بذراع واحدة حمل كأس العالم وتجاهل تهديداً بالقتل من أجل منتخب بلاده

بذراع واحدة حمل كأس العالم وتجاهل تهديداً بالقتل من أجل منتخب بلاده

بذراع واحدة حمل كأس العالم وتجاهل تهديداً بالقتل من أجل منتخب بلاده


13/07/2023

في سن الـ(13) تعرّض الأورغواياني، هيكتور كاسترو، لحادث أدى إلى بتر ذراعه الأيمن، لكنّ المنشار الكهربائي الذي بتر ذراعه، لم يقض على عزيمته، أو حبه لكرة القدم، اللعبة الشعبية الأولى في أمريكا اللاتينية.

اللاعب الأسطوري الذي ولد في العام 1904، بدأ مسيرته الرياضية الاحترافية في نادي ناسيونال مونتيفيديو في العام 1923، وساهم في العام التالي في تتويج فريقه ببطولة الدوري الممتاز، كما أحرز معه اللقب في عامي 1933، و1934.

على الرغم من إعاقته، خاصّة وأنّ لليدين وظيفة هامة في حفظ التوازن أثناء الركض، تميز كاسترو الملقب بـ "المانكو"، بسرعة فائقة، حتى أنّه في في العام 1933، وأثناء إحدى المباريات، خرجت الكرة بكامل محيطها خارج الملعب، ولكن نظراً لسرعته الفائقة، استطاع ارجاعها إلى داخل الملعب، دون أن يلحظ الحكم، وتمكن من بناء هجمة خطيرة، انتهت بتسجيل هدف المباراة الوحيد، في مواجهة الغريم التقليدي فريق بينارول.

المباراة المحلية الأهم في مسيرة المانكو، تمّت بعد هذه المباراة المثيرة للجدل، ففي 18 تشرين الثاني (نوفمبر) 1933، جرت المباراة الفاصلة على درع الدوري بين ناسيونال مونتيفيديو وبينارول، ولعب كاسترو دوراً مذهلاً في قيادة فريقه لتحقيق الانتصار، حيث سجل ثلاثة أهداف؛ لتنتهي المباراة بنتيجة (3-2) لصالح نادي ناسيونال مونتيفيديو، وبذلك حقق فريقه بطولة الدوري.

بطل قومي

على الرغم من إعاقته، فرض كاسترو نفسه على قائمة منتخب بلاده؛ وهو على مشارف التاسعة عشر من عمره، بسبب مهاراته الفائقة، ولعب المانكو مباراته الأولى بقميص المنتخب يوم الأول من تشرين الثاني (نوفمبر) 1923، بعد استدعائه من قبل المدرب ليوناردو دي لوكا، وسط دهشة الأوساط الرياضية في أورغواي.

المانكو انضمّ لقائمة منتخب أوروغواي، في نسخة أولمبياد باريس 1924، لكنّه لم يظهر في أي مباراة، رغم وجوده في القائمة، نظراً لصغر سنه.

واعتلى كاسترو منصة التتويج في بطولة كوبا أمريكا في العام 1926، عقب تصدر أوروغواي الترتيب برصيد 8 نقاط، في نسخة شهدت مشاركة 5 منتخبات.

وانضمّ اللاعب مرة أخرى لقائمة منتخب بلاده المشارك في دورة الألعاب الأولمبية، أمستردام 1928، وشارك في مباراتين. وتألق كاسترو في مباراة  ربع النهائي ضدّ ألمانيا، وقدم تمريرتين حاسمتين أسهمتا في فوز "السيليستي" على منتخب ألمانيا بنتيجة 4-1.

وفي النهائي ضدّ الغريم التقليدي الأرجنتين، ظهر كاسترو ضمن التشكيل الأساسي لمنتخب بلاده، وانتهت تلك المباراة بالتعادل الإيجابي بهدف لكل فريق، لتعاد المباراة وفق اللوائح في تلك الفترة، وانتهت المواجهة الثانية التي لم يظهر فيها هيكتور بفوز بلاده السيليستي، بذهبية الأولمبياد.

أصبح كاسترو بعد ذهبية الأولمبياد محط أنظار الصحافة العالمية، كأول رياضي معاق يلعب ضمن الأسوياء في تاريخ الألعاب الرياضية، ليضبح بعد سنتين على موعد مع الحدث الأبرز في تاريخ الكرة في بلاده.

حلم المونديال والتهديد بالقتل             

في عام 1930، أُقيمت أول بطولة عالمية لكرة القدم تحت مُسمى كأس العالم، وهي كأس العالم لكرة القدم 1930، والتي استضافتها الأوروغواي في الفترة من 13 إلى 30 تمّوز (يوليو).

في دور المجموعات، فاز منتخب أوروغواري على بيرو بهدف وحيد سجله هيكتور كاسترو، وهو أول هدف مونديالي لمنتخب السيليستي، وغاب المانكو عن المباراة التالية بهدف إراحته بعد أن تعرض لإصابة عضلية، وانتصرت أوروغواي في هذه المباراة على رومانيا بأربعة أهداف.

تصدّرت الدولة المضيفة ترتيب المجموعة الثالثة، لتبلغ نصف النهائي، إلى جانب منتخبات الأرجنتين، ويوغسلافيا، والولايات المتحدة الأمريكية.

وفي مباراة الدور قبل النهائي، اكتسح منتخب أوروغواي نظيره اليوغسلافي 6-1، في مباراة غاب عنها كاسترو الذي بدا متأثراً بإصابته في المباراة الأولى.

أقيمت المباراة النهائية في 30 تمّوز (يوليو) 1930، وليلة المباراة، وبعد الإعلان عن تعافي المانكو، تلقى الأخير تهديدات بالقتل، من الجماهير الأرجنتينية المتحمسة، التي زحفت بالآلاف إلى الجارة أوروغواي؛ بهدف الثأر من الهزيمة التي لحقت بمنتخبهم في نهائي الأولمبياد قبل عامين.

على الرغم من تلقي اللاعب عدداً من التهديدات، لبى اللاعب نداء الجماهير، ليظهر ضمن التشكيلة الأساسية في النهائي، وسط ترقب الشرطة في المدرجات، وقدم منتخب أوروغواي مباراة رائعة، تألق فيها المانكو، وقدم تمريرات حاسمة، ساهمت في تقدم منتخب بلاده بثلاثة أهداف لهدفين.

وبينما تشير عقارب الساعة إلى الدقيقة ( 89) من المباراة، أطلق كاسترور قذيفة أنهت أحلام منتخب التانغو تماماً، ايحرز الهدف الرابع، الذي منح الأوروغواي أول لقب لكأس العالم في التاريخ، بفضل اللاعب ذي الساعد الواحد.

واعتزل هيكتور لاعب كرة القدم سنة 1935، بعد أن توج رفقة منتخب بلاده ببطولة كوبا أمريكا للمرة الثانية.

وبحسب موقع ترانسفيرماركت للإحصائيات والأرقام، ارتدى كاسترو قميص منتخب أوروغواي في 27 مباراة، سجل خلالها 19 هدفا.

وبعد اعتزاله اللعب، تولى كاسترو تدريب نادي ناسيونال مونتيفيديو، وقاده لتحقيق بطولة دوري الدرجة الممتازة خمس مرات في أعوام؛ 1940، 1941، 1942، 1943، 1952.

وفي العام 1960، تلقت جماهير كرة القدم في الأوروغواي، صدمة كبيرة، حيث تعرّض بطلها القومي لأزمة قلبية مفاجئة، توفي على إثرها وهو بعمر الـ (55)، ونعته كبرى الدوريات الرياضية في العالم، بعد أن وصل إلى مجد ربما لن يصل إليه غيره بعد ذلك.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية