بعد سيطرة قوات الدعم السريع ميدانياً.. كيف يفكر البرهان؟ وما خطط حلفائه "الإخوان"؟

بعد سيطرة قوات الدعم السريع ميدانياً.. كيف يفكر البرهان؟ وما خطط حلفائه "الإخوان"؟

بعد سيطرة قوات الدعم السريع ميدانياً.. كيف يفكر البرهان؟ وما خطط حلفائه "الإخوان"؟


07/11/2023

مع عودة الجيش السوداني إلى طاولة مفاوضات جده التي ترعاها الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية والهيئة الحكومية للتنمية (ايغاد) عن الاتحاد الأفريقي، أواخر تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، مارست جماعة الإخوان، ممثلة في حزب المؤتمر الوطني المحلول، ضغوطاً كبيرة على قيادة الجيش لإثنائه عن ذلك، حيث اضطُرّ إلى مخاطبة مفرزة من ضباط وجنود الجيش في منطقة وادي سيدنا العسكرية شمالي العاصمة الخرطوم تشرين الأول (أكتوبر)، قادماً إليها من مقر إقامته بمدينة بورتسودان بولاية البحر الأحمر؛ شرق البلاد؛ مؤكداً أنّ الجيش سيواجه قوات الدعم السريع بالحسم العسكري، في حال رفضها ما نص عليه إعلان جدة الذي وقّع عليه الطرفان في أيار (مايو) الماضي، معتبراً سقوط الفرق العسكرية التابعة للجيش على يد قوات الدعم السريع واحدة تلو الأخرى في إقليم دارفور (غرب) دليلاً على عدم رغبة الطرف الآخر في السلام.

تراجع الجيش

وفيما حققت قوات الدعم السريع مؤخراً انتصارات كبيرة على الجيش، خصوصاً في دارفور، اضطُرّ قادته للقبول بالعودة إلى مفاوضات جدّة، دون تحقق الشروط التي وضعوها مسبقاً بضرورة انسحاب (قزات الدعم السريع) من منازل المواطنين والأعيان المدنية والمؤسسات الحكومية قبل الشروع في أيّ تفاوض، إلّا أنّ جماعة الإخوان التي تساند الجيش وتحارب معه من خلال ميليشياتها، شعرت بالقلق ـ حسب مراقبين ومحللين ـ من نتائج التفاوض التي من شأنها إطاحتها عن المشهد السياسي ومحاسبتها، لجهة أنّها متهمة بإشعال الحرب من أجل العودة إلى الحكم مرة أخرى، لذلك تفضل الجماعة الاستمرار في الحرب حتى نهايتها، في محاولة انتحارية لاسترداد السلطة التي مكثت فيها (3) عقود، قبل أن يُطاح بها بثورة شعبية مشهودة في 11  نيسان (أبريل) 2019.

قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي)

بعد مرور نحو (7) أشهر على اندلاع الحرب بين الجيش السوداني المدعوم من ميليشيات الإخوان المسلمين، وبين قوات الدعم السريع التابعة له، يبدو أنّ رأي قادة الجيش، خصوصاً القائد العام عبد الفتاح البرهان ونائبه شمس الدين الكباشي اللذين تمكّنا من فك الحصار الذي ضربته عليهما قوات الدعم السريع في القيادة العامة للجيش بوسط الخرطوم لعدة أشهر، والهروب إلى مدينة بورتسوان على  ساحل البحر الأحمر (شرق)، واتخاذها عاصمة بديلة، قد استقر رأيهما على ضرورة إنهاء الحرب عبر المفاوضات، لا القتال الذي خلّف حالة إنسانية وأمنية واقتصادية مُزرية، فضلاً عن (9) آلاف قتيل، وأكثر من (5.6) ملايين لاجئ ونازح، بحسب تقارير صادرة عن الأمم المتحدة.

رغم استقرار رأي قيادة الجيش على ضرورة الشروع الفوري في مفاوضات تنهي الحرب، إلّا أنّ قادة ميليشيات الإخوان العسكريين والسياسيين، بجانب ضباطهم في قيادة الجيش الذين يُقدّر عددهم بنحو (3) آلاف، يدينون بالولاء المطلق للجماعة

ورغم استقرار رأي قيادة الجيش على ضرورة الشروع الفوري في مفاوضات تنهي الحرب، إلّا أنّ قادة ميليشيات الإخوان العسكريين والسياسيين، بجانب ضباطهم في قيادة الجيش الذين يُقدّر عددهم بنحو (3) آلاف، يدينون بالولاء المطلق للجماعة، ويتلقون تعليماتهم منها، ولا يأبهون لأوامر قادتهم العسكريين، ويعملون ليل نهار في الميدان وفي الإعلام لوأد التفاوض في مهده، حتى بلغ بهم الأمر أن يهدّدوا قائد الجيش بالتصفية الجسدية في حال مضى قُدُماً في التفاوض.  

تطوّر نوعي

عقب سيطرة قوات الدعم السريع على معظم مقرات الجيش في ولايتي دارفور وكردفان ـ  غرب البلاد ـ خلال وقت وجيز، بدءاً بإسقاط الفرقة (16) بمدينة نيالا، عاصمة ولاية جنوب دارفور التي تُعتبر أكبر مقر للجيش السوداني بعد القيادة العامة (رئاسة الجيش) بالخرطوم، قبل أن تفرض سيطرتها التامة على الفرقة (21) مشاة بمدينة زالنجي عاصمة ولاية وسط دارفور، والفرقة (19) بمدينة الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور، وقبل أن تعلن سيطرتها على حقل بليلة النفطي ومطار البلدة بولاية غرب كردفان، وهو الحقل الرئيس الذي يغذي مصفاة الجيلي بالخرطوم بحري، أكبر مصفاة للمواد البترولية في البلاد، بخام النفط الثقيل.

اعتبر مراقبون سيطرة قوات الدعم السريع على حقول البترول تطوراً نوعياً كبيراً في العمليات العسكرية لصالحها

واعتبر مراقبون سيطرة قوات الدعم السريع على حقول البترول تطوراً نوعياً كبيراً في العمليات العسكرية لصالحها، الأمر الذي يُقوّي موقفها التفاوضي في جدّة، فيما يضعف موقف الجيش الذي لم يحقّق أيّ إنجازات عسكرية مهمة حتى الآن، إذ ظل يدافع عن معسكراته وقواعده، خشية السيطرة عليها من قبل خصمه. 

حلفاء أعداء

وفي السياق نفسه، تواجه قيادة الجيش حرجاً بالغاً أمام المواطنين الذين نزحوا من منازلهم وتشردوا داخلياً وخارجياً، بعد أن وعدتهم بحسم الحرب التي اندلعت في 15 نيسان (أبريل) خلال ساعات، فيما عجزت عن حماية مقراتها؛ الأمر الذي أتاح لجماعة الإخوان المتحالفة مع الجيش استغلال هشاشة قيادته والدعوة إلى تغييرها وتصوير ذهابها إلى مفاوضات جدّة بالخيانة العظمى لدماء الشهداء والعمالة لدول أجنبية.

وتحاول الجماعة بلورة رأي عام محلي وسط المتضررين من الحرب، خصوصاً سكان العاصمة الخرطوم، يدين قيادة الجيش باعتبارها فشلت في إدارة الحرب وخضعت للإملاءات الخارجية؛ تمهيداً للانقلاب عليها، وفقاً لمراقبين، بيد أنّ محللين سياسيين آخرين يرون الأمر من زاوية أخرى، ولا يتوقعون أن تغامر الجماعة بالانقلاب على البرهان حتى لا تضع مسؤولية الهزيمة ـ إن حدثت ـ على عاتقها، وأنّها ستمضي في دعمه والضغط عليه لتنفيذ أجنداتها وخططها واتخاذه (مشجباً) تعلق عليه إخفاقاتها وأخطاءها، إلى أن يأتي الوقت المناسب للتخلص منه.

بين شقّي الرّحى

تعتمد الجماعة في إدارتها لعلاقتها بقيادة الجيش على الدعاية الإعلامية، حيث تنشط كوادرها في وسائل التواصل الاجتماعي وفي الفضائيات والصحف العربية، مختبئة تحت لافتة دعم الجيش من أجل دحر التمرد، وتبث الكثير من الإشاعات والرسائل المُفخخة التي تصف قائد الجيش تارة بالعمالة، وأخرى بالتنسيق مع العدو (قوات الدعم السريع)، وثالثة بالتواصل مع تحالف قوى الحرية والتغيير (الجبهة المدنية)، التي تتهمها الجماعة بأنّها الذراع السياسية لقوات الدعم السريع، وبالتالي نجحت في وضع قائد الجيش عبد الفتاح البرهان في مأزق كبير، فهو غير قادر على المضي قُدُماً في المفاوضات والتوصل إلى حلٍّ سياسي ينهي الحرب، وقواته عاجزة عن تحقيق أيّ انتصارات على الأرض.

مواضيع ذات صلة:

بعد ممانعة وتشدد... لماذا طلب الجيش السوداني العودة إلى منبر جدة؟.. وما موقف الإخوان؟

ما الذي حملته قمة القاهرة لدول جوار السودان؟

"السودان يعاني فراغاً في القيادة"... رواه آبي أحمد وأخرجته إيغاد




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية