السفارات الإسرائيلية في مرمى الانتقام الإيراني

السفارات الإسرائيلية في مرمى الانتقام الإيراني


كاتب ومترجم فلسطيني‎
07/02/2021

تواصل أجهزة الأمن، الإسرائيليّة والهنديّة، عمليات البحث والتحقيق حول ملابسات الانفجار الذي وقع قرب السفارة الإسرائيليّة في العاصمة الهندية، نيودلهي، في 29 كانون الثاني (يناير) الماضي، في حين تقدّر أوساط إسرائيلية، أنّ إيران هي المسؤولة عن العمليّة، والفرضية هي؛ أنّ العمليّة نفّذت بواسطة مبعوثين، ثأراً على تصفية مسؤول المشروع النوويّ، محسن فخري زاده، على يد مسلّحين في العاصمة الإيرانية، طهران.

الولايات المتحدة، رغم الخلافات السياسية القائمة بينها وبين إسرائيل، إلا أنّها لن تسمح لأحد بأن يمسّ أمن إسرائيل تحت أيّ ظرف كان

وقالت مصادر إسرائيلية؛ إنّ أجهزة الأمن الهندية عثرت في مكان الانفجار على رسالة موجهة إلى السفير الإسرائيلي في الهند، رون مالكا، ذُكرت فيها عمليتا تصفية المسؤولَين الإيرانيَّين؛ قاسم سليماني، قائد فيلق القدس، ومحسن فخري زاده، كبير الخبراء النوويين في إيران، كما أفادت المصادر بأنّ الرسالة نقلت تهديداً آخر، أشار فيها كاتبوها إلى أنّ الانفجار ليس سوى بداية لسلسلة من الهجمات القادمة. 

ونقلت القناة الإسرائيلية الرسمية؛ عن مصادر أمنية قولها؛ إنّ أجهزة الأمن فى إحدى دول شرق أفريقيا، أحبطت هجوماً ضدّ سفارة إسرائيل هناك، حيث اعتقلت أجهزة الأمن مجموعة من العملاء الإيرانيين حاولوا تنفيذ هجوم ضدّ السفارة الإسرائيلية، وأشارت المصادر الإسرائيلية إلى أنّ التحقيق مع العملاء، أظهر أنّهم يعملون منذ فترة طويلة في جمع معلومات استخبارية عن السفارة الإسرائيلية، والسفارة الأمريكية، والسفارة الإماراتية، وفحص إمكانية مهاجمة إحداهن، وبحسب المصادر؛ فإنّ بعض هؤلاء العملاء من حملة الجنسيات المزدوجة، الأوروبية والإيرانية، وادّعت المصادر الاستخباراتية أنّ التخطيط يأتي في إطار محاولة للردّ والانتقام من اغتيال سليماني وزاده.

أصابع الحرس الثوري

وكان الحرس الثوري الإيراني قد توعّد بالانتقام من إسرائيل بعد اتّهامها بالوقوف وراء عملية الاغتيال التي طالت العالم النووي، فخري زاده، في العاصمة الإيرانية، طهران، أواخر تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، وأعلنت إسرائيل، مقابل ذلك، حالة الطوارئ القصوى في كافة سفاراتها حول العالم، بعد ورود معلومات بنية إيران تنفيذ هجمات ضدّها.

وقال الكاتب الإسرائيلي، يواف ليمور: إنّ "إيران هي من تقف خلف هذا التفجير، لا سيما في وقت توشك فيه الولايات المتحدة على استئناف المحادثات مع طهران في مسألة النووي، فإيران لا تهدف من وراء هجماتها إيقاع خسائر بشرية، أو إلحاق أيّ ضرر في المنشآت، بل تريد أن تمرّر رسالة مفادها أنّ الحساب مفتوح مع إسرائيل، وأنّ الانتقام من قتلة قادة إيران وعلمائها قادم لا محالة؛ لذلك ستواصل الضغط على إسرائيل بتنفيذ المزيد من الهجمات، خاصة أنّها تمتلك قدرة عملياتية مبهرة في أرجاء العالم، يقف وراءها رجال الحرس الثوري.

وأشار ليمور إلى أنّ إسرائيل ستجد صعوبة كبيرة في الوصول إلى المنفذين، على خلاف التفجيرات الأخرى التى استهدفت المصالح والمواقع الإسرائيلية واليهودية حول العالم، وقد تمّ كشف هويات الغالبية العظمى من منفذيها؛ كون منفذي هجوم نيودلهي تعلموا الدرس جيداً، ولذلك ظهروا أكثر حرصاً عندما برزوا كمنظمة مجهولة تحت اسم جيش الهند، وقولهم إنّ الهجوم جاء انتقاماً من الحكومة الهندية، بسبب خلافات بين البلدين.  

لا علاقة لإيران

في سياق ذلك، يقول الكاتب والمحلل السياسي، الدكتور أسعد العويوي: "لا أعتقد أن تكون لإيران أية صلة مباشرة بإقدام عناصر من الحرس الثوري على تنفيذ التفجيرات الأخيرة التي طالت سفارة إسرائيل في نيودلهي، لكن ربما تكون الجهة المنفذة للهجوم من الجماعات التي تدعمها إيران أو منظمات إيرانية داخلية، تجنّد جماعات للانتقام من إسرائيل، خاصة من اليهود المقيمين في الهند".

 الكاتب والمحلل السياسي، الدكتور أسعد العويوي

ويشير العويوي، في حديثه لـ "حفريات": إلى أنّ "السفارات الإسرائيلية حول العالم محصّنة بدرجة عالية من الاحتياطات الأمنية، نظراً لتعرضها المتكرر للهجمات، فلا يمكن لأية جهة أن تقدم على تنفيذ هجوم على مكان محصّن بحراسات مشددة، إلا بوجود معلومات كافية عنه، إلى جانب تقديم دعم سخيّ؛ لذلك يبدو أنّ القيادة الإيرانية تريد من وراء هذا التفجير إرسال إشارة انتقامية المقصود منها نقل رسالة تحذيرية؛ بأنّ الحساب مفتوح مع إسرائيل، وليس التسبّب بخسائر في الأرواح، أو بأضرار جسيمة".

ويوضح أنّ "إيران بدأت تتنفس وتشعر بحرية أكثر بعد رحيل ترامب، الذي يعدّ من أسوأ رؤساء الولايات المتحدة بالنسبة إليها؛ فهي الآن تفاوض إدارة بايدن حول العودة إلى الاتفاق النووي من خلال وضع شروط أمامها، وهي خطوة جريئة من قبل طهران، التي عانت كثيراً بسبب العقوبات والضغوطات التي فرضتها إدارة ترامب عليها، وتسبّبت لها بعزلة دولية وخسائر اقتصادية كبيرة، لذلك ترى إيران أنّ المرحلة الحالية في صالحها، مع وصول بايدن الحكم، وهذا يعزز من احتمالات عودة إيران، وبقوة، للاستفزازات العسكرية، سواء نحو إسرائيل أو دول الخليج".

اقرأ أيضاً: أين وصلت إيران بنشاطها النووي؟.. اكتشاف جديد يثير علامات استفهام

ويرجح العويوي؛ أنّ "لإسرائيل مصلحة في توجيه أصابع الاتهام لإيران، ويأتي ذلك في سياق محاولات عرقلة جهود الإدارة الأمريكية الجديدة على تفعيل الاتفاق النووي من جديد مع طهران، والذي ترى فيه إسرائيل مصيبة لها، إن حصل، في حين أنّ هذه الاتهامات من شأنها أن تستخدم لإقناع الإدارة الجديدة باتخاذ سياسة أكثر حزماً نحو إيران، وصولاً إلى الإبقاء على فرض العقوبات عليها والتراجع عن التفاوض معها حول البرنامج النووي".

ودانت الخارجية الإيرانية اتّهام إسرائيل إيران بالضلوع في التفجير قرب السفارة الإسرائيلية في نيودلهي؛ حيث قال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، سعيد زاده؛ إنّ العلاقات بين إيران والهند تتقدم على مستوى كبير في مختلف المجالات، وقرار العاصمتين هو تعزيز العلاقات وتطويرها، مؤكداً أنّه من الطبيعي أن ترتكب أطراف ثالثة بعض القضايا المؤذية.

ماذا قالت "إيديعوت أحرونوت"؟

واستبعدت صحيفة "إيديعوت أحرونوت" العبرية، وقوف إيران خلف الهجوم على السفارة الإسرائيلية في الهند، والأمر قد يتعلق بتنظيم محلي أو جماعة إسلامية ما، فالهجوم جاء بطريقة غير احترافية، وليس من أفعال إيران، بل فعل ارتجالي.

د. أسعد العويوي لـ"حفريات": لإسرائيل مصلحة في توجيه أصابع الاتهام لإيران، في سياق محاولات عرقلة جهود الإدارة الأمريكية على تفعيل الاتفاق النووي

وفى إطار ذلك؛ يؤكد المختص في الشأن الإسرائيلي، الدكتور عبد المجيد سويلم، في حديثه لـ "حفريات": أنّ "إيران غير معنية، وليس لها أية مصلحة مباشرة في الوقت الحالي لشنّ هجمات ضدّ أهداف إسرائيلية، فهي متجهة نحو اتفاق حول برنامجها النووي مع الولايات المتحدة، أوشك على الاستئناف، رغم معارضة إسرائيل له؛ لذلك لا تريد استفزاز الإدارة الأمريكية الحالية، والتي تنوي تقديم تسهيلات هي في حاجة ماسة إليها".

ويعتقد سويلم؛ أنّ "من نفّذ الهجوم على السفارة الإسرائيلية هو طرف ثالث، بعيد عن إيران وجماعاتها الخارجية، فهناك حقد كبير من قبل جماعات هندية متعاطفة مع الشعب الفلسطيني ربما هي من نفذت هذا التفجير، وتريد أيضاً أن توجه رسالة  للحكومة الهندية، تحتجّ من خلالها على العلاقات القوية التي تقيمها بلادها مع إسرائيل".  

ويبين أنّ "إسرائيل عملت على تضخيم الحدث منذ ساعاته الأولى، واتّهام إيران بالضلوع فيه، وذلك لخلق مزيد من العزلة الدولية والإقليمة، بوصفها مصدراً للإرهاب؛ لذلك لا يحقّ لإسرائيل أن توجه الاتهامات لإيران بالضلوع بالتفجيرات طالما لم تسفر نتائج التحقيق عن تورّطها في ذلك، كي لا تؤثر هذه الاتّهامات في تأجيج الصراع في المنطقة".

المختص في الشأن الإسرائيلي، الدكتور عبد المجيد سويلم

وبسؤاله عن موقف الولايات المتحدة من هذا الهجوم، خاصة في ظلّ حالة التوتر القائمة بين إدارة بايدن والحكومة الإسرائيلية، يشير المختص في الشأن الإسرائيلي إلى أنّ "الولايات المتحدة، رغم الخلافات السياسية القائمة بينها وبين إسرائيل، إلا أنّها لن تسمح لأحد بأن يمسّ أمن إسرائيل تحت أيّ ظرف كان، فالسياسة الخارجية لأمريكا تقوم بالدرجة الأولى على حماية إسرائيل، كونها حليفاً قوياً لها في الشرق الأوسط، وتساعدها في تحقيق إستراتيجياتها وطموحاتها في المنطقة". 

أما حول عدم تعليق الولايات المتحدة على الهجوم، فيرى سويلم؛ أنّ "الولايات المتحدة ستكون لها كلمة وموقف، لكن بناءً على نتائج التحقيقات التي ستكشف من هي الجهة التي تقف وراء هذا الهجوم".

الصفحة الرئيسية