العثمانيون الجدد.. والخلافة المزعومة!!

العثمانيون الجدد.. والخلافة المزعومة!!

العثمانيون الجدد.. والخلافة المزعومة!!


24/09/2023

ناصر العبدلي

هناك من يحاول «التدليس» على الجمهور العربي، والخليجي بشكل خاص، بالزعم أن هناك خلافة إسلامية، حتى وإن نسبت تلك الخلافة إلى شخص لا أحد يعرف إذا كان مسلماً أم لا، وأن تلك الخلافة «العثمانية» المزعومة حكمت العالمين العربي والإسلامي حكماً أشبه بحكم الخلفاء الراشدين، وأنها لو بقيت ولم يتآمر عليها الشرق والغرب، لكنا نعيش أجمل مراحل حياتنا، والحقيقة أن ما يتحدث عنه العثمانيون الجدد في العالم العربي هو إمبراطورية استفادت من ضعف الدولة العباسية لترث كل مناطق نفوذها، وأن حكمها هو الذي جعلنا ندفع فاتورة التخلّف والرجعية إلى اليوم.

في العالم القديم، كان هناك عدد من الإمبراطوريات المتصارعة، ومن بينها الإمبراطورية العثمانية، فهناك إمبراطورية المغول، والإمبراطورية الألمانية، وأخرى روسية، وأسبانية وبرتغالية وفرنسية، وبعض تلك الإمبراطوريات استمرت حتى القرن العشرين، لكنها سقطت وتداعت لأسباب لا تتعلق بالدين أو بأي مؤامرة كبرى عليها كما يروّج بعض العثمانيين الجدد بيننا، بل سقوطها كان طبيعياً، بسبب التطور في الأفكار، الذي اجتاح العالم وأسقط بعضها، ونجا بعضها من السقوط من خلال تبني تلك الأفكار واحتوائها كما فعلت بريطانيا.

الإمبراطورية العثمانية ليست أفضل من الألمانية، ولم تكن أفضل من الإمبراطورية الروسية، أو الإمبراطورية الفرنسية، المعاصرة لها، وقد حدثت في تلك الإمبراطوريات ثورات داخلية أسقطتها، لأنها لم تستوعب التغيير الذي اجتاح العالم في ذلك الوقت، وظلت تريد أن تحكم الشعوب والأراضي التابعة لها بالعقلية نفسها وبالآلية القديمة ذاتها، وقد اضطر الزعيم التركي مصطفى كمال أتاتورك إلى ألغاء الأساس القانوني، الذي تقوم عليه تلك الإمبراطورية، بعد أن اكتشف أنها لم تعد موجودة على الأرض.

لم تكن هناك خلافة بعد سقوط الدولة العباسية، إذ إنها الأخيرة في التاريخ العربي والإسلامي التي يمكن أن يطلق عليها مثل هذا المسمى مجازاً، بل ظهرت إمبراطوريات وممالك نتيجة لطموحات شخوص وجدوا في ذلك الفراغ فرصة لتحقيق طموحاتهم، ومن أولئك الأتراك العثمانيون الذين وجدوا هياكل بالية ليركبوا عليها، وليس مشكلة أبداً أن يكون شعار الدين هو الواجهة لتلك الإمبراطورية، فقد فعلها آخرون في التاريخ، مثل قسطنطين والشاه إسماعيل الصفوي، لذا بات من المهم أن يتوقف العثمانيون الجدد عن ترويج مثل تلك الكذبة، لأنها ليس لها من الواقع ما يرفدها.

عن "القبس"




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية