الفرقاء الليبيون من الغردقة: لا مكان للإخوان

الفرقاء الليبيون من الغردقة: لا مكان للإخوان


03/10/2020

رغم وجود شكوك حول جدية الاتفاقيات المتعددة التي وقعها الفرقاء الليبيون، إلا أنّ التفاؤل يسود بين المراقبين بشأن اجتماع الغردقة، بسبب هوية الممثلين، والتوقيت الذي يأتي بعد نجاح اتفاق استئناف إنتاج وتصدير النفط.

اقرأ أيضاً: تفاؤل حذر.. ما معوقات إقرار الحل السياسي "المتفق عليه" في ليبيا؟

وكانت اختتمت اجتماعات بين عسكريين ليبيين ممثلين عن الجيش الوطني، وحكومة الوفاق، في مدينة الغردقة المصرية، في خطوة تمهيدية لاستئناف محادثات "5 + "5 المنبثقة عن مؤتمر برلين، الذي عُقد مطلع العام الجاري.

من لقاء القبائل الليبية في القاهرة بحضور الرئيس السيسي

ووفق البيان الصادر عن بعثة الأمم المتحدة في ليبيا؛ اتُّفق على استئناف محادثات "5+5" خلال أسبوع، والإفراج عن المحتجزين على أساس الهوية والعمليات العسكرية، وإيقاف التحريض، وتبني خطاب التسامح، وفتح المواصلات، وبحث الترتيبات الأمنية في المنشآت النفطية، وللمنطقة التي ستُحدّد لاحقاً، في إشارة إلى مقر الحكومة المقبلة.

والتزم المجتمعون بتنفيذ هذه البنود، قبل نهاية شهر تشرين الأول (أكتوبر) الجاري. 

عسكريون لا ميليشيات

وتأتي هذه المحادثات استكمالاً لمحادثات اللجان العسكرية والأمنية، التي رعتها القاهرة عام 2017، والتي تعطّلت نتيجة تعقيدات ليبية، ثم تبعها هجوم الجيش الوطني، بقيادة المشير خليفة حفتر على طرابلس والغرب، للقضاء على سيطرة الميليشيات.

وتزامنت هذه الاجتماعات مع حوار بوزنيقة في المغرب، بين رئيس البرلمان الليبي - طبرق، عقيلة صالح، ورئيس المجلس الأعلى للدولة - طرابلس، خالد المشري، المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين.

من المتوقع أن يتضمن الحلّ الدولي في ليبيا، الذي ترعاه دول إقليمية، على رأسها مصر، خطوات للانتقال الديمقراطي، عبر الانتخابات النيابية والرئاسية، وهو ما يخشاه الإخوان الذين رفضهم الشارع

ويأتي اجتماع الغردقة عقب نجاح اتفاق استئناف إنتاج وتصدير النفط، بين المشير خليفة حفتر، القائد العام للجيش الوطني الليبي من جانب، ونائب رئيس حكومة الوفاق، أحمد معيتيق، من جانب آخر، والذي رعته مصر وواشنطن، على الرغم من معارضة الأطراف المحسوبة على الإخوان المسلمين في طرابلس، ومعارضة تركيا من ورائهم.

ستيفاني وليامز في لقاء مع أحمد معيتيق

ونجح لقاء الغردقة في تحقيق اختراق كبير  في جمود المحادثات العسكرية، والاتفاق على ترتيبات أمنية عديدة، واستئناف محادثات "5+5" العسكرية، التي تبحث إخراج المرتزقة الأجانب، وتفكيك الميليشيات، وتسليم أسلحتها، وبناء جيش ليبي موحّد. وأشار الاتفاق إلى التزام الطرفين ببدء مباحثات مُقبلة حول الترتيبات الأمنية للمنطقة المقرَّر تحديدها، في إشارة إلى المدينة التي ستكون عاصمة لحكومة وحدة وطنية جديدة.

اقرأ أيضاً: كيف تحولت حدود ليبيا إلى ساحة لتهريب الوقود والبشر؟

ولا تشارك الميليشيات في اجتماعات اللجنة العسكرية، وهو ما يعني استبعاد الجماعات الإرهابية، مثل الجماعة الليبية المقاتلة، والميليشيات التابعة للإخوان، والميليشيات الإجرامية.

 

المحلل السياسي الليبي عمر بو أسعيدة لـ"حفريات": الرعاية الأمريكية القوية للقاء الفرقاء في ليبيا هي الضامن الأول لتنفيذ مخرجاته في الغرب، وهناك إرادة قوية لتنفيذ المخرجات وما سيتبعها
 

وحول هوية المشاركين في لقاء الغردقة، يقول بو أسعيدة: "لا خلاف على ممثلي الجيش الوطني، فذلك أمر مضبوط ومؤسسي، والأمر المهم هو من يمثّل الغرب، وهم 4 شخصيات من القادة العسكريين من الجيش الليبي السابق، ممن يقاتلون في صفوف حكومة الوفاق، لأسباب جهوية، وهم شخصيتان من مصراتة، وشخصية من غريان، وأخرى من الزنتان، وجميعهم ضباط نظاميون، لا ينتمون إلى أيديولوجيا الإسلام السياسي".

اقرأ أيضاً: تسريبات تكشف كيف ينظر إخوان ليبيا إلى الحوار وحكومة الوفاق

ويردف بو أسعيدة: "لقاء الغردقة يأتي استكمالاً لمسارين؛ الأول توحيد المؤسسة العسكرية الذي رعته القاهرة في 2017، والثاني استكمالاً للتفاهمات التي توصل إليها وفد غرب ليبيا، الذي زار القاهرة في 10 أيلول (سبتمبر) الماضي، وضمّ شخصيات وطنية، تعادي الإخوان المسلمين، وكان من بينهم ممثّل عن فايز السراج".

مصراتة: صوت جديد

وتُعدّ مدينة مصراتة أقوى الفاعلين في الغرب الليبي، وتضمّ أقوى الميليشيات، وتوجد اتجاهات متعددة داخلها؛ من إخوان، وجماعات إرهابية، وفاعلين وطنيين.

ويبدو أنّ الصوت الوطني يُعبّر عن نفسه بقوة في المدينة، بعد أنّ التفّ حول نائب رئيس حكومة الوفاق، أحمد معيتيق، المنتمي للمدينة، والذي فاوض مع الجيش الوطني في اتفاق النفط.

مؤتمر برلين حول ليبيا

ويشير بو أسعيدة؛ إلى أنّ فاعلين كثيرين في مدينة مصراتة تحوّلت رؤيتهم من الهيمنة على البلاد، إلى التفاوض مع الجيش الوطني لحلّ الأزمة، وذلك عقب إخفاقهم عسكرياً أمام سرت، بعد أن وضعت مصر خطوطها الحمراء.

وكان أحمد معيتيق قد عبَّر عن رفضه لتقدّم قوات مصراتة نحو سرت، وحذرهم من ذلك، على عكس فاعلين آخرين دفعوا بهم إلى الموت.

اقرأ أيضاً: مغادرة الآلاف من مرتزقة أردوغان من ليبيا... أين وجهتهم؟

ويقول بو أسعيدة: "كسب معيتيق مصداقية كبيرة لدى المسلحين في مصراتة، بعد أن علموا صدق تحذيراته لهم، حينما خسروا أكثر من 100 قتيل عندما تقدموا إلى سرت".

لكن لا يعني ذلك اصطفاف القوى الفاعلة بأكملها في مصراتة وراء معيتيق، فلا مصلحة للميليشيات التي تتربح من الفوضى، من إخوان وجماعة مقاتلة وغيرهم، في تشكيل جيش نظامي ليبي موحد، ينزع السلاح منهم، وينهي وجود المرتزقة، وأطماع تركيا.

رعاية أمريكية - مصرية

وحظي لقاء الغردقة بدعم كبير من الأمم المتحدة، والولايات المتحدة، التي سبق أن رعت اتفاق النفط بين حفتر ومعيتيق، وهو الأمر الذي يمنح الاتفاق مصداقية، وقوة لتنفيذ مخرجاته، وما يترتب عن اجتماعاته المقبلة.

اقرأ أيضاً: "الوطن الأزرق": أيديولوجيا التدخل التركي في ليبيا

وحول ذلك، يقول المحلل السياسي الليبي، عمر بو أسعيدة: "الرعاية الأمريكية القوية للقاء هي الضامن الأول لتنفيذ مخرجاته في الغرب، وهناك إرادة قوية لتنفيذ مخرجات اللقاء وما سيتبعها، لذلك لم يُذكر حديث بعد عن إخراج المرتزقة، رغم مناقشته، انتظاراً لترتيبات على الأرض، حتى لا يكون الاتفاق حبراً على ورق".

ويردف بو أسعيدة: "هناك تسريبات بالتوافق على إلغاء الاتفاقيات العسكرية مع تركيا".

اللواء المسماري في احتفال الذكرى الـ 80 لتأسيس الجيش الليبي

ويحظى لقاء الغردقة بدعم شعبي كبير في ليبيا، بعد إخفاق اللقاءات السياسية المتكررة، والتي يجري آخرها في بوزنيقة بالمغرب.

ويقول بو أسعيدة: "المشروع الحقيقي للحلّ يمر عبر القاهرة، سواء مباحثات معيتق مع حفتر حول النفط، أو الاجتماعات العسكرية المشتركة، وما يعطي لرعاية القاهرة زخماً؛ هو تأكيد معظم الشعب الليبي بأنه لا مكان للإخوان المسلمين في أيّ حوار ترعاه القاهرة".

لا مكان للإخوان

وكانت جماعة الإخوان قد استبقت لقاء الغردقة باجتماعات بوزنيقة في المغرب، مع رئيس البرلمان، عقيلة صالح، بهدف تجديد الفترة الانتقالية، وفق رؤية جديدة، تتضمن؛ تشكيل مجلس رئاسي جديد، وحكومة موحدة، وتوزيع المناصب السيادية، واختيار سرت عاصمة مؤقتة، على أن يكون توزيع المناصب والإيرادات وفق القسمة الإقليمية الثلاثية؛ الشرق، الغرب، والجنوب.

اقرأ أيضاً: شركات تركية تستحوذ على مشاريع بمئات ملايين الدولارات في ليبيا

وجاءت مخرجات لقاء الغردقة دون إشارة إلى مدينة سرت، وذكر منطقة غير محددة، دون تسمية الهيئة السياسية التي تضمها ليعطي إشارة قوية برفض أيّ تقاسم للمناصب، يرّسخ للانقسام الحالي، الذي تستفيد منه جماعة الإخوان المسلمين والميليشيات الإجرامية، ومن ورائهم تركيا، التي تريد الانفراد بالغرب الليبي، ومؤسسات الثروة.

اقرأ أيضاً: تجدد صراع أذربيجان وأرمينيا.. هل تبحث تركيا عن "ليبيا ثانية"؟

وعن مستجدات حوار بوزنيقة، يقول عمر بو أسعيدة: "حوار الغردقة يتعارض تماماً مع حوار بوزنيقة، الذي شهد تغيرات كبيرة، فتصريحات المشري الأخيرة ضربت بعرض الحائط كلّ التفاهمات، مثل نقل مقرّ الحكومة والمناصب السيادية، وهوية ممثلي الغرب؛ حيث فوجئ وفد البرلمان بزيادة عدد ممثلي الغرب إلى 13 مشاركاً، على خلاف ما هو متفق عليه".

ويرى بو أسعيدة؛ أنّ المشري والإخوان لا يوجد قرار مستقل لهم، وكانوا يحاولون التخلي عن حلفائهم، المُصنفين إرهابيين، مثل الجماعة الليبية المقاتلة، والميليشيات الأخرى، لكنّ هؤلاء أجبروهم على إشراكهم معهم في بوزنيقة.

ويبدو أنّ هناك ترتيبات سياسية كبيرة ستظهر إلى العلن، قبل نهاية الشهر الجاري، وهو التاريخ الذي ورد كثيراً في تصريحات الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة بالإنابة إلى ليبيا، ستيفاني وليامز.

اقرأ أيضاً: هل تضع "مغامرة ليبيا" حداً لنهج أردوغان في المنطقة؟

ومن المتوقع أن يتضمن الحلّ الدولي، الذي ترعاه دول إقليمية، على رأسها مصر، خطوات للانتقال الديمقراطي، عبر الانتخابات النيابية والرئاسية، وهو الأمر الذي يخشاه الإخوان، بسبب رفض الشارع الليبي لهم.

ومن جانب آخر، ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان؛ أنّ تركيا أعادت 1400 مرتزق إلى سوريا، وكانت شبكة "رصد" الإخوانية قد نشرت فيديو يتحدث عن رعاية مصرية- تركية للمباحثات العسكرية في الغردقة، وهو ما لم تؤكده مصادر ذات مصداقية، بل يبدو أنّه محاولة من الإعلام الموالي لتركيا لحفظ ماء وجه أردوغان، بعد أن أهملته مصر وواشنطن في المباحثات.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية