القوى الشبابية تعرقل أردوغان والصدمة تهدد حظوظه في الدور الثاني

القوى الشبابية تعرقل أردوغان والصدمة تهدد حظوظه في الدور الثاني

القوى الشبابية تعرقل أردوغان والصدمة تهدد حظوظه في الدور الثاني


16/05/2023

لم ينجح الرئيس التركي المنتهية ولايته رجب طيب أردوغان في حسم فوزه من الدور الأول في انتخابات الرئاسة التركية، كما فعل في السابق، في خطوة ربطها مراقبون للشأن التركي بالتغير في ديمغرافيا الأعمار، ما دفع الشباب الذين فتحوا أعينهم على الحياة تحت حكم أردوغان إلى البحث عن التغيير وانتخاب وجوه جديدة وبرامج جديدة بدلا من استمرار الوجوه نفسها في الرئاسة والحكومة والبرلمان.

يأتي هذا في وقت يُنتظر فيه أن تؤثر صدمة الخسارة على أردوغان وأنصاره، خاصة في ظل صعوبة عقد تفاهمات وتسويات تدعم حظوظ الرئيس المنتهية ولايته، وسقوط الرهان على المرشح الخاسر سنان أوغان الذي وضع شروطا يصعب على المترشحين في الدور الثاني الاستجابة لها.

وقال المراقبون إن الملايين من الشباب الأتراك في سن الاقتراع الآن، ممن يتوقون إلى الحرية، وجدوا أنفسهم يعانون تحت حكم أردوغان من الرقابة وتسلّط  الدولة المحافظة التي عملت على الحد من حرية الرأي والتعبير سواء في الإعلام التقليدي أو في وسائل التواصل الاجتماعي التي تحولت إلى فضاء معاد لأردوغان بسبب لجوئه إلى قوانين زجرية قادت إلى أحكام بالسجن على بعض الشباب المناهضين لحكمه وطرق إدارته للدولة.

لكن هؤلاء المراقبين يلفتون إلى أن أردوغان، الذي خسر بعض جمهوره مازال قادرا على المناورة إذا فشل خصومه في الحفاظ على الأداء نفسه الذي جرى في الدور الأول ولم يستمروا في دعم منافسه كمال قليجدار أوغلو الذي حقق تقدما لافتا خاصة في المدن الكبرى، مثل أنقرة وإسطنبول، التي فاز فيها الحزب الجمهوري في الانتخابات البلدية.

واستفاد قليجدار أوغلو بشكل جلي من سجن صلاح الدين ديمرتاش زعيم حزب الشعوب الديمقراطي المدعوم من الأكراد، وهو ما دفع المناطق الكردية إلى تصويت عقابي كبير ضد أردوغان ونقل الأصوات التي كان يحصل عليها ديمرتاش في السابق إلى قليجدار أوغلو. ولا يُعرف إلى أي حد سيلتزم الأكراد بدعم خصم أردوغان في الدور الثاني، وهل سيستمر التحمّس الكردي للتصويت لفائدته؟

ويعود التراجع الطفيف لأردوغان في المدن الكبرى إلى تأثير الأزمة الاقتصادية الحادة، التي تظهر ملامحها بشكل خاص في المدن التي تكون أكثر ميلا إلى النقد والاحتجاج.

وكانت المعارضة تطمح إلى الاستفادة من حنق الناخبين بسبب الأزمات الاقتصادية في البلاد بعدما سببت سياسة غير تقليدية لخفض أسعار الفائدة أزمة في الليرة وارتفاعا في التضخم. وكان من المتوقع أيضا أن يتأثر التصويت ببطء تحرك الحكومة بعد الزلزال المدمر الذي أودى بحياة 50 ألف شخص في فبراير الماضي.

وزادت الأزمة حدة بسبب وجود الملايين من اللاجئين السوريين على الأراضي التركية، ما أثقل كاهل الأتراك بالمزيد من الأعباء وأعاق حصولهم على مواطن عمل إضافية.

ونجحت المعارضة في استثمار ورقة اللاجئين لصالحها في الدور الأول من خلال التعهد بترحيل هؤلاء اللاجئين إلى بلدانهم، وخاصة السوريين. وهذه الورقة نفسها ستكون محددا في الدور الثاني، حيث يشترط سنان أوغان توجيه الدعم إلى من يتعهّد بإعادة اللاجئين إلى بلدانهم، وهو شرط قد يصعّب مهمة أردوغان في الدور الثاني.

وقال سنان أوغان، المرشح القومي الذي حل في المركز الثالث، إنه لا يمكن أن يدعم مرشح المعارضة في جولة الإعادة إلا إذا وافق على عدم تقديم تنازلات لحزب مؤيد للأكراد، ووضع في الوقت نفسه ورقة اللاجئين عقبة أمام دعم أردوغان.
وأضف أوغان الاثنين “سنتشاور مع قاعدة ناخبينا قبل التوصل إلى قرار حول جولة الإعادة، لكننا أوضحنا أن محاربة الإرهاب وإعادة اللاجئين خطان أحمران”.

وقال أوغان (55 عاما) إن هدفه هو إزاحة حزبين كرديين عن “المعادلة السياسية” التركية ودعم القوميين والعلمانيين الأتراك.

ويدعم حزب الشعوب الديمقراطي المؤيد للأكراد قليجدار أوغلو في الانتخابات الرئاسية في حين أن حزب هدى بار (حزب الهدى) الكردي الإسلامي يدعم أردوغان.

وأعلن رئيس الهيئة العليا للانتخابات في تركيا أحمد ينار رسميّا إجراء الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية في 28 مايو الجاري.

جاء ذلك في مؤتمر صحفي الاثنين أشار فيه إلى فرز 100 في المئة من صناديق الاقتراع داخل البلاد.

وقال ينار “لم يحصل أي مرشح في الانتخابات الرئاسية على الأصوات الكافية لفوزه وتقرر إجراء جولة ثانية الأحد 28 مايو”.

وأكد أن نسبة المشاركة داخل البلاد في الانتخابات بلغت 88.92 في المئة، فيما سجلت 52.69 في المئة في الخارج.

وحصل رجب طيب أردوغان على 49.51 في المئة من أصوات الناخبين، فيما نال كمال قليجدار أوغلو 44.92 في المئة، وحصل سنان أوغان على 5.17 في المئة ومحرم إنجه على 0.44 في المئة.

وقال ينار إن النتائج الرسمية والنهائية للانتخابات البرلمانية والرئاسية التي جرت الأحد ستعلن من قبل الهيئة العليا للانتخابات يوم 19 مايو الجاري.

وما زال شعور التحدي يحدو بعض أنصار المعارضة المتفائلين بأن قليجدار أوغلو -المرشح عن تحالف الأمة المكون من ستة أحزاب- يمكنه الفوز في الجولة الثانية.

واحتفلت وسائل الإعلام الموالية للحكومة بالنتيجة، فكتبت صحيفة يني شفق “انتصر الشعب”، في إشارة إلى تحالف الشعب بزعامة أردوغان الذي فاز بأغلبية في البرلمان الجديد، وهو ما يبدو تعزيزا لآمال أردوغان في جولة الإعادة.

وأشارت النتائج إلى أن أردوغان وحزبه العدالة والتنمية استطاعا حشد الناخبين المحافظين على الرغم من أزمة كلفة المعيشة.

وسيكون احتمال تولي أردوغان الرئاسة خمسة أعوام أخرى مثار غضب بالنسبة إلى نشطاء حقوق الإنسان الذين يطالبون بإصلاحات لاحتواء الأضرار التي يقولون إنها لحقت بالديمقراطية.

واستأثر أردوغان بالسلطات وكمّم أفواه المعارضة وسيطر على وسائل الإعلام ومرفق القضاء ومجال الاقتصاد.

وربما يبدد أيضا فوز أردوغان يوم 28 مايو أمل آلاف السجناء والنشطاء السياسيين في الإفراج عنهم.

عن "العرب" اللندنية




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية