"الجهاز السري: الإخوان المسلمون وصناعة الموت".. الجماعة تمثل تهديداً وجودياً

"الجهاز السري: الإخوان المسلمون وصناعة الموت".. الجماعة تمثل تهديداً وجودياً

"الجهاز السري: الإخوان المسلمون وصناعة الموت".. الجماعة تمثل تهديداً وجودياً


06/07/2023

استعرض مركز "عين أوروبية على التطرف" ما جاء في كتاب "الجهاز السري: الإخوان المسلمون وصناعة الموت"، نشاطات الجماعة وطرق عملها، والدعم الذي حظيت به من قبل بعض الدول خاصة الولايات المتحدة الأمريكية.

ووفقاً لتحليل المركز، فقد أدان الكتاب الذي ألفته الباحثة المصرية (سينثيا فرحات) بصورة قوية ومحددة الإخوان المسلمين من جانب، والدول الغربية مثل الولايات المتحدة من جانب آخر، لعجزها عن اكتشاف الخطر الذي تمثّله الجماعة. 

وينطلق الكتاب من أطروحة رئيسة مفادها أنّ جماعة الإخوان المسلمين، التي تأسّست منذ قرابة قرن من الزمن (1928)، تشكّل تهديداً أكبر بكثير من المتصور، فهي "حاضنة الإرهاب الإسلاموي الحديث في العالم"، و"أخطر جماعة متشددة".

وأكد التحليل أنّه على الرغم  من أنّ الكتاب يبدو مدفوعاً بالاستياء العميق من جماعة الإخوان، فإنّه يقدِّم حقائق وروايات دقيقة. ولا تعتمد الأبحاث والتحليلات والاستنتاجات الواردة في الكتاب على آراء أو ترجمات طرف ثالث، بل من النصوص الأصلية، وكلمات قادة الإخوان المسلمين أنفسهم، لافتاً إلى أنّ موقف الكاتبة الحانق على الجماعة، والواضح في كل صفحة من صفحات الكتاب، ينبني على دراسة وبحث مستفيض للتنظيم، منذ أكثر من عقدين.

ومن أجل مساعدة القارئ على فهم الكتاب، وتقدير أهميته، قسّم محتوى فصول الكتاب الـ (13) إلى (5) أجزاء رئيسة: العوامل المؤثرة في نشأة الجماعة، ومؤسس الجماعة، واستراتيجيات الخداع، والتأثير، والسياسة الأمريكية.

غلاف الكتاب

 وربط المركز مسألة تشكل جماعة الإخوان بمصدرين رئيسيين؛ هما: إيران والمذهب الشيعي، ومجموعة مُنتقاة من الإيديولوجيات والقوى الغربية الحديثة: القيصر "حجي" فيلهلم الثاني، ودعايته في الحرب العالمية الأولى، والنازيون (خاصة وحشية كتيبة العاصفة)، والسوفييت (خاصة أفكار لينين)، ونموذج (الشيوعية الدولية لستالين).

 وبيّن الكتاب أنّ الحشاشين في العصور الوسطى كان لهم التأثير الأكبر على تشكيل جماعة الإخوان، وهو أمرٌ كان ممكناً بفضل عملية "التقريب"؛ أي الجهد المبذول لتضييق الخلافات الدينية بين الشيعة والسُنّة، بهدف إعادة تأسيس الخلافة، وشنّ الجهاد المشترك ضد أعدائهم المشتركين.

 ويظهر الكتاب أنّ المُنظِّر الإيراني جمال الدين الأفغاني ربما كان "أهم شخصية في إحياء الإسلاموية"، لأنّه جمع بين الجمعيات السرّية الغربية، والدعوة الإسلامية السرّية. واعتمد مؤسس جماعة الإخوان المسلمين حسن البنا بشكل كبير على هذا الإرث لإنشاء "المعادل في القرن الـ (20) لطائفة الحشاشين".

الكتاب يدين الإخوان المسلمين من جانب، والدول الغربية مثل الولايات المتحدة، من جانب آخر، لعجزها عن اكتشاف الخطر الذي تمثّله الجماعة

 

 في منتصف فترة الستينيات، استغل علي خامنئي وقته في سجن إيراني لترجمة اثنين من الكتب الرئيسة للإخوان المسلمين التي ألفها سيد قطب، إلى الفارسية، وشهدت الثورة الإيرانية في 1978-1979 تأسيس فرع للإخوان المسلمين رسمياً في إيران.

 وأقام الجانبان روابط جديدة في أعقاب الإطاحة بحسني مبارك في عام 2011، عندما دعمت جماعة الإخوان المسلمين بحماس برنامج إيران النووي. ومن هذا السجل الطويل، تخلص المؤلفة إلى أن "الإخوان المسلمين والتعاون الإيراني هو واحد من أخطر العلاقات وأكثرها تعقيداً في عالم السياسة الدولية والجهادية والإرهاب العابر للحدود"، حسبما جاء بالكتاب.

 ويتمحور الجزء الثاني من الكتاب حول البنا، الذي ما يزال تأثيره مهيمناً، رغم وفاته منذ فترة طويلة. وتصف المؤلفة فكرة الطاعة المتغلغلة في نفوس الأعضاء، والتي تصل إلى حدّ التدخل في أمورهم الشخصية.

 وبعيداً عن المسائل التنظيمية، شدّد البنا على موضوعين: الخلافة والموت. وعلى غرار كل جماعة جهادية تقريباً في جميع أنحاء العالم، بدا أنّ العودة إلى الخلافة هي الحل لكل مشكلة، في حين أنّ تقديس الموت قادته إلى تمجيدها باستمرار. وتشير عبارة "صناعة الموت" في عنوان الكتاب إلى بعض التصريحات المعبّرة التي أدلى بها البنا، التي يناقش فيها مجد الموت من أجل الإسلام.

بيّن الكتاب أنّ الحشاشين في العصور الوسطى كان لهم التأثير الأكبر على تشكيل جماعة الإخوان

ومن أقسامه أيضاً الخداع التاريخي، وقد قدّمت المؤلفة (3) رؤى رئيسة حول الخدع التاريخية الـ (3) التي مارستها جماعة الإخوان؛ تستند الخدعة الأولى إلى الازدواجية، أي وجود وجه عام حميد إلى حدٍّ ما، الجهاز العام، وميليشيات سرية شيطانية، والجهاز السري. وقد انخرطت الجماعة في خطاب مزدوج منذ عام 1951، يعبّر أحدهما بانتهازية عن القيم الديمقراطية الليبرالية، والآخر عن "خطاب متطرف ومؤيد للإرهاب".

 يتعلق الخداع الثاني بممارسة قامت بها الجماعة، حيث وجهت الأعضاء إلى قطع العلاقات رسمياً معها، وإنشاء فروع تبدو غير ذات صلة. على سبيل المثال، الجماعات السلفية المختلفة في مصر تجعل جماعة الإخوان المسلمين تبدو معتدلة.

 ينطوي الخداع الثالث على التسلل: "يتسلل الجهاز السري منهجياً إلى الأحزاب السياسية، والجيوش، ووكالات الاستخبارات، ووسائل الإعلام، والنُظم التعليمية، والمنظمات الحكومية وغير الحكومية، وغيرها من الجماعات المؤثّرة ويخرّبها من الداخل".

الجماعة تشكّل تهديداً أكبر بكثير من المتصور، فهي حاضنة الإرهاب الإسلاموي الحديث في العالم، وأخطر جماعة متشددة

 

 وبحسب تحليل "عين أوروبية على التطرف" فإنّ الجزء الرابع من الكتاب يتمحور حول مفهوم "الجهاد الحضاري"، الذي تُعرّفه المؤلفة بأنّه مجموعة كاملة من الأعمال القانونية، والعمليات السرية والتسلل، والتخريب الثقافي والسياسي، وتجنيد الأشخاص داخل الأوساط الأكاديمية والعسكرية والاستخباراتية، ووكالات إنفاذ القانون، والوكالات الحكومية الأخرى.

 وترى المؤلفة أنّه منذ أواخر الخمسينيات تمتلك جماعة الإخوان المسلمين المصرية سيطرة كاملة تقريباً على جامعة الأزهر، وموظفو الأزهر يسيطرون فعلياً على الفرع التشريعي للحكومة، بحكم قدرتهم على صياغة القوانين أو فحصها قبل إحالتها إلى البرلمان. وترى الكاتبة أنّ عملية الجهاد الحضاري "أكثر ضرراً" من العنف.

 وركّز الجزء الأخير من الكتاب على السياسات قصيرة النظر التي تنتهجها الولايات المتحدة تجاه تهديدات الإخوان المسلمين.

 وأبدت المؤلفة انزعاجها من نجاح عمليات الخداع التي يمارسها الإخوان المسلمون: "المصطلحات المبطّنة عاملٌ يسهم في التسلل إلى الحكومة الأمريكية، وقد أدّى إلى سياسات دعمت الجماعة".

 منذ أواخر الخمسينيات تمتلك جماعة الإخوان المسلمين المصرية سيطرة كاملة تقريباً على جامعة الأزهر

 وترى المؤلفة أنّ جماعة الإخوان تمثل تهديداً وجودياً، ويجب على واشنطن تجريمها من خلال تصنيفها "منظمة إرهابية".

 وخلص الكتاب إلى أنّ الإخوان المسلمين يستخدمون مصطلحات الدين كسلاح، ويسمِّمونها بتعريفات عنيفة غريبة عن الغالبية العظمى من المسلمين. وتعمل الجماعة كدولة داخل الدولة، تمتلك أجهزة عسكرية واستخباراتية ودبلوماسية وتعليمية موازية عبر الحدود الوطنية.

وأكد التحليل أنّ كتاب "الجهاز السري: الإخوان المسلمون وصناعة الموت" يمتاز بالتوثيق الجيد، ويعين القارئ على رؤية الصورة الكبرى، وفهم سبب وجود الإخوان، واستراتيجياتهم، وروابطهم العابرة للحدود الوطنية.

مواضيع ذات صلة:

الروابط المكسورة... الأزمة الوجودية للإخوان المسلمين في مصر بين (2013-2022)

لماذا المصالحة بين السلطة في مصر والإخوان مستحيلة؟.. كتاب حديث يجيب



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية