النهضة تسعى إلى الحوار مع قيس سعيد لتجنب إجراءات تصعيدية ضدها

النهضة تسعى إلى الحوار مع قيس سعيد لتجنب إجراءات تصعيدية ضدها

النهضة تسعى إلى الحوار مع قيس سعيد لتجنب إجراءات تصعيدية ضدها


31/08/2023

خالد هدوي

تواصل حركة النهضة الإسلامية مناورتها مع السلطة بسعيها إلى التفاوض مع "نظام 25 يوليو" الذي عجّل بخروجها من المشهد السياسي، في خطوة يرى مراقبون أنها تعكس ازداوجية الخطاب الذي تتبعه الحركة في مختلف مراحلها.

وبعد أن اعتبرت النهضة أن إجراءات الرئيس قيس سعيد منذ سنتين “انقلابا” على الديمقراطية ورفضته مع بقية أطراف المعارضة، تسارع اليوم إلى البحث عن قنوات الحوار مع الرئيس، وهو ما قد يكشف خشيتها من فتح ملفات “ثقيلة” تتعلق بها وتقترن خصوصا في ما بات يعرف في تونس بـ”العشرية السوداء”.

وتوقع المنذر الونيسي الرئيس بالنيابة لحركة النهضة، أبرز حزب معارض للرئيس التونسي قيس سعيد، أن “نظام 25 يوليو سيأتي إلى الحوار عاجلا أم آجلا”، مشيرا إلى مراجعات داخل الحركة لإعادة تقديم نفسها للتونسيين عبر مؤتمرها في أكتوبر المقبل، رغم قرار السلطات المستمر بغلق مقراتها.

وأدان الونيسي قرار السلطات بالاستمرار في غلق مقرات الحزب منذ منتصف أبريل الماضي على الرغم من انتهاء إجراءات التفتيش بالكامل.

واعتبر الونيسي، الذي يعمل طبيبا أيضا، في تصريح إعلامي أن “الاستمرار في قرار الغلق هو محاولة لتعطيل نشاط الحركة بشكل فج وبقرار غير قانوني. الصراع السياسي حلبته الانتخابات والواقع السياسي”، متابعا “المقرات في حالة افتكاك.. ليس لدينا ما نخفيه ونشاطنا قانوني”.

ولم تذكر السلطات الأمنية أو القضائية أسباب الاستمرار في غلق مقرات الحزب ومنع أنشطته مؤقتا، ولكن مراقبين لم يستبعدوا وجود نوايا بتجميد نهائي لأنشطة الحركة وربما حلها في ظل وجود عدد كبير من القياديين في السجن.

ووفق الرئيس المؤقت للحركة يقبع في السجن 25 قياديا وعضوا من منتسبيها وفي مقدمتهم رئيسها راشد الغنوشي، بتهمة التآمر على أمن الدولة وتهم أخرى تتعلق بالإرهاب وتبييض أموال. وتقول الحركة إنها تهم “ملفقة وكيدية” ولا سند قانونيا لها.

وقال لونيسي “حل الأحزاب هو بيد القضاء. وما يحصل هو المرور بالقوة واستغلال للنفوذ ولآليات الدولة. نحن نضع في اعتبارنا إمكانية اللجوء إلى التجميد أو الحل. وإذا حصل هذا نحن سنتجه إلى القضاء وليس هناك من شك أننا سنربح في هذا المسار”.

وأعلنت حركة النهضة أنها ستمضي قدما في تنظيم مؤتمرها الانتخابي في أكتوبر المقبل. وكان المؤتمر مقررا بداية في 2020 لكن تم تأجيله بسبب جائحة كورونا ومن ثم حالت التطورات السياسية في البلاد دون تنظيمه.

وقال رئيس الائتلاف الوطني التونسي ناجي جلول إن “حركة النهضة لا تملك تنازلات، ومن الغريب أنها تصف الرئيس سعيد بالمنقلب، ثم تدعو الآن إلى الحوار معه”.

النهضة تريد أن تقنع السلطة عبر المبادرة بالذهاب في حوار معها إلى كونها ستقوم بمراجعات جذرية تقطع مع ما عرفت به الحركة سابقا

 وأكد في تصريح لـ”العرب” أن “النهضة لم تشف بعد من مرض ازدواجية الخطاب، وهي الآن في حالة ضعف ووهن مع تفاقم الخلافات الداخلية، كما أنها عندما تستشعر الضغط تلجأ إلى الحوار، وهذا جزء من المناورات السياسية التي تتبعها”. وأردف “الحركة تحرص على المناورة وربح الوقت، وهي تطرح الحوار الآن كمبدأ”.

وتواجه الحركة، التي شهدت موجة استقالات لقياديين من الصف الأول، خلافات داخلية بشأن إصلاح هياكل الحزب ولاسيما النقطة المتعلقة باستمرار رئاسة الغنوشي والدعوات إلى تنحّيه.

ويقول متابعون للشأن التونسي إن النهضة تريد أن تقنع السلطة عبر المبادرة بالذهاب في حوار معها إلى كونها ستقوم بمراجعات جذرية تقطع مع ما عرفت به الحركة سابقا، كما أنها تسعى لطمأنة سعيد بأن جوهر الحركة تغير عبر ضخ دماء شبابية تريد الانفتاح وتؤمن بالتشاور والحوار مع غيرها.

ويرى هؤلاء أن النهضة أدركت أن الرئيس سعيد جاد في مسار تفكيك منظومة ما بعد 2011، وهي تسعى إلى تجنب الصدام معه لتخفيف خسائرها من حملة تطهير الإدارة.

وأفاد الكاتب والمحلل السياسي مراد علالة أن “الحركة لم تخرج عن دائرة المناورة كعادتها، والونيسي ليست له خيارات كثيرة، وهو يعلم جيدا أنه غير قادر على تنظيم المؤتمر القادم للحركة، لأن أبرز القيادات في السجن وليس ثمة ما ينبئ بذلك، كما أنه قانونيا وموضوعيا، الحركة في حالة استثناء ومقراتها مغلقة”.

وأكد لـ”العرب” أن “الونيسي يجد نفسه في شبه عزلة، وبالتالي يريد تقديم رسائل لرئاسة الجمهورية لفتح قنوات التواصل معها ولو بطريقة غير مباشرة، وإيهامها بأن الحركة قطعت مع القديم، كما يريد أن يقنع قيس سعيد بأن المؤتمر القادم ستتم فيه مراجعات”.

وحول تحرك النهضة في هذه الآونة لتفادي أيّ إجراءات ضدّ رموزها وإمكانية فتح ملفات تتعلق بها في الفترة المقبلة، اعتبر مراد علالة أن “الحركة تدرك جيدا أن بعض الملفات فتحت، وهي تكابر”.

واستطرد قائلا “ربما ستبقى النهضة بجناحين، الجناح التاريخي المتشدد، والجناح الآخر (حزب عبداللطيف المكي)، الذي يريد أن يقدم صورة شبابية منفتحة، لكن هما خطّان سيلتقيان”.

وسبق أن حث المحامي والقيادي في حركة النهضة الإسلامية سامي الطريقي في تدوينة له على صفحته بموقع فيسبوك عناصر النهضة ألا ينساقوا “وراء خطاب ترذيل الدولة مهما كان الخلاف جديًا فسواء كنّا في السلطة أو في المعارضة فإنه لا يجب علينا أن ننساق وراء خطاب يضعف الدولة”.

وفيما قوبل موقف الطريقي بموجة غضب من أنصار النهضة على مواقع التواصل واتهامه بتقديم تنازلات مجانية، فإن نشطاء آخرين اعتبروا أن ما قاله ليس موقفا شخصيا، وأنه “رسالة من الغنوشي على لسان الطريقي”، خاصة أن الطريقي أحد محامي الغنوشي.

وقاد تأخير عقد المؤتمر خلال السنوات الماضية إلى خلافات داخل حركة النهضة بين شق الغنوشي الذي يمسك بمفاتيح الحزب وبين خصومه الذين يطالبون بمؤتمر يفضي إلى قيادة جديدة، خاصة في ظل تفاهمات سابقة أفضت إلى اتفاق يمنع على رئيس الحركة أن يتولى القيادة لأكثر من دورتين متتاليتين.

عن "العرب" اللندنية




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية