تعيين الإخواني منذر الونيسي خلفاً للغنوشي... الخلفيات والدلالات

تعيين الإخواني منذر الونيسي خلفاً للغنوشي... الخلفيات والدلالات

تعيين الإخواني منذر الونيسي خلفاً للغنوشي... الخلفيات والدلالات


27/04/2023

بعد إدخال زعيمها راشد الغنوشي السجن بتهمة "التآمر على أمن الدولة الداخلي، والعمل على تغيير هيئة الدولة بالقوة"، ووجود نور الدين البحيري وعلي العريض، وهما نائبا الغنوشي في السجن، عيّنت (حركة النهضة) الإخوانية بتونس المنذر الونيسي رئيساً مؤقتاً لها، لتعويض هذا الغياب، وسط رواج معطيات تؤكد أنّه ابن شقيقة الغنوشي.

وبهذا التعيين يصبح الونيسي الرئيس الـ (14) في تاريخ حركة النهضة، التي ترأسها راشد الغنوشي عند تأسيس الحزب في نيسان (أبريل) 1972، إلى حدود كانون الأول (ديسمبر) 1980.

ثم انتقلت رئاسة الحركة إلى القيادي عبد الرؤوف بولعابي، قبل أن يستعيدها الغنوشي ثانية في نيسان (أبريل) 1981، وقد تداول عليها منذ (تموز) يوليو 1981 كل من فاضل البلدي وحمادي الجبالي وصالح كركر وجمال العوي ومحمد القلوي والصادق شورو ومحمد العكروت ومحمد بن سالم والحبيب اللوز ونور الدين العرباوي ووليد البناني.

النهضة تملأ الغياب

قرر المكتب التنفيذي لحركة النهضة، الذراع السياسية لتنظيم الإخوان في تونس، تعيين منذر الونيسي رئيساً مؤقتاً ومكلفاً بتسيير شؤون الحركة، عقب قرار سجن زعيمها راشد الغنوشي بتهمة "التآمر على أمن الدولة الداخلي".

وقالت الحركة في بيان بتوقيع رئيسها الجديد المنذر الونيسي يوم الأربعاء: إنّ "تولي الونيسي سيدوم إلى حين زوال مسببات هذا الغياب الطارئ"، مؤكدة أنّها ستواصل الالتزام بالعمل في إطار جبهة الخلاص الوطني وفق منهج سلمي مدني يعلي قيمة الوحدة الوطنية.

راشد الغنوشي

وأشارت إلى "مواصلة سعيها من أجل توحيد القوى الحيّة بالبلاد، واستعادة المسار الديمقراطي وتركيز الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية، والتصدي لمسار تركيز الديكتاتورية والتضييق على الحريات".

وحمّلت الحركة "السلطة القائمة مسؤولية تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية في البلاد، وانفلات الأسعار وعجزها عن الحدّ من أخطار إفلاس الدولة وسيرها بالبلاد نحو مزيد من العزلة".

سبق أن تم اتهام الونيسي في قضية قتل الجيلاني الدبوسي، رجل الأعمال التونسي والبرلماني السابق في عهد زين العابدين بن علي

وكتب الونيسي قبل يوم من تنصيبه على رأس حركة النهضة تدوينة على صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك) عبّر فيها عن موقفه من الوضع السياسي في تونس قائلاً: إنّ "ممارسة السياسة داخل حزب معترف به من طرف الدولة في كنف الاحترام لقانون الأحزاب في أيّ بلد ليست جرماً، والعمل السياسي ليس رديفاً للسجون أو المتابعات والمضايقات".

وأضاف: "أيّ حزب قانوني يعمل حتماً داخل مقاره في كنف القانون وطرده من مقاره هو بمثابة المنع خارج أطر القانون"، مشيراً في السياق ذاته إلى أنّ "العمل السياسي هدفه الإسهام في حسن إدارة البلاد والعمل مع كل الفاعلين السياسيين لحلّ مشكلات البلاد والعباد"، مشيراً إلى أن "تونس تحتاج الجميع مهماً كان الاختلاف".

تلاحقه قضايا قتل

 ومنذر الونيسي (56) عاماً، وُلد بمدينة الدهماني بمحافظة الكاف، شمال غربي تونس، وهو قيادي بارز في الإخوان وطبيب مختص في طب وزرع الكلى.

وانتمى الونيسي إلى الإخوان عام 1984، وظل ينشط داخلها، ثم تم انتخابه عضواً بمجلس الشورى خلال المؤتمر العام العاشر الذي تم تنظيمه عام 2016. كما تقلّد عضوية المكتب التنفيذي للحركة في 2021-2022، وتم تعيينه في منصب نائب رئيس حركة النهضة منذ آب (أغسطس) 2021.

وسبق لمنذر الونيسي أن تقلد منصب مستشار وزير الصحة التونسي عبد اللطيف المكي بين عامي 2012 و2013، في حكومة حمادي الجبالي، وهي أول حكومة تشكلها النهضة بعد انتخابات 2011 عقب سقوط نظام زين العابدين بن علي.

🎞

ومن المعروف أنّ ماضي أغلب قيادات إخوان تونس يرتبط بالإرهاب والقتل وسفك الدماء، وقد تمّ اتهام الونيسي في قضية قتل الجيلاني الدبوسي، رجل الأعمال التونسي والبرلماني السابق في عهد زين العابدين بن علي، بتهمة "إعداد وفاق إجرامي من أجل القتل العمد مع سابقية الإصرار".

وتورط في هذه القضية وزير العدل الإخواني السابق نور الدين البحيري ووزير الصحة السابق عبد اللطيف المكي ومستشاره منذر الونيسي، والقياديان مصطفى اليحياوي والسيد الفرجاني وطبيبة بسجن المرناقية ومدير سجن المرناقية حينها عماد الدريدي.

يمكن تسويق الونيسي باعتباره من قدامى الحركة، ومن الإطارات العليا فيها والأوفياء لخط الشيخ

وتعود تفاصيل القضية إلى تورط المكي والبحيري في تعذيب رجل الأعمال الجيلاني الدبوسي، الذي كان نائباً سابقاً في عهد الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي، باعتباره كان خصماً بارزاً ضد الإخوان في السابق.

وقد تمّ الإعلان عن وفاة رجل الأعمال التونسي الدبوسي بعد مغادرته السجن في فترة حكم الإخوان عام 2012.

وفي دلالات هذا التعيين برغم الماضي المقلق، يقول الباحث المتخصص في الحركات الراديكالية والإرهابية باسل ترجمان لموقع (السياق): إنّ تعيين منذر الونيسي يؤكد أنّ الغنوشي لا يثق بأيٍّ من قيادات الحركة، ولا يثق حتى بالقيادات خارج السجون، ممّا دفعه لاتخاذ القرار منفرداً، ويؤكد أنّ الحركة "مزرعة عائلية" للغنوشي وأصحابه وعائلته ودائرته المقربة، وينفي أيّ قدرة له على العمل السياسي.

 باسل ترجمان: تعيين منذر الونيسي يؤكد أنّ الغنوشي لا يثق بأيٍّ من قيادات الحركة

من جانبه، قال الباحث المتخصص في الإسلام السياسي أحمد زغلول شلاطة، بحسب المصدر نفسه: إنّ تعيين منذر الونيسي رئيساً لحركة النهضة التونسية، خلفاً لراشد الغنوشي، يؤكد أنّ الحركة تريد إيصال رسالة إلى الجميع بأنّها مستمرة ومستقرة، وقادرة على إيجاد قيادة بديلة للغنوشي، بعد إلقاء القبض عليه من قوات الأمن التونسية، كما أنّ لديها استقراراً في العمل اليومي والسياسي.

عدم الخروج عن طاعة الغنوشي

ويرى متابعون تونسيون أنّ هذا الاختيار هو الممكن والمتاح والأنسب في هذه المرحلة، وأنّه يمكن تسويق الونيسي "باعتباره من قدامى الحركة، ومن الإطارات العليا فيها والأوفياء لخط الشيخ، وله أيضاً منزلة علمية باعتبار تخصصه في القطاع الصحي، إلى جانب المرور أيضاً بتجربة الحكم من خلال المشاركة بعد 2011 في العمل داخل بعض الوزارات ومنها الصحة.

ويرى المحلل السياسي مراد علالة في تصريح لموقع (إندبندنت عربية) أنّه "يمكن القول أخيراً إنّ أهل الحل والعقد في التنظيم ارتأوا المراهنة على الاستمرارية والوفاء لخط الشيخ المؤسس والحفاظ على تموقع القيادة ضمن معادلات الداخل والخارج نفسها".

مواضيع ذات صلة:

لماذا تخلى إخوان تونس عن رئيس حركتهم في محنته؟

مناورة إخوان الجزائر في تونس ... اعتداء والتفاف وتعمية

هل قطعت حركة النهضة التونسية حقاً مع الإخوان؟



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية