تنظيمات متشددة تتربص بالمنطقة... الإرهاب ينتشر في دول الساحل الأفريقي.. ما علاقة طالبان؟

تنظيمات متشددة تتربص بالمنطقة... الإرهاب ينتشر في دول الساحل الأفريقي.. ما علاقة طالبان؟

تنظيمات متشددة تتربص بالمنطقة... الإرهاب ينتشر في دول الساحل الأفريقي.. ما علاقة طالبان؟


03/10/2023

يزداد الوضع الأمني في منطقة الساحل تعقيداً وتدهوراً يوماً بعد يوم، خلال الأعوام الأخيرة، بسبب الارتفاع غير المسبوق للعمليات الإرهابية في منطقة يصفها الخبراء بـ "الحزام الناري"، حيث لم تهدأ وتيرة القتال بين المجموعات المسلحة والحكومات، وتنشط "جماعة نصرة الإسلام والمسلمين" المرتبطة بتنظيم (القاعدة) في قسم كبير من شمال مالي ووسطها وصولاً إلى أطراف باماكو، وفي الشمال الغربي عزّزت مجموعات مرتبطة بتنظيم (داعش) حضورها في منطقة ميناكا.

وبحسب مركز الدراسات الاستراتيجية الأفريقية، ومقره في الولايات المتحدة، فإنّ جزءاً كبيراً من شمال البلاد بات بحكم الأمر الواقع تحت سيطرة مجموعات من المقاتلين المتشددين.

وتتجه مالي لتسجيل أكثر من (1000) عملية عنف مرتبط بالمجموعات المسلحة في 2023، وهو ما سيتفوق على مستوى العنف القياسي المسجّل العام الماضي، ويشكّل زيادة بـ (3) أضعاف تقريباً، مقارنة بتاريخ سيطرة الجيش على الحكم في 2020.

الإرهاب ينتشر في الساحل الأفريقي

وكانت تقارير إعلامية وتحاليل أمنية قد أشارت قبل أعوام مضت إلى أنّ منطقة الساحل الأفريقي ستكون الوجهة المفضلة لنشاط الجماعات المتشددة، خاصة بعد إعلان انهزام التنظيم الإرهابي (داعش) في معركته مع القوات العراقية عام 2017، وفرار العديد من عناصره نحو وجهات مختلفة، كان الساحل الأفريقي واحدة منها.

وقد أكد معهد الاقتصاد والسلام الدولي في نسخته الـ (10) من مؤشر الإرهاب العالمي، تصدر غالبية دول القارة الأفريقية، لا سيّما إقليم الساحل والصحراء، قائمة الدول الأكثر تضرراً بأنشطة التنظيمات الإرهابية.

خطر أكدته فرنسا التي حذّرت على لسان وزير الجيوش سيباستيان لوكورنو من "انهيار" منطقة الساحل الأفريقية، في ظل تصاعد أنشطة التنظيمات الإرهابية، وتراجع حضور باريس، في أعقاب سلسلة من الانقلابات العسكرية في بعض دولها.

منطقة الساحل الأفريقي ستكون الوجهة المفضلة لنشاط الجماعات المتشددة

واعتبر لوكورنو، في حديث نشرته صحيفة (لو باريزيان) الفرنسية على موقعها الإلكتروني، أنّ الطلب من فرنسا الرحيل كان كافياً ليستأنف الإرهاب نشاطه، وقد تم  تسجيل (2500) حالة قتل في بوركينا فاسو على صلة بالإرهاب منذ الانقلاب العسكري في أيلول (سبتمبر) 2022.

تتجه مالي لتسجيل أكثر من (1000) عملية عنف مرتبط بالمجموعات المسلحة في 2023، وهو ما سيتفوق على مستوى العنف القياسي المسجّل العام الماضي

 

ويعود تاريخ نشأة وتطور النشاط الإرهابي في منطقة الساحل الأفريقي إلى بداية التسعينات، عندما قرر ما يُسمّى (الأفغان العرب) نقل نشاطهم إلى هناك، مستفيدين من العديد من العوامل؛ أبرزها كبر المساحات الصحراوية، وضعف الأنظمة الأمنية لدول تلك المنطقة، والصراعات والنزاعات القبلية المنتشرة هناك.

وتضم منطقة الساحل الأفريقي (5) دول؛ هي: بوركينا فاسو، وتشاد، ومالي، وموريتانيا، والنيجر، وتشترك جميعها في مجموعة من المشاكل السياسية، والاقتصادية، ممّا يُعدّ عاملاً مشجعاً على ظهور النشاط الإرهابي في هذه المنطقة.

 التنظيمات الإرهابية الناشطة في المنطقة

من أكبر التنظيمات الإرهابية انتشاراً في منطقة الساحل الأفريقي، ويُعدّ سليلاً لـ (الجماعة السلفية للدعوة والقتال) التي تأسست في الجزائر في بداية التسعينات.

 تأسس تنظيم (القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي) عام 2007، على يد عبد المالك درودكال، الذي كان يتخذ، في بداية الأمر، من منطقة القبائل بالجزائر مكاناً لأنشطته، قبل أن يضطر إلى مغادرتها نحو منطقة الساحل الأفريقي جراء تشديد الخناق عليه.

 في حزيران (يونيو) 2020 أعلنت القوات الفرنسية القضاء على زعيم تنظيم (القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي) الجزائريّ عبد المالك دروكدال في شمال مالي قرب الحدود مع الجزائر.

  كما تنشط أيضاً حركة (أنصار الدين)، وهي حركة إسلامية مسلحة متطرفة تأسست في شمال مالي، في كانون الأول (ديسمبر) 2011 تحت قيادة (إياد آغ غالي)، أحد أشهر زعماء قبائل التوارق المعروفين في (الحركة الشعبية لتحرير أزواد)، والذين خاضوا القتال ضد الحكومة المالية خلال أعوام التسعينات.

هذه الجماعات استلهمت الأسلوب الذي اتبعته حركة طالبان الأفغانية للهيمنة السريعة على المدن من أجل ملء فراغ الانسحاب الفرنسي

 

 وقد رفع (آغ غالي) راية القاعدة السوداء، مطالباً بتطبيق الشريعة الإسلامية، وباتت جماعته من أكبر الجماعات المتشددة والمسلحة في الصحراء الكبرى، بعد أن أمدّته (القاعدة) الأم بالمال والرجال، حتى استطاع السيطرة في وقت من الأوقات على مدينة (تمبكتو) الأثرية، شمال غرب مالي، وشرعت بعدها الجماعة السلفية في هدم الأضرحة، والعتبات الدينية، التي أدرجتها (اليونسكو) على لائحة التراث العالمي العام 1988، فأتت على (7) مزارات من أصل (16)، وهو ما لاقى ردود فعل دولية غاضبة.

وأدرجت الولايات المتحدة الأمريكية (غالي) وجماعته على قوائم الإرهابيين المطلوبين لديها، باعتباره يشكل خطراً على أمنها القومي، وقد شكّل الرجل خطراً على دول الشمال الأفريقي، باعتبارها الأقرب جغرافيّاً إلى تنظيمه من واشنطن.

 العدد الحقيقي لهذه الجماعة المتطرفة غير معروف، لكنّ تقارير عدة أشارت إلى نجاحها في استمالة عدد كبير من المتشددين المحسوبين على قبائل التوارق المنتشرة في منطقة السواحل، وكان من بينهم جنود في الجيش الموريتاني.

 في آذار (مارس) 2013 أدرجت الولايات المتحدة الأمريكية (جماعة أنصار الدين) الإسلامية على قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية، وقالت وزارة الخارجية الأمريكية: إنّ "الجماعة على صلة وثيقة بتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي".

 وهناك (بوكو حرام)، أو التنظيم الإرهابي المسلح، الذي يدعو إلى منع وتحريم المناهج الغربية في التعليم، ويُعدّ هو الآخر من الجماعات التي تشكّل خطورة كبيرة في منطقة الساحل، تأسس في عام 2004 بنيجيريا على يد محمد يوسف، وهو شاب ترك التعليم في سن مبكرة، وحصل على قدر من التعليم الديني غير النظامي.

 التعقيدات الأمنية التي يفرزها تنظيم (بوكو حرام) على منطقة الساحل الأفريقي تتمثل في مناطق تمركزه، حيث يتخذ من منطقة كاناما بولاية يوبه، شمال شرقي نيجريا على الحدود مع النيجر، مكاناً لنشاطه وتحركاته.

 دخل منذ تأسيسه في مواجهات مسلحة مع مصالح الأمن في نيجيريا، خلفت المئات من القتلى، من بينهم مؤسسه الأول محمد يوسف، لكن دون أن يتوقف نشاطه الذي يبقى متواصلاً إلى الآن.

 استنساخ تجربة طالبان

هذه الجماعات استلهمت الأسلوب الذي اتبعته حركة طالبان الأفغانية للهيمنة السريعة على المدن، من أجل ملء فراغ الانسحاب الفرنسي، كما فعلت طالبان عقب الانسحاب الأمريكي، واحتلال مواقع القوات الحكومية، مُستغلة الارتباك الأمني جراء الاضطرابات السياسية التي عمّت المنطقة.

 وتعتقد هذه الجماعات، خاصة جماعة نصرة الإسلام والمسلمين، أنّ سيناريو هيمنة طالبان على السلطة في أعقاب الانسحاب الأمريكي بات أقرب إلى التحقق في دول الساحل، بدءاً بمالي، سيراً وراء طريقة استحواذ طالبان على القرى والمدن والأراضي بشكل منظم دون مقاومة من الحكومة المدعومة من الولايات المتحدة، وصولاً إلى دخولها العاصمة الأفغانية كابل.

 فكما استغلت طالبان فقدان الحكومة الأفغانية السابقة الدعم العسكري الغربي والأمريكي على الأرض، يطمع فرعا (داعش والقاعدة) بدول الساحل في استغلال توقف الدعم الغربي للحكومات المحلية، حيث لا يحظى الحكم العسكري البديل بأيّ رعاية غربية، ويفتقر إلى الدعم الأفريقي.

 ويرتبط الانتقال إلى مرحلة الهيمنة على المدن المهمّة والاستراتيجية من قبل الجماعات المتمردة المسلحة في دول الساحل بالتطورات في النيجر، حيث تكرس فقدان الدعم الغربي الذي صنع الفارق في الماضي للسلطات المحلية، علاوة على حرص الجماعات المختلفة على حيازة قصب السبق في تحقيق المكاسب الأكبر ميدانياً وبسط الهيمنة على مساحات واسعة.

مواضيع ذات صلة:

مقاتلو طالبان يغيّرون أزياءهم، فهل يتغير تفكيرهم؟

حركة طالبان تمهد أفغانستان وآسيا الوسطى أمام تركيا




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية