بعد أن تخلت عنهم تركيا وقطر... قيادات الإخوان يبحثون عن ملاذات جديدة

بعد أن تخلت عنهم تركيا وقطر... قيادات الإخوان يبحثون عن ملاذات جديدة

بعد أن تخلت عنهم تركيا وقطر... قيادات الإخوان يبحثون عن ملاذات جديدة


27/06/2023

مرحلة حرجة يمرّ بها تنظيم الإخوان الإرهابي الذي لفظته دول العالم، ثم تخلّت عنه قطر وتركيا اللتان احتضنتا قياداته، فبعد مطالب تركيا لهم بمغادرة أراضيها، منحت قطر مجموعة منهم مهلة للمغادرة، تماشياً مع التغيرات التي تطرأ على الساحة الإقليمية والدولية، وتبدل خارطة التحالفات في المنطقة خلال الفترة الأخيرة.

هذه التغيرات التي حدثت في سياسة الدول الداعمة لجماعة الإخوان، وضعت التنظيم أمام واقع جديد يجبره على البحث عن ملاذات آمنة جديدة، خارج المعاقل التقليدية التي احتضنت الجماعة طوال الأعوام الماضية.

قطر وتركيا هما الدولتان الوحيدتان في المنطقة اللتان تدعمان الإخوان بعد إعلان الجيش المصري عزل الرئيس الإخواني محمد مرسي، إثر احتجاجات حاشدة على حكمه، فقد استضافتا عدداً من رموز الإخوان وقياداتهم، منذ أن شنت السلطات في مصر حملة صارمة على الإخوان، ومقتل المئات واعتقال الآلاف من أعضاء الجماعة ومؤيديها في احتجاجات.

ووصفت تقارير صحفية عديدة عام 2022 بـ "عام هزائم الإخوان وإخفاقاتهم"، فقد اتّسم بشمول هزائمهم، ولم تقتصر خسائرهم على إقليم دون آخر ولا على جانب دون جانب، بل كانت شاملة كافة جوانب الجماعة، وفي كافة الدول التي تواجدوا فيها.

تركيا تتخلى عن الإخوان

وبحسب دراسة جديدة نشرها المركز العربي لدراسة التطرّف، فإنّ تركيا التي عُدّت الملاذ الآمن الأكبر والأهم للإخوان، اضطرت لاتخاذ إجراءات من شأنها التأثير على الجماعة  في الفترة الأخيرة، ومن بين تلك الإجراءات رفض منح الجنسيات لبعض الكوادر المحسوبين على الجماعة، ومن بينهم الداعية المثير للجدل وجدي غنيم، الذي أعلن في 2 حزيران (يونيو) الجاري، أنّ السلطات التركية أخبرته، قبيل إعلان نتيجة الانتخابات الرئاسية، برفض منحه الجنسية التركية التي تقدّم للحصول عليها، أو تجديد إقامته بالبلاد.

تركيا التي عُدّت الملاذ الآمن الأكبر والأهم للإخوان، اضطرت لاتخاذ إجراءات من شأنها التأثير على الجماعة  في الفترة الأخيرة

وعلى الصعيد نفسه، أقدمت أنقرة على إيقاف منح الجنسيات لقيادات بجماعة الإخوان في الوقت الحالي، وأبلغتهم أنّ هذه الإجراءات هي إجراءات مؤقتة في الوقت الحالي بسبب الأوضاع السياسية التي تمرّ بها تركيا، وسعيها لإتمام تطبيع العلاقات مع مصر وبقية الدول العربية.

وطلبت الجهات التركية المسؤولة عن ملف الإخوان من قيادات الجماعة ألّا يقدموا على أيّ أنشطة جديدة دون إبلاغ الجانب التركي، وطلبت من بعض القيادات التواري عن الأنظار  في الفترة الراهنة، خصوصاً أنّ هناك مطالبات بتسليم بعض القادة الصادر بحقهم أحكام قضائية في مصر إلى القاهرة، وهو ما لم يوافق عليه الجانب التركي حتى الآن، بدعوى أنّ القانون التركي يمنع تسليم المعارضين المطلوبين في بلدانهم الأصلية.

بعد مطالب تركيا لهم بمغادرة أراضيها، منحت قطر مجموعة منهم مهلة للمغادرة تماشياً مع التغيرات التي تطرأ على الساحة الإقليمية والدولية

وقد تزامنت المطالبات من الجانب التركي لقيادات الجماعة وأعضائها مع تلقي الحكومة التركية قائمة من الجانب المصري، شملت (53) مطلوباً من المنتمين للجماعة، قبل شهر من الانتخابات التركية لتسليمهم إلى القاهرة.

ورغم أنّ السلطات التركية رفضت طلب التسليم، غير أنّها وافقت على أن تتعامل مع المطلوبين أمنياً، بما في ذلك وضعهم تحت المراقبة، ووقف قبول أيّ أوراق خاصة بالجنسية للمتقدمين منهم.

ووفقاً لمصادر وثيقة الصلة بجماعة الإخوان، فإنّ السلطات التركية وضعت في اعتبارها تصنيف أجهزة الأمن المصرية للشخصيات المتواجدة على أرضها من المصريين، وخاصة من ينتمون للجماعات الجهادية، فيما يقوم الجانب التركي بمراجعة هذه التصنيفات ووضعها في الاعتبار تحسّباً لأيّ خطوات مستقبلية قد تتخذها أنقرة ضدهم.

هذا، ومن المرجح أن تتخذ السلطات التركية خطوات مقبلة ضد المطلوبين لمصر، ومن بينها ترحيل بعضهم إلى دولة أخرى، مثلما حدث مع حسام الغمري.

وكانت صحيفة (ذي إيكونوميست) الأمريكية قد أشارت إلى التحول التركي تجاه الدول العربية، وتخليها عن دعم حركات الإسلام السياسي، من أجل تطبيع علاقاتها مع كل من مصر والسعودية والإمارات وسوريا.

وقال تقرير الصحيفة: إنّ دوافع تركيا متنوعة، إذ يحتاج أردوغان إلى أموال دول الخليج العربية لدعم الليرة، على الأقل حتى الانتخابات.

من تركيا إلى قطر... الخناق يضيق على الإخوان

وبحسب دراسة المركز العربي لدراسة التطرّف، فقد عانت جماعة الإخوان من الضغوط نفسها مع استمرار جهود التقارب بين الدوحة والقاهرة، فقد اتخذت السلطات القطرية عدة قرارات بترحيل مجموعات من قيادات وأعضاء جماعة الإخوان، فضلاً عن بعض المحسوبين على الجماعة الذين تواجدوا داخل الأراضي القطرية طوال الأعوام الماضية.

تحاول جماعة الإخوان، في الوقت الحالي، الوصول إلى اتفاق مع السلطات القطرية من أجل وقف عملية الترحيل

ووضعت قطر قائمة جديدة تضم (519) اسماً من قيادات وأعضاء جماعة الإخوان، وطلبت منهم مغادرة الأراضي القطرية، والتوجه إلى أيّ بلد آخر يختارونه، في مدة لا تتجاوز الشهرين من تاريخ إبلاغهم بالقرار الصادر من الدوحة.

وبحسب معلومات المركز، فإنّ القرارات الأخيرة جاءت بسبب التطور في العلاقات الثنائية بين مصر وقطر، وهو ما دفع الدوحة لترحيل العشرات من أعضاء وقيادات وأنصار جماعة الإخوان، وتقول الجماعة إنّ قرارات الترحيل، بما فيها القوائم التي تصدر، وصلت إلى الجانب القطري من جهات رسمية مصرية، على حدّ قولها.

وصفت تقارير صحفية عديدة عام 2022 بـ "عام هزائم الإخوان وإخفاقاتهم"، فقد اتسم بشمول هزائمهم

المعلومات التي استند إليها المركز تشير أيضاً إلى أنّ قرار الترحيل الأخير لم يكن الأول من نوعه، فعلى مدار العام الماضي جرى ترحيل مجموعات من المحسوبين على جماعة الإخوان، مع إبلاغهم بأسباب مختلفة لهذه القرارات، مشيرة إلى ترحيل القيادي بجماعة الإخوان إبراهيم الديب من الدوحة إلى ماليزيا، كما رحّل الإعلامي المصري المقرب من جماعة الإخوان سامي كمال الدين إلى بريطانيا، بيد أنّ علاقته بالجانب القطري ظلت جيدة.

قائمة الترحيل الجديدة

وعلى الصعيد نفسه، شملت القائمة الأحدث مجموعة من قادة الإخوان البارزين، وعلى رأسهم محمد عبد الوهاب، القيادي وعضو مجلس الشورى العام بجماعة الإخوان جبهة إسطنبول، وهو مسؤول مكتب قطر برابطة الإخوان المصريين بالخارج (إحدى هيئات التنظيم العالمي/ الدولي) والرئيس السابق للرابطة، والقيادي طاهر عبد المحسن، عضو مجلس الشورى بجبهة لندن، الذي تم تصعيده قبل وفاة إبراهيم منير.

وشملت القائمة أيضاً مجموعة من شباب الإخوان الذين طُلب منهم مغادرة الأراضي القطرية، ومنهم المهندس محمود إمبابي، وهو أحد الكوادر الشبابية لجماعة الإخوان، الذي طُلب منه أن يغادر إلى جنوب أفريقيا؛ لأنّه يمتلك تأشيرة دخول إليها، واضطر (إمبابي) لمغادرة الدوحة وتصفية عمله بها، رغم أنّه لم يكن ناشطاً في المجال السياسي منذ أعوام.

وعقب وصوله إلى جنوب أفريقيا، شعر بحالة من الإعياء الشديد، وتوفي في أعقابها، وهو ما عزاه مجموعة من شباب الإخوان إلى حالة الصدمة التي أصابته جرّاء ترحليه من قطر.

ورُحّل أيضاً الناشط السيناوي عيد مرزوقي، وهو ناشط محسوب على الإخوان، لأسباب أخلاقية، كما رُحّل العضو السابق بالجماعة الإسلامية والمقرب من الإخوان حالياً عبد الحميد قطب، بسبب اتهامه باعتناق أفكار متطرفة وتحريضه على المسيحيين، وتم ترحيل الإعلامي المصري المقرب من الإخوان عبد الله الشريف، والقيادي الشاب حسين رضا الذي رُحل بعد وصوله إلى قطر بناءً على دعوة للعمل في واحدة من المؤسسات الإعلامية القطرية.

استمرار عملية الترحيل

مصادر الدراسة أكدت أيضاً وجود قائمة أخرى من القيادات والكوادر الإخوانية التي سيتم ترحيلها خلال الفترة المقبلة، وأنّه يتم في الوقت الحالي تجهيز الأسماء التي سيتم إبلاغها بقرارات مغادرة الأراضي القطرية.

ومن بين أبرز الأسماء المرشحة للترحيل من قطر في الفترة المقبلة، مسعد الزيني وهو عضو بمجلس الشورى العام لجماعة الإخوان- جبهة لندن، ويعمل طبيباً بشرياً في الدوحة، وسيتم ترحيله في الأغلب إلى تركيا، بالإضافة إلى عبد المنعم البربري، وهو من ضمن أحدث القيادات الذين تم تصعيدهم لشغل عضوية مجلس الشورى العام، بعد تولي صلاح عبد الحق منصب القائم بأعمال المرشد، جبهة لندن.

بالمقابل، تحاول جماعة الإخوان، في الوقت الحالي، الوصول إلى اتفاق مع السلطات القطرية من أجل وقف عملية الترحيل، وتسعى الجماعة عبر بعض الوسطاء للالتفاف على تلك الطلبات، ووقف إصدار قوائم الترحيل، لكن لا تتوافر معلومات كثيرة عن هذه الجهود، في الوقت الحالي.

الجماعة تسعى لتأمين ملاذات بديلة إذا اضطر كوادرها للانتقال من البلدان التي يقيمون فيها

هذا، وانتقل عدد من كوادر الإخوان الشبابية من بينهم نشطاء فاعلون في اللجنة السياسية واللجنة الإعلامية للجماعة من تركيا إلى قطر، تحت ستار العمل في مؤسسات إعلامية قطرية من بينها شبكة الجزيرة القطرية.

رحلة البحث عن ملاذات بديلة

ويشير المركز إلى أنّ مسألة الملاذات البديلة لجماعة الإخوان تبقى واحدة من القضايا التي تشغل قيادة الجماعة، فمع أنّ غالبية قيادات الصف الأول والثاني حصلوا على إقامات أو جنسيات في البلدان التي يتواجدون فيها حالياً، كتركيا وبريطانيا وماليزيا وغيرها، إلا أنّ الجماعة تسعى لتأمين ملاذات بديلة حال اضطر كوادرها للانتقال من البلدان التي يقيمون فيها.

ومن بين البلدان التي طُرحت كملاذات بديلة للجماعة دول أفريقية مثل كينيا، وأرض الصومال، وجنوب أفريقيا، بجانب دول في شرق آسيا، منها ماليزيا وإندونيسيا، علاوة على دول أخرى، منها كندا وبريطانيا التي تُخطط جماعة الإخوان لنقل بعض كوادرها إليهما في الفترة المقبلة.

مواضيع ذات صلة:

الإخوان المسلمون: عكس التيار في تونس وانتهازية في المغرب واستقالة مدوية في موريتانيا

الإخوان المسلمون: حصار في تركيا ومسيرة للعنف في ماليزيا ومناوشات في المغرب

الإخوان المسلمون: تفجير المشهد في المغرب واحتجاجات في اليمن وسرقة الأراضي في غزة



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية