تعديلات قانون الانتخابات... هل تنقذ أردوغان وحزبه في الانتخابات المقبلة؟

تعديلات قانون الانتخابات... هل تنقذ أردوغان وحزبه في الانتخابات المقبلة؟


27/03/2022

جرى أخيراً في تركيا الإعلان عن مشروع قانون ينصّ على بعض التغييرات في قانون الانتخابات، عملت عليها حكومة حزب العدالة والتنمية التي يترأسها رجب طيب أردوغان.

وقد مُرِّرت التغييرات الجديدة في القانون الانتخابي عبر اللجان البرلمانية، وهو في المرحلة الأخيرة بانتظار المصادقة عليه في البرلمان.

ووافقت اللجنة الدستورية في البرلمان التركي على مشروع القانون، وذلك بأصوات حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية شركاء التحالف الحاكم. وباتت تفاصيل مشروع قانون الانتخابات، الذي من المتوقع أن يتم تشريعه الأسبوع المقبل، واضحة، وفق ما نقلت وكالة "الأناضول".

وستدخل التغييرات التي تم إجراؤها حيّز التنفيذ في انتخابات عام 2023

.

ومن التعديلات التي أدخلها الاقتراح وتمّ اعتمادها: تخفيض عتبة الانتخابات في تركيا، والتي تبلغ 10%، إلى 7%، وإذا تجاوز إجمالي الأصوات التي حصل عليها تحالف ما الحدّ المعتمد، فسوف يتم احتساب وتوزيع النواب في الدوائر الانتخابية مع مراعاة عدد الأصوات التي حصل عليها كل حزب داخل التحالف في تلك الدائرة الانتخابية.

اقرأ أيضاً: هل يُحرض أردوغان الجاليات المسلمة في أوروبا ضد دولها؟.. ما القصة؟

ووفقاً للتعديلات أيضاً، سيتمكن الحزب الحاصل على الأهلية القانونية من المشاركة في الانتخابات، بشرط ألّا يكون قد امتنع عن عقد مؤتمراته العامة مرتين على التوالي، ولن يكون تشكيل مجموعة في البرلمان أحد الشروط الكافية للمشاركة في الانتخابات.

ومن التغييرات أيضاً التي طرأت على الانتخابات العامة للإدارات المحلية، أنّه سيتمّ إجراء تحديث على السجل الانتخابي قبل (3) أشهر من تاريخ بدء الانتخابات، والذي يتم إنشاؤه وفقاً لعنوان الإقامة، وكان من المتوقع أن تكون هذه الفترة عاماً واحداً في الاقتراح، ولكن تم تغييرها من جديد.

متحدثون باسم أحزاب المعارضة قالوا في البداية: إنّ الحكومة تناور سياسياً، لكنّهم عادوا وقالوا إنّ التحالف الحاكم سيخسر بغضّ النظر عمّا يفعله

 

وسيتم اتخاذ الترتيبات اللازمة لعدم حرمان الناخبين من حقهم في التصويت بسبب لائحة التسجيل، وفقاً لذلك سيتم أخذ آخر معلومات عنوان صالحة متوفرة في نظام التسجيل كأساس.

ووفق تقارير سابقة تناقلتها مواقع تركية منها موقع "أحوال تركية"، فإنّ (6) أحزاب معارضة في تركيا اتخذت خطوة جادة ضد حزب العدالة والتنمية، من خلال إصدار إعلان مشترك، وتوقعت من الرئيس أردوغان أن يتخذ خطوات تجاه هذه المبادرة.

فهذه هي الخطوة الأولى لأردوغان في مجال اقتراح إجراء بعض التغييرات في قانون الانتخابات، وستكون هناك خطوة ثانية وثالثة في المرحلة المقبلة.

ووفق مقالة نقلتها صحيفة "الإندبندت" بالعربية، فإنّ من أهمّ هذه الخطوات محاولة إغلاق "حزب الشعوب الديمقراطي" (HDP) الذي يحظى بتأييد ساحق في صفوف الأكراد في تركيا، وإذا لم يتحقق ذلك، فسيحاول أردوغان إحداث انشقاقات في الحزب، إذا وجد إلى ذلك سبيلاً".

وكان حزب العدالة والتنمية يريد أن يطبّق طريقة "الدائرة الانتخابية الضيقة"؛ بمعنى آخر، أراد زيادة عدد النواب من خلال تقسيم تركيا إلى حوالي (600) منطقة، لكنّ شريكه حزب "الحركة القومية" (MHP) لم يرحب بهذا الطرح، ممّا أدى إلى تجميد ذلك الاقتراح.

 

اللجنة الدستورية في البرلمان التركي توافق على مشروع قانون الانتخابات، ومن المتوقع أن يتم تشريعه الأسبوع المقبل

 

وأضافت المقالة أنّ حزبي "العدالة والتنمية" و"الحركة القومية" توصلا إلى هذا الاقتراح الأخير، وربما لم يسعد المشروع الأخير كلا الطرفين بشكل كامل؛ لأنّ القلق الذي كان ينتابهما بسبب تدني نسبة الأصوات قد تحوّل الآن إلى كابوس.

وقد أُعدّ هذا الاقتراح في ضوء نسبة الأصوات التي حصل عليها "العدالة والتنمية" في الانتخابات الرئاسية لعام 2018

 

اقرأ أيضاً: سياسات أردوغان تدفع تركيا إلى تذيل هذا المؤشر العالمي.

لكن عند النظر إلى كلّ استطلاعات الرأي التي جرت بعد ذلك، في الأعوام الـ(3) الماضية، نجد أنّ الحكومة ظلت تفقد أصواتها بشكل تنازلي، بينما ارتفعت نسبة أصوات المعارضة بشكل ملحوظ.

لذلك، يبدو أنّ التغيير المقترَح سيوفر أفضلية للأحزاب الكبيرة في الانتخابات المقبلة، بينما ستكون الأحزاب الصغيرة هي الأكثر تأثراً باقتراح حزب العدالة والتنمية، وفق تحليل "الإندبندنت".

وقد خُفِّضت العتبة الانتخابية من 10% إلى 7% من الأصوات، لكنّ هذا الوضع لا يصلح لأيّ طرف، سوى أنّه يضمن حصول الحزب الذي يحتل المرتبة الأولى في المحافظات على عدد أكبر من النواب كنسبة مئوية، وهذا ما يهدف إليه حزب العدالة والتنمية بالفعل، ظناً منه أنّه سيكون الأول في كثير من الدوائر الانتخابية.

هذا، ويمكن للأحزاب ذات الأصوات المنخفضة الترشح في الانتخابات على قوائم  حزب "الشعب الجمهوري" وحزب "الخير".

وفي هذه الحالة، سيضع حزب "الشعب الجمهوري" قائمته الخاصة به، وستتشارك الأحزاب الـ(5) المتبقية، المحسوبة جميعاً على الطيف اليميني، لتخوض الانتخابات ضمن قوائم "حزب الخير".

 

من التعديلات التي أدخلها الاقتراح تخفيض عتبة الانتخابات، وتمكين الحزب الحاصل على الأهلية القانونية من المشاركة، بالإضافة إلى إجراء تحديث على السجل الانتخابي

 

وبالتالي، فإنّ قائمة حزب "الخير" ستضم أقوى كادر يميني في الانتخابات، وستوفر خياراً قوياً للناخبين الذين لا يرغبون في التصويت للتحالف الجمهوري.

وبذلك ستتاح لـ"تحالف الأمّة" الاستفادة من كونه التحالف الذي يُقدّم للناخبين أقوى قوائم تضم يساريين ويمينيين.

ومن المحتمل أيضاً أن يخوض كلّ من حزب الشعب الجمهوري وحزب الخير  الانتخابات بقوائمهما الخاصة، بينما تخوض الأحزاب الـ(4) الأخرى (المستقبل، ودواء، والسعادة، والحزب الديمقراطي) بقائمة مشتركة في ما بينها.

اقرأ أيضاً : عندما يعيد أردوغان النظر في طموحاته

ولذلك فإنّه بسبب هذا التعديل الأخير يُحتمل أن يرجع التحالف الجمهوري الحاكم بخفي حنين، ويواجهَ صورة مختلفة تماماً عمّا توقعه.

ولأنّه لا يمكن العمل بالقوانين المتعلقة بالانتخابات إلّا بعد مرور عام كامل على إقرارها في البرلمان والمصادقة عليها، يمكن لحكومة أردوغان إذا لاحظت أنّ هذه التعديلات ليست لصالحها، فلربما تتهرب من العمل بها من خلال الذهاب إلى انتخابات مبكرة أو مباغِتة قبل مرور عام على المصادقة عليها.

من جهته، صرّح زعيم حزب "ديفا" المعارض علي باباجان أنّ التحالف الحاكم سوف يقع في مصائد الشراك التي نصبها للمُعارضة.

وفي إشارة إلى أنّ أحزاب المعارضة الحالية سوف تعمل فوراً على العودة للنظام البرلماني بمجرد سقوط تحالف الشعب الحاكم في الانتخابات، قال باباجان: "عندما يأتي يوم الانتخابات، سيحدد الناس من سيحصل على أقلّ عدد من الأصوات ومن سوف يحصل على أكثرها. أوّلاً سيسقط حزب الحركة القومية، ثم حزب العدالة والتنمية في الفخ الذي أعدّوه. وفقاً لنتائج انتخابات 2018، فإنّ الجهود المبذولة لإجراء محاكاة لما حصل، والقول إنّه "إذا كانت القاعدة مختلفة... لكنّا قد حصلنا على عدد أكبر من النواب، فلنغير القاعدة"، هي أمور لا طائل من ورائها، وفق ما نقلت صحيفة "زمان" التركية.

 

التغيير المقترَح في قانون حزب العدالة والتنمية سيوفر أفضلية للأحزاب الكبيرة في الانتخابات المقبلة، بينما ستكون الأحزاب الصغيرة هي الأكثر تأثراً

 

وطالب وزير الاقتصاد التركي السابق بإحداث تغيير جذري في الانتخابات في تركيا، وأكد ضرورة "تنحية المصالح الحزبية الضيقة والمصالح السياسية الشخصية جانباً، هذه قضية بلد".

من جهتهم، اتّهم متحدثون باسم أحزاب المعارضة الحكومة في البداية بالمناورات السياسية، ويؤكدون الآن أنّ التحالف الحاكم سيخسر "بغضّ النظر عمّا يفعله".

 ومع ذلك، ما يزال المعلقون المؤيدون للمعارضة يراقبون الآثار طويلة المدى لهذا الاقتراح، الذي يهدف إلى ترشيد نظام التحالفات في الحياة السياسية في تركيا.

اقرأ أيضاً: أردوغان يتجه إلى أوكرانيا... فإلى ماذا يسعى؟

السبب وراء افتقار الحزب الحاكم إلى رسالة واضحة ولجوئه للمناورات هو أنّ مشروع قانون الإصلاح الانتخابي، الذي سيغير طبيعة التحالفات قبل (15) شهراً فقط من الانتخابات المقبلة، سيزيد من تعقيد مجموعة العلاقات والحسابات المعقدة بالفعل بين الأحزاب.

وقد حاولت المعارضة توسيع تحالف الأمّة، وزادت أحزاب المعارضة الـ6 (التي قررت مؤخراً الاجتماع على أساس شهري حتى موعد الانتخابات).

وظهرت هذه الأحزاب الـ(6) أمام الكاميرات بخطة لإعادة النظام البرلماني، الذي يتطلب تنفيذه الفوز في الانتخابات على الأقل، والاستفتاء الدستوري.

الكتلة المعارضة، التي تماسكت في جبهة واحدة مؤخراً رغم خلافاتها الإيديولوجية وطموحاتها، كانت بحاجة إلى مرشح رئاسي مقبول من جميع الأطراف، وفق موقع "أحوال تركية".

 في الواقع، بينما قدّم التحالف الحاكم مشروع قانون الإصلاح الانتخابي إلى البرلمان، انخرط قادة حزب المعارضة الرئيسية، حزب الشعب الجمهوري والحزب الصالح في نقاش حول المرشح الرئاسي المشترك للمعارضة.

 

لا يمكن العمل بالقوانين المتعلقة بالانتخابات إلا بعد مرور عام على إقرارها، لهذا يمكن لحكومة أردوغان إذا لاحظت أنّ هذه التعديلات ليس لصالحها التهرب من العمل بها

 

وما يزال رئيس حزب الشعب الجمهوري كمال كيليجدار أوغلو، ورئيسة الحزب الصالح ميرال أكشنر، يصرّان على تقرير ما إذا كان المرشح المثالي يجب أن تكون لديه خبرة في الإدارة العامة، أو بالأحرى يكون شخصاً متوازن المستوى.

المعارضون يسعون إلى أن يتوصلوا، إمّا إلى صيغة توافقية تتيح ترشيح منافس لأردوغان على الرئاسة، وإمّا السيطرة على البرلمان بالأغلبية التي ستتطلب الكثير من الجهود والعمل المثابر، أو على الأقل أن يصبحوا تحالفاً استراتيجياً مثل تحالف الشعب، اعتماداً على هذا القرار سيصادقون على واحد أو أكثر من المرشحين الرئاسيين.

وانتقدت أحزاب المعارضة بشدة نظام التحالفات الذي تم إدخاله عام 2018؛ لأنّها وجدت فيه تحالفاً لا يخدم مصالح الشعب، لكنّ هذا النظام مكّنهم من التلاقي.

ويهدف الاقتراح الحالي بدوره إلى ترشيد هذا النظام من خلال تشجيع المعارضة على تشكيل شراكة استراتيجية بدلاً من حصر نفسها في تيارات منفصلة، كما أنّه يجبر أحزاب المعارضة على إيجاد مرشح مناسب لتلك الحالة.

وفي النهاية فإنّ مناهضة أردوغان، التي أصبحت هدفاً استراتيجياً لدى أحزاب المعارضة، سوف تسفر عن أجندة سياسية إيجابية، كما أنّه لم يعد يجذب الناخبين ضجيج الماكينة الإعلامية للحكومة.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية