الصيرفة الإسلامية في الجزائر: جدل وضبابية

الصيرفة الإسلامية في الجزائر: جدل وضبابية

الصيرفة الإسلامية في الجزائر: جدل وضبابية


20/07/2023

يحتدم الجدل في الجزائر حول مؤدى الصيرفة الإسلامية بعد انقضاء ثلاثة أعوام على إطلاقها، ففي وقت يرى مسؤولون وكوكبة من الخبراء أنّ التجربة "ناجحة"، يشدّد ناشطون على أنّ الخدمات البنكية الإسلامية لم ترق إلى المستوى المأمول رغم كل الوعود والهالة التي صاحبت العملية منذ العام 2020.   

يرى الخبير البنكي عبد الرحمان بلحفصي أنّ تجربة بلاده في مجال الصيرفة الإسلامية "ناجحة"، ويستدلّ بـ "استحداث خمسمائة وكالة بنكية" و"كثافة إقبال الزبائن على منتجات الصيرفة الإسلامية"، مبرزاً "أهمية الموارد التي تمّ تعبئتها، في انتظار إنشاء مصارف ومؤسسات مالية جديدة متخصصة حصرياً في الصيرفة الإسلامية".

ويتصورّ بلحفصي بتحقيق فاعلية أكبر مع "فتح سوق مالية يتم فيها تداول القيم الإسلامية المنقولة"، مشيراً إلى ضرورة "وضع قواعد احترازية خاصة بالبنوك الإسلامية"، وذاك مرهون في نظره بـ "تنفيذ خطة عمل محكمة تتضمن تدابير عملية كفيلة بتسهيل عمل المؤسسات الناشطة في مجال الصيرفة الإسلامية من بنوك ومؤسسات مالية وشبابيك".

من جهته، يقدّر الخبير في المالية الإسلامية، محمد بوجلال، أنّ الأمور ستأخذ بعداً واعداً مع اقتراب إطلاق الصكوك الإسلامية، لكن ذلك يقتضي تعديل القانون التجاري المحلي وتنظيم الصيغة التمويلية البديلة والمطابقة لمبادئ الشريعة الإسلامية، على حدّ قوله.

من جانبه، يركّز عضو الهيئة الشرعية الجزائرية للإفتاء، سعيد بويزري، على أنّ قادم الصناعة المالية الإسلامية في بلاده، يقتضي رفع "العقبات" المتعلقة بجوانب التنظيم والممارسة، ما يفرض إثراءً تشريعياً.

ملصق الصيرفة الإسلامية في أحد البنوك الجزائرية

إلى ذلك، يشدّد المسؤول في بنك الجزائر المركزي، عبد الحميد بولودنين، على أنّ الصيرفة الإسلامية مقبلة على المزيد من التطور محلياً، ويربط ذلك بالانتهاء الوشيك من بلورة حزمة تنظيمية وعملياتية ستسمح بافتتاح سوق نقدية للمصارف الإسلامية تتكئ على الحوكمة الشرعية والرقابة الداخلية للبنوك والتدقيق الشرعي والنظام المحاسبي.

ظلّ الربا

لم يُبد ناشطو شبكات التواصل كبير اقتناع بتصريحات المسؤولين والخبراء، في هذا الشأن، أكّد فريد سماعيلي: "لا صيرفة إسلامية ولا هم يحزنون، البنوك تتعامل بالربا"، وتابع شوقي طالبي: "في الشق الخاص ببيع السيارات، يجب التأكد من نقل الملكية للبنك والشراء يتم مع البنك على أساس هو المالك، أما أن يقوم البنك بعملية وساطة بين المتعامل والمصنع أو المالك، فهذه ليست مرابحة، بل هي فائدة على القرض أو الدَيْن".

وعلى المنوال ذاته، لاحظ عزيز همّام: "البيع بالمرابحة يكون بشراء البنك للسيارات وبيعها للزبائن، لا أن يقدّم الزبون فاتورة أولية للبنك، ويقوم الأخير بشراء السيارة لك، هذا ربا وحرام شرعاً، يجب على البنوك تخصيص حظيرة للمركبات وبيع منتجاتهم وعلى الدولة إلزامهم بهذا الاجراء".

واستغرب طاهر آل مسعود: "هم لا يركّزون على الطرق الصحيحة، بل يركّزون على قيمة القروض ومدة الاستفادة، أما الطريقة فيتجنبّون الخوض فيها"، وأيّدته سهيلة والع: "لا يحبون الحكي في صميم الموضوع"، وكان نذير ضربان مباشراً: "لا يوجد أقبح من هذه البنوك التي تزعم أنها إسلامية".

طرح غير واقعي

استفهم سيد علي زيان: "يعني بنوك إسلامية تستعمل الحيلة مع الله... تزعمون طريقة أهل السبت في استعمال الحيلة على شرع الله"، فيما لفت مهدي بوبكر إلى أنّ "التعامل الإسلامي الصحيح هو شراء البنك للمنتجات ثمّ طرحها للبيع بالتقسيط على الزبائن، ومن غير هذه الطريقة، سيكون التعامل شبهة وتحايل على الربا"، هذه القناعة شاطرها عبد النور زكرياء: "البنوك الإسلامية... لا شيء من الصحّة، في الواقع هي مثل كل البنوك".

بدوره، اعتبر يونس ياسيني أنّ "مشكلة غالبية مواطنيه الموظفين أنّ متوسط رواتبهم لا يتعدى الأربعين ألف دينار (في حدود 300 دولار)، بينما البنوك تقترح قروضًا لا تتعدى الـ 600 ألف دينار (ما يعادل نحو خمسة آلاف دولار)، بينما يجري مطالبة الزبائن بدفع مقدّم لا ينزل تحت 17 ألف دولار، أعتقد أنّ من يملك هذا المبلغ لن يذهب أصلاً إلى البنك".

سيد علي عزوني: كثير ممن شرّعوا في الربا، لهم تحكم في الفقه الديني، وليس لهم تحكم في الفقه الاقتصادي والمالي

وتساءل بلال عبادي: "التلاعب يكمن في المسميات، لماذا لا يُعلنوها صراحة أنّ المصارف الإسلامية تشتري وتبيع، إنّهم يسمّون الربا بغير اسمها"، في وقت صنّف الحاج كشيدة ما يحدث في خانة "فيلم هندي".

تباينات الفقه الديني وفقه الاقتصاد والمال

يرى الخبير المالي سيد علي عزوني أنّ "كثيراً ممن شرّعوا في الربا، لهم تحكم في الفقه الديني، وليس لهم تحكم في الفقه الاقتصادي والمالي، بينما هناك آخرون لهم تحكّم في الفقه الاقتصادي والمالي، وليس لهم تحكّم في الفقه الديني".

وبحسب عزوني: "المفروض أنّ من يشرّع في الريع، يكون متحكّماً في الفقه الاقتصاد والمالي الآني، وليس ذاك الذي كان موجوداً قبل مائة أو ألف سنة، وأي مشرّع في الربا، لا بدّ أن يبتعد عن "العنعنة"، و"تفسير تسلسل النزول".

ويشرح عزوني: "الآية الأولى تكلمت عن المقارنة بين الربا والصدقة، وجاء فيها أنّ الصدقة تربو عند الله والربا لا يربو عنده، وبالتالي هناك تكوين بيداغوجي للناس، ولأنّ الآية مكية والنبي كان ينتمي إلى فئة المستضعفين، لم يفرض الله تحريماً مباشراً، لما قد يشكّله ذلك من مخاطر".

وأضاف محدثنا: "بعدها أتت آية تحدثت عن ناس حُرّم عليهم الربا من قبل، على نحو أبرز أنّ الربا جرى تحريمه في ديانات سبقت الإسلام، خصوصاً بعدما بات الربا يتماشى مع الرقّ، ليجري بعدها تحريم الربا أضعافاً مضاعفة"، وسجّل عزوني أنّه "لما نتكلم عن تحريم الربا، نجده في السوق الدولية، لكن في النظم المصرفية المختصة بتمويل الاستثمارات، الأمر غير مطروح".

ويتصور عزوني بـ "ضرورة التفريق بين نظام مصرفي تابع لبنك مركزي محكوم بقوانين معينة، ورأس المال العالمي الذي لا يخضع لرقابة ولا يرتكز على شروط معيّنة، ويتحدث عن العلاقة بين القرض والادخار والقرض والأموال المطروحة وما إلى ذلك، إضافة إلى القواعد التي يُرسيها أي بنك مركزي وتمنع منح الأموال لشخص واحد، وتجنح إلى ما يسمى توزيع المخاطرة".

مواضيع ذات صلة:

الجزائر انتصرت على الإرهاب... ولكن

الحركات الصوفية في الجزائر: الموروث المضيء

رفع مستوى علاقات الجزائر وإيران: 4 أسباب و 3 رهانات




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية