بعد سحب جواز سفره الدبلوماسي.. مذكرة جلب دولية للمرزوقي.. ما تداعياتها؟

بعد سحب جواز سفره الدبلوماسي.. مذكرة جلب دولية للمرزوقي.. ما تداعياتها؟


07/11/2021

أصدرت السلطات التونسية يوم الخميس الماضي، مذكرة جلب دولية بحق الرئيس الأسبق المنصف المرزوقي؛ إذ ذكرت وكالة "تونس أفريقيا" الرسمية أنّ مكتب الاتصال بالمحكمة الابتدائية بتونس أعلن أنّ قاضي التحقيق المتعهد بهذا الملف، قد تولى إصدار بطاقة جلب دولية في شأنه.

اقرأ أيضاً: مذكرة جلب دولية ضد الرئيس التونسي الأسبق.. كيف رد المرزوقي؟

وكان المرزوقي، الذي تولى رئاسة تونس بين عامي 2011 و2014، عبّر في مداخلة تلفزيونية في قناة "24 فرانس" يوم 12 تشرين الأول (أكتوبر) 2021، عن "فخره" بأنه تمكن من منع إقامة القمة الفرنكوفونية في تونس التي كان مزمعاً إقامتها يومي 20 و21 تشرين الثاني (نوفمبر) 2021 بجزيرة جربة، وتأجيلها للعام القادم بعدما أقنع المجلس الدائم للفرنكوفونية بعدم صلاحية بلاده لاستقبال وفود ثلاثين دولة، مما اعتبرته السلطات القضائية تحريضاً على تونس وشعبها وتشويهاً لسمعة بلاده في الخارج.

وأوضحت الوكالة التونسية أنّه "إثر هذه الحادثة طلب الرئيس قيس سعّيد، لدى إشرافه يوم 14 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، على أول اجتماع لمجلس الوزراء، من وزيرة العدل، بأن "تفتح تحقيقاً قضائياً في حق من يتآمرون على تونس في الخارج"، مشدداً على أنّه "لن يقبل بأن توضع سيادة تونس على طاولة المفاوضات، فالسيادة للشعب وحده"، وأضاف الرئيس خلال ذلك الاجتماع: "من يتآمر على تونس في الخارج يجب أن توجه له تهمة التآمر على أمن الدولة في الداخل والخارج". وفي 15 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، قال الناطق الرسمي باسم محكمة الاستئناف، الحبيب الترخاني، إنّه تم فتح بحث تحقيقي بخصوص التصريحات الصادرة عن المرزوقي في فرنسا.

أصدرت السلطات التونسية مذكرة جلب دولية بحق المنصف المرزوقي بتهمة التحريض على تونس وتشويه سمعتها الخارجية

وبيّن الترخاني في تصريح سابق لوكالة "تونس أفريقيا" للأنباء، أنّه تم فتح البحث التحقيقي، استناداً إلى الفصل 23 من المجلة الجزائية، وبناء على الإذن الصادر من وزيرة العدل وبعد أن أذن الوكيل العام بمحكمة الاستئناف لوكيل الجمهورية بالمحكمة الابتدائية.

وينص الفصل 23 من المجلة الجزائية على أنه "لكاتب الدولة للعدل أن يبلغ إلى الوكيل العام للجمهورية الجرائم التي يحصل له العلم بها وأن يأذنه بإجراء التتبعات سواء بنفسه أو بواسطة من يكلفه، أو بأن يقدم إلى المحكمة المختصة الملحوظات الكتابية التي يرى كاتب الدولة للعدل من المناسب تقديمها".

من جهة أخرى، قدم عدد من المحامين في تشرين الأول (أكتوبر) 2021، شكوى جزائية ضد المرزوقي، تضمنت "طلب فتح بحث جزائي ضده وكل من سيكشف عنه البحث من أجل ارتكابه لجريمة الاعتداء على أمن الدولة الخارجي" وفق نص الشكاية.

اقرأ أيضاً: قيس سعيد والقضاء ومذكرة اعتقال المرزوقي

وحول قانونية مذكرة جلب المرزوقي وتداعياتها، وما إذا كانت جنسيته الفرنسية تمنع من تسليمه، يرى المحامي الدولي، حازم القصوري، أنّ المرزوقي ارتكب "مجموعة من الجرائم التي يجرمها القانون التونسي، والتي تهدد أمن وأمان الدولة التونسية"، مضيفاً في تصريحه لـ"حفريات" أنّ "قيامه بالاتصال بجهات أجنبية وباعترافه للتحريض ضد وطنه هي جريمة لا يمكن أن تمر دون عقاب، وهذا لا يندرج تحت المعارضة أو الرأي السياسي المخالف، هي أقرب للخيانة العظمى". وأوضح المحامي الدولي أنّ مذكرة الجلب هي "الخطوة الأولى لمحاكمته، وفي حال استجاب المرزوقي وعاد الى الوطن سيقدم للمحاكمة وفق القانون، واذا عاند واستمر في الخارج فمن المتوقع أن يتم التصعيد القانوني ضده، وإذا صدر ضده حكم يمكن وقتها التقدم بمذكرة للإنتربول لوضعه على قائمة المطلوبين".

اقرأ أيضاً: مرة أخرى... المرزوقي يحرض ضد الرئيس التونسي

واستكمل القصوري: "إن وضع المرزوقي دقيق جداً وصعب للغاية، فقد كان يحمل الجنسية الفرنسية سابقاً، وتنازل عنها من أجل الترشح للرئاسة وأصبح مواطناً تونسياً، وعليه المثول أمام القضاء متى طلب منه ذلك"، مؤكداً أنّ الرجل "تجاوز كل الأعراف الدبلوماسية والبروتوكولات الدولية، فكونه رئيس دولة سابقاً يحتم عليه أن ينتبه لتصريحاته، غير أنّه للأسف تصرف كعضو في جماعة منحاز إلى إيديولوجيته، وتصريحاته غير المسؤولة هي التي دفعت السلطات التونسية لسحب الجواز الدبلوماسي منه في وقت سابق، فاتفاقية جنيف العام 1961 تفرض على كل من يحمل جوازاً دبلوماسياً أنّه يمثل دولته، ولهذا لا يحق له أن يهاجم تونس وهو في الخارج، وهذا السلوك المشين دفع نقيب نقابة السلك الدبلوماسي إبراهيم الرزقي لإصدار بيان شديد اللهجة ضد تجاوزات المرزوقي ودعا فيها رئيس الدولة الى سحب جواز السفر".

ويستنكر القصوري "موقف بعض المنصات الإعلامية التي لا تحترم القانون وتزج بنفسها في ملفات سيادية، ليفلت من قبضة العدالة في خرق واضح للمسار الديمقراطي الذي يفرض أن جميع الناس سواسية أمام القانون والعدالة".

اقرأ أيضاً: قيس سعيد والمرزوقي باعتباره خراجاً إخوانياً

وأضاف: "هذه التصرفات التي وقع فيها المروزوقي تؤكد أنهّ وحلفاءه لم يكن لديهم مشروع وطني، وليس لديهم انتماء ولا علاقة لهم بتونس، هؤلاء تحرّكهم نار الانتقام والثأر لإعاقة الوطن؛ إنّ الشعب التونسي هو من يحمي دولته وهو من هزمهم وهو من سيمنع عودتهم مرة ثانية".

حازم القصوري: قيام المرزوقي بالاتصال بجهات أجنبية وباعترافه للتحريض ضد وطنه هي جريمة، وهذا الأمر لا يندرج تحت المعارضة أو الرأي السياسي المخالف، بل أقرب للخيانة العظمى

وكان المرزوقي نشر تدوينة على "فيسبوك" علّق فيها على هذا القرار قائلاً: "خرجت يوماً من قصر قرطاج إلى بيتي معززاً مكرماً، بعد أن رفعت اسم تونس وثورتها في كل المحافل الدولية، بعد أن حميت الحقوق والحريات، وحافظت على المال العام، وحاولت ما استطعت جمع التونسيين، وأعددت لتونس برامج لمواجهة تحولات المناخ التي ستهدد الأجيال القادمة، وسلّحت الجيش، وأمرت الأمن الرئاسي بحماية خصومي، واسترجعت قسماً من الأموال المنهوبة، وحاربت الفساد قولاً وفعلاً فأسقطني الفساد".

اقرأ أيضاً: فتح تحقيق قضائي في حق المرزوقي في تونس... تفاصيل

من جانبه، علّق الأمين العام المساعد للاتحاد العام التونسى للشغل محمد على البوغديري، يوم الجمعة، على صدور بطاقة جلب ضد المرزوقي، وفق إذاعة "شمس" التونسية، قائلاً: "المرزوقي أساء لتونس"، لافتاً إلى أنّ "أي مواطن شريف ووطني لا يقبل بهذه الإساءة".

فيما اعتبر الأمين العام لحركة الشعب زهير المغزاوي حسب موقع "اندبندنت عربية"، أنّ "موضوع المرزوقي أخذ حجماً كبيراً، ومن حق السياسيين أن يعارضوا إجراءات 25 يوليو، إلا أنّ المرزوقي وغيره من السياسيين لم يتوقفوا عند إعلان الموقف السياسي، بل تحركوا خارج تونس من أجل التأثير في الموقف السياسي الداخلي من خلال استخدام وسائل إعلام في الخارج، والتودد للجهات الأجنبية للتدخل في الشأن الداخلي لتونس".

اقرأ أيضاً: تونس: نقابة السلك الدبلوماسي تطالب بسحب جواز السفر من المرزوقي... لماذا؟

واعتبر المغزاوي أنّ "هذه الممارسات مدانة ومرفوضة؛ لأن المعركة في تونس هي معركة خيارات وطنية تناقش في الداخل، ولا مجال للتدخل الخارجي فيها"، معلّقاً "المرزوقي ليس مؤثراً لا داخلياً ولا دولياً"، معتبراً أنّ "بطاقة الجلب شأن قضائي".




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية