الدبيبة في تركيا مجدّداً: اتفاقات عسكرية تخلّ بالتوازن وتفاقم الانقسام الليبي

الدبيبة في تركيا مجدّداً: اتفاقات عسكرية تخلّ بالتوازن وتفاقم الانقسام الليبي

الدبيبة في تركيا مجدّداً: اتفاقات عسكرية تخلّ بالتوازن وتفاقم الانقسام الليبي


27/10/2022

أحمد علي حسن

يبدو أن المسار العسكري في ليبيا سيشهد تطورات خلال الفترة المقبلة، مع دخول تركيا مجدداً طرفاً على الخط، الأمر الذي قد يزيد من تأزم المشهد وسط تساؤلات عن الموقف المصري.

وبينما يضغط الموفد الأممي الجديد إلى ليبيا عبد الله باثيلي لإعادة تفعيل اجتماعات اللجنة العسكرية المشتركة (5+5)، وقّع رئيس حكومة "الوحدة الوطنية" عبد الحميد الدبيبة، على هامش زيارته تركيا، اتفاقات عسكرية ودفاعية تشمل شراء طائرات مسيرة "درونز" تركية، الأمر الذي أثار عاصفة من الجدل في الأوساط الليبية، خصوصاً في شأن تغيير موازين القوى بين قوات الشرق وقوات الغرب الليبيين، والتي فرضت خلال العامين الماضيين مع التوقيع على اتفاق وقف النار في مدينة جنيف عام 2020.

وتأتي تلك الخطوة التي تعكس توجه أنقرة نحو ترسيخ وجودها الاقتصادي والعسكري في الغرب الليبي، بعد أسابيع قليلة من توقيع الدبيبة مع تركيا اتفاقات اقتصادية تشمل التنقيب عن النفط والغاز في المتوسط، ما أثار رفضاً من قوى محلية ودولية.

ويترقب متابعون للشأن الليبي ردود فعل على الاتفاقات العسكرية الجديدة من القوى الإقليمية والدولية الفاعلة في ليبيا، خصوصاً مصر التي لوحظ تراجع اهتمامها بالملف الليبي خلال الأسابيع الأخيرة. 

إخلال بالتوازن العسكري؟

وعلى هامش حضوره معرض الصناعات الدفاعية والطيران في مدينة اسطنبول التركية، وقع الدبيبة مع وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، اتفاقين للتعاون العسكري. وأوضح بيان حكومي ليبي أن الأول ينص على رفع كفاءة قدرات الطيران الحربي في ليبيا بالاستعانة بالخبرات التركية في هذا المجال، فيما كشف مصدر ليبي مطلع لـ"النهار العربي" أن هذا الاتفاق يشمل توريد أنقرة عدداً من الطائرات المسيرة من طراز "إكنيجي"، وتطوير أسلحة في حوزة قوات الغرب الليبي.

وأضاف البيان أن "الاتفاق الثاني تضمن بروتوكولات تنفيذية للاتفاقية الأمنية الموقعة من المجلس الرئاسي (السابق برئاسة فائز السراج) عام 2019"، علماً أن هذه الاتفاقية كانت أساساً تم الاستناد إليه، لدخول القوات التركية تحت مسمى "مستشارين"، واستخدامها مطارات الغرب الليبي، وإقامة قواعد عسكرية.

ودافع أكار، من جانبه، عن التعاون العسكري التركي مع قوات الغرب الليبي، رافضاً القول إن تركيا قوة أجنبية في ليبيا. وأشار إلى أن هدف بلاده "يتمثل في المساهمة في تشكيل ليبيا التي تعيش بسلام واستقرار وتضمن وحدة ترابها ووحدتها السياسية، وذلك وفق فهم ليبيا لليبيين"، مشدداً على إصرار تركيا على "مواصلة أنشطة التدريب والمساعدة والاستشارات العسكرية لدعم الأشقاء الليبيين". 

وكشف الناطق باسم حكومة "الوحدة الوطنية" محمد حمودة، بعض تفاصيل الاتفاقين، مشيراً إلى أنها تتعلق برفع قدرات الطيران الحربي في ليبيا عبر الاستعانة بالخبرات التركية في هذا المجال، وتشكيل لجنة الدفاع العليا للتعاون الليبي - التركي ولجنة التعاون العسكرية وكيفية عملها ومهامها وتكوين وحداتها، بإلإضافة إلى تحديد مجالات التعاون بين البلدين.

ويتوقع أن تلقي الاتفاقات الجديدة بظلالها على اجتماع للجنة العسكرية المشتركة (5+5)، كان باثيلي قد أعلن عن انعقاده الخميس في مدينة سرت (شرق ليبيا) تحت رعاية الأمم المتحدة.

وتعمل اللجنة التي تضم 5 ممثلين عن "الجيش الوطني" الليبي في الشرق، ومثلهم عن قوات الغرب على ملفات رئيسية، في مقدمها إجلاء القوات الأجنبية والمرتزقة من الأراضي الليبية، وتفكيك الميليشيات وجمع السلاح.

المستشار الإعلامي لرئيس مجلس النواب فتحي المريمي شدد على "عدم الاعتراف بأي اتفاقات يبرمها الدبيبة وأركان حكومته"، داعياً المجتمع الدولي إلى التدخل لوقف تحركات حكومة الوحدة الوطنية "المنتهية الولاية"، والتي اعتبر المريمي أنها "تعزز الانقسام، ومن شأنها إشعال الموقف".  

وشدد المريمي في تصريح إلى "النهار العربي" على ضرورة "طرد القوات الأجنبية والمرتزقة وحل الميليشيات وانضمامها إلى الجيش والأجهزة الأمنية، وفق القوانين المنظمة لذلك المسار  وتسليم السلاح"، محملاً الميليشيات المسلحة الخارجة عن القانون مسؤولية "تعطيل إجراء الانتخابات في موعدها وغلاء الأسعار"، ومطالباً بعدم التدخل الأجنبي في شؤون البلاد، وأن تحترم الدول الأعضاء في الأمم المتحدة إرادة الليبيين والقوانين والقرارات الصادرة من مجلس النواب المنتخب واحترام سيادة ليبيا.

وكان الدبيبة قد أثار جدلاً واسعاً، عندما حضر الأسبوع الماضي تمريناً لقوات الغرب الليبي، أشرفت عليه القوات التركية العاملة في ليبيا، وظهرت خلاله مشاركة مرتزقة سوريين.

وكان الملف الأمني حاضراً على طاولة اجتماع نائب رئيس المجلس الرئاسي عبد الله اللافي مع سفير إسبانيا لدى ليبيا خافيير لاراشي، إذ طالب الأول بتفعيل المسار الأمني وجمع السلاح ودمج الميليشيات لضمان إنجاح المصالحة الوطنية والعملية السياسية في ليبيا. وأثنى اللافي على "دور إسبانيا في دعم المسار الأمني في ليبيا، عبر استضافتها اجتماع طليطلة المعني بجمع السلاح وإدماج المقاتلين (الميليشيات الليبية)". وشدد اللافي خلال لقائه الدبلوماسي الإسباني على "ضرورة البناء على توصيات ذلك الاجتماع للمساهمة في حل مشكلة انتشار السلاح مع أهمية تفعيل المسار الأمني وجمع السلاح، لضمان إنجاح المصالحة الوطنية والعملية السياسية في ليبيا".

عن "النهار" العربي




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية