الجهاز السري لحركة النهضة التونسية.. هل تكشف التحقيقات ما أخفاه الإخوان لسنوات؟

الجهاز السري لحركة النهضة التونسية.. هل تكشف التحقيقات ما أخفاه الإخوان لسنوات؟

الجهاز السري لحركة النهضة التونسية.. هل تكشف التحقيقات ما أخفاه الإخوان لسنوات؟


02/10/2023

 برغم التقدّم البطيء في التعاطي معه، غير أنّ أسرار الجهاز السري لحركة النهضة الإخوانية ما تنفك تُكشف تباعاً للتونسيين، خصوصاً أنّه من أكثر الملفات التي شغلت الرأي العام التونسي، الذي يطالب بمعرفة وكشف حقيقة الاغتيالات السياسية والهجمات الإرهابية التي عرفتها البلاد بعد أحداث عام 2011.

هذه القضية التي اُثيرت منذ إعلان هيئة الدفاع عن السياسيين الراحلين شكري بلعيد ومحمد البراهمي، وجود عمليات اختراق واسعة لأجهزة الدولة من قبل الحزب، بالإضافة إلى عمليات تجسس واسعة النطاق، لا تزال خيوطها متشعبة، برغم نشر معلومات متواترة حول تلاعب حركة النهضة بمعلومات لها عالقة باغتيال الرجلين.

الجهاز سري ينتقل إلى قطب مكافحة الإرهاب

وقد قررت النيابة العمومية بالمحكمة الابتدائية بأريانة التخلي عن الملف وإحالته على القطب القضائي لمكافحة الإرهاب، وفق إذاعة "موزاييك" المحلية، فيما يحظى هذا الملف بمتابعة من الرئيس التونسي قيس سعيّد الذي شدد مراراً على ضرورة اختصار مسار التقاضي خاصة بالنسبة إلى القضايا الهامة ضمن جهوده لتفعيل المحاسبة.

وأيّدت المحكمة، بحسب المصدر نفسه، قرارها بأنّ القضية التي تعتبر من أكثر القضايا تعقيداً تحمل صبغة إرهابية.

أسرار الجهاز السري لحركة النهضة الإخوانية ما تنفك تُكشف تباعاً للتونسيين

وكان القضاء التونسي قد أصدر عدداً من بطاقات إيداع بالسجن في تحقيقات القضية بحق مجموعة من المسؤولين السابقين في وزارة الداخلية وبعض السياسيين وعلى رأسهم رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي الذي يقبع في السجن منذ نيسان (أبريل) الماضي ويواجه جملة من القضايا تصل العقوبات في عدد منها إلى الإعدام، وفق ما أكده محاموه في تصريحات سابقة.

اعترافات جديدة تورّط الإخوان وأذرعهم

إلى ذلك، أكد شقيق الشهيد شكري بلعيد، عبد المجيد بلعيد، أنّ سائق الدراجة النارية لمنفذ العملية كمال القضقاضي قدم اعترافات جديدة في القضية، موضحاً في تصريح لإذاعة "شمس أف أم"، أنّ "هناك اتفاقاً بين سائق الدراجة والقاضي المعزول البشير العكرمي (المسجون حالياً على خلفية الجهاز السري) يتم على أساسة تحمل السائق لكل مآلات القضية".

وصرح "صار اتفاق على أساس أن يتحمل هو العبء وبعد ذلك يبحثون له عن حلّ ولكن بعد أن لاحظ السائق وجود رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي والقيادي في الحركة نور الدين البحيري والقاضي المعزول البشير العكرمي الذين كانوا سيوفرون له الحماية في السجن قرر الكشف عن المعطيات الجديدة".

شقيق الشهيد شكري بلعيد: هناك اتفاق بين سائق الدراجة والقاضي المعزول البشير العكرمي (المسجون حالياً على خلفية الجهاز السري) يتم على أساسه تحمل السائق لكل مآلات القضية

 

وتابع بلعيد بأنّ "الاتفاق الأول بين هذه الأطراف كان تحمله عبء القضية مقابل توفير العناية لعائلته ثم البحث عن مخرج قانوني لمساعدته لأنّ الإخوان كانوا يظنون أنّهم سيحكمون تونس لـ50 سنة".

وأشار إلى أنّه تم إجراء مكافحة بين سائق الدراجة النارية والقاضي المعزول البشير العكرمي، مبرزاً وجود معلومات غير مؤكدة عن إجراء مكافحات أخرى وفق قوله.

من جهة أخرى، شدد بلعيد على أنّ القضاء يسير في الاتجاه الصحيح لأنّ هناك إرادة سياسية حتى يكون القضاء عادلاً، وما طمأنهم أيضاً نقل قضية الجهاز السري إلى فرقة مكافحة الإرهاب.

بشير العكرمي الغطاء القضائي للإرهابيين

والبشير العكرمي، يوصف بأنّه "رجل النهضة وأداتها منذ سنوات لتطويع الجهاز القضائي خدمة لمصالحها، وشغل منصب قاضي التحقيق المكلف بالتحقيق في جريمة اغتيال شكري بلعيد ومحمد البراهمي منذ 2013، قبل أن يتولى منذ 2016 منصب وكيل الجمهورية بالمحكمة الابتدائية، وهو المنصب القضائي الأعلى الذي تولاه منذ ذلك الوقت إلى حين صدور قرار بإعفائه.

ويواجه العكرمي اتهامات بالتلاعب في قضية اغتيال السياسيين شكري بلعيد ومحمد البراهمي عام 2013، وبإخفاء أدلة والتستر على وثائق وعلى متهمين ضالعين في الجريمتين، بحسب هيئة الدفاع عن بلعيد والبراهمي، وذلك خدمة لمصالح حركة النهضة.

البشير العكرمي يوصف بأنّه رجل النهضة وأداتها منذ سنوات لتطويع الجهاز القضائي خدمة لمصالحها

 

وبناء على تقرير تفقدية وزارة العدل، الذي كشفت هيئة الدفاع عن تفاصيله، فإنّ العكرمي يمثل الغطاء القضائي للإرهابيين في تونس وراشد الغنوشي الغطاء السياسي، وهو متورط في إخفاء آلاف الملفات ذات العلاقة بقضايا إرهابية، وتعطيل 6268 ملفاً، قالت الهيئة إنّها "لا تزال مركونة على رفوف مكتبه".

الجهاز السري واختراق أجهزة الدولة

يُذكر أنّ التحقيق في قضية الجهاز السري لحركة النهضة انطلق في كانون الثاني (يناير) 2022، إثر شكوى قدمتها هيئة الدفاع عن المعارضين السياسيين شكري بلعيد ومحمد البراهمي اللذين تم اغتيالهما في العام 2013.

واتهمت هيئة الدفاع عن بلعيد والبراهمي رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي بترؤس الجهاز السري للحركة، داعية إلى محاسبته جزائياً.

وكشفت الهيئة في تشرين الأول (أكتوبر) 2021 عن تورط الجهاز السرّي في اختراق أجهزة الدولة وضلوعه في أنشطة تجسس لصالح جهات أجنبية والتستر على معلومات تتعلق باغتيال بلعيد والبراهمي، لكن الحركة الإسلامية نفت بشدة كافة الاتهامات.

وقالت مصادر من الهيئة إنّ "قيادات أمنية و17 عضواً من النهضة من بينهم مستشارون لرئيس الحكومة زمن الترويكا علي العريض متهمون في قضية الجهاز السرّي"، مشيرة إلى ارتباطه بجهات أجنبية من بينها تنظيم الإخوان المسلمين.

وأصدر أحد قضاة المحكمة الابتدائية بأريانة في أيار (مايو) 2022 قراراً بتحجير السفر عن 34 شخصاً شملتهم تحقيقات القضية ومن بينهم رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي.

وكشف مصدر قضائي حينها أنّ القضاء التونسي وجّه لهؤلاء تهماً تتعلق بمعالجة المعطيات الشخصية دون ترخيص والقيام بدل الهيئات الحاكمة المكونة وفق القانون والتحصيل بأي طريقة كانت على سر من أسرار الدفاع الوطني.

وكان الرئيس التونسي الراحل الباجي قائد السبسي قد اتهم حركة النهضة بتهديده بعد أن استقبل أعضاء من هيئة الدفاع في قضية اغتيال شكري بلعيد ومحمد البراهمي أطلعوه على تفاصيل تتعلق بالجهاز السرّي للحركة.

ورفض الغنوشي في حزيران (يونيو) الماضي المثول أمام القاضي المتعهد بالملف لاستنطاقه حول الجهاز السري فقرر إصدار بطاقة إيداع بالسجن بحقه.

ووصف رئيس النهضة هذه القضية بـ"فرقعة إعلامية" واعتبر في مناسبات سابقة أنّها تهدف إلى الإساءة إلى الحركة الإسلامية، ولطالما أكد أنّها كانت أول المتضررين من الاغتيالات التي أدخلت البلاد في أزمة سياسية حادة.

وتسارعت التحقيقات في قضية الجهاز السري بعد أن شدد الرئيس التونسي قيس سعيّد على ضرورة تفعيل المحاسبة، منتقداً طول مسار التقاضي.

وسعت وزيرة العدل ليلى جفال إلى مراقبة مسار القضية من خلال تشكيل لجنة خاصة بها تحت إشرافها المباشر، لافتة إلى أنّها ستسعى إلى "محاسبة كل من تورط في تعطيل سير الملفات وسعى في طمس الأدلة والتأثير على المسار القضائي".

مواضيع ذات صلة:

جدل العلاقة بين حركة النهضة الإخوانية وجبهة الخلاص في تونس

هل تكون جبهة الخلاص بوابة تنازلات النهضة لاسترضاء قيس سعيد؟

تونس... هل ينجح البرلمان الجديد في ما فشل فيه برلمان الإخوان؟




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية