بعد الوقود الإيراني: هل يطلب نصرالله تزويد لبنان بالماء والدواء؟

بعد الوقود الإيراني: هل يطلب نصرالله تزويد لبنان بالماء والدواء؟


22/08/2021

تنعكس أزمة الوقود في لبنان بشكل خطير على إمدادات المياه الصالحة للشرب. وحذر عمال الإغاثة من نقص خطير في إمدادات المياه الصالحة للشرب في لبنان، قد يصل إلى حد الانقطاع في الأيام المقبلة عن ملايين الأشخاص.

وأكدت المديرة التنفيذية لليونيسف، هنرييتا فور، أنّ لبنان يواجه خطر فقدان الوصول إلى خدمات المياه الأساسية. ورأت في بيان لها، أنه "ما لم يتم اتخاذ إجراءات عاجلة، فسيواجه أكثر من أربعة ملايين شخص في جميع أنحاء لبنان - معظمهم من الأطفال والعائلات الأكثر هشاشة - احتمال تعرضهم لنقص حاد في المياه أو انقطاعهم التام عن إمدادات المياه الصالحة للشرب في الأيام المقبلة".

وكانت المنظمة التابعة للأمم المتحدة، قد حذّرت في شهر تموز (يوليو) الماضي، من أن "أكثر من 71 في المائة من سكان لبنان قد لا يحصلون على المياه هذا الصيف. منذ ذلك الحين، استمر هذا الوضع المحفوف بالمخاطر، حيث تعرضت الخدمات الضرورية بما في ذلك المياه والصرف الصحي وشبكات الطاقة والرعاية الصحية لضغوط هائلة. وأصبحت المرافق الحيوية مثل المستشفيات والمراكز الصحية محرومة من المياه الصالحة للشرب بسبب نقص الكهرباء، مما يعرّض الأرواح للخطر".

ويطرح سؤال ملحّ في هذا السياق، يقترب من التهكم: هل يستطيع حزب الله أن يؤمّن مياهاً صالحة للشرب، كما فعل بعزمه على تأمين النفط من إيران، بناء على وعد قطعه الأمين العام للحزب حسن نصرالله الخميس؟

احتلال لبنان

ويفتح هذا السؤال الباب على مصراعيه بخصوص تمكين حزب الله إيران من احتلال لبنان والسيطرة على قراره السياسي وأمنه ووقوده ومائه ومستقبله، في حين أنّ إيران نفسها لا تستطيع أن تغطي حاجات شعبها الذي يرزح جزء كبير منه تحت خط الفقر؟

أكثر من أربعة ملايين لبناني معرّضون لنقص حاد في المياه قريباً

وإذا كان الوقود للبنان من طهران، فهل يكون الماء والدواء منها أيضاً؟

لبنان بسبب النقص الحاد في الوقود، مع تفاقم أزمته الاقتصادية، أصيب بالشلل، بحسب وصف "بي بي سي"، وأصبح انقطاع التيار الكهربائي الذي يستمر لأكثر من اثنتين وعشرين ساعة في اليوم هو القاعدة.

وكانت كلمة نصرالله، في خطاب يوم العاشر من محرم، قد أثارت موجة من الردود بعد إعلانه عن "انطلاق السفينة الأولى من إيران التي تحمل المحروقات باتجاه لبنان".

وأوضح نصرالله أنّ "ما يفصل لبنان عنها مسافة ساعات فقط، وهي أنجزت كل أعمالها"، مؤكداّ "أنّ سفناً أخرى ستتبعها فالمسألة ليست مسألة سفينة واحدة".

في المقابل، رجّحت مديرة معهد حوكمة الموارد الطبيعية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لوري هايتيان في تصريح لـ"العربية.نت" "أن تُبحر الباخرة من مرفأ بندر عباس في جنوب إيران، لتمرّ بمضيق باب المندب، ثم مضيق هرمز، فالبحر الأحمر، ثم قناة السويس لتتّجه بعدها إلى لبنان. وستستغرق رحلتها نحو 15 يوماً".

نصرالله يحذّر

وحذّر نصرالله الأمريكيين والإسرائيليين من أنّ السفينة "سوف تصبح من اللحظة الأولى أرضاً لبنانية". وقال: "لا يخطئ أحد ويدخل معنا في تحدّ بات يرتبط بعزة وإذلال شعبنا ونحن قوم نرفض أن يذل شعبنا، نرفض أن نُذل لا في حرب عسكرية ولا سياسية ولا اقتصادية والعالم كله يعرف قرارنا وعزمنا".

وما إن انتهى نصر من خطابه حتى أعاد الإعلام الحربي للحزب، نشر مقطع فيديو "كرسالة تهديد لإسرائيل في حال قررت الاعتداء على السفينة الإيرانية".

وبالتزامن مع خطاب نصرالله، قتل أربعة عناصر على الأقل من حزب الله في غارات إسرائيلية استهدفت مناطق قرب دمشق، ليل الخميس - الجمعة، الأمر الذي اعتبره مراقبون اختباراً جديداً للحزب في سوريا.

قد تكون هناك جهات عديدة من بينها العراق سهلت وصول النفط للبنان؛ ما يعني استبعاد حصول أي تصعيد أو مواجهة، مقابل غض نظر دولي وأمريكي

وأكد المرصد السوري لحقوق الإنسان أنّ عناصر حزب الله قتلوا في منطقة قارة القريبة من الأطراف الجنوبية الغربية لمحافظة حمص ومن حدود لبنان الشرقية، من دون أن يجزم هويتهم، لجهة ما إذا كانوا سوريين أم لبنانيين.

ومساء الخميس، أعلنت السلطات السورية أنّ "وسائط دفاعنا الجوّي تصدّت لعدوان إسرائيل، وأسقطت معظمها"، في وقت أفاد فيه المرصد بأنّ "صواريخ إسرائيلية استهدفت مستودعات أسلحة ومواقع عسكرية لحزب الله اللبناني في منطقة قارة بريف دمشق المتداخلة مع ريف حمص الجنوبي الغربي". وأفادت وسائل إعلام لبنانية بأنّ صاروخين سقطا في منطقة القلمون على الحدود اللبنانية - السورية.

هل هناك صفقة في الخفاء؟

في ضوء هذه التداعيات، هل يأتي خطاب نصرالله في إطار التهديد الفعلي، أم أنّ هناك صفقة سياسية في الخفاء تقرر بموجبها السماح للباخرة الإيرانية من العبور في رحلتها بسلام؟

يقول المحلل السياسي اللبناني منير الربيع إنّ نصرالله كان قد وعد منذ مدة بإدخل النفط الإيراني إلى لبنان، لذا لا بد من السؤال حول اختيار التوقيت الآن؟ وتجيب مصادر: خطوة من هذا النوع لا يمكن أن تحصل بدون غض نظر دولي، وأمريكي خصوصاً. وهناك احتمال اتفاق ضمني معين يسمح بدخول هذه الباخرة وغيرها من البواخر.

وقد تكون، بحسب الربيع الذي كتب في موقع "المدن"، هناك جهات عديدة لعبت هذا الدور من بينها العراق؛ ما يعني استبعاد حصول أي تصعيد أو مواجهة على خلفية إدخال بواخر النفط الإيرانية إلى لبنان.

لكن ما لم ينتبه له المتجادلون حول باخرة النفط الإيراني الآتية إلى لبنان، وموقف السفيرة الأمريكية دوروثي شيا حول الموافقة الاستثنائية على إيصال الغاز المصري إلى الشمال اللبناني عبر الأردن وسوريا، هو العامل الإسرائيلي الذي سيكون حاضراً في المعادلتين، وفق الكاتب.

كاريكاتير للزميل أمجد رسمي في "الشرق الأوسط" يكشف عمق المأزق اللبناني

إسرائيل متأهبة ومستنفرة في مراقبتها مسار سفينة المحروقات الإيرانية. وفي الوقت عينه هي معنية وشريكة في مسألة إيصال الغاز المصري إلى لبنان. ومنذ مدة يتم العمل في منطقة الشرق الأوسط على إنشاء خطوط تحالف جديدة. وكان أولها بين العراق والأردن ومصر، وثانيها يتوسع أكثر نفطياً بين هذه الدول الثلاث ليضم إسرائيل وقبرص واليونان.

وفي المقابل، لبنان محسوب على المحور الإيراني كسوريا. وبناء على هذا التقسيم يتوسع إطار التحالفات على إيقاع معارك النفوذ وخطوط النفط والغاز.

الحريري يفتح النار مجدداً

هذه التحالفات في نظر سياسيين لبنانيين سببها الأساسي سياسة حزب الله الذي سلّم لبنان للسطوة الإيرانية، بحسب رئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري، في معرض رده على خطاب نصرالله على كلام نصر الله، حيث قال الحريري إنّ "حزب الله لن يحصل على تأشيرة لتسليم لبنان إلى السطوة الإيرانية".

وتساءل الحريري في سلسلة تغريدات على "تويتر": "هل ما سمعناه عن وصول السفن الإيرانية هو بشرى سارة للبنانيين، أم إعلان خطير يزج لبنان في صراعات داخلية وخارجية؟".

وأضاف: "يستطيع حزب الله أن يحصل على تأشيرة تواطؤ مع عهد رئيس البلاد ميشال عون، لكنه لن يحصل من أكثرية اللبنانيين على إجازة مرور لتسليم لبنان للسطوة الإيرانية".

واعتبر الحريري أنّ "إيران تعطل تأليف الحكومة اللبنانية"، متسائلاً: "وإلا كيف تجيز الدولة الإيرانية لنفسها مخالفة القوانين الدولية فتقبل إرسال السفن إلى لبنان دون موافقة الحكومة اللبنانية؟".

كما أصدر رئيس حزب القوات اللبنانية، سمير جعجع، بياناً وجهه إلى عون جاء فيه: "لأسابيع خَلت والشركات الخاصة وبعض القطاع الخاص يحاول أن يحصل من وزير الطاقة، الذي هو وزيركم، على أذونات لاستيراد البنزين والمازوت بأسعاره الحقيقية وطرحه في السوق بأسعاره الحقيقية بعد أن عجزت الدولة عن تأمينه مدعوماً ولكن لم يستجب وزير الطاقة".

سعد الحريري بعد خطاب نصرالله: إيران تعطل تأليف الحكومة اللبنانية، وإلا كيف تجيز الدولة الإيرانية لنفسها مخالفة القوانين الدولية فتقبل إرسال السفن إلى لبنان؟

وأضاف جعجع في بيانه: "إذ بنا نفاجأ بأن حزب الله، إذا صحت أقواله، سيأتي بباخرة مازوت ويفرغها أغلب الظن في مصفاة الزهراني، فهل يا فخامة الرئيس تتركون الحزب الذي صادر القرار الإستراتيجي والعسكري والأمني، بأن يصادر اليوم القرار الاقتصادي ضارباً اللبنانيين ومصالحهم عرض الحائط ومسقطاً القطاع الخاص نهائياً؟".

وختم جعجع بيانه بالقول: "إنكم تتحملّون يا فخامة الرئيس المسؤولية الكاملة عما يمكن أن يلحق بالبلد من جراء عدم تحرير استيراد النفط والأدوية وغيرها في الوقت الذي تتركون فيه حزب الله يقوم بالأمر بوسائل ملتوية وغير قانونية دولياً ستعرِّض لبنان لكارثة حقيقية".

حزب الله وبعد خطاب أمينه العام، وتحديه إسرائيل بمهاجمة الباخرة الإيرانية، فتح الأبواب على مصراعيها أمام اشتعال محتمل للمنطقة، حيث علّق الباحث الإسرائيلي في مركز "ابا ايبان" والمتخصص في شؤون الشرق الأوسط والأمن القومي داني سيترينويسز، إنّ "نصر لله وسّع معادلة الردع المشهورة بين إسرائيل وحزب الله لتشمل أيضاً السفن التي ستصل إلى لبنان".

وأضاف: "ثمّة أمر واحد واضح من خطاب نصر الله، وهو أنّ أيّ نشاط إسرائيلي ضد السفن سيواجه برد قوي جداً من قبل حزب الله، الذي سيعتبر ذلك خرقاً لمعادلة الردع"، مشيراً إلى أنّه "سيتعين على إسرائيل أن تقرر ما إذا كان اعتراض السفن يستحق أو يبرّر التصعيد المتوقع على الحدود الشمالية".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية