المدارس الأصولية تقلق المخابرات الفرنسية

المدارس الأصولية تقلق المخابرات الفرنسية

المدارس الأصولية تقلق المخابرات الفرنسية


24/04/2023

يكشف جان تشارلز بريسارد رئيس المركز الفرنسي لتحليل الإرهاب في تقرير صدر في أبريل (نيسان) الحالي أنّه خلال الفترة من 2012 ولغاية 2018 كان 60% من المُعتقلين المُتطرّفين غير معروفين لأجهزة المخابرات، أما منذ 2019 فقد ارتفعت هذه النسبة لتصل إلى 80%، عدد كبير منهم من الطلاب والشباب، وهو ما يُثير قلق الأجهزة الأمنية.

ويُرجع الخبراء أسباب ذلك لتزايد عدد المدارس الدينية التي تعمل على ترخيصها جمعيات يتم تأسيسها لأغراض ثقافية أو مُجتمعية وهمية تُخفي ورائها أفكاراً أصولية، ولشبكات التواصل الاجتماعي التي تُعزّز دور تلك المدارس، وباتت عنصراً مهماً في تطرّف المراهقين خاصة عبر "تيك توك" و"الأنستغرام" عبر الترويج لخطابات متطرفة تمثّل بوابة للانفصالية أو الأيديولوجية الإخوانية والسلفية والفكر الإرهابي عموماً.
ووفقاً لـِ سيرافن ألافا عضو كرسي اليونسكو للوقاية من التطرّف، فإنّه لا يوجد نموذج واحد للتطرّف في مرحلة المراهقة، حيث ينشأ بعض الشباب في بيئة أسرية متطرفة أصلاً، أو يكونون ممن ليس لديهم ما يفعلونه وبدون أهداف مستقبلية، وليس لديهم في ذات الوقت ما يخسرونه، وبالتالي يُمكن أن يقعوا بسهولة في الانحراف أو التطرّف.
وكشفت التحقيقات الأوّلية مع الطالب الفرنسي القاصر الذي اعتقل مؤخراً إثر إخفائه مواد متفجرة يُمكن استخدامها في تركيب العبوات الناسفة، أنّه قام بتنزيل العديد من مقاطع الفيديو الدعائية لتنظيم الدولة الإسلامية داعش وكان على اتصال مع متعاطفين مع هذا التنظيم الإرهابي.
من جهتها، حذّرت الصحافية الفرنسية المعروفة ماري أميلي لومبارد لاتون من الانجراف الانفصالي المُتزايد الذي يتخذ من المدارس هدفه المفضل، مُشيرة في تحقيق لها نقلته عن المخابرات الفرنسية ونشرته في يومية "لو بينيون"، أنّ الضغط الإسلاموي على علمانية المدارس ليس على وشك أن يتضاءل، وهو بات يستخدم، وعلى عكس طرائق أخرى معروفة لأجهزة الأمن، الفضاء العام لوسائل التواصل الاجتماعي، الذي يُعتبر أكثر العلامات الملموسة على هذا الوجود المتزايد للإسلام السياسي والتنظيمات المتشددة.
وفي تقييمها الشهري للهجمات على العلمانية، كشفت وزارة التربية الوطنية في فرنسا عن أكثر من 325 حادثة في هذا الصدد على مدارس البلاد في 2022. وفي إشارة إلى مسؤولية الشبكات الاجتماعية، علّق وزير التربية باب ندياي بأنّ "الجمهورية أقوى من تيك توك"، واعداً باتخاذ تدابير قوية لمواجهة هذا الارتفاع في الأصولية في المدارس.
في ذات الصدد ومقابل ما تتعرّض له المدارس الحكومية، قالت ماري أميلي، إنّه في أحياء الطبقة العاملة في ضواحي باريس الأقل تطوّراً، لم يعد مصطلح "مدرسة" يُشير إلى المدرسة الرسمية العامة بل إلى المدرسة الدينية التي تتبع جمعيات تُروّج للفكر الأصولي تحت ستار أهداف تعليمية وثقافية.

الفكر المتشدد من المدارس إلى الجامعات

ويُشير جهاز المخابرات المركزي إلى هذا "التطور الدلالي" في مذكرته مؤخراً حول "هوية التراجع في العلمانية"، حيث أنّه في الواقع، تُعتبر المدارس التي يتم تأسيسها بحجة تعليم اللغة العربية على سبيل المثال بينما تكون أهدافها المخفية تتمثّل في الترويج للفكر الإخواني المتشدد، مؤسسات تتنافس مع المدارس الحكومية. ويُغذّي هذا الغموض أيضاً الأصوليون الذين يُطلقون أسماء خادعة للهياكل التعليمية اللامنهجية التابعة لهم، مثل مدرسة المعرفة، مدرسة النجاح، أو مدرسة النور، وغيرها..
وبالنسبة لعالم الاجتماع والمتخصص في السلفية برنار روجير، والذي يدرس انتشار الإسلاموية في فرنسا، فإنّ الحركة الإسلامية تُطوّر استراتيجيتها للالتحاق بالتعليم العالي غير مُكتفية بتأثيرها على المدارس فقط، ويشمل ذلك جميع التخصصات في الجامعات كالعلوم الاجتماعية والفكرية، والكليات العلمية كذلك.
على صعيدٍ آخر فإنّ %67  من الفرنسيين باتوا يعتقدون أنّ نظام الدولة التعليمي لم يعد ناجحاً، وهو ما يدل على أنّ النخبة الفرنسية تفقد الثقة بالتعليم الحكومي، حيث أصبحت الطبقات المتوسطة والعليا في فرنسا تزدري نظام التعليم الحكومي الذي طالما اعتبرته حجر الزاوية في النهضة الفرنسية منذ أكثر من 100 عام، وأصبحت هذه الطبقات تُرسل أبناءها إلى مدارس خاصة على خلاف ما درجت عليه من قبل.
وبدا هذا الاتجاه في الظهور بعد أن بدأت الحكومة الفرنسية في السنوات الأخيرة بنشر مؤشر المركز الاجتماعي الذي يُصنّف المدارس وفقاً لمجموعة من العوامل، بما في ذلك الإمكانات المالية والمؤهلات التعليمية لأهالي التلاميذ، مع الأخذ بعين الاعتبار كذلك مساحات منازلهم ومدى الوصول إلى الإنترنت، والأنشطة الرياضية والثقافية المُتاحة في مناطقهم.

عن موقع "24"




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية