باحثان سعوديان يكشفان لـ"حفريات" ملفات جولة بن سلمان في المنطقة

باحثان سعوديان يكشفان لـ"حفريات" ملفات جولة بن سلمان في المنطقة


21/06/2022

أبلغ باحثان سعوديان "حفريات" بأبرز الملفات التي يحملها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في جولته التي تبدأ اليوم الثلاثاء وتشمل مصر والأردن وتركيا.

وتأتي هذه الجولة فيما تشهد منطقة الشرق الأوسط حراكاً سياسياً قوياً على مستوى زعماء دولها، فرضته الظروف الإقليمية والدولية المشتركة، وعلى رأسها قضايا الأمن ومكافحة الإرهاب والخطر الإيراني، وقضايا الأمن الغذائي والطاقة والتداعيات السياسية والاقتصادية للحرب الروسية على أوكرانيا، وموقع الإقليم في السياسة الأمريكية، وغير ذلك.

وفي إطار التنسيق الإقليمي المشترك، عُقدت لقاءات قمة على مستوى ثنائي وثلاثي بين العديد من دول المنطقة، كانت منها زيارة الرئيس المصري السيسي إلى الرياض، واللقاء الثلاثي بين مصر والأردن والإمارات على مستوى رؤساء الوزراء، واللقاء الثلاثي بين مصر والأردن والبحرين على مستوى القادة، وكذلك لقاءات شاركت فيها إسرائيل، وغير ذلك من المنتديات التي جمعت كبار المسؤولين العرب والإسرائيليين في العقبة والنقب.

ويرى مراقبون أنّ هناك حراكاً إقليمياً يتبلور لتشكيل جبهة من الدول التي تجمعها المصالح والمخاطر المشتركة، بدعم من الولايات المتحدة وذلك لإدارة شؤون المنطقة، ومواجهة المخاطر التي على رأسها إيران، فضلاً عن التعاون الاقتصادي.

جولة ولي العهد

وليس بعيداً عن هذا الزخم، الجولة المرتقبة لولي العهد السعودي، وزير الدفاع، الأمير محمد بن سلمان، والتي تشمل مصر والأردن وتركيا. وتأتي هذه الجولة قبل أقل من شهر على الزيارة المقبلة للرئيس الأمريكي، جو بايدن، وهي الأولى إلى الشرق الأوسط، والتي تشمل إسرائيل وفلسطين والسعودية، وفي الأخيرة ستعقد قمة إقليمية مع دول الخليج ومصر والأردن والعراق.

د. باطرفي: التعاون العربي التركي في المرحلة القادمة يتطلب تواصلاً أشمل

ويقول الأستاذ بجامعة الفيصل والمحلل السياسي، خالد محمد باطرفي: "تأتي زيارة الأمير محمد بن سلمان، لمصر، في مطلع جولة تبدأ بالشقيقة الكبرى، ثم الأردن، وتنتهي بتركيا، في أجواء حراك سياسي كبير تشهده المنطقة. وخلال الأسابيع والشهور الماضية، زار الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، السعودية والإمارات، كما استقبل قادة الأردن البحرين الإمارات".

وتابع الأكاديمي السعودي لـ "حفريات": "من المتوقع أن تُطرح خلال جولة ولي العهد ملفات زيارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، للسعودية، واجتماعه بقادة دول الخليج ومصر والعراق والأردن. والمتوقع أن تناقش قضايا أبرزها تداعيات الغزو الروسي لأوكرانيا، والعلاقات العربية العسكرية والأمنية والاقتصادية مع روسيا والصين، وموقف الدول من الصراع بين المعسكرين الشرقي والغربي، واصطفافات المحاور الدولية الجديدة. إضافة إلى التعاون في مجالات النفط والطاقة النووية والأمن والسلام في منطقة الشرق الأوسط، والمواجهة القادمة مع إيران وميليشياتها وسياساتها المزعزعة للاستقرار في المنطقة".

هناك حراك إقليمي يتبلور لتشكيل جبهة من الدول التي تجمعها المصالح والمخاطر المشتركة، بدعم من الولايات المتحدة، وذلك لإدارة شؤون المنطقة، ومواجهة المخاطر وعلى رأسها إيران

وتتخذ هذه الجولة مسارين؛ الأول العلاقات الثنائية بين الرياض وكلٍّ من القاهرة وعمّان وأنقرة، والتعاون الإقليمي بين هذه الدول في إطار ما تشهده المنطقة من حراك سياسي واقتصادي كبير. وبالنسبة لمصر فهناك تقارب كبير في القضايا السياسية مع المملكة، لكن ربما تريد الأخيرة المزيد من القاهرة في ملفات تمسّ أمنها القومي، خصوصاً ما يتعلق بإيران وميليشياتها في اليمن ولبنان والعراق، وهي قضية تتخذ القاهرة فيها مواقف حذرة، رغم تأكيدها على اعتبار أمن المملكة والخليج جزءاً من أمنها القومي.

وترغب القاهرة في مزيد من الاستثمارات السعودية لمواجهة التداعيات الكبيرة لأزمة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية، والتي أدت إلى إضعاف الاقتصاد المصري وزيادة نسبة التضخم وتهديد الأمن الغذائي، وربما تطمح القاهرة إلى مزيد من الدور الاقتصادي للمملكة أسوةً بتنامي الدور الإماراتي اقتصادياً.

وبخصوص ملف العلاقات الثنائية مع الأردن؛ فبحسب مراقبين تمثّل زيارة ولي العهد السعودية أهمية كبيرة لعمان، لإزالة ما بدا من فتور في العلاقات التاريخية الوطيدة بين البلدين.

 وكذلك، مثل مصر، يحتاج الأردن إلى الاستثمارات السعودية لتحقيق تنمية هو في أمسّ الحاجة إليها، في ظلّ التداعيات الاقتصادية الدولية، وما يكابده الأردن من تحديات تتعلق باللاجئين، فضلاً عن أنّ تنامي الخطر الإيراني على الأردن، عبر حرب المخدرات من سوريا، قد يعزّز التعاون بين عمّان والرياض.

زيارة تركيا

وفيما يتعلق بالعلاقات الثنائية مع تركيا، يقول الأكاديمي السعودي: "تأتي هذه الزيارة بعد زيارة الرئيس التركي مع وفد رسمي كبير، للسعودية، وستتوج مرحلة طويلة لمراجعة شاملة وكاملة للعلاقات والمصالح المشتركة بين البلدين. وتركيا دولة كبرى في المنطقة، وتتقاطع مصالحها مع بلدانها في جوانب عديدة، من بينها تأثير الحرب الروسية الأوكرانية على الأمن الدولي، وإمدادات الطاقة والغذاء، وسياسات إيران المزعزعة للأمن والسلام، خاصّة برنامجها النووي والصاروخي، ودعمها للميليشيات الإرهابية وتدخّلها في شؤون جيرانها، وهي مخاطر لم تسلم منها تركيا".

د. محمد صفر: من الناحية المالية فالمملكة مهمة جداً على مستوى العالم

ومن جانبه، يرى الباحث السعودي في قضايا الحركات الإسلامية، محمد صفر، أنّه من الممكن التوصل لتفاهم عربي مع تركيا، إذا "تخلت تركيا عن التوسع العسكري والتدخل في نطاق الأمن القومي العربي كما تفعل اليوم في ليبيا وسوريا والعراق، وهو أمر مهمّ للمملكة، التي تحمل راية قيادة العالم العربي". وأضاف لـ "حفريات": "إذا ما حدث ذلك ستمثل تركيا إضافةً كبيرة للجبهة العربية التي تتشكل لمواجهة الخطر الإيراني والمخاطر التي تهدد الأمن الإقليمي، خصوصاً في ظلّ وجود إسرائيل ضمن هذا المحور نظراً لاشتراكها في مواجهة خطر إيران".

وأشار الباحث السعودي إلى أهمية زيارة ولي العهد إلى أنقرة من الناحية الاقتصادية؛ "من الناحية المالية؛ فالمملكة مهمة جداً على مستوى العالم، ولذلك إذا ما تحسّنت علاقاتها مع تركيا، فسينعكس ذلك على الاقتصاد التركي، سواء عبر الاستثمار المباشر والودائع والتجارة البينية، التي تمثّل أهمية كبيرة لأنقرة". ولفت إلى أهمية تركيا بالنسبة للأمن الإقليمي "تتمتع بموقع إستراتيجي وقوة عسكرية قوية، ولها احترام من مجموعات سنّية، إلى جانب قدراتها الإنتاجية في الصناعة التحويلية والإنتاج الزراعي، وهي طاقات إذا ما سُخرت ضمن تعاون وتفاهم إقليمي ستمثل إضافة قوية على مستوى الأمن والاقتصاد".

الباحث السعودي محمد صفر لـ "حفريات": من الممكن التوصّل إلى تفاهم عربي مع تركيا، إذا تخلّت عن التوسّع العسكري والتدخّل في نطاق الأمن القومي العربي

وعطفاً على ذلك، قال المحلل السياسي، محمد خالد باطرفي: "التعاون العربي التركي في المرحلة القادمة يتطلب تواصلاً أشمل وأكبر وأوسع نطاقاً لمواجهة كل هذه التحديات والاستفادة من الفرص المتاحة لتعظيم المصالح المشتركة". وأشار إلى أنّ زيارة ولي العهد تمهّد لـ "استئناف اجتماعات مجلس التنسيق السعودي التركي، الذي عقد أولى جلساته عام 2017، ليعمل على تفعيل اتفاقيات التعاون في مجالات واسعة، من أبرزها؛ التصنيع العسكري، والاستثمارات المشتركة، والتعاون في مجال الطاقة والتعدين والزراعة والأمن الغذائي".

قمة جدة

وحول ارتباط جولة ولي العهد السعودي بالقمة الأمريكية - العربية في جدة، قال الباحث السعودي محمد صفر: "تمثّل زيارة بايدن نقطةً مهمةً جداً في تاريخ علاقات المنطقة مع واشنطن، سواء من حيث النفوذ والوجود العسكري وحماية مصادر الطاقة. وهذه الزيارة لها ما بعدها حقيقةً، خصوصاً أنّها جاءت متأخرة من قبل الرئيس الأمريكي، لكنّها تعكس تحولاً في موقف واشنطن، من اعتبار الشرق الأوسط ليس أولوية في الاهتمام إلى جعله ضمن الأولويات؛ إذ إنّ الشرق الأوسط يفرض نفسه دائماً كلما أرادت أمريكا تهميشه".

لقاءات متعددة جمعت الرئيس السيسي وولي العهد السعودي

وأضاف: "اليوم، المهدّد الأمني الكبير لدول الخليج بشكل عام والسعودية بشكل خاص هو المشروع الإيراني، بعد أن أصبح مشروع الإسلام السياسي جزءاً من الماضي، كما أنّ الخطر الإيراني أشدّ على المنطقة من إسرائيل، على اعتبار أنّ الأخيرة تعمل وفق الحدود المرسومة لها، لكن إيران تتمدّد بشكل مباشر، ومن خلال الميليشيات والمجموعات الشيعية، وتريد نفوذاً مباشراً في المنطقة".

ويذكر أنّ حجم التبادل التجاري بين مصر والسعودية قفز خلال عام 2021 إلى 4.3 مليار دولار، مقابل 3.2 مليار دولار خلال عام 2020 بنسبة ارتفاع بلغت 34%. وتعدّ السعودية الشريك التجاري الأول والأهم بالنسبة إلى الأردن، وبلغ حجم التبادل التجاري بينهما أربعة مليارات دولار لعام 2019، ويعمل البلدان لرفعه إلى خمسة مليارات هذا العام. وتراجعت الصادرات التركية إلى السعودية على خلفية توتر العلاقات بينهما، عام 2019، لتحقق 189 مليون دولار، بينما بلغت ثلاثة مليارات دولار في العام السابق، قبل أن تعاود الارتفاع منذ العام الماضي.

مواضيع ذات صلة:

قمة شرم الشيخ وجولة محمد بن سلمان .. أهمية التوقيت

بايدن يثير مواقع التواصل بتصريحاته حول لقائه بن سلمان في السعودية

ماذا حدث بين بن سلمان ومستشار بايدن؟.. دبلوماسي سعودي يجيب



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية