تركيا تعزز نفوذها في تونس عبر المساعدات الاجتماعية

تركيا تعزز نفوذها في تونس عبر المساعدات الاجتماعية


24/04/2021

خالد هدوي

 تحاول تركيا استثمار تدهور الأوضاع الاقتصادية في تونس وما انطوى عليه من تداعيات على حياة المواطنين اليومية من أجل تعزيز نفوذها عبر المساعدات الاجتماعية.

وتنتقد أوساط سياسية تونسية ومراقبون آليات تقديم تلك المساعدات والغايات من ذلك حيث يشيرون إلى أن أنقرة تسعى من وراء ذلك إلى خدمة أطراف سياسية مقربة منها على غرار حركة النهضة الإسلامية.

وقدمت وكالة التعاون والتنسيق التركية “تيكا” مساعدات لـ800 عائلة في 4 ولايات (محافظات) تونسية بمناسبة شهر رمضان. وسلمت منسقة “تيكا” في تونس صليحة تونا، المساعدات التي بلغت 22 طنا من المواد الغذائية للإدارة العامة للاتحاد التونسي للتضامن الاجتماعي (حكومي).

وقال رئيس الاتحاد محمد الخويني، “إن المساعدات ستوزع عبر المكاتب الجهوية للاتحاد التونسي للتضامن الاجتماعي على عائلات معوزة بأربع  ولايات، وهي سيدي بوزيد والقيروان (وسط)، والقصرين (وسط غرب)، وجندوبة (شمال غرب).

وأشار في تصريحات صحافية، إلى أن الاتحاد “يقوم بجهود كبيرة لإيصال المساعدات إلى العائلات بمختلف جهات البلاد، ونعمل على تقديم العون لـ10 آلاف عائلة خلال شهر رمضان، وسعداء بكل دعم ومساعدة تصلنا”.

 وسبق أن قال رئيس وكالة “تيكا” سرقان قايالر، إنهم يعتزمون تقديم مساعدات لمئات آلاف الأشخاص في 87 دولة حول العالم، خلال شهر رمضان، عبر برنامج “موائد الأولياء”.

ويوجه مراقبون انتقادات للطرق والآليات التي تعتمدها الجمعيات التركية في توزيع المساعدات مشددين على ضرورة تفعيل الدور الرقابي للسلطات على تلك الجمعيات وغيرها وهي منظمات تسعى وفقا لهؤلاء المراقبين إلى تحقيق أهداف سياسية بدرجة أولى.

وقال المحلل السياسي باسل الترجمان، “للأسف هناك الكثير من الجمعيات التي تقوم بنشاطها لتوزيع المساعدات الاجتماعية بعيدا عن الهياكل الرسمية، واليوم هناك جمعيات قطرية توزع المساعدات في العاصمة، وأخرى تركية في المحافظات الداخلية، وهذا فيه عدم احترام لتونس لأنه ينبغي تقديم المساعدات عبر الهياكل المعنية”.

وأضاف في تصريح لـ”العرب”، “المشكلة تتمثل في غياب الرقابة على هذه الجمعيات التي تشتغل وفقا لأجندات سياسية وليس على أساس مساعدة الفقراء، وطالما لا توجد مراقبة من السلطة والحكومة سيظل الباب مفتوحا لهذه الصفقات”.

وأردف “لا يوجد هناك عمل خيري دون مقابل، الأتراك يريدون تمتين علاقاتهم مع أطراف سياسية قريبة منهم على غرار حركة النهضة، حيث تتعامل جمعيات شريعتي وقطر الخيرية مباشرة مع النهضة”.

وتابع “تركيا لها اقتصاد مأزوم وتملك سلعًا استراتيجية، وتعاني من الكثير من المشاكل، والنهضة فتحت الأسواق للبضائع التركية التي يتم تهريبها عبر ليبيا، وأحالت 50 ألف عامل على البطالة في الولايات الساحلية (سوسة، المنستير والمهدية)”.

وتصر تركيا على ألا تترك مناسبة أو فرصة تمر في تونس دون استغلالها ميدانيا، وفضلا عن المساعدات الاجتماعية والمشاريع الاقتصادية، أعلنت “تيكا”، في فبراير الماضي تزويد مستشفى مدينة الحامة التابعة لولاية قابس (جنوب)، بمعدات مواد طبية، وذلك في إطار جهود مجابهة أزمة كورونا.

وذكرت “تيكا” في بيان، أن “فرقها زودت مستشفى الحامة والتي تعد أكبر مؤسسة صحية عامة في المدينة، بمعدات طبية ووقائية”.

وترى أوساط سياسية تونسية أن تركيا تسعى من خلال هذه التحركات إلى ترسيخ موطئ قدم لها في شمال أفريقيا.

وتتعامل تركيا مع دول شمال أفريقيا كمنطقة نفوذ مباشر لها، وتحرص على الإبقاء على وجودها بشتّى السبل، وإدامة نفوذها عبر تقديم مساعدات، أو إنشاء مشاريع مشتركة تضمن لها الحضور الدائم على أراضيها.

وأفاد الناشط السياسي طارق الكحلاوي، أن “هناك دولا على غرار تركيا لديها سياسة دبلوماسية ذات بعد دعائي، وهي دبلوماسية المساعدات الاجتماعية والاقتصادية لتعزيز مواقعها في إطار مخططات استراتيجية”.

وأضاف الكحلاوي في تصريح لـ”العرب”، “تركيا تسعى لتحسين صورتها في تونس، وهي تساعد دول شمال أفريقيا لأسباب تاريخية، وتهدف إلى أن تكون قوّة سياسية فاعلة في شمال أفريقيا”.

 واستطرد “هي موجودة في ليبيا منذ فترة وعززت وجودها بالتقارب مع مصر وتريد أن تكون لها علاقات مباشرة مع الشعوب”.

ومع تزايد أنشطتها في تونس سواء الرسمية أو تلك التي تتعلق بمنظمات خيرية تتزايد المخاوف من نوايا تركيا في تونس بالرغم من حالة الهدوء التي تعرفها الجارة ليبيا في الوقت الراهن وتسلم سلطة انتقالية هناك.

وسبق أن كشفت تقارير دولية عن وجود أهداف أمنية من وراء المساعدات المالية التركية الموجهة لتونس لدعم القطاعين الأمني والعسكري وهو ما عكسته تزايد صفقات التسليح بين الطرفين.

ووقعت البلدان ثلاثة اتفاقيات تعاون في مجالات مختلفة، وبروتوكولاً في مجال التدريب العسكري، على هامش زيارة الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان لتونس، في ديسمبر 2017.

وفي ديسمبر الماضي كشف إسماعيل دمير، رئيس مؤسسة الصناعات الدفاعية التابعة للرئاسة التركية، عن صادرات إلى تونس بقيمة 150 مليون دولار، لتعزيز دفاعاتها العسكرية. وأدخلت أنقرة تونس ضمن دائرة نفوذها منذ سنة 2012 عندما كانت حركة النهضة الإسلامية تحكم عبر قيادة الترويكا آنذاك.

عن "العرب" اللندنية



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية