بعد رفضها جميع المبادرات... من يتحكم في القرار السياسي لقيادة الجيش السوداني؟

بعد رفضها جميع المبادرات... من يتحكم في القرار السياسي لقيادة الجيش السوداني؟

بعد رفضها جميع المبادرات... من يتحكم في القرار السياسي لقيادة الجيش السوداني؟


11/07/2023

فيما احتضنت العاصمة الإثيوبية الإثنين قمة (إيغاد) لبحث الأزمة السودانية، التي دُعي إليها ممثلون من الطرفين المتحاربين في السودان؛ الجيش وقوات الدعم السريع، فضلاً عن القوى السياسية المدنية، أعلنت الرئاسة المصرية أنّ القاهرة ستستضيف في 13 تموز (يوليو) مؤتمر قمة دول جوار السودان لبحث سُبل إنهاء الصراع الحالي، وتداعياته السلبية على  الدول المجاورة، ووضع آليات فاعلة لتسوية الأزمة بصورة سلمية، بالتنسيق مع المسارات الإقليمية والدولية الأخرى.

ويشار إلى أنّ مبادرات عديدة طرحت منذ اندلاع الحرب في السودان، على رأسها المبادرة الأمريكية السعودية، ومبادرة (إيغاد) المدعومة من الاتحاد الأفريقي والتي تعمل بتنسيق تام معها، وقد تم رفضها أو إعاقتها من قبل قيادة الجيش بمبررات واهية، فرئاسة كينيا للرباعية التي أطلقتها (إيغاد) للتوسط من أجل حلحلة النزاع السوداني لم تكن عقبة حقيقية تحول دون الجلوس للحوار حول خارطة الطريق المطروحة من قبل الهيئة، وليست من قبل كينيا، كما أنّ القول إنّ تدخل الاتحاد الأفريقي مرفوض لجهة أنّه علّق عضوية السودان، أمر لا يستند إلى منطق سليم، حيث إنّ أسباب التعليق لا صلة لها بالحرب الدائرة الآن، وإنّما بانقلاب قائد الجيش عبد الفتاح البرهان على الحكومة المدنية الانتقالية في تشرين الأول (أكتوبر) 2021، والذي ما يزال مستمراً، وسيظل قائماً إلى حين زوال أسبابه، وفقاً لمفوضية الاتحاد الأفريقي.

 اعتراض مرفوض

  وفي السياق نفسه، يبدو أنّ الرفض المستمر من قبل الجيش السوداني للمبادرات الإقليمية والدولية سيجعله يخسر المعركة الدبلوماسية؛ إذ لم يلقَ اعتراض وفده على رئاسة كينيا للرباعية ومقاطعته اجتماعها في أديس أبابا حظاً من اهتمام المشاركين فيه، وقد التأم برئاسة الرئيس الكيني وليام روتو ومشاركة رئيس وزراء إثيوبيا آبي أحمد وممثلين للصومال وجيبوتي وجنوب السودان ومندوبي (إيغاد) والأمم المتحدة، فضلاً عن السعودية والولايات المتحدة ومصر والإمارات والاتحاد الأوروبي، بحسب موقع (سودان تربيون).

يبدو أنّ الرفض المستمر من قبل الجيش السوداني للمبادرات الإقليمية والدولية سيجعله يخسر المعركة الدبلوماسية

 وشدّد البيان الختامي على رفض الحل العسكري للأزمة في السودان، والعمل على عقد لقاء وجهاً لوجه بين قادة الطرفين المتحاربين، وأشار إلى أنّ (إيغاد) ستشرع فوراً في التنسيق مع الاتحاد الأفريقي لتحقيق الخطوة، وأنّها طلبت عقد قمة للقوة الاحتياطية لشرق أفريقيا (ايساف) للنظر في إمكانية نشر وحدات مكونة من (7) آلاف جندي لحماية المدنيين، وضمان وصول المساعدات الإنسانية، وجعل منطقة الخرطوم منزوعة السلاح، ممّا جعل مالك عقار نائب رئيس مجلس السيادة السوداني يصفها بـ "مبادرة احتلال". 

 بازارات سياسية

 بالتزامن مع هذه التطورات، وصف الرئيس الإريتري أسياس أفورقي، لدى استقباله نائب رئيس مجلس السيادة مالك عقار، المبادرات الحالية لحلّ الأزمة السودانية بالبازارات السياسية، وأضاف أنّ بلاده لن تشارك فيها، وأنّ ما يدور في السودان شأن داخلي، وأنّ التدخلات الخارجية تزيد الأمور تعقيداً.

 وشهدت العاصمة (أنجمينا) اجتماعاً بين الرئيس التشادي محمد إدريس ديبي (كاكا)، وبين وفد سوداني ضم بعض قادة الحركات المسلحة الموقعة على اتفاق جوبا للسلام مع الحكومة الانتقالية السابقة في تشرين الأول (أكتوبر) 2020.

يعتقد مراقبون ومحللون سياسيون أنّه بالنظر إلى تاريخ السودان في إيواء الجماعات المتطرفة، فضلاً عن تفاقم حالة عدم الاستقرار، فإنّ منظمات إرهابية مثل داعش والقاعدة ربما وضعت أعينها على البلاد كقاعدة جديدة محتملة

 

 وقالت مصادر متطابقة: إنّ الاجتماع ناقش دور تشاد في ضبط الحدود، وإيجاد آليات لمنع وقوع حرب أهلية شاملة في ظل التداخل القبلي بين البلدين، كما ناقش أوضاع اللاجئين السودانيين في تشاد، وسبل التشبيك والتنسيق والتواصل مع المنظمات والمجتمع الدولي ودول الإقليم لإيصال المساعدات في ظل تعثر وصولها عبر بورتسودان.

 خداع الجميع

 ويُعتقد على نطاق واسع، داخل وخارج السودان، أنّ السبب الرئيسي للرفض المتواصل لقيادة الجيش لجميع المبادرات والحلول السلمية تعود إلى هيمنة الإخوان المسلمين على القرار السياسي لقيادة الجيش السوداني، وأنّ على المجتمع الدولي أن يبقى يقظاً ومفتوح العينين في مراقبة جماعة الإخوان المسلمين السودانية وفروعها، خاصة أنّ هناك العديد من المؤشرات التي تدعم احتمال عودة الجماعة إلى الحكم مختبئة تحت عباءة الجيش، كما فعلت عام 1989، وتمكنت من خداع الجميع.

 ويشار إلى أنّ جماعة الإخوان المسلمين السودانية منذ تأسيسها في خمسينيات القرن المنصرم، قدمت نفسها من خلال العديد من الأوجه وعشرات الأقنعة، فقد كانت في البدء (جماعة الإخوان) ثم جبهة الميثاق، والجبهة الإسلامية القومية، وحزبيّ المؤتمر الوطني والشعبي، والحركة الإسلامية السودانية، والتيار الإسلامي العريض، وظلت في تقلباتها هذه تحتفظ أيضاً بصيغتها الأولى واسمها الحقيقي جماعة (الإخوان المسلمين).

 وبعد الإطاحة بنظام البشير عام 2019، تمّ حظر حزب المؤتمر الوطني رسميّاً، قبل أن يعود إلى الواجهة مجدداً بعد الفوضى التي ضربت الفضاء السياسي السوداني عقب انقلاب البرهان في تشرين الأول (أكتوبر) 2021، الذي وفّر مناخاً سياسياً ملائماً ومواتياً لعودة الإخوان المسلمين، بدعم من قائد الجيش عبد الفتّاح البرهان ونائبه الحالي شمس الدين الكباشي، ممّا أدى إلى مزيد من العنف والاضطرابات التي عمّت البلاد، ومهدت للحرب الدائرة الآن.

 حرب أهلية وإرهاب

وتخشى الولايات المتحدة الأمريكية ودول أفريقية وعربية عديدة من تداعيات السيطرة التي تفرضها الجماعة على قرارات قيادة الجيش، والعمل على عزلها تماماً من المحيطين الإقليمي والدولي، ممّا يمثل بداية لجلب الجماعات الإرهابية مجدداً إلى السودان الذي كان مضيافاً للجماعات الإرهابية المتطرفة إبّان (3) عقود من حكم الإخوان المسلمين، لا سيّما تنظيم القاعدة وزعيمه أسامة بن لادن، الأمر الذي حدا بالولايات المتحدة الأمريكية لوضع السودان على قائمتها للدول الراعية للإرهاب عام 1993.

السبب الرئيسي للرفض المتواصل لقيادة الجيش لجميع المبادرات والحلول السلمية تعود إلى هيمنة الإخوان على القرار السياسي لقيادة الجيش السوداني، وأنّ على المجتمع الدولي أن يبقى يقظاً ومفتوح العينين في مراقبة الجماعة في السودان

 

ويعتقد مراقبون ومحللون سياسيون أنّه بالنظر إلى تاريخ السودان في إيواء الجماعات المتطرفة، فضلاً عن تفاقم حالة عدم الاستقرار، فإنّ منظمات إرهابية مثل داعش والقاعدة ربما وضعت أعينها على البلاد كقاعدة جديدة محتملة، علماً بأنّ كلتا الجماعتين المتشددتين عملتا في السودان من قبل، ولربما وجدتا فيها أرضاً صالحة للنمو والتكاثر عقب دعوة قائد الجيش المواطنين إلى حمل السلاح للدفاع عن أنفسهم وبلادهم، الأمر الذي عدته القبائل العربية في إقليم دافور (غرب السودان) التي يشكل أبناؤها السواد الأعظم من جنود قوات الدعم السريع، ويمثلون نسبة مقدرة من الجيش السودان، والفرق المقاتلة من الشرطة مثل قوات الاحتياطي المركزي، عدّته استهدافاً لها، فأعلنت دعمها لقوات الدعم السريع، وطلبت من منسوبيها في القوات الحكومية، خصوصاً الجيش، الانسحاب منه والانضمام إلى الدعم السريع، ممّا يهدد الوحدة الوطنية، ويحوّل النزاع إلى حرب أهلية شاملة، ويفتح أبواب السودان للجماعات الإرهابية المتطرفة.

مواضيع ذات صلة:

بغداد تعمق الفجوة بين أربيل والسليمانية... لماذا وصف مسعود بارزاني إقليم كردستان بـ "خط الموت"؟

العراق: شجار ينهي جلسة برلمان كردستان... والمعارضة تصف ما جرى بالمسرحية... ماذا حصل؟

هل تنجح "الصفقات" في إنهاء الأزمات بين إقليم كردستان وبغداد؟



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية