرّم إقرار القانون لأنّه يعارض الشريعة الإسلامية، وقتها ذهبنا بوفد خاص تضمّن أعضاء في البرلمان وناشطين في مجال حقوق الإنسان، والتقينا بمرجعين دينييّن في مدينة النجف، وأكدا أنّهما لا يتدخلان بشؤون عمل مجلس النواب". لافتة إلى أنّ المرجعين الدينيين "شددا على ضرورة مراعاة نسخ القوانين للحالة المجتمعية العراقية، وملائمة تلك القوانين للاجتماع المحلي".

وتابعت: "بالنهاية أصبح قانون العنف الأسري حبيس الأدراج من الدورة النيابية السابقة ولغاية الدورة الحالية، لكنّ المفارقة أنّ أغلب الجهات الحكومية التي تعمل لحماية الأسرة تعمل دون غطاء قانوني".

وأعلنت وزارة الداخلية، في وقت سابق، أنّ الشرطة المجتمعية نظمت في جانب التوعية والتثقيف ورش عمل بواقع (101) ورشة عمل وندوات، وبلغ عدد المحاضرات (113) محاضرة، وتم إصدار (13815) مطبوعاً خاصاً بموضوع الجانب التوعوي والتثقيف من العنف، وكانت هناك (668) دورية راجلة توعوية.

قانونيون: المشكلة في التفسير

ويحوي الدستور العراقي الكثير من القوانين التي تفسّر وفقاً للأهواء والأمزجة السياسية أو الفئة الغالبة في المجتمع، وتُعدّ المواد القانونية الخاصة بالأسرة والمرأة والطفل من القوانين التي تخضع للتأويل والتفسير المتباينين، وفقاً لأساتذة في القانون الدستوري.

التنديد بحالات العنف التي تطال المرأة العراقية

وتنص المادة (41) من قانون العقوبات العراقي على أنّه: "لا جريمة إذا وقع الفعل (الضرب) استعمالاً لحقٍّ مقرر بمقتضى القانون، ويعتبر استعمالاً للحق تأديب الزوج لزوجته، وتأديب الآباء والمعلمين، ومن في حكمهم، الأولاد القُصّر في حدود ما هو مقرر شرعاً أو قانوناً أو عرفاً".

ويعلّق مصدق عادل، أستاذ القانون الدستوري في جامعة بغداد على هذه المادة  بقوله: "القانون العراقي يبيح للوالدين أو المعلم تأديب الطفل، في المنزل أو البيت، ولم يتطرق إلى تعنيفه، والتأديب أحياناً يكون عن طريق الزجر".

في ظل تصاعد الخطاب الإعلامي بين الناشطين المدنيين والقوى الإسلامية، يعتقد مراقبون أنّ القانون لن يمرّ دون توافق جميع الجهات الراعية للعملية السياسية

ويؤكد أنّ "المشكلة في العراق ليست في النص القانوني، وإنّما في تفسير وتأويل المادة القانونية، لكنّ الضرب في النهاية هو فعل مُجرَّم في القانون المحلي، كما في المادة (412) والمادة (413) من قانون العقوبات العراقي".  

وبشأن اعتراض المؤسسات الدينية على إقرار قانون العنف الأسري في البرلمان، يوضح أنّ "تلك المؤسسات لا شأن لها في تشريع القوانين في البرلمان مهما كانت، لكن أيضاً لن تقبل بمشاريع القوانين الخاصة في حماية الطفل لوجود العديد من الملاحظات".

ويعلل سبب رفض الكثير لنسخة قانون العنف الأسري المعلق إقراره في مجلس النواب، إلى طبيعة المجتمع العراقي، بوصفه "مجتمعاً محافظاً، لا يسمح للأب أن يتضرر بسبب ولده أو غيره".

مواضيع ذات صلة:

تقرير أممي: إنجاز إماراتي جديد بملف حقوق المرأة.. ما هو؟

الأمم المتحدة: تقييد حقوق المرأة يجعل الاعتراف بحكومة طالبان شبه مستحيل



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية