التطبيع بين أنقرة ودمشق مؤجل لمدة طويلة

التطبيع بين أنقرة ودمشق مؤجل لمدة طويلة

التطبيع بين أنقرة ودمشق مؤجل لمدة طويلة


07/09/2023

علي حمادة

شكلت آخر تصريحات أدلى بها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان منتقدا فيها نظيره السوري الرئيس بشار الأسد دليلا جديدا يضاف إلى سلسلة طويلة من الأدلة التي تراكمت منذ انتهاء الانتخابات الرئاسية والتشريعية التركية في شهر مايو الماضي.

وللتذكير، اتسم خطاب الرئيس التركي خلال حملته الانتخابية التي سبقت التوجه إلى صناديق الاقتراع باعتدال لافت حيال دمشق، حيث أبدى أردوغان أكثر من مرة رغبته في لقاء الأسد في قمة لبحث القضايا المشتركة بينهما أهمها في تلك المرحلة كان ملف اللاجئين السوريين الذي تحول إلى مادة ملتهبة في السجالات الانتخابية لا سيما بين المرشح أردوغان والمرشحين المنافسين وفي طليعتهم كمال كيليجدار أوغلو. في تلك المرحلة التي سبقت التصويت حفلت مواقف الرئيس أردوغان بإبداء الاستعداد للقاء نظيره السوري، في حين أن الأخير وفي أكثر من موقف كان يرفض عقد أي لقاء مع أردوغان قبل أن تنسحب تركيا من الحزام الحدودي الذي ترابط فيه قواتها.

انتهت الانتخابات بفوز أردوغان بولاية رئاسية ثالثة، وعلى الأثر عاد الأخير إلى خطابه التقليدي حول قضية الانتشار العسكري التركي في شمال سوريا، معتبرا أن الجيش يرابط هناك لحماية الأمن القومي التركي ضد تهديدات التنظيمات الكردية الانفصالية، وفي طليعتها حزب العمال "البي كي كي" المصنف "إرهابيا" من قبل السلطات التركية. وبمرور الوقت لم يتغير الخطابان لا في دمشق ولا في أنقرة، بل ترسخا بسلبية متبادلة أكثر من أي وقت مضى. حيث استمرت دمشق في اشتراط انسحاب تركي من الأراضي السورية كمقدمة للانفتاح. فيما ظل الموقف التركي متشبثا بذريعة حماية الأمن القومي، والحدود من هجمات حزب العمال الكردي انطلاقا من الأراضي السورية. إضافة إلى رفع شعار إعادة اللاجئين السوريين إلى مناطق في الشريط الحدودي يجري فيها تشييد مجمعات سكنية يوطن فيها اللاجئون كمرحلة أولى قبل عودتهم إلى مدنهم، وبلداتهم وقراهم الأصلية.

يمكن القول إن موقفي الطرفين لم يتغيرا بالنسبة إلى العلاقة بينهما. فقد بدا أردوغان الذي فاز مع الائتلاف الحاكم بالرئاسة وبالأغلبية البرلمانية أكثر ثقة بوضعه السياسي الداخلي، إضافة إلى أنه سارع إلى تحسين علاقاته العربية، خصوصا في منطقة الخليج، وعاد ليقترب من شركائه في حلف شمال الأطلسي "الناتو" برفع الفيتو عن فنلندا للانضمام إلى الحلف في يوليو الماضي. وفي الوقت عينه أبقي على قنوات التواصل المعززة مع روسيا الأمر الذي مكنه في نهاية المطاف من لعب دور قبل أيام في قمة سوتشي التي جمعته مع الرئيس فلاديمير بوتين في مفاوضات إحياء "اتفاق الحبوب" الروسي – الأوكراني. وإذا كانت كل من إيران وروسيا تدعمان الرئيس بشار الأسد فهما لم تذهبا إلى حد الاصطدام بأنقرة، لا بل إنهما تصران على لعب دور الوساطة لتطبيع العلاقات بين أردوغان والأسد.

من الواضح أن الرئيس التركي، وبعد فوزه بالانتخابات لم يعد يرى حاجة لتقديم تنازلات فورية لدمشق. فهو بكل وضوح غير معني بالانسحاب من الشمال السوري. كما أنه غير متلهف للتطبيع بشكل عام بسبب تراجع الضغط الداخلي. في المقابل لا يرى الأسد مصلحة للتطبيع من دون تحقيق إنجاز لمصلحته أقصاه أن ينسحب الجيش التركي، وأدناه أن ينتزع من أردوغان وعدا أو موعدا للانسحاب، أو ربما برنامجا ورزنامة مبدئية. في الانتظار سيبقى التطبيع بعيد المنال لأنه لا يبدو أن للطرفين مصلحة فورية فيها.

عن "سكاي نيوز عربية"




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية