التقارب السعودي الإيراني... هل تختلف حسابات خامنئي؟

التقارب السعودي الإيراني... هل تختلف حسابات خامنئي؟

التقارب السعودي الإيراني... هل تختلف حسابات خامنئي؟


23/05/2023

رغم تقارب المملكة العربية السعودية والجمهورية الإيرانية والانفتاح بين البلدين، والاتفاق على إعادة التمثيل الدبلوماسي، وتعزيز العلاقات السياسية والاقتصادية، إلا أنّ هناك الكثير من أصحاب القرار في طهران يحاولون الإبقاء على الأحقاد عبر تصدير شخصيات معروفة بتشددها وبتطرفها.

وتحرص طهران أكثر من أيّ وقت مضى على إنهاء عزلتها واكتساب الشرعية في الداخل، لكنّ المرشد الأعلى علي خامنئي ودائرته لهم حسابات أخرى، لهذا يحاول التمسك بخيارات مرفوضة لدى المجتمع الدولي، خاصة بما يتعلق بالاحتجاجات وقمعها في البلاد، حسب صحيفة "الإندبندنت".

وظهر هذا التوجه بقرار للرئيس إبراهيم رئيسي، أمس، الذي عيّن فيه القائد بالحرس الثوري المعروف بتصريحاته المتشددة علي أكبر أحمديان أميناً للمجلس الأعلى للأمن القومي، خلفاً لعلي شمخاني الذي وقّع الاتفاق مع المملكة العربية السعودية في نيسان (أبريل) الماضي، وفق ما أكدته وكالة "إيران إنترناشيونال".

ويُعتقد أنّ شمخاني المقرب من الرئيس الإصلاحي السابق حسن روحاني دُفع نحو الاستقالة؛ بسبب ضغوط مارسها المتشددون في النظام لرفضه استعمال القمع المفرط ضد المحتجين على مقتل الشابة الكردية مهسا أميني، واعتقد آخرون أنّ الإقالة جاءت على خلفية التقارب مع المملكة العربية السعودية، حسبما أوردت شبكة "ميديل إيست أون لاين".

وتولى شمخاني منصب أمين المجلس الأعلى للأمن القومي في عام 2013، وشغل منصب وزير الدفاع في عهد الرئيس الإصلاحي محمد خاتمي الذي تولى الرئاسة فترتين من 1997 إلى 2005.

تحرص طهران أكثر من أيّ وقت مضى على إنهاء عزلتها واكتساب الشرعية في الداخل

وكان له حضور نشط على الساحة السياسية في البلاد على مدى عقود، ووقع اتفاقاً بوساطة الصين مع السعودية في نيسان (أبريل) لإنهاء خلافات سياسية استمرت لأعوام بين البلدين.

وكانت وسائل إعلام إيرانية رسمية قد تحدثت أول من أمس عن تقديم شمخاني استقالته، حيث أكدت وكالة "نور نيوز" التابعة للمجلس الأعلى في إيران خبر الاستقالة، وسط حديث أنّه دُفع لاتخاذ القرار بضغط من جهات متشددة في النظام.

وكانت جهات إيرانية قد تحدثت عن صراع خفي بين مجلس الأمن القومي ووزارة الخارجية، وذلك بعد الاستعانة بشمخاني للقيام بدور مهم في المصالحة مع السعودية واستئناف العلاقات، في حين أنّ الأمر من اختصاص الخارجية والوزير حسين عبد اللهيان، ويرى متابعون أنّه تم تهميش الأخير.

رئيسي يعيّن القائد بالحرس الثوري المعروف بتصريحاته المتشددة أحمديان أميناً للمجلس الأعلى للأمن القومي، خلفاً لعلي شمخاني الذي وقع الاتفاق مع السعودية

وكان لشمخاني لقاءات مهمّة مع عدد من المسؤولين في المنطقة، على غرار اللقاء الشهير مع مستشار الأمن الوطني في دولة الإمارات الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان.

ويتمتع مجلس الأمن القومي بنفوذ مهم في إيران، وقد أدار العديد من الملفات الحارقة، خاصة الملف السوري، والصراع مع الغرب فيما يتعلق بالملف النووي، وكان له دور في محاولة قمع الاحتجاجات السلمية الأخيرة التي اندلعت عقب مقتل الشابة الكردية مهسا أميني.   

ويهتم مجلس الأمن القومي بتعيين السياسات الدفاعية والأمنية للبلاد، في إطار السياسات العامة التي يحددها مرشد الجمهورية الإسلامية.

ويحوي المجلس عدداً مهمّاً من الأعضاء، من بينهم رؤساء السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، ورئيس هيئة أركان القيادة العامة للقوات المسلحة، ومسؤول شؤون التخطيط والميزانية.

كما يضم المجلس مندوبَيْن يعيّنهما مرشد الجمهورية ووزراء الخارجية والداخلية والأمن والمسؤول الأعلى بكل من حرس الثورة والجيش.

جهات إيرانية تحدثت عن صراع خفي بين مجلس الأمن القومي ووزارة الخارجية، وذلك بعد الاستعانة بشمخاني للقيام بدور مهم في المصالحة مع السعودية

وبالعودة إلى ملف التقارب بين البلدين، أصدرت الخارجية الإيرانية أمس قراراً بتعيين علي رضا عنايتي سفيراً لإيران في السعودية.

ووفقاً لوكالة "ميزان" التابعة للسلطة القضائية في إيران، فإنّ عنايتي عمل مساعداً لوزير الخارجية، والمدير العام لشؤون الخليج العربي في الوزارة.

وسبق أن شغل منصب المسؤول عن السفارة الإيرانية في الكويت في أيار (مايو) 2014، قبل أن يتم تعيينه في بداية 2019 مديراً عاماً لمنطقة الخليج العربي في وزارة الخارجية الإيرانية.

واتفق وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله، خلال مباحثات هاتفية مع نظيره الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، قبل أيام، على إنجاز خطوات في ضوء ما تم التوصل إليه بين البلدين مع الصين.

وقالت وكالة الأنباء السعودية (واس) في حينه: إنّ "فيصل بن فرحان وعبد اللهيان استعرضا خلال الاتصال العلاقات الثنائية، وسبل تطويرها في مختلف المجالات، بالإضافة إلى بحث العديد من الموضوعات التي تهم البلدين، والخطوات المقبلة في ضوء ما تم الاتفاق عليه مؤخراً مع جمهورية الصين الشعبية".

وكان وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان قد أعرب، في وقت سابق، عن ارتياحه لـ"التقدم المحرز" في التوافقات التي تم التوصل إليها بين بلاده والسعودية.

وقال عبد اللهيان في تصريحات صحفية: إنّه "سيتم الإعلان عن إعادة فتح السفارة السعودية في طهران، وتعيين السفير الإيراني لدى السعودية قريباً".

وقد التقى وزيرا خارجية السعودية وإيران في بكين الشهر الماضي، لمناقشة التفاصيل الرئيسية في استئناف العلاقات بعد اتفاق تاريخي توسطت فيه الصين خلال آذار (مارس) الماضي.

مواضيع ذات صلة:

بعد الاتفاق مع السعودية... هل توقف إيران جرائم الميليشيات الحوثية؟

عودة العلاقات السعودية ـ الإيرانية... ما أبعادها وانعكاساتها؟

السعودية وإيران تعقدان اتفاقاً تاريخياً... أبرز ردود الفعل العربية والدولية



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية