تهم ثقيلة تلاحق إخوان تونس قد تعجّل بنهايتهم.. ما أهمها؟

تهم ثقيلة تلاحق إخوان تونس قد تعجّل بنهايتهم.. ما أهمها؟

تهم ثقيلة تلاحق إخوان تونس قد تعجّل بنهايتهم.. ما أهمها؟


15/02/2024

تواجه حركة النهضة التونسية (الذراع السياسية لجماعة الإخوان في تونس) جملةً من التهم الثقيلة التي قد يعجل الحسم فيها، بحلها نهائياً؛ بينها الاغتيالات السياسية وتسفير الشباب إلى بؤر التوتر، إلى جانب قضايا فساد مالي وتلاعب بالانتدابات في الوظائف العمومية.

وتلاحق اتهامات أخرى الحركة الإخوانية بإفساد الحياة السياسية والاقتصادية، في الفترة التي يطلق عليها التونسيون "العشرية السوداء"، أي العشر سنوات التي تمثل حكم الإخوان بالبلاد.

ويتوقع المراقبون أن تُفضي الاتهامات الموجهة إلى حركة النهضة، إلى كشف العديد من الخبايا عن النشاط السري للحركة، يعني أنّها ستواجه مصيرها أمام القضاء وفقاً لما تقره جهات التحقيق من اتهامات.

تلاعب بنتائج الانتخابات

وقد حُكم على زعيم الإخوان في تونس راشد الغنوشي بالسجن لمدة ثلاث سنوات بعد إدانته بتهمة تلقي حزبه تمويلات بشكل غير قانون، وعلى صهره رفيق عبدالسلام، وزير الخارجية الأسبق (2011-2013)، غيابياً بالسجن بالمثل.

وبالإضافة إلى أحكام السجن ضد الغنوشي وصهره، أمرت المحكمة حزب النهضة بدفع غرامة قدرها مليون و170 ألفاً و470 دولاراً.

وفي تقريرها العام حول نتائج مراقبة تمويل الحملات الدعائية للانتخابات الرئاسية السابقة والتشريعية لعام 2019، رصدت محكمة المحاسبات أن حركة النّهضة "تعاقدت في 2014 مع شركة الدعاية والضغط BCW الأمريكية لمدّة 4 سنوات بمبلغ قدره 285 ألف دولار".

وجرى تجديد هذا العقد من 16 تموز (يوليو) 2019 إلى 17 كانون الأول (ديسمبر) من العام نفسه، بمبلغ قدره 187 ألف دولار، وهو ما اعتبرته المحكمة "شبهة تمويل أجنبي" بنص الفصل 163 من القانون الانتخابي.

تواجه حركة النهضة التونسية (الذراع السياسية لجماعة الإخوان في تونس) جملةً من التهم الثقيلة

ويرى مختصون أنّ "التمويل الأجنبي وتورط الحزب في تلقي تمويلات أجنبية من أجل الفوز بمقاعد في البرلمان يعني تزوير الانتخابات".

يُذكر أنّ رفيق عبدالسلام يوصف بأنّه الصندوق الأسود في "مملكة المال والإرهاب" لإخوان تونس، وهو عضو المكتب السياسي لحركة النهضة الإخوانية، ووزير خارجية تونس من 2012 إلى 2014 (خلال فترة حكم الإخوان)

وقبل أيام من الإطاحة بحكم إخوان تونس في 25 تموز (يوليو) 2021، فرّ عبدالسلام خارج تونس رفقة معاذ نجل الغنوشي.

الاغتيالات السياسية

هذا وشرعت المحكمة الابتدائية في تونس في السادس من شباط (فبراير) الجاري في استجواب المتهمين بقضية اغتيال شكري بلعيد بعد مرور 11 سنة على حادثة الاغتيال، ورأى مهتمون بهذه القضية أنّ قرار المحكمة في ذكرى اغتيال بلعيد يعد رسالة رمزية لكشف الحقيقة.

في هذا السياق، يقول الناصر العويني عضو هيئة الدفاع عن شكري بلعيد "كانت هناك يد موضوعة على القرار القضائي لمنعه من كشف الحقيقة"، مضيفاً "اليوم هذه اليد السياسية رفعت، والقرار القضائي في ملف بلعيد ومحمد البراهمي يعمل طبقاً للمواصفات وللشروط ولما هو مطلوب لتحقيق العدالة".

واتهم العويني حركة "النهضة" بتنفيذ الاغتيالات في 2013 عندما كانت تحكم البلاد، ووصفها بأنّها "جريمة دولة"، مشيراً إلى وجود تلاعب في إجراءات القضية، وموضحاً أنّ فريق الدفاع تقدم بقضية جزائية ضد وكيل الجمهورية السابق بشير العكرمي يتهمه بـ"التدليس وإخفاء الأدلة"، لافتاً إلى أنّه على غير المعتاد حضر معظم المتهمين في أول محاكمة علنية.

 

تلاحق اتهامات أخرى الحركة الإخوانية بإفساد الحياة السياسية والاقتصادية في الفترة التي يطلق عليها التونسيون "العشرية السوداء".

 

واغتيل المعارض اليساري شكري بلعيد في العاصمة التونسية في السادس من شباط (فبراير) 2013، وتبنى متطرفون الاغتيال الذي أثار أزمة سياسية انتهت بخروج حركة "النهضة" من الحكم، وسلمت البلاد إلى حكومة تكنوقراط.

ومنذ ذلك التاريخ، فتح القضاء تحقيقاً، ولم يصدر حتى اليوم أحكامه في القضية، ولا حتى في قضية اغتيال النائب السابق في البرلمان محمد براهمي في الـ25 من تموز (يوليو) 2013، بسبب ما قالت هيئة الدفاع عن الضحيتين إنّه "بسبب تورط قضاة في إخفاء وثائق للتستر على شخصيات مهمة في الدولة".

تآمر على أمن الدولة

في غضون ذلك، قرر قضاء التحقيق في تونس، هذا الأسبوع، تمديد فترة إيقاف زعيم حركة النهضة الإخوانية راشد الغنوشي وقياديين اثنين بالحزب 4 أشهر إضافية، في القضية المتعلقة بتبديل هيئة الدولة.

وتعود تفاصيل القضية إلى شهر نيسان (أبريل) من العام الماضي، باجتماع بين الغنوشي وقيادات من جبهة الخلاص الوطني المعارضة، أدلى فيه الغنوشي بتصريحات توعد فيها بإشعال حرب أهلية في حال إبعاد الإسلام السياسي في تونس، واعتبرها القضاء "أفعالاً مجرمة متعلقة بالاعتداء المقصود منه تبديل هيئة الدولة أو حمل السكان على مهاجمة بعضهم بعضا بالسلاح وإثارة الهرج والقتل والسلب".

وقال الغنوشي، في الخطاب أمام أنصاره، إنّ "إبعاد حزب النهضة من السلطة هو تمهيد للحرب الأهلية في تونس وبداية لانطلاقة الفوضى في البلاد"، مضيفاً أنّ "تونس بدون النهضة والإسلام السياسي مشروع حرب أهلية".

وإلى جانب الغنوشي، تقبع قيادات بارزة بالنهضة في السجون لمواجهتهم شبهات متعددة، من بينها "التآمر على أمن الدولة" و"التورط في شبكات التسفير إلى بؤر التوتر"، من بينهم نائبا الرئيس نور الدين البحيري وعلي العريض وآخرون.

تسفير الشباب إلى بؤر التوتر

ونهاية العام 2023، أصدر القضاء التونسي مذكرة إيداع بالسجن بحق القيادي الإخواني التونسي نور الدين البحيري على خلفية قضية التسفير إلى بؤر الإرهاب، بشبهة "منح جوازات سفر لفائدة أجانب، فيما يتواصل التحقيق مع باقي القيادات الإخوانية في هذه القضية.

وفي تشرين الثاني (نوفمبر) 2022، فتحت السلطات التونسية تحقيقاً طال 14 شخصاً، من بينهم 11 من موظفي وزارات الداخلية والخارجية والعدل، بتهم متعددة، أبرزها بيع الجنسية ومنح جوازات سفر لإرهابيين.

وشملت التحقيقات، وفق المحكمة الابتدائية بتونس، قنصلاً سابقاً لتونس لدى سوريا، ورئيس المكتب القنصلي سابقاً، وموظفاً بقسم الحالة المدنية بتونس، والمكلف بقسم الحالة المدنية التابع للبعثة الدبلوماسية بسوريا، إلى جانب 4 موظفين تابعين لوزارة الداخلية.

وهذه الشبكة متورطة ببيع الجنسية التونسية لصالح سوريين يرجح أن من بينهم إرهابيين لتمكينهم من الحصول على جوازات سفر وبطاقات هوية.

وفي أيلول (سبتمبر) 2022، فتح القضاء التونسي من جديد ملفات قضايا تسفير الشباب إلى بؤر التوتر والإرهاب خلال عامي 2012 و2013، وطالت تحقيقاته الموسعة مسؤولين أمنيين ووزراء سابقين ورجال أعمال وسياسيين مقربين من حركة النهضة الإخوانية.

وشملت قائمة المتهمين أكثر من 100 شخص تورطوا في تسفير الشباب للقتال ضمن المجموعات الإرهابية في سوريا.

وكانت التحقيقات في الملف الإرهابي قد انطلقت على خلفيه شكوى تقدمت بها النائبة السابقة بالبرلمان، عضوة لجنة التحقيق في شبكات التسفير، فاطمة المسدي، منذ كانون الأول (ديسمبر) 2021.

إغراق الإدارات التونسية بعناصر إخوانية

ها وتتواصل المساعي الرئاسية والحكومية التونسية الرامية إلى تطهير مؤسسات ووزارات الدولة من الفاسدين وعناصر الإخوان الذين زرعتهم حركة النهضة خلال فترة حكمها في كل مفاصل الدولة، إذ كشف الرئيس قيس سعيّد وجود (1500) انتداب بمؤسسة حكومية واحدة دون أيّ إطار قانوني.

وأكد سعيّ، خلال إحياء الذكرى الـ (71) لاغتيال النقابي فرحات حشاد، أنّ "رائحة التآمر على المرافق العمومية ورائحة الفساد في كل مكان من تونس".

وعمدت حركة النهضة الإخوانية منذ 2012 إلى تعيين أتباعها والمنتفعين بالعفو التشريعي العام في مفاصل الدولة حسب الولاء، وليس على أساس الكفاءة والتجربة، في مختلف الوزارات والدوائر الحكومية.

 

بينها الاغتيالات السياسية، وتسفير الشباب إلى بؤر التوتر، إلى جانب قضايا فساد مالي، وتلاعب بالانتدابات في الوظائف العمومية.

 

وكان سعيّد قد أصدر تعليماته بضرورة الإسراع في إنجاز عدد من المشاريع التي تم تعطيل تنفيذها منذ أعوام بحجج واهية.

وسبق أن انتقد الرئيس التونسي في مناسبات عدة وجود أطراف تعمل على تعطيل المشاريع، رغم أنّ الأموال مرصودة، بسبب التعيينات داخل الدولة التي تعمل لصالح لوبيات معينة، في إشارة إلى الإخوان وحلفائهم.

الإخوان يقتربون من نهايتهم

في الأثناء، تتزايد المطالب السياسية بحل حزب حركة النهضة، الذراع السياسية لجماعة الإخوان، بعدما جر الويلات على البلاد طيلة الأعوام الماضية، فيما عبرت الحركة عن "استهجانها للدعوات المطالبة بحلها وحل الأحزاب السياسية"، واصفة تلك الدعوات بـ"البائسة والمشبوهة".

وقال عبدالعزيز القطي البرلماني الأسبق، إنّ حل الأحزاب "عملية قانونية وليس بالعيب حلها"، موضحاً أنّ "حل حركة النهضة هو مطلب شعبي، إذ سبق أن تظاهر التونسيون من أجل ذلك في مناسبات عدة".

وأوضح، في حديث لـ"العين الإخبارية"، أنّ "يوم 24 تموز (يوليو) 2021، خرج التونسيون للشوارع بالآلاف، للمطالبة بحل الحركة، ما دفع الرئيس التونسي في اليوم التالي إلى إعلان التدابير والإجراءات الاستثنائية المتمثلة في حل البرلمان الذي كان يترأسه رئيس الإخوان راشد الغنوشي وإقالة حكومة هشام المشيشي".

هذا وطالب رئيس حزب "التحالف من أجل تونس" سرحان الناصري السلطات المسؤولة "بحل الحركة وحظر نشاطها نهائيا، بعد ثبوت حصولها على تمويل أجنبي في مخالفة صريحة لقانون الأحزاب في البلاد"، وفقاً لما نقلته "العربية نت".

 

تتزايد المطالب السياسية بحلّ حزب حركة (النهضة)، الذراع السياسية لجماعة الإخوان، بعدما جرّ الويلات على البلاد طيلة الأعوام الماضية.

 

بدوره، أكد الناطق الرسمي باسم حزب التيار الشعبي، محسن النابتي أنّ ملف "اللوبيينغ" المتورطة فيه حركة النهضة، هو أحد أهم ملفات المحاسبة"، معتبراً "أنّ الحكم الصادر في شأنه مؤشر على التقدم في قضايا أخرى، على غرار الجهاز السري للحركة، والتسفير إلى بؤر النزاع والإرهاب، وتبييض الأموال، إلى جانب الاغتيالات السياسية التي جدت بالبلاد سنة 2013".

وينص الفصل السابع من قانون مكافحة الإرهاب في تونس على "تتبع الذات المعنوية (حزب أو جمعية أو منظمة) إذا تبين أنها توفر الدعم لأنشطة لها علاقة بالجرائم الإرهابية".

كما ينّص على أنّه في حال ثبوت ضلوع الحزب أو الجمعية في نشاطات داعمة للإرهاب يتم حرمانه من مباشرة النشاط السياسي لمدة أقصاها خمسة أعوام أو حلّه.

مواضيع ذات صلة:

اعتقال الغنوشي وإغلاق مقر النهضة.. هل طويت صفحة الإخوان في تونس إلى الأبد؟

لماذا يسعى الاتحاد التونسي للشغل لفتح قنوات حوار مع الحكومة؟

إيقاف الغنوشي.. للإخوان تاريخ طويل من التحريض على أمن الدولة في تونس




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية