الجزائر: ما تداعيات الرسالة الإخوانية إلى الرئيس تبون؟

الجزائر: ما تداعيات الرسالة الإخوانية إلى الرئيس تبون؟

الجزائر: ما تداعيات الرسالة الإخوانية إلى الرئيس تبون؟


19/11/2023

بعث عبد الرزاق مقري القائد السابق لحركة (السلم) الجزائرية، "أكبر واجهة محلية للإخوان"، رسالة مفتوحة إلى الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، فماذا كانت التداعيات؟

في منشور على صفحته الرسمية بمنصة (فيسبوك)، رفع مقري (10) مطالب إلى الرئيس تبون، تصدّرها مطلب "إخراج الجزائر من المبادرة العربية لحل الدولتين"، وبرّر الرجل القوي في (السلم) بأنّ "المبادرة ظالمة، وتشبه طلب الرئيس الفرنسي الراحل شارل ديغول من ثوّار الجزائر، قبل (6) عقود، بالتخلي عن الصحراء الجزائرية".

وأهاب النائب السابق في البرلماني الجزائري برئيس البلاد لـ "إيقاف تعطيل قانون تجريم التطبيع في البرلمان الجزائري، وذلك لقطع الطريق، في الحاضر والمستقبل، على المطبّعين الكامنين داخل مؤسسات الدولة، ولكم في الموقف المشين لعميد مسجد باريس المسنود والممول من الدولة الجزائرية أكبر دليل، وغيره كثير".

 توجّه علي دباغ بالقول لعبد الرزاق مقري ساخراً: هي رسالة مهمة جداً، لكن كان من باب أولى أن توجّهها إلى صديقك أردوغان لأسباب كثيرة، منها العسكري ومنها الجغرافي، باعتبار إسرائيل على مرمى حجر من الإمبراطورية التركية العظمى!

وحثّ متزعّم (السلم) بين عامي 2013 و2023 الرئيس تبون على "كشف الأطراف التي أفشلت مبادرته للمصالحة الفلسـطينية للرأي العام الجزائري، وأخذ العبرة من ذلك، إن كان الهدف من المبادرة هو نصرة القضية الفلسـطينية وتوجيه الدعم المالي لحركة حماس والمقاومة، التي شرفتكم ودعّمت مشروعكم ولم تخدعكم، والتي تكافح فعلياً من أجل تحرير فلسطين وتضحّي على الأرض كل يوم".

ودعا مقري رئيس الجزائر إلى "الانتقال بالحراك الدبلوماسي إلى فاعلية أكبر، عبر بذل أقصى الجهد مع الدول الشقيقة والصديقة لوقف العـدوان وإدخال المساعدات وإغاثة أهل غـزة"، كما نادى لـ "مراجعة مواقف الجزائر الخارجية وخطابها الرسمي وتصرفاتها مع الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية، في ظروف العدوان خصوصاً، بما يظهر انزعاج الجزائر الحقيقي من كونهم مشاركين في الجـريمة، وتجنّب الاستقبالات الدبلوماسية غير المناسبة في هذه المرحلة كما حدث عدة مرات"، على حدّ تعبيره. 

استغلال الفضاءات والإسهام العسكري

عاد مقري ليجدّد مطلب الإخوان بـ "السماح بل تشجيع التحرك الشعبي الدائم، وعلى رأسها المسيرات الشعبية، للتعاطف مع غـزة ودعم المقاومة، كما يحدث في كل أنحاء العالم، لما في ذلك من آثار إيجابية لصالح فلسطين كما بات مسلّماً به لا يجادل في ذلك عاقل، والسماح بالوقفات الاحتجاجية السلمية أمام سفارات الدول المشاركة في العدوان".

 عبد الرزاق مقري القائد السابق لحركة (السلم) الجزائرية

مقري طالب بضرورة "تحويل المناسبات الثقافية والرياضية إلى فضاءات للتعبير عن دعم المقاومة بدل القرار الخاطئ الذي اتخذته الحكومة الجزائرية بإيقافها، خصوصاً المناسبات الرياضية التي تحوّلت إلى تظاهرات في العديد من الدول لنصرة القضية الفلسطينية".

وشدّد المرشح الإخواني المرتقب لرئاسيات 2024 على "تشكيل جسر جوي للإغاثة والضغط على الحكومة المصرية لإدخال المساعدات إلى القطاع ونقل المصابين إلى الجزائر من أجل العلاج، وتخصيص موازنات معتبرة لإعادة الإعمار بعد الحرب وبناء منشآت جزائرية في مختلف الاحتياجات بغزة، كما تفعل بعض الدول الأخرى في القطاع".

قال عبد الرحيم مزاري: "القضية الفلسطينية ليست للمتاجرة ولا للمساومة"، وأيّدته زهرة حمّاش: "ما لاكه مقري مجرد كلام للاستثمار السياسي، وأقول للإخوان أنتم عاجزون وفاشلون في العمل الجاد، ثمّ تتمطقون بدعم غزة"

ورأى مقري بوجوب تجنّب ما سمّاها "سياسة دفع الجزائريين ليتعايشوا مع العدوان وتقبله، والعمل على بقاء ثباتهم في دعم القضية حتى النصر بحول الله، من خلال المحافظة على الأداء الجيد، على العموم، للمساجد والمؤسسات الإعلامية، وبجعل المدرسة مكاناً أساسياً للوعي بطبيعة المعركة القائمة، وعن طريق تشجيع الشخصيات والمنظمات والمؤسسات المتطوعة للعمل الفلسطيني في مختلف المجالات، والسماح بجمع المال والمساعدات الشعبية وتسهيل نقلها".

وانتهى مقري إلى مطالبة الرئيس تبون بـ "التخطيط والإنجاز من أجل المشاركة في تحرير المسجد الأقصى وفلسـطين بمختلف الوسائل، ومنها المساهمة العسكرية على نحو ما قامت به الدول الصديقة والشقيقة لصالح الثورة الجزائرية بالأمس، وعلى نحو ما تقوم به إيران مشكورة لصالح المقاومة اليوم، وتشجيع الدول العربية والإسلامية السنّية على ذلك، ليكون التحرير القادم القريب بحول الله إنجازاً للأمة الإسلامية كلها".

الاستثمار في الأزمات 

اعتبر ناشطو شبكات التواصل مطالب الإخوان أنّها تندرج ضمن سياق "الاستثمار السياسي في الأزمات"، وضمن هذا السياق توجّه علي دباغ بالقول لعبد الرزاق مقري ساخراً: "هي رسالة مهمة جداً، لكن كان من باب أولى أن توجّهها إلى صديقك رجب طيب أردوغان لأسباب كثيرة، منها العسكري الاستراتيجي ومنها الجغرافي، باعتبار إسرائيل على مرمى حجر من الإمبراطورية التركية العظمى!".

على المنوال ذاته، قال عبد العظيم خماري: "الخوف كل الخوف أن تشارك الجزائر عسكرياً وتحرّر فلسطين (بحسب دعوتكم، وهو ما يتمناه كل حر)، ثمّ ستقولون تركيا هي من حرّرت فلسطين!".

وشدّد عبد الرحيم مزاري: "القضية الفلسطينية ليست للمتاجرة ولا للمساومة"، وأيّدته زهرة حمّاش: "ما لاكه مقري مجرد كلام للاستثمار السياسي، وأقول للإخوان أنتم عاجزون وفاشلون في العمل الجاد، ثمّ تتمطقون بدعم غزة". 

اعتبر ناشطو شبكات التواصل مطالب الإخوان أنّها تندرج ضمن سياق "الاستثمار السياسي في الأزمات"

واستغرب رياض عادل طرفة زجّ مقري بنظام طهران، واستفهم: "من فضلك أخبرنا ماذا قدمت إيران للقضية والمقاومة الفلسطينية؟"، وأردف علي مادوري: "الأمر يتعلق بالرغبة في ركوب الموجة".

من جانبه، لاحظ صلاح مزيان: "أكلنا يوم أكل الثور الأبيض، وهذا كلام للاستهلاك من هذه الحركة"، وذهب جلال الدين صافي إلى أنّ "كل المبادرات لن تعين الشعب الفلسطيني، وللجزائر بطاقات يمكن استعمالها في الضغط على أوروبا، وأكثرها أهمية هو غازها الذي يمكن قطعه عن الاتحاد الأوروبي، ويمكنها، بل يجب عليها، قطع كل تعاون استخباراتي مع الذين يدّعون أنّهم يقاتلون الإرهاب في أفريقيا، وثالثاً تمكين روسيا من تعزيز وجودها لا لشيء إلا لمحاربة نفوذ الغرب ومصالحه في بعض الدول الأفريقية، أمّا المبادرات الدبلوماسية والتصريحات، فلن تفيد غزة".

حراك مجتمعي 

في حراك لافت، قامت فعاليات مجتمعية جزائرية بتحريك دعوى جماعية ضدّ الكيان وإيداعها في مقرّ المحكمة الجنائية الدولية في (لاهاي).

في هذا الصدد، أوضح المحامي الجزائري عبد المجيد مراري أنّ الدعوى أعدّها ناشطو المجتمع المدني ومجموعة من المحامين، وتتألف من نحو (55) صفحة موثّقة بجرائم الإبادة الجماعية التي ترتكبها قوات الاحتلال في القطاع والضفة والقدس.

وأكد مراري أنّ الشكوى تنبني على أسس قانونية قوية تتصدرها اعتبار دولة فلسطين بلداً عضواً في الجنائية الدولية بموجب قرار 5 شباط (فبراير) 2021، والذي أعلنت فيه الغرفة التمهيدية الأولى للجنائية الدولية بسط ولايتها القضائية على الأراضي الفلسطينية، بما فيها الضفة الغربية والقدس الشرقية وقطاع غزة، واعتبارها فلسطين دولة عضواً داخل هذه المحكمة، ولها اختصاص النظر في كل الجرائم والانتهاكات التي ترتكب على مساحتها الجغرافية.

المحامي الجزائري أضاف: "الجنائية الدولية لها اختصاص النظر، ما دام أحد الأطراف ضحية، والمحكمة مُلزمة بحماية أعضائها، وبالتالي هي مُلزمة بالتحرك، ومن هنا جاء تحرّك المدعي العام للجنائية الدولية إلى معبر رفح، لأنّ الغرض والنية كان الدخول إلى غزة، لكنّ الاحتلال منعه مثلما منع الأمين العام للأمم المتحدة من الدخول إلى القطاع ."

مراري استهجن استمرار عجز الدول الكبرى عن إيقاف جرائم الكيان في حق الشعب الفلسطيني، واعتبر تلك الدول "شريكة وداعمة للكيان ومبرّرة للجرائم التي يقترفها بدعوى الدفاع عن النفس، وهو أمر ردّت عليه محكمة العدل الدولية بتأكيدها: "لا يحق لإسرائيل أن تتمسك بالمادة الـ (51) من ميثاق الأمم المتحدة، وأن تتحجّج بالدفاع عن النفس لأنّ لها صفة المحتل".

مواضيع ذات صلة:

هل الإخوان مؤهلون للحُكم في الجزائر؟

كيف ردّ الجزائريون على مزاعم الإسلامي علي بن حاج؟

ناشطون: أكبر واجهة إخوانية في الجزائر ليست على ما يرام



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية