الجزائر: كيف رد الناشطون على مفهوم الإخوان لـ "المصلحة الوطنية"؟

الجزائر: كيف رد الناشطون على مفهوم الإخوان لـ "المصلحة الوطنية"؟

الجزائر: كيف رد الناشطون على مفهوم الإخوان لـ "المصلحة الوطنية"؟


28/09/2023

قال الوجه الإخواني الجزائري عبد الرزاق مقري: إنّ كلمة "المصلحة الوطنية" تتسم بـ "الغموض في الدول غير الديمقراطية، وتُتداول كثيراً في المزايدات السياسية بين السلطة المتحكمة والقوى التي تعارضها"، فكيف ردّ الناشطون؟

في ورقته الموسومة "ثنائية المصلحة الوطنية والمصلحة الحزبية في العمل الإسلامي"، رأى مقري أنّ "نظرية الواقعية السياسية تقوم على بحث الدولة عن مصالحها الوطنية وضمان تفوقها بكل الوسائل المشروعة وغير المشروعة، وهي النظرية المهيمنة في الساحة الدولية".

وتابع: "لئن كان مفهوم المصلحة الوطنية في العلاقات الدولية واضحاً ومفهوماً، وكانت استعمالاته السياسية غير الأخلاقية أمراً متعارفاً عليه في الدول الغربية، فإنّ استعمال "المصلحة القومية" في البلاد العربية في الشؤون السياسية الداخلية بقي مبهماً وفضفاضاً وغامضاً".

حاول مقري تبرير الانسحاب المتأخر للإخوان من الائتلاف الحاكم عام 2011، ومحاولتهم آنذاك تحسين صورتهم التي تلطخت كثيراً، بعدما مرّروا قوانين عارضتها فئة كبيرة من الجزائريين زمن الرئيس المخلوع عبد العزيز بوتفليقة

وتصوّر القائد السابق لـ (السلم) أنّ "الأنظمة المستبدة أصبحت تستعمل مفهوم المصلحة الوطنية كثيراً للضغط على القوى المعارضة باتهامها بأنّها تهدّد هذه المصلحة، كلما رفعت تلك القوى المعارضة سقف معارضتها للسياسات الرسمية الخاطئة، ولم تجعل تلك الأنظمة لنفسها سقفاً في المطالبة بالتنازلات من القوى الوطنية المعارضة لكي "تمنحها" صفة "الوطنية"، بالرغم من أنّ تصرفات أولئك الحكام، التي يُطلب التنازل لها، هي في حدّ ذاتها مهددة للمصلحة الوطنية في كثير من الأحيان".

مقري اعتبر محفوظ نحناح (1942ـ 2003)، مؤسّس (السلم)، نموذجاً كاملاً، مبرزاً وقوف الرجل "منذ بداية التسعينيات ضد العنف، وتضحيته بكثير من رجاله الذين اغتالتهم أيادي الإجرام، على رأسهم رفيقه ونائبه محمد بوسليماني، ومدّ يده لكل القوى السياسية الوطنية والعلمانية المعتدلة والأكثر تطرفاً من أجل تحقيق المصالحة الوطنية، وتعرّضه لانشقاقات كبيرة في صفوف حزبه ولخسائر كبيرة في شعبيته وشعبية حزبه بسبب سياسات التهدئة وتوجهات المشاركة السياسية التي انتهجها، إلى جانب تزوير الانتخابات عليه، ومنعه من الترشح"، على حدّ تعبيره.

غطاء "المصلحة الحزبية"

في محاولة لتفسير فشل الزعيم السابق لإخوان الجزائر في الوصول إلى كرسي الرئاسة في انتخابات 16 تشرين الثاني (نوفمبر) 1995، دفع مقري بأنّ "نحناح بقي يتعرض لكل أنواع الصدّ والدسائس خوفاً من أن يتقدم نحو المشاركة الفعلية في قيادة الدولة بالطرق الديمقراطية، إلى أن أصبح يُقال إنّ الباعث على التزوير الانتخابي ضد الشيخ محفوظ وحزبه هو من أجل المصلحة الوطنية".

محفوظ نحناح

وكشف مقري أنّ "نحناح لم يقبل الحديث المطلق عن المصلحة الوطنية، دون أن يكون المفهوم واضحاً ومحدّداً، فأطلق عبارته المشهورة "المصلحة الوطنية المتفق عليها"، حتى لا تستغل عبارة "المصلحة الوطنية" كغطاء للتفريط في "المصلحة الحزبية" خدمة للمصالح الشخصية للحكام وليس من أجل مصلحة الوطن".

وطرح النائب السابق في البرلمان الجزائري مجال المصلحة الشرعية، وشدّد على وجوب أن تكون "موافقة لمقصود الشارع، وأن تكون مصلحة حقيقية لا مصلحة وهمية تُتخيل فيها المنفعة ولكنّها تشمل مضرة خفية، وأن تخدم مصلحة ضرورية أو حاجية أو تحسينية، وأن يتم النظر إليها من حيث قوتها، ومن حيث شمولها، فلا تقدّم المصلحة الحاجية على المصلحة الضرورية، ولا تقدّم المصلحة التحسينية على المصلحة الحاجية، ولا تقدّم المصلحة الخاصة بأفراد على المصلحة المتعلقة بجماعات، ولا تقدّم المصلحة المتعلقة بجماعات على المصلحة العامة لكل أمّة".

ردّ رؤوف بدوي وإسكندر مجبور على كلام مقري بالقول: "موعد الانتخابات اقترب...، هم يظهرون فقط حين تقترب الانتخابات"، في إشارة منهما إلى لعب الوجه الإخواني على وتر الظهور المكثّف تمهيداً لترشحه إلى الاقتراع الرئاسي المرتقب أواخر العام 2024

وفي اشتغال بدا أقرب إلى التنظير، اشترط مقري "ألّا يتخصص في تحديد المصلحة أصحاب المصالح المقصودة في أيّ مجال من المجالات، وأن تحدّد المصلحة بالتشاور بين أولي الرأي ومن انتدبتهم الأمّة لذلك، ومن أهل العلم والخبرة ممّن قصدتهم الآية الكريمة: "فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون"، الذين يعرفون موافقة المصلحة لمقصد الشارع ويميّزون بين المصلحة الحقيقية والمصلحة الوهمية، ويميّزون بين الأهمّ والمهمّ، والعاجل من الآجل، ويعرفون تقدير مآلات الأمور".  

سيناريو "تسيير الحكومة"

خلص مقري إلى أنّ المصلحة الحزبية جزء من المصلحة الوطنية، معتبراً أنّ "الحزب في أصل وجوده وأساسيات أهدافه يطمح للسلطة، وما دامت أهداف أيّ سلطة هي خدمة المصالح الوطنية المذكورة أعلاه وخدمة أيّ مصلحة وطنية أخرى تتعلق بنفع الوطن والمواطن، فإنّ الحزب وسيلة أساسية في اتجاه خدمة المصلحة الوطنية، إذ المطلوب منه أن يجسدها بنفسه حينما ينتقل إلى الحكم ويتولى إدارة السلطة التنفيذية". 

ولتبرير الانسحاب المتأخر للإخوان من الائتلاف الحاكم عام 2011، ومحاولتهم آنذاك تحسين صورتهم التي تلطخت كثيراً، بعدما مرّروا قوانين عارضتها فئة كبيرة من الجزائريين زمن الرئيس المخلوع عبد العزيز بوتفليقة، كتب مقري: "استطاعت الحركة الكبيرة أن تنتقل إلى المعارضة السياسية وفق النهج القائم نفسه على التوازن بين المصلحة الوطنية والمصلحة الحزبية، وأن تُحوّل ما ضاع من مصالح حزبية في سبيل المصلحة الوطنية إلى مكتسبات حزبية ووطنية معتبرة" (...).

ورغم التراجعات المسجّلة لـ (السلم) منذ الانتخابات التشريعية في 5 حزيران (يونيو) 1997 وصولاً إلى محليات 27 كانون الأول (ديسمبر) 2021، ارتضى مقري الحديث عمّا سمّاها "ارتفاع سمعة الحركة ورمزيتها ومصداقيتها لدى الجماهير، وفي نفوس النخب السياسية والفكرية والاجتماعية".

ولم يكتفِ بذلك، بل رأى أنّه "لولا استمرار حالة التزوير الانتخابي، لكانت الحركة هي من يسير الحكومة اليوم".

المغالطات

ردّ ناشطو منصات التواصل على ما اعتبروها "مغالطات" ساقها مقري بشأن "حكاية المصلحة الوطنية ونظيرتها الحزبية"، وفي هذا الصدد تساءل الناشط إبراهيم كشيدة: "متى مورس الضغط على الشيخ نحناح؟ بحسب التاريخ القريب لم نشهد أيّ ضغط مورس على الشيخ نحناح، لأنّه باختصار شديد كان ركيزة أساسية اتخذتها السلطة الحاكمة في التحالف الذي تشكّل بعد توقيف المسار الانتخابي، والذي انبثقت عنه مؤسسات فاقدة للشرعية حكمت الجزائر لأعوام عديدة، وهي التي تسببت في هذا الفساد الذي انتشر بشكل غير مسبوق في كل هياكل الدولة ... والصغير قبل الكبير يدرك جيداً أنّكم جزء من هذه المنظومة الفاشلة التي أغلقت الطريق أمام كل أمل في التغيير الإيجابي".

وردّ رؤوف بدوي وإسكندر مجبور على كلام مقري بالقول: "موعد الانتخابات اقترب...، هم يظهرون فقط حين تقترب الانتخابات"، في إشارة منهما إلى لعب الوجه الإخواني على وتر الظهور المكثّف تمهيداً لترشحه إلى الاقتراع الرئاسي المرتقب أواخر العام 2024.

من جهته، غرّد وليد يزيد: "الفرد البسيط في أيّ مجتمع يعرف المصلحة الوطنية حق المعرفة، وهي لا تحتاج إلى دراسة واجتهاد... وبما أنك اجتهدت، انقل دراستك لزملائك السياسيين والمسؤولين، فقد اختلطت مصالحهم والمصلحة الوطنية، واستقرارهم في قصورهم واستقرار الوطن".

وتساءل بشير أمين: "لماذا لم تدافع بشراسة عن المصلحة العامة؟ أنت كنت من المؤيدين لعهدة بوتفليقة الخامسة، واليوتيوب شاهد على ذلك"، وعلّق منير بحري ساخراً: "هل أنت هنا في الجزائر، أم أنك هاجرت سراً إلى الخارج؟"، وأردف رامي أبو محمد: "الفكر المستورد".

عبد الرحمن بحيري خاطب مقري قائلاً: وأنت ماذا قدمت للجزائر؟، في حين لاحظ عمار زيتوني: مقري عندما كان على رأس السلم، لم يعتنق هذا الخطاب... سبحان الله!

عبد الرحمن بحيري خاطب مقري قائلاً: "وأنت ماذا قدمت للجزائر؟"، في حين لاحظ عمار زيتوني: "مقري عندما كان على رأس السلم، لم يعتنق هذا الخطاب... سبحان الله!"، وأضاف الوناس عصماني: "يا مقري، أنت مستفيد من ريع النظام... اسكت مع أمثالك"، وعقّب رشيد بولمزاود: "صحّ النوم يا مقري".

من جهته، سجّل سليم عليوي: "أنت كنت معهم يا مقري. والله دوختونا وهبلتونا، ابعدوا عنا على وجه ربي"، وأيّده صادق أوسليماني: "كنت مشاركاً معهم، وزكّيت كل خططهم، فلماذا كل هذا النفاق؟ إذن توقف، حديثك يبعث على الغثيان"، ولفت سمير قاسي إلى أنّ "المُباع يظلّ مُباعاً".

وقال أحمد دادي: "عندما تفهم الإسلام، ستستطيع تغيير عقليات الناس"، بينما تهكّم سليمان ملوكي: "هل صرت تمارس الفلسفة الآن؟"، وانتهى مراد بن علي وأمين حليمي إلى أنّ الأمر يتعلق بـ "العودة إلى الوراء والحكاية المنتهية"، وختم مولود ساعد: "اتركوا البلاد، إنّها في الطريق الصحيح".

مواضيع ذات صلة:

كيف أثر الإسلام السياسي في الجزائر على معركة العباءة بفرنسا؟

خارطة إسلاميي الجزائر : انحسار وتشرذم

إخوان الجزائر يستثمرون في لقاء المنقوش وكوهين... تفاصيل




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية