الخطة الخمسية لتطوير القدس الشرقية: نـجـاح فـي مـجـالات «الأسـرلـة» فـقـط !

الخطة الخمسية لتطوير القدس الشرقية: نـجـاح فـي مـجـالات «الأسـرلـة» فـقـط !


23/05/2020

بدأت الخطة الخماسية لتغيير وجه شرقي القدس، بتكلفة نحو ملياري شيقل، تعطي ثمارها، بعد سنتين من المصادقة عليها. الخطة 3790 كما تسمى نجحت في التأثير على شبكة العلاقات بين السكان الفلسطينيين، الذين يشكلون نحو 40 في المئة من سكان العاصمة، وبين السلطات الإسرائيلية. ولكن اذا كانت حققت أهدافها بصورة نسبية في مجال التعليم والنظافة، فهي فشلت في مجال مثل المواصلات وتسجيل الاراضي. وحسب منتقدي الخطة، فانه في المجالات الأكثر أهمية، مثل تخطيط السكن والمواطنة، لا تتجرأ على المس بها.

جاءت الخطة من اجتماع ظروف استثنائية أدت الى الربط بين سياسيين من اليمين ورجال سابقين من "الشاباك" وموظفين في المالية، نجحوا في اقناع الوزراء والحصول على ميزانيات من خلال الإصرار على أنه "لا يمكن الاستمرار بهذا الشكل"، بعد أن تمت المصادقة قبل اربع سنوات على خطة اخرى مع ميزانية متواضعة تبلغ 244 مليون شيقل، ثلثها خصص للشرطة وتحسين جهاز الأمن، والتي فشلت. تمت بلورة الخطة الجديدة في وزارة القدس ووزارة المالية، وتمت المصادقة عليها في "يوم القدس" 2018.
الدكتور امنون رمون، من معهد القدس لأبحاث السياسات، والذي حقق في تدحرج الخطة لصالح وزارة القدس، قال إنه أثناء بلورتها اجتمعت تحذيرات رجال الامن، ووقفت أمام خطاب السيادة وتوحيد القدس للسياسيين من اليمين، والتقت مع الرؤية الاقتصادية لموظفي المالية، الذين ادركوا أنه بدون معالجة الـ 40 في المئة من سكان العاصمة، فان العاصمة لن تنهض.

تقدم الخطة

كان يجب أن تعالج الخطة بشكل معمق عدة قضايا في شرقي القدس، منها التعليم والمواصلات والصحة والتشغيل والبنى التحتية. التقدم الاكبر تم تحقيقه في مجال التعليم، بمساعدة استثمارات كبيرة في التعليم غير الرسمي، في تعليم العبرية والتعليم التكنولوجي، وتعريف طلاب الثانوية الفلسطينيين بالبرنامج الأكاديمي الإسرائيلي. نجحت الخطة بشكل جزئي في الدفع قدماً بأسرلة جهاز التعليم، أي الانتقال الى تعلم منهاج البغروت الإسرائيلي بدل موازيه الفلسطيني (التوجيهي). شملت الخطة اعطاء ميزانيات ومنح كبيرة للمدارس التي ستفتح صفوفا للبغروت الإسرائيلي، حتى أنه كان هناك استعداد من جانب الفلسطينيين لذلك. في عدد من الاحياء العربية هناك شعروا بأن إسرائيل تحاول أن تفرض على اولادهم تغييراً في الهوية، وقد ووجهت هذه الخطوة بمعارضة. اليوم ما زال هناك اكثر من 90 في المئة من طلاب شرقي القدس يدرسون التوجيهي.
"نشعر بالتغيير"، قال مدير مدرسة في شرقي القدس، "يعطون اطارا لكل ولد، معهدا للعبرية، دورات خاصة لاصلاح الهواتف المحمولة والتكييف، تحسين الصفوف، واعطاء بنية تحتية للانترنت وتظليل في الساحة". وحسب قوله: "لا توجد لدينا معارضة من قبل الاهالي، لكن في احياء اخرى توجد معارضة. وحقيقة أنه يوجد لدينا بغروت في المدرسة بالتأكيد ساعدت في الحصول على ذلك".
تجد الخطة صعوبة في إحداث تحسين جوهري في مجال تشغيل النساء، رغم أنها تضمنت نظام توجيه للنساء وإنشاء خدمة نهارية. في التقرير الذي أعدته جمعية "عير عاميم" ومنظمة العمال "ماعن" وجد أنه رغم وجود ارتفاع معين في نسبة النساء الفلسطينيات العاملات، حدث أيضاً ارتفاع في معدلات الفقر. ووجد التقرير أن غياب مواصلات عامة جيدة الى اماكن التشغيل ونقصا في الاطر للاولاد، وحواجز اللغة والثقافة، لا تسمح للنساء في شرقي القدس بالخروج الى سوق العمل. ولو أن هؤلاء النساء وجدن عملا، فهن يحصلن على الاغلب على أجر منخفض جدا.
في مجال البنى التحتية تضمنت الخطة تخطيط واقامة 15 شارعاً جديداً أو تجديدها، المشروع الاكبر الذي يوجد قيد الانشاء سمي الشارع الأميركي الذي يربط احياء شمال شرقي القدس وجنوب شرقي القدس. مع ذلك، ميزانية الشارع التي تقدر بنحو 250 مليون شيقل كانت موجودة قبل الخطة، ويصعب أن نرى فيها إضافة على الميزانية. مشاريع أخرى في مجال البنى التحتية للمياه والمجاري توجد في مراحل التخطيط، وهي ايضا بعيدة عن إغلاق الفجوة بين شرق المدينة وغربها. فشلت الخطة حتى الآن في إدخال بطاقة المواصلات "الراف كاف" الى نظام المواصلات في شرقي القدس. في شرقي المدينة يعمل عدد كبير من الشركات الخاصة، ولم تنجح وزارة المواصلات في بلورة اتفاق يسمح بتشغيل البطاقة. استثمارات اكبر كانت ايضا في مجال جودة الحياة مثل اصلاح الشوارع، وتحسين النظافة في شرقي القدس. ولكن في هذا البند ايضا، حسب اقوال مصدر مطلع، علقت برامج كثيرة.
احد البنود الاشكالية في الخطة، بالنسبة لسكان شرقي القدس، يتعلق بتسجيل الأراضي. منذ العام 1967 جمدت الدولة تسجيل "الطابو" لاراضي شرقي القدس. و90 في المئة من الأراضي غير منظمة، وتقريبا لا يمكن البناء فيها بصورة قانونية. حسب الخطة، حتى نهاية السنة يجب على وزارة العدل تسوية 50 في المئة من الأراضي، واستكمال جميع التسجيلات حتى نهاية 2025. ولكن هذا الموضوع ما زال عالقاً.
يخشى الفلسطينيون من أن التسجيل سيستخدم لنقل العقارات الى القيم على اموال الغائبين (في حالة أن واحدا أو أكثر من الورثة يعتبر غائبا، أي انتقل الى دولة عربية)، ومن القيم العام الى جمعيات المستوطنين. النتيجة هي أن الفلسطينيين يرفضون التعاون مع التسجيل من جهة واحدة، والاردن ايضا لا يساعد في نقل السجلات لديها، وهكذا فان مسجل الاراضي في وزارة العدل يجد صعوبة في التقدم في هذا الموضوع.
ايضا في مجال سريان قانون الصحة على شرقي القدس حدث تقدم طفيف، اذا لم يكن يحدث أبداً. "شرقي القدس بحاجة على الاقل الى 3 – 4 خطط خماسية مثل هذه من اجل البدء في رؤية التغيير"، قال مصدر من المجتمع المدني في شرقي القدس، "المشكلة هي أن الخطة تعتبر خطة أسرلة، والسكان لا يؤمنون بأن الشارع الأميركي أعد لهم، بل أعد للربط بين معاليه ادوميم وجبل أبو غنيم".
لا تعالج الخطة القضايا الثلاث الاكثر جوهرية، والتي تثقل جدا على حياة ومستقبل سكان شرقي القدس. هكذا فان الخطة تقريبا لا تتعامل مع الاحياء التي تقع خلف جدار الفصل. في هذه الاحياء التي حجزت بين الجدار وبين حدود بلدية القدس، يسكن نحو ثلث الفلسطينيين في القدس (120 – 140 ألف نسمة) في ظروف قاسية جدا. منذ اقامة الجدار تخلت السلطات الإسرائيلية عن هذه المناطق، وبني فيها عشرات آلاف الوحدات السكنية غير القانونية.
مشكلة ثانية هي أن الخطة تقريبا لا تعالج موضوع البناء السكني وتخطيط الاحياء الفلسطينية. وحقيقة أنه لا يمكن تقريبا البناء بصورة قانونية في الاحياء الفلسطينية دفعت آلاف العائلات الى البناء بصورة غير قانونية، والآن هي مضطرة لمواجهة أوامر الهدم، ودفع مبالغ كبيرة كغرامات ومعركة قضائية لا تنتهي. مشكلة اخرى هي حقيقة أن سكان شرقي القدس ليسوا مواطنين، لذلك هم لا يتمتعون بحقوق مثل جواز السفر أو القدرة على الهجرة الى الضفة الغربية، ورغم أن وتيرة طلبات الحصول على الجنسية ازدادت في السنوات الاخيرة إلا أن العقبات في الطريق من اجل الحصول على الجنسية ما زالت كثيرة، وفقط قلائل ينجحون في الحصول عليها.
الدكتور رمون اشار الى مشكلة اخرى في الخطة وهي تعدد الجهات الحكومية التي يجب عليها تطبيقها. وعدد على الاقل 27 جهة حكومية كهذه. "جميعها يجب عليها العمل معا. هذا معقد جداً وهو يرتبط بالنية الحسنة للموظفين".

مصدر الترجمة:  نير حسون- "هآرتس" / نقلاً عن "الأيام" الفلسطينية‎

 



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية