"بدعة جديدة" لقمع الأكاديميين في إيران عشية ذكرى مهسا أميني

"بدعة جديدة" لقمع الأكاديميين في إيران عشية ذكرى مهسا أميني

"بدعة جديدة" لقمع الأكاديميين في إيران عشية ذكرى مهسا أميني


20/09/2023

تتصاعد وتيرة القمع في إيران، بالتزامن مع الذكرى الأولى لمقتل الفتاة الكردية الإيرانية، مهسا أميني، على يد أفراد دورية "شرطة الأخلاق"، فيما تشن السلطات الإيرانية حملات أمنية عنيفة ضد قوى مجتمعية عديدة، لتفادي انطلاق التظاهرات، واستباق الاحتجاجات بجرعة زائدة من الضربات المتلاحقة بواسطة العصا الأمنية التي طاولت الأكاديميين بالجامعات في عدة مدن إيرانية، فضلاً عن الاعتقالات العشوائية، وقطع الإنترنت.

مشروع تطهير الجامعات

تتزامن الذكرى الأولى لمقتل أميني مع بدء العام الدراسي الجديد. وبينما تعد الجامعة بؤرة التغيير الاجتماعي والسياسي في إيران، ونقطة انطلاق لأي حراك، تاريخياً، فإنّ النظام عمد إلى تنفيذ خطة "عزل وإيقاف" ضد قرابة عشرة أكاديميين في جامعات شريف وعلامة وطهران.

ووفق تقرير لوكالة "أسوشيتد برس"، فإنّ "السلطات في إيران تقيم نقاط تفتيش مفاجئة وتطرد بعض الطلبة والأساتذة من الجامعات وتعطل الإنترنت"، موضحاً أنّ "هذه هي الأساليب التي يحاول رجال الدين في إيران جاهدين من خلالها قمع الذكرى السنوية المقبلة للاحتجاجات التي شهدتها البلاد على فرض الحجاب إلزامياً، وإخماد أي احتمال لمزيد من الاضطرابات".

تفشي حملة "عزل وإيقاف" الأساتذة الجامعيين على خلفية دعمهم للطلبة المحتجين، لا تتوقف. ومن بين المفصولين، الدكتور حميدة خادمي، والدكتور آمنة علي. كما كشف مجالس اتحاد الطلاب عن "إقالة" نحو سبعة أكاديميين في كلية الآداب بجامعة طهران.

ونقل موقع "إيران انترناشيونال" عن شريفي زارجي، عضو هيئة التدريس بكلية هندسة الكمبيوتر بجامعة شريف التكنولوجية، قوله إنّه قد تلقى خطاب فصله من الجامعة. وغرد زارجي على حسابه الرسمي في موقع التواصل الاجتماعي "إكس" ("تويتر" سابقاً): "اليوم وصلتني رسالة فصلي من جامعة شريف". كما قال مجالس اتحاد الطلاب إنّ زارجي "دعم الطلاب على نطاق واسع في الاحتجاجات"، ووصفت إقالته من جامعة شريف بأنّها "استمرار لمشروع تطهير وقمع الأساتذة".

المعارض الإيراني موسى أفشار: خامنئي متخم بالحقد تجاه الجامعات

وأكد مجالس اتحاد الطلاب على وجود إدارة ممنهجة ضد الأساتذة الجامعيين، مشيراً إلى أنّ إخطار الإقالة يتم بمكالمات هاتفية واصفين إياها بـ"البدعة الجديدة". وتابع: "لم يتم الإعلان، رسمياً، عن إنهاء التعاون مع هاتين الأستاذتين (حميدة خادمي، آمنة علي)، بل تم إعلانه لهما "عبر اتصال هاتفي من سكرتير عميد الكلية".

مؤامرة وانقلاب ثقافي ضد خامنئي

ووفق مجالس اتحاد الطلبة فقد "لاحظ طلاب كلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة طهران في الفصل الدراسي الجديد، إزالة أسماء ما لا يقل عن 7 أساتذة من هذه الكلية". والأساتذة السبعة هم: "وحيد عيدغاه، أستاذ مساعد في قسم اللغة الفارسية وآدابها، وليلي ورهرام، أستاذة في قسم الثقافة واللغات القديمة، وجواد بشاري، أستاذ مساعد في قسم اللغة الفارسية وآدابها، وقاسم عزيزي، أستاذ مساعد من قسم اللغة العربية وآدابها، وميلاد عظيمي، أستاذ مساعد في قسم اللغة الفارسية وآدابها، وداريوش رحمانيان أستاذ مشارك في قسم التاريخ، وحسين مصباحيان، أستاذ مساعد في قسم الفلسفة".

تشن القوات الإيرانية حملات أمنية عنيفة ضد قوى مجتمعية عديدة لتفادي انطلاق التظاهرات واستباق الاحتجاجات بجرعة زائدة من الضربات المتلاحقة بالعصا الأمنية

وقال إنّ "إبعاد الأساتذة ذوي الخبرة واستبدالهم بغير المتخصصين سيوجه ضربة كبيرة لبنية هذه الكلية المهمة والتاريخية للبلاد".

وفي حديثه لـ"حفريات" قال عضو لجنة الشؤون الخارجية للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية موسى أفشار: "تعرضت الجامعات لغضب خميني منذ اليوم الأول لظهور نظام الملالي القروسطي. إلى جانب ذلك، تم القضاء من خلال "آيات الله" على كافة مظاهر التقدم والتطور الأخرى في المجتمع الإيراني. ولم تكن هناك مصيبة إلا وأصابت الجامعات في ظل رجعية ولاية الفقيه".

أضاف أفشار: "منذ البداية وقبل نحو أربعة عقود، حاول خميني فرض هيمنة الحوزة على الجامعة لتحقيق إرادته السياسية والأيديولوجية بغض النظر عن المعرفة والتقدم، وقد وثق التاريخ جرائمه فضلاً عن مجموعة واسعة من السياسات والإجراءات الانتقامية." وأكد أنه "منذ اللحظة الأولى لتأسيس الجمهورية الإسلامية، سعى خميني إلى غزو الحوزات الدينية للجامعات". لكن ارتفعت شجاعة الطلبة والأساتذة الجامعيين مع تصاعد الحركة الطلابية والانتفاضة في عام 2022، وقد بلغت ذروتها، حيث تم "نشر العديد من شعارات هذه الحركة في الجامعات، من بينها "الموت للظالم، سواء كان الشاه أو المرشد (خامنئي)". كما تم الترويج لهذه الشعارات بشكل نشط ضد كبار مسؤولي النظام في الموسوعات الأكاديمية ووصلت إلى جميع أنحاء البلاد."

عضو لجنة شؤون الخارجية للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية موسى أفشار لـ"حفريات": تعرضت الجامعات لغضب خميني منذ اليوم الأول لظهور نظام الملالي القروسطي

ووفق عضو لجنة شؤون الخارجية للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية فإن "التنوع والشبكة الواسعة للجامعات ضمنت وصول هذه الانتفاضة حتى إلى أبعد المناطق النائية في البلاد. وهذا ما جعل الجامعات مصدراً للاستياء من النخبة الحاكمة، منهم المرشد الإيراني علي خامنئي المتخم بالحقد تجاه الجامعة ويعتبر أن الاحتجاجات فيها مؤامرة وانقلاب ثقافي ضده".

السقوط الحتمي للنظام

ويؤكد أفشار أنّه في ظل هذا القمع الذي تتسارع وتيرته فإنّ "عجلة التطور، التي يشعر النظام أنها تعمل لحسابه وتأمين نظامه، تدور في صالح الشعب المحتج على سياساته ويسعى لهدم نظامه الفاشي".

حاول خميني فرض هيمنة الحوزة على الجامعة لتحقيق إرادته السياسية والأيديولوجية بغض النظر عن المعرفة والتقدم

وشدد عضو لجنة شؤون الخارجية للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية على أنّ "خامنئي يهدف عشية ذكرى انتفاضة 2022 إلى القضاء على الجامعة. ولن تؤدي هذه التصرفات سوى إلى خلق المزيد من الحرائق المجتمعية وفي بنية الدولة بالوضع الحالي. وعلى النقيض من الإجراءات العسكرية والأمنية، فإنّ أي إجراء يتم إتخاذه لحل الأزمات العالقة سيؤدي إلى تصعيد الوضع المتفجر. وفي المحصلة، يؤشر الوضع الراهن إلى عدم استقرار النظام، خاصة في مواجهة تصاعد الأزمات المتزايدة. والجامعات ما زالت تمثل مصدراً قوياً ومهماً للمعارضة والمقاومة في إيران".

ورغم أنّ الحرم الجامعي ظل إلى حد كبير أحد الأماكن القليلة الآمنة التي يمكن للطلاب التظاهر فيها، إلا أنّ حملة القمع الأخيرة طاولتها هي أيضاً. فخلال العام الماضي ذكر اتحاد الطلبة الإيرانيين أنّ مئات الطلبة واجهوا لجاناً تأديبية في جامعاتهم بسبب الاحتجاجات، بحسب "أسوشيتد برس" وقد تم فصل ما لا يقل عن 110 أساتذة ومحاضرين جامعيين أو إيقافهم عن العمل مؤقتاً. وتركزت عمليات الفصل في جامعات طهران آزاد، وطهران، وطهران الطبية. وأفادت صحيفة "اعتماد" الإيرانية، أنّ المفصولين تعسفياً ينقسمون إلى مجموعتين، الأساتذة القلقون من انتخاب الرئيس المتشدد، إبراهيم رئيسي، وداعمو الاحتجاجات التي أعقبت وفاة مهسا أميني.

مواضيع ذات صلة:

إيران في اليمن: كيف وصل البلد "السّعيد" لكل هذا الدمار؟

العقيدة العسكرية الإيرانية توظّف الديني والمذهبي لبسط أيديولوجية ولاية الفقيه

إيران الحاضر الغائب في أزمات: كركوك والحدود مع الكويت ودير الزور



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية