باحثون عراقيون لـ"حفريات" هذه أسباب تزايد وتيرة هجمات داعش

باحثون عراقيون لـ"حفريات" هذه أسباب تزايد وتيرة هجمات داعش

باحثون عراقيون لـ"حفريات" هذه أسباب تزايد وتيرة هجمات داعش


25/12/2022

تتجدد المحاولات المحمومة من قبل تنظيم داعش الإرهابي للظهور، من خلال رفع وتيرة اعتداءاته المسلحة في شمال العراق، وقد قتل وأصيب عدد من الجنود العراقيين على خلفية هجومين، مؤخراً

ما الذي تخبر عنه الهجمات؟

وهذه العملية الأخيرة تأتي ضمن هجمات أخرى نفذها عناصر التنظيم على نحو مباغت في الأسبوع ذاته بمنطقتي كركوك وديالي، وتسببت في مقتل وإصابة ما لا يقل عن 25 عسكرياً ومدنياً.

وبالتزامن مع الذكرى الخامسة لإعلان النصر على تنظيم داعش، في العاشر من كانون الأول (ديسمبر) عام 2017، نفذ التنظيم أكبر هجماته المسلحة. وبالتالي، يواجه العراق جملة من التحديات مع تشكيل الحكومة الجديدة برئاسة محمد شياع السوداني، حيث فاقمت الأحداث الأخيرة الوضع الأمني الذي أمسى أولوية قصوى. وبينما عمدت فلول داعش على الاستعانة بآليات التنظيمات الراديكالية التي تتعرض للأفول والانحسار، من خلال تنفيذ هجمات خاطفة، فإنّ الأجهزة الأمنية العراقية تراجع تقييمها للخطط والتكتيكات العسكرية الموضوعة بشأن مواجهة داعش.

الناشط الحقوقي عادل الخزاعي: حكومة السوداني امتداد لسواها

ووفق تقديرات مراقبين وباحثين تحدثوا لـ"حفريات"، فإنّ هناك دلالات عديدة تتصل بظهور تنظيم داعش بالتزامن مع تشكيل الحكومة الجديدة، فضلاً عن تنفيذ الهجمات في مناطق بشمال العراق. لكن الواقع يؤشر إلى ضرورة توسيع الخطط والعمليات الاستباقية لضرب حواضن التنظيم وخلاياه النائمة في شمال وغرب العراق، وتحديداً في الفواصل الحدودية مع سوريا، من جهة، والمناطق المشتركة التي تتماس فيها القوات العراقية مع قوات البيشمركة الكردية، من جهة أخرى. وهذه المناطق الأخيرة، التي تشمل محافظات كركوك وديالي ونينوى وصلاح الدين، تحتاج إلى سيطرة أمنية واستخبارية.

داعش لا يمتلك القدرة على تنفيذ عملياته وأهدافه ما لم تكن هناك قوى تدعمه وتوفر له المساحة الحيوية التي يتحرك فيها لتحقيق آفاق سياسية معينة

ونقلت وكالة الأنباء الرسمية العراقية "واع"، عن مصدر أمني قوله إنّ عبوة ناسفة استهدفت مركبة للجيش العراقي في قضاء مخمور بمحافظة نينوى، شمالي العراق. وتابع: "الانفجار أدى إلى مقتل وإصابة 5 جنود".

وأوضح أن هناك "عبوة ناسفة انفجرت على عجلة نوع همر تابعة للفرقة 14 بالجيش العراقي في قضاء مخمور بمحافظة نينوى، أسفرت عن مقتل جنديين اثنين وإصابة ثلاثة آخرين". وتعد جبال مخمور ضمن الملاذات الآمنة لعناصر داعش.

ما بعد الإعلان عن انتصار داعش

وفي حديثه لـ"حفريات"، يوضح المتحدث باسم المرصد العراقي للحقوق والحريات، عادل الخزاعي، أنّه منذ إعلان الانتصار على داعش، عام 2017 وحتى الآن، لا زالت الهجمات مستمرة وخصوصاً في كركوك وديالى والموصل، لافتاً إلى أنّ "أغلب هذه الهجمات الإرهابية تأتي من مناطق فارغة ورخوة أمنياً إثر تهجير الأهالي منها على يد المليشيات الإرهابية، كما تم تفريغ هذه القرى الحدودية بينما لم تتم معالجة الأوضاع الأمنية فيها كإعادة الأهالي وفرض الحماية الأمنية والاستفادة من أصحاب الأرض. ولم يتم نصب كاميرات حرارية للمراقبة بل إنّ هذه المناطق أمست فارغة من السكان والأمن بنفس الوقت".

وفي ما يتصل بتأثير هذه الهجمات على الحكومة الجديدة، يقول الخزاعي: "حكومة السوداني هي امتداد لنفس الحكومات التي تشكلت منذ عام 2003 وإلى الآن. وتكاد لا تختلف الأمور عن سابقتها من حيث السياسة الأمنية الفاشلة وتكرار الأخطاء التي لطالما وقعت فيها الحكومات الأخرى".

ومن بين هذه الأخطاء "عدم معالجة الملف الأمني عبر خطط سياسية واضحة، والتعاطي من قبل السلطة كردود فعل فقط، وأيضاً الفساد الإداري في الأجهزة الأمنية الذي تضخم بصورة كبيرة لدرجة أنّ هناك فصائل الحشد الشعبي التي تأخذ رواتب وأسلحة من الحكومة لكن لا وجود لها على الأرض. ومعظم مواقعهم فارغة أو فيها جندي أو اثنين فقط"، يقول الخزاعي.

الباحث العراقي عقيل حبيب: هجمات بالذئاب المنفردة

كما أنّ الحكومة العراقية لا تمتلك قرارها الأمني، على حد تعبير المتحدث باسم المرصد العراقي للحقوق والحريات، الذي يرى أنّ الأوامر تأتي عبر الحرس الثوري والمستشارين الأمنيين الإيرانيين في العراق، فضلاً عن مشاركة حزب الله اللبناني، والبقية من العراقيين عبارة عن تحصيل حاصل.

ويرجح المصدر ذاته، أنّ هذه العوامل جميعها سوف تتسبب في حوادث إرهابية مستقبلاً، وبشكل كبير، موضحاً أن "داعش الإرهابي أعاد تنظيم بعض خلاياه الإرهابية بينما بدأ بالهجمات بعد أن كان في حالة دفاع".

وإلى ذلك، طالب رئيس الحكومة العراقية تشكيل مجلس تحقيقي بالحادثة الإرهابية.

ما البيئات الملائمة للإرهاب؟

وذكر المتحدث باسم القائد العام للقوات المسلحة العراقية اللواء يحيى رسول، في بيان نشرته وكالة الأنباء العراقية أنّ "ضابطاّ برتبة رائد وعدداّ من المنتسبين استشهدوا في عمل إرهابي جبان بانفجار عبوة ناسفة على دورية تابعة لقوات الشرطة الاتحادية اللواء الآلي الثاني في قرية علي السلطان بناحية الرياض في كركوك" .

وأضاف البيان أنّ "العناصر الإرهابية لجأت إلى أساليب خبيثة بعد أن تلقت ضربات موجعة على يد قواتنا الأمنية البطلة"، مشيراً إلى أنّ "القائد العام للقوات المسلحة وجه القطعات الأمنية بالانتباه وتفتيش الطرق بشكل دقيق وعدم إعطاء فرصة للعناصر الإرهابية، كما وجه أيضاً بتشكيل مجلس تحقيقي بهذا الحادث الإرهابي".

الكاتب العراقي علي البيدر لـ"حفريات": يسعى داعش إلى عرقلة تنفيذ برنامج السوداني في ما يخص إخراج التنظيمات المسلحة من المناطق السنية

وتعد الهجمات الأخيرة من قبل داعش الإرهابي، في كركوك وديالي شمال العراق، محاولة للظهور التنظيمي بعد هزيمته من قبل القوات العراقية، التي امتلكت إستراتيجيات حاسمة في إنهاء وجوده كحالة سياسية وأمنية وعسكرية، وقد سيطر على مساحات جغرافية مؤثرة في الشام والعراق، حسبما يوضح الباحث العراقي المتخصص في قضايا الإرهاب الدكتور عقيل حبيب.

ويوضح حبيب في حديثه لـ"حفريات"، أنّ هذه الهجمات الأخيرة من قبل التنظيم تكشف عن الاستعانة بـ"الذئاب المنفردة"، والتي تعد الوسيلة التقليدية لكل التنظيمات الراديكالية في لحظات أفولها وانحسار وجودها وتلاشي تأثيرها التنظيمي.

كما أنّ توقيت العملية العسكرية الإرهابية بالتزامن مع الحكومة العراقية الجديدة برئاسة محمد شياع السوداني يؤشر إلى رغبة المنفذين في "تضخيم الحادث" عبر هذا السياق السياسي، ومن خلال تداعياته التي تهدف إلى توتير الوضع الأمني بحيث تظهر الحكومة أمام أعباء أمنية مستجدة، يقول حبيب.

ويخلص الكاتب والباحث السياسي العراقي، علي البيدر،  إلى أسباب عودة داعش، الذي انحسر وجوده بالفترة الأخيرة، لأسباب عديدة منها "ضعف تمثيل التحالف الدولي في العراق، والإبقاء على قوات الأمن العراقية، وقوامها نحو مليون وربع المليون، فقط، لمحاربة الإرهاب، والأخيرة غير قادرة على تنفيذ المهمة وحدها من دون قدرات التحالف الدولي؛ إذ إنّها ما زالت بحاجة إلى الطيران والمعلومات الاستخبارية".

الكاتب السياسي العراقي علي البيدر: داعش حاول الثأر

التنظيم، ربما، يحاول الثأر والانتقام لمقتل زعيمه قبل أسابيع، وفق البيدر في حديثه لـ"حفريات". لكن هناك سياقات أخرى تدفعنا لتحليل ما يجري من قبل التنظيم الإرهابي والذي يسعى إلى "عرقلة تنفيذ برنامج السوداني في ما يخص إخراج التنظيمات المسلحة من المناطق السنية، ومن ثم، فإنّ نشاط داعش الإرهابي هو سياسي أكثر من كونه فكرياً".

ويردف: "وفي ما يبدو أنّ هناك أطرافاً تريد الإبقاء على داعش كورقة ضغط، مع الأخذ في الاعتبار أنّ التنظيم الإرهابي لا يمتلك القدرة على تنفيذ عملياته وأهدافه ما لم تكن هناك قوى تدعمه وتوفر له المساحة الحيوية التي يتحرك فيها لتحقيق آفاق سياسية معينة".

وفي المحصلة؛ يمكن القول إنّ العمليات الأمنية تبدو ذات "طابع سياسي براغماتي"، كما أنّ التنظيم لا يملك حواضن مجتمعية بل ملاذات أمنية مستغلاً المناطق الجغرافية الوعرة في الصحراء والجبال والأحراش، مثل صحارى الأنبار وجبال حمرين ومخمور وبساتين الطارمية ببغداد".




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية