تصاعد أزمة النيجر وخارطة معقدة لأطراف الصراع

تصاعد أزمة النيجر وخارطة معقدة لأطراف الصراع

تصاعد أزمة النيجر وخارطة معقدة لأطراف الصراع


15/08/2023

يبدو أنّ الأمور تتجه نحو مواجهة عسكرية شاملة في منطقة الساحل والصحراء، ففي أعقاب قمة رؤساء دول غرب أفريقيا في العاصمة النيجيرية أبوجا، وجهت كتلة (الإيكواس) بتفعيل قوة عسكرية احتياطية للاستخدام المحتمل ضدّ المجلس العسكري، الذي تولى السلطة في النيجر أواخر الشهر الماضي.

ويبدو الوضع في النيجر أكثر تعقيداً، لما له من تداعيات دولية وإقليمية، ربما تنبئ عن احتمالات نشوب حرب بالوكالة، في ظل ارتباطات الأطراف المختلفة مع القوى المتصارعة في الداخل.

ويقول خبراء الصراع: إنّه من المرجح أن تتألف القوة من حوالي (5) آلاف جندي، بقيادة نيجيريا، وإنّها يمكن أن تكون جاهزة في غضون أسابيع.

مآلات الحل العسكري

جاء في البيان الذي تلاه رئيس مفوضية المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (عمر علي توراي) يوم الخميس الماضي أنّ الكتلة الإقليمية ملتزمة "باستعادة النظام الدستوري في النيجر، من خلال الوسائل السلمية أوّلاً". واستطرد توراي لافتاً إلى أنّ زعماء غرب أفريقيا اعترفوا بفشل الدبلوماسية، وأنّه بات من المحتمل استخدام القوة العسكرية كخيار أخير.

بدوره، قال الرئيس (الحسن واتارا): إنّ بلاده سوف تشارك في العملية العسكرية المحتملة إلى جانب نيجيريا وبنين، وأضاف: "كوت ديفوار ستوفر كتيبة، وقد اتخذت كل الترتيبات المالية، نحن مصممون على إعادة بازوم إلى منصبه".

يبدو الوضع في النيجر أكثر تعقيداً

وزارة الخارجية الفرنسية قالت إنّها تؤيد جميع القرارات المعتمدة من (الإيكواس)، وأعرب وزير الخارجية الأمريكية (أنتوني بلينكن) عن تقدير بلاده لـ "تصميم المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا على استكشاف جميع الخيارات من أجل حل سلمي للأزمة"، وأنّ واشنطن تحمّل المجلس العسكري في النيجر المسؤولية عن سلامة وأمن الرئيس (بازوم).

احتمالات امتداد أفق الصراع

قد يؤدي الموقف الذي اتخذته المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا إلى صراع أوسع في المنطقة بأسرها.

يقول المستشار السياسي والاقتصادي الكاميروني (أمبي فالنتين)، في تصريحات لـ (دويتشه فيله): إنّ النيجر يتم استغلاله لشنّ حرب بالوكالة بين القوى العالمية. مضيفاً أنّ نقل الصراع بين روسيا والغرب إلى أفريقيا سيكون شرارة حرب عالمية ثالثة. ولفت إلى أنّ القوى الغربية التي وصلت إلى طريق مسدودة بشأن الصراع الروسي الأوكراني، تستخدم الآن أفريقيا ساحة معركة جديدة.

يأتي ذلك بالتزامن مع اتساع النفوذ الروسي في أفريقيا، خاصّة في البلدان التي يرأسها قادة عسكريون، حيث رحبت مجموعة (فاغنر) الروسية شبه العسكرية بالانقلاب في النيجر، وقالت إنّ قواتها مستعدة لاستعادة النظام، كما هو الحال في مالي المجاورة.

من جهة أخرى، قال مسؤولان غربيان لوكالة (أسوشيتد برس): إنّ المجلس العسكري في النيجر أبلغ دبلوماسياً أمريكياً كبيراً أنّهم سيقتلون الرئيس المعتقل بازوم، إذا حاولت الدول المجاورة القيام بأيّ تدخل عسكري لاستعادة حكمه. وأكدت تقارير غربية أنّ ممثلين عن المجلس العسكري أبلغوا وكيلة وزارة الخارجية الأمريكية فيكتوريا نولاند بتهديدات مشابهة خلال زيارتها للبلاد.

(هيومن رايتس ووتش) قالت: إنّها تحدثت إلى الرئيس بازوم، الذي قال إنّ ابنه البالغ من العمر (20) عاماً، والذي يعاني من مرض في القلب، مُنع من مقابلة الطبيب.

(هيومن رايتس ووتش) قالت يوم الجمعة الماضي: إنّها تحدثت إلى الرئيس بازوم، الذي قال إنّ ابنه البالغ من العمر (20) عاماً، والذي يعاني من مرض في القلب، مُنع من مقابلة الطبيب. وقال الرئيس إنّه يعيش دون كهرباء منذ ما يقرب من (10) أيام، ولا يُسمح له برؤية العائلة أو الأصدقاء، أو جلب الإمدادات إلى المنزل.

ومن غير الواضح، حتى الآن، متى وأين سيتم نشر قوة (الإيكواس)، وكيف ستؤثر التهديدات ضدّ الرئيس بازوم على قرار الكتلة المكونة من (15) عضواً بالتدخل. بالإضافة إلى ذلك، فإنّ النيجر تمتلك جيشاً كبيراً ومدرباً بشكل جيد، ممّا يجعل حسم الصراع العسكري أمراً مستبعداً، إذا لم تتدخل فرنسا بشكل مباشر.

موقف شديد التعقيد

يبدو الموقف في النيجر شديد التعقيد، في ظل وجود عسكري فرنسي، يقدّر بنحو (1500) جندي، يعملون على مواجهة ميليشيات نصرة الإسلام، الموالية لتنظيم القاعدة، وتنظيم الدولة الإسلامية. وتشهد القاعدة الفرنسية في نيامي نشاطاً ملحوظاً منذ الانقلاب الذي قام به الجنرال (عبد الرحمن تياني) في 26 تمّوز (يوليو) الفائت.

الكولونيل (أمادو عبد الرحمن)، المتحدث باسم المجلس الوطني الحاكم في النيجر، أعلن عبر التليفزيون الوطني في 3 آب (أغسطس) الجاري عن إلغاء كافة اتفاقيات التعاون العسكري الـ (5) الموقعة مع فرنسا بين عامي 1977 و2020.

وبحسب (لوموند) الفرنسية، ردّت وزارة الخارجية الفرنسية على قرار قادة الانقلاب بأنّ السلطات الشرعية وحدها، في النيجر، هي التي يمكنها إلغاء الاتفاقيات.

رئيس النيجر المنتخب محمد بازوم

وقد وجّه العسكريون أنصارهم نحو القاعدة العسكرية الفرنسية، في نيامي، حيث تجمع آلاف النيجيريين عند دوار إسكادريل، بالقرب من القاعدة العسكرية الفرنسية في الضواحي الشرقية لنيامي يوم الجمعة 11 آب (أغسطس) الجاري، ولوّح المتظاهرون بالأعلام الروسية وهم يهتفون: "تسقط فرنسا".

 بدورها، زعمت المجموعة العسكرية المسؤولة عن قيادة الانقلاب أنّه بمقدورها مواجهة العنف الجهادي، بصورة أفضل من حكومة بازوم.

ردّت وزارة الخارجية الفرنسية على قرار قادة الانقلاب بأنّ السلطات الشرعية وحدها في النيجر هي التي يمكنها إلغاء الاتفاقيات

وأعلنت واشنطن عن عودة ما يقرب من (1000) جندي أمريكي إلى القاعدة العسكرية الأمريكية في النيجر، بعد وقت قصير من خطف بازوم من قبل الحرس الرئاسي، وأكد مسؤول، بحسب شبكة (سي إن إن)، أنّ تواجد القوات الأمريكية يقتصر على القواعد العسكرية والسفارة، لكنّه أكد أنّ جميع القوات كانت موجودة بالفعل في مراكزها عندما وقع الانقلاب.

ويواصل المسؤولون الأمريكيون التأكيد على أنّ الوضع مائع بشكل لا يُصدّق، وأنّ تركيزهم ينصب على الجهود الدبلوماسية، جنباً إلى جنب مع الشركاء الإقليميين، لاستعادة الحكم الديمقراطي في النيجر.

ولم يتغير وضع القوة الأمريكية العامة في البلاد، لأنّ ذلك سيتطلب قراراً سياسياً منفصلاً، لكنّ مسؤولاً عسكرياً أكد لـ (سي إن إن) أنّ البنتاغون منخرط في ممارسة "صبر استراتيجي، وهو يراقب الوضع، ويرى كيف يحلّ نفسه".

وللولايات المتحدة قوات في النيجر منذ حوالي عقد من الزمن، معظمها تقدّم المشورة، وتعمل على تدريب القوات المسلحة في البلاد على جهود مكافحة الإرهاب.

مواضيع ذات صلة:

انقلاب النيجر وتنامي الجماعات المتطرّفة في إفريقيا

كيف ينظر إخوان الجزائر إلى أزمة النيجر؟



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية